ترجمة وتحرير: نون بوست
وجد الحراك الشعبي الذي هز منطقة الريف المغربي صدى عند مختلف أطياف المجتمع المدني الجزائري. وعلى خلفية هذه الاحتجاجات، انطلقت يوم 13 حزيران/ يونيو، مظاهرة جابت شوارع مدينة بجاية، الواقعة في منطقة القبائل الجزائرية، تضامنا مع احتجاجات الريف المغربي. وقد عكست هذه المظاهرة مدى اهتمام الجزائريين بما يحيط بهم من أحداث إقليمية. وفي هذا الصدد، أفاد الناشط السياسي وأستاذ الاقتصاد في جامعة بجاية، مراد أورشيشي، أن “هذه المظاهرات ليست تعبيرا عن التضامن، بل تعتبر دعما، فنحن شعب واحد، نتشارك نفس الرقعة الجغرافية، كما أن مطالبنا واحدة”.
وفي ظل ارتفاع وتيرة الاحتجاجات، أكد أستاذ الاقتصاد ومؤلف كتاب ” الأساس السياسي للاقتصاد الريعي في الجزائر”، أن موجة القمع التي طالت نشطاء حراك الريف المغربي قد هيجت عواطف الجامعيين، والصحفيين، والطلبة، والنشطاء الأمازيغ في الجزائر إلى وحثتهم على “التفكير في دعم منطقة الريف المغربي”.
وتجدر الإشارة إلى أن إحدى اللجان الجزائرية قد دعت منذ يوم السبت 10 حزيران/ يونيو، إلى التظاهر “نتيجة القلق من التطورات الخطيرة التي تشهدها مدينة الحسيمة بسبب الإجراءات التي اتخذها الأمن المغربي ضد المتظاهرين”. كما تستنكر اللجنة “الاعتقالات العشوائية في حق نشطاء وقادة الحراك الشعبي، وحملة التشويه التي تقودها بعض وسائل الإعلام المغربية الموالية للحكومة ضد قادة الحراك”.
الأسباب الكامنة وراء دعم حراك الريف المغربي
تزامنا مع مظاهرات منطقة بجاية، وقع تنظيم مظاهرة بولاية تيزي وزو، التي تبعد قرابة مائة كيلومتر عن العاصمة الجزائرية، بتاريخ 12 حزيران/ يونيو. وفي هذا الوضع لسائل أن يسأل، لماذا تؤمن ولايات منطقة القبائل الجزائرية بأنها معنية بالحراك الشعبي الذي يعيشه شمال المغرب؟
وفي إطار الإجابة عن هذا السؤال، أكد مراد أورشيشي أن “الوضع في منطقة القبائل في الجزائر لا يختلف عن ما يعانيه الريف المغربي، فالمنطقتان تتقاسمان نفس الهوية ونفس الإحساس المتمثل في الاستياء من سياسة التهميش الحكومي. كما أن المنطقتين تعدان تاريخيا مناطق متمردة”. والجدير بالذكر إلى أن أولى الانتفاضات التي شهدتها الجزائر بعد الاستقلال انطلقت من منطقة القبائل سنة 1963.
اهتزت منطقة القبائل سنة 2001 على وقع عدة احتجاجات بعد قتل دركي لطالب أمازيغي عن طريق الخطئ. وقد خلفت هذه الاحتجاجات قرابة 100 قتيل سقطوا في مدن وبلدات منطقة القبائل بعد احتدام المواجهات مع السلطات
وبالعودة إلى التاريخ، قاد هذه الانتفاضة حسين آيت أحمد، الذي يعد من القادة التاريخيين لجبهة التحرير الوطني، حيث أعلن تمرده وأسس جبهة القوى الاشتراكية لمواجهة استبداد بن بلة. وسرعان ما طال هذا “الربيع الأمازيغي” عدة مناطق هامة من الشمال الشرقي الجزائري خلال ثمانينات القرن الماضي، وذلك على خلفية التنديد بمنع السلطات في ذلك الوقت الكاتب الأمازيغي، مولود معمري، من تنظيم مؤتمره.
وفي السياق ذاته، اهتزت منطقة القبائل سنة 2001 على وقع عدة احتجاجات بعد قتل دركي لطالب أمازيغي عن طريق الخطئ. وقد خلفت هذه الاحتجاجات قرابة 100 قتيل سقطوا في مدن وبلدات منطقة القبائل بعد احتدام المواجهات مع السلطات.
