مباشرة بعد الافراج عليه، بدأ سيف الإسلام القذافي نجل العقيد معمر القذافي في التحرّك الميداني والتواصل مع القبائل الليبية لكسب ودّها وجلبها لصفه، والاتفاق معها على تحالفات ميدانية، تمهيدا لرجوعه للساحة السياسية، بعد منحه الشارة الخضراء لذلك، وتحسبا لأي صدام بينه وبين اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
التواصل مع أعيان قبيلة “العواقير” المناهضين لحفتر
تحرّك سيف الإسلام، بدأ من قبيلة العواقير، حسب ما كشف عنه تقرير لـ “هاف بوست عربي” شرق ليبيا، وتعرف هذه القبيلة بتأييدها السابق للواء المتقاعد خليفة حفتر قائد ما يعرف بـ “عملية الكرامة” التي اندلعت بالعام 2014.
عرفت قبيلة العواقير التي تعدّ إحدى أكبر قبائل برقة بتأييدها الكامل لخليفة حفتر عند إطلاق عمليته في 2014
وفي العاشر من يونيو/حزيران الحالي أفرجت كتيبة ليبية مسلحة تطلق على نفسها اسم “كتيبة أبو بكر الصديق” عن سيف الإسلام نجل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي الذي كان محتجزًا في مدينة الزنتان غربي ليبيا منذ نوفمبر/تشرين الثاني عام 2011، بناءً على قانون العفو العام رقم 6 الصادر عام 2015 عن برلمان طبرق، رغم حكم الإعدام الصادر ضده ومطالبة محكمة الجنايات الدولية بمحاكمته بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
وعرفت قبيلة العواقير التي تعدّ إحدى أكبر قبائل برقة بتأييدها الكامل لخليفة حفتر عند إطلاق عمليته في 2014، ولديها النصيب الأكبر في عدد القتلى في صفوف “عملية الكرامة” حيث بلغ عددهم 1400 قتيل، بحسب تصريحات لعضو المجلس الرئاسي علي القطراني.
التمهيد للرجوع للعمل السياسي
تواصل نجل القذافي مع أعيان قبلية العوقير، جاء تمهيدا لرجوعه للعمل السياسي، فمن المتوقع أن يسعى سيف الإسلام إلى الوصول مجددًا للسلطة، خاصة بعد أن بدأ أنصاره في ترتيب عودته إلى المشهد السياسي في ليبيا من خلال إطلاق الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا، وانخرطت في هذه الجبهة عدة قيادات وقبائل لأجل دعم نجل القذافي في المستقبل وترشيحه إلى الرئاسة، أهمها المجلس الأعلى للقبائل الذي يجمع عشرات القبائل من مختلف مناطق ليبيا والذي اختار منذ 2015 سيف الإسلام ممثلًا شرعيًا لليبيا.
وما زال سيف الاسلام القذافي يتمتع بشعبية في ليبيا ويحظى بمكانة كبيرة خاصة من قبل أنصار ومؤيدي نظام والده الذين عادوا في الفترة الأخيرة إلى الواجهة والنشاط، فرؤية الأعلام الخضراء وصور القذافي وابنه سيف الإسلام بات مشهدًا طبيعيًا ومألوفًا في عدد من الشوارع الليبية، ويرى أنصار القذافي أن سيف يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في إحلال السلام ولم شمل الليبيين، كما أنهم يرون فيه منقذ ليبيا من المخاطر التي أصابتها ومن المطامع وحالة الانهيار والضياع التي وصلت إليها، حسب قولهم.
طالب البيان بالتحقيق في حادثة اغتيال أحد مشايخ القبيلة أبريك اللواطي بعد اتهام حفتر بتدبير الاغتيال
وانتشر في الخامس من الشهر الحالي مقطع فيديو لبيان شباب من قبيلة العواقير أعلنوا فيه رفضهم لممارسات حفتر، مهددين الكتيبة التي يقودها ابنه صدام على خلفية اعتقال أحد مشايخ القبيلة. وجاء في البيان أنهم يرفضون استمرار اعتقال شخصية مدنية وصفوها بأنها من “ذوي القربي” في قيادة الكتيبة 106، في إشارة للكتيبة التي يقودها صدام نجل خليفة حفتر. وأضافوا في بيانهم أنهم لن “يقفوا مكتوفي الأيدي تجاه الكتيبة وهي تقوم بكل هذه التجاوزات”، بحسب وصفهم، مطالبين بالتحقيق في حادثة اغتيال أحد مشايخ القبيلة أبريك اللواطي بعد اتهام حفتر بتدبير الاغتيال.
عداء متواصل لحفتر
ويؤكّد تواصل سيف الإسلام القذافي مع إحدى القبائل التي بدأت علاقتها تتدهور مع حفتر في التقارير السابقة التي تحدّثت عن صراع قادم بين نجل القذافي واللواء المتقاعد خليفة حفتر، خاصة وأن معظم أنصار نظام القذافي على رأسهم سيف الدين القذافي، يعتبرون حفتر خائنًا لنظام العقيد وعميلاً للأمريكان، ويرجع أنصار القذافي سبب موقفهم هذا من حفتر إلى انضمام الأخير في وقت ما إلى ثورة فبراير ضد القذافي وإعلان دعمه لها.
خليفة حفتر
كما لا ينسى أنصار القذافي هروب حفتر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عقب انهزام القوات الليبية في تشاد وأسره من قبل القوات التشادية، ويرون في ذلك عمالة وخيانة من قبل حفتر للقذافي ونظامه الذي دعمه أكثر من مرة، ويرى مراقبون أن سيف الدين القذافي سيوالي العداء لحفتر، مما يجعل الصراع بينهما لا مفر منه، مما يعقّد تحركات سيف الإسلام على الميدان، خاصة أن جزءًا كبيرًا من الشرق والجنوب الليبي تحت سيطرة خليفة حفتر، وسبق أن قال حفتر في مقابلة مع صحيفة إيطالية مطلع العام الحالي: “سيف الإسلام القذافي لن يكون له مستقبل في ليبيا لأنه احترق سياسيًا”.