لعبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، دورا بارزا وهاما في الأزمة السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد حاليا، وخلال أحداث ثورة 17 فبراير عام 2011.
وعيّن الأمين العام للأمم المتحدة سابقا بان كي مون، أربعة دبلوماسيين تبادلوا على رئاسة البعثة الأممية في ليبيا منذ سقوط نظام القذافي، كان أخرهم الألماني مارتن كوبلر، الذي خلف المبعوث الأممي السابق الإسباني برناردينو ليون.
كوبلر في سطور
وولد كوبلر في مدينة شتوتغارت بألمانيا عام 1953، وقد عُين كرئيس أو نائب وممثل خاص لبعثات الأمم المتحدة في العديد من الدول أبان فترات حروب على أراضي دول العراق وأفغانستان والكونغو الديمقراطية، وأخيراً في ليبيا، وعينته بلاده سفيرا لها في كل من العراق ومصر.
وأعلن بان كي مون، في الرابع من شهر نوفمبر 2015، رسميا تعيين الدبلوماسي الألماني مارتن كوبلر ممثلاً خاصا له ورئيساً لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، خلفاً للإسباني برناردينو ليون.
عمله في ليبيا
وتولى الألماني مارتن كوبلر رسميا منصب رئاسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، في يوم 17 من نوفمبر عام 2015.
وكلف الأمين العام للأمم المتحدة سابقا بان كي مون، كوبلر لضمان استمرارية تسهيل الأمم المتحدة لعملية الحوار السياسي الليبي، بناء على ما حققه سلفه برناردينو ليون في هذا الإطار، وتطلعها لتشكيل حكومة موحدة في ليبيا وحل الأزمة التي تمر بها البلاد منذ منتصف عام 2014.
ومرة رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وممثل الأمين العام مارتن كوبلر، بمحطات عديدة خلال فترة عمله في ليبيا التي استمرت لأكثر من عام ونصف العام تقريبا.
وكانت أبرز هذه المحطات إشرافه ورعايته على توقيع مسودة الاتفاق السياسي الليبي في مدينة الصخيرات المغربية في يوم 17 ديسمبر عام 2015، بين الفرقاء السياسيين.
ونظّم مارتن كوبلر العديد من جولات الحوار بين الفرقاء الليبيين وأشرف عليها ونجح في تجميع بعض أطراف النزاع وجلوسهم على طاولة واحدة لتقريب وجهات النظر.
اتهامات وانتقادات
وبعد إعلانه مبعوثا أمميا جديدا إلى ليبيا بأيام تعرض كوبلر لانتقادات من أطراف عدة في الأزمة الليبية واتهم بالفشل والتحيز، ولاقى نقداً لاذعاً في بعض وسائل الإعلام الليبي الذي نعته بالفاشل مستندة إلى تقارير واردة في مهماته الدولية السابقة.
وبدأ الجدل يتصاعد حول دور البعثة الأممية مع تولي كوبلر مهامه وتعاظم حضور البعثة في أوساط الأزمة الليبية إثر نجاح الإسباني ليون في إطلاق مباحثات سلام مكثفة بين أطراف الأزمة في ليبيا حتى قرب الوصول إلى توقيع اتفاق الصخيرات بالمغرب نهاية عام 2015.
وكانت جماعة أنصار الشريعة – التي أدرجها مجلس الأمن الدولي ضمن الجماعات “الإرهابية” – السباقة في هذا الهجوم، وحذرت من المبعوث الأممي الجديد مارتن كوبلر ومهمته في البلاد.
وذكرت الجماعة في بيانها، أن التاريخ المهني لكوبلر في العراق وأفغانستان يدل على أنه جاء لمهمة خاصة بعيدة عن الحوار الذي كان يرأسه المبعوث السابق برناردينو ليون.
ووجه رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في وقت سابق خطابا للأمين العام للأمم المتحدة الجديد مطالبا فيه بضرورة عزل كوبلر وتعيين بديل عنه وضرورة إشراك السلطات الليبية في التشاور حول المبعوث الجديد، وعلل صالح مطالبه بـ”مواقف كوبلر غير المحايدة”.
تلته رسالة من اتحاد مجالس شورى وحكماء ليبيا في السياق نفسه، معتبرة “مساعيه وخطواته استفزازية ومنحازة”، وقالت الحكومة المؤقتة المنبثقة عن مجلس النواب إن كوبلر “أصبح شخصا غير مرغوب فيه”، مطالبة بــ”ضرورة التحقيق معه في تصريحات تعد انتهاكا لميثاق الأمم المتحدة الذي كفل حق سيادة ليبيا”.
ووصف خليفة الدغاري عضو مجلس النواب وأحد معارضي للاتفاق السياسي، في تصريات صحفية سابقة، المبعوث الأممي مارتن كوبلر بأنه “مبعوث الجماعات الإرهابية إلى ليبيا وليس مبعوثا أمميا”.
واتهمت أطراف أخرى، رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مارتن كوبلر بانحيازه للجيش الوطني التابع لمجلس النواب بقيادة خليفة حفتر، مستدلين بذلك على تصريحاته المناصرة لقوات عملية الكرامة ضد قوات مجلس شورى ثوار بنغازي.
لقاءته مع حفتر
ويعد قائد عملية الكرامة خليفة حفتر أبرز الشخصيات الجدلية في ليبيا والمتهم الأول في تأجيج الصراع وتعقيد المشهد في البلاد، بحسب محللين ومراقبين.
وحاول كوبلر اقناع حفتر بالجلوس مع خصومه على طاولة الحوار مرتين، الاجتماع الأول كان بمدينة المرج شرق ليبيا، في يوم 16 ديسمبر 2015، أي قبل توقيع مسودة الاتفاق السياسي بيوم واحد.
أما اللقاء الثاني كان في الـ13 من أبريل الماضي، عندما واستقبل خليفه حفتر في بمقر قيادته بمنطقة الرجمة في بنغازي، ووصف المبعوث الأممي هذا اللقاء بـ”الجيد”، موضحا أن الاجتماع تركز حول العوائق التي تعترض تنفيذ الاتفاق السياسي الليبي وكيفية المضي قدما.
وأجرى مارتن كوبلر عدة زيارات إلى مدينة طبرق شرق البلاد، وأجرى خلالها لقاءات مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ونواب آخرين.
بدائل كوبلر
وبعد أن أعلن كوبلر خلال مؤتمر صحفي عقده في العاصمة الليبية طرابلس يوم الثلاثاء الماضي، عن انتهاء ولايته كرئيس لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، كشفت مصادر مقاربة من الأمين العام للأمم المتحدة، عن قائمة الأسماء المرشحة لخلافة مارتن كوبلر في ليبيا.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة الحالي أنطونيو غوتيراش، أعلن في شهر فبراير الماضي عن رغبته في تعويض مبعوثه إلى ليبيا، مؤكدا على ضرورة بذل مزيد من الجهد لتقريب الفرقاء الليبيين.
وأكدت المصادر أن أربعة أسماء مرشحة بقوة لخلافة الألماني مراتن كوبلر وهي المبعوث الأممي الحالي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ووزير الثقافة اللبناني السابق غسان سلامة، والمبعوث الأسبق إلى اليمن جمال بن عمر، والمسؤول السابق في الصليب الأحمر السويسري فيليب سبوري.
الجدير بالذكر أن أربعة دبلوماسيين تولوا رئاسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011 وهم: الإنجليزي إيان مارتن، واللبناني طارق متري، والإسباني برناردينو ليون، وأخيراً الألماني مارتن كوبلر.
المصدر: ليبيا الخبر