صورة للزفزافي زعيم الحراك الشعبي المغربي بيد متضامن جزائري
وفي إشارة إلى هذه المعطيات التاريخية، ذكر مراد أورشيشي أنه “لهذا السبب تحركنا بسرعة تضامنا مع حراك الريف، الذي يعد حراكا اجتماعيا ويدافع عن الهوية الأمازيغية”. وفي الإطار نفسه، قامت مجموعة من النشطاء المدافعين عن الثقافة الأمازيغية وأعضاء من كل من رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان و حزب جبهة القوى الاشتراكية، بإطلاق عريضة على وسائل الإعلام الجزائري خلال هذا الأسبوع.
وقد ورد في بيان النشطاء أنه “لا يجب أن نقف غير مبالين بما يحدث في منطقة الريف المغربي. لذلك، ينبغي أن نرد الفعل ليس لأننا باعتبارنا حركة أمازيغية فحسب، بل وإنما لأننا نمثل شعب شمال إفريقيا ونحن قلقون على مستقبل المنطقة وعلى استقرارها”.
عريضة من أجل جلب التضامن العالمي مع أهالي الريف المغربي
وقّع قرابة مائة شخص على عريضة باسم ” اللجنة الدولية للتضامن مع الحركة الاحتجاجية في منطقة الريف”، حيث ندد الموقعون على هذه العريضة “بموقف السلطات المغربية التي انتهجت سياسة قمعية لإدارة الأحداث في منطقة الريف، إذ أن رد الحكومة المغربية يعد بمثابة الدليل الملموس الذي يؤكد أن ذاكرة الأنظمة الاستبدادية قصيرة جدا”.
وفي شأن ذي صلة، أفاد أيبيك عبد المالك، الذي يعد أحد رموز حركة المعطلين عن العمل في جنوب الجزائر، “كلنا نشرب من نفس الكأس، فنحن نعيش نفس الأوضاع المعيشية الصعبة. بالإضافة إلى ذلك، لا تعرف أنظمة الدول المغاربية سوى لغة القمع وسياسة التشهير لردع النشطاء والمتظاهرين الذين لم يطلبوا سوى حقوقهم المشروعة ألا وهي الكرامة، والتشغيل والتوزيع العادل للثروات، والحد من سياسة التهميش بين الولايات”.
مراد أورشيشي أحد أهم المنظّمين لحركة التضامن مع احتجاجات الريف المغربي في الجزائر
وراء الريف المغربي تقف ولاية تطاوين التونسية
ذكر أيبيك عبد المالك أنه نظم صحبة زملائه وقفة تضامنية مع أهالي الريف المغربي في ولاية “ورقلة”، التي تبعد قرابة 800 كلم عن جنوب الجزائر العاصمة. ونوه عبد المالك بأن هذه الوقفة تزامنت مع الأيام الأولى من شهر رمضان المبارك، وقد جاءت في شكل إفطار جماعي للمتضامنين الذين عبروا عن دعمهم لاحتجاجات الريف المغربي وعن وقوفهم إلى جانب المعتصمين في ولاية تطاوين التونسية.
ذكر أورشيشي أن هذه التحركات تهدف إلى “تعزيز الروابط بين شعوب المغرب العربي للتوعية بضرورة الوقوف في وجه الظلم
وفي هذا الصدد، أكد ناشط عن لجنة المعطلين عن العمل في ولاية ورقلة “نحن على اطلاع بالمسيرة التضامنية مع أهالي الريف التي جابت مدينة الرباط، حيث ضمت هذه المسيرة محامين، وفنانين وطلبة… وعلينا نحن الجزائريين أن نتعلم من هذه الدروس”. والجدير بالذكر أن ولاية ورقلة تعد العاصمة النفطية للجزائر، إلا أن أهلها لا يستفيدون من عائدات الغاز والنفط.
وفي الأثناء، استجاب مراد أورشيشي في مدينة بجاية الساحلية إلى عدة دعوات للتسريع في إعداد النشطاء لتنظيم مظاهرة أخرى. وفي نفس الوقت، أجرى عبد المالك بدوره محادثات مع زملائه في لجنة المعطلين عن العمل بهدف الاستعداد لموجة احتجاجات أخرى في القريب العاجل. وقد ذكر أورشيشي أن هذه التحركات تهدف إلى “تعزيز الروابط بين شعوب المغرب العربي للتوعية بضرورة الوقوف في وجه الظلم”.
المصدر: لوبوان الفرنسية