يواصل قطاع غزة المحاصر للعام الـ11 على التوالي، دفع فاتورة المقاومة والصمود في وجه المحتل الإسرائيلي غاليًا، فيتعرض الآن لأشد وأكثر المراحل ظلمةً، بدأت بحصار بري وبحري وجوي مشدد، مرورًا بخطوات الرئيس الفلسطيني محمود عباس التصعيدية والتي شملت الرواتب والكهرباء والخدمات الإنسانية، وصولاً إلى أخطر أزمة والتي تجلب الموت لآلاف المرضى في غزة.
تحذير الصحة جاء بعد نفاد أدوية “الفنتانيل” التي تخصص للتخدير، ونفادها يعني عمليًا توقف العمليات الجراحية كافة ومنع استقبال أي مريض حتى توفرها
وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة أطلقت نداء استغاثة عاجلاً للعالم، بالنظر بعين “الرأفة والإنسانية والرحمة”، لما يتعرض له مرضى غزة من ظلم، في ظل أزمة الكهرباء الراهنة التي أوقفت عمل العديد من المستشفيات، إضافة لاختفاء أهم الأدوية والعقاقير الخاصة بالعمليات الطارئة.
تحذير الصحة جاء بعد نفاد أدوية “الفنتانيل” التي تخصص للتخدير، ونفادها يعني عمليًا توقف العمليات الجراحية كافة ومنع استقبال أي مريض حتى توفرها وإدخالها للقطاع، فحذر هنا مدير دائرة الصيدلية في الإدارة العامة للمستشفيات بقطاع غزة علاء حلس، من اقتراب نفاد أدوية التخدير وخاصة “الفنتانيل”.
الموت يحيط بمرضى غزة
وأوضح حلس أن معدل استهلاك المستشفيات من هذا الصنف يبلغ 5500 “أمبول” شهريًا، مشيرًا إلى أن الكمية المتبقية في مخازن وزارة الصحة لا تكفى سوى لأيام قليلة.
رئيس أقسام التخدير في مجمع الشفاء الطبي، هشام الزناتى يقول: “نفاد عقار الفنتانيل من غرف العمليات يعنى توقف جميع العمليات الجراحية لجميع المرضى الطارئة والكبرى والمجدولة وإغلاق غرف العمليات”.
وتطرق الزناتي إلى أهمية هذا العقار للعمليات الذي قال إنه لا يمكن إجراء أي عملية جراحية من دونه، حيث يستخدم كمسكن قوي للآلام المتوسطة والمزمنة، ويستخدم كمخدر قبل إجراء العمليات الجراحية، مشيرًا إلى أن البديل “المورفين” غير متوفر أيضًا.
الوضع الصحي في قطاع غزة يزداد ضراوة مع الاستنزاف اليومي لما هو متوفر من أصناف الأدوية والمستهلكات الطبية وكميات الوقود الإسعافية المحدودة في ظل عدم وجود أي أفق لحل الأزمة
وأشار إلى أن نفاد عقار “الفنتانيل” يعنى توقف 1000 عملية شهريًا، مما يضطر المريض للتحويل للخارج وبالتالي زيادة معاناة المريض في ظل توقف التحويلات وإغلاق المعابر.
من جهته أكد أشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة أن هذه الإجراءات جزء مما تعاني منه المشافي بعد نفاد الأدوية والمستهلكات الطبية مع اشتداد الحصار على غزة.
وقال القدرة: “الوضع الصحي في قطاع غزة يزداد ضراوة مع الاستنزاف اليومي لما هو متوفر من أصناف الأدوية والمستهلكات الطبية وكميات الوقود الإسعافية المحدودة في ظل عدم وجود أي أفق لحل الأزمة التي تدركها المؤسسات الدولية والإغاثية والحقوقية وفصائل العمل الوطني وتقف على تفاصيلها لحظة بلحظة”.
مناشدات قبل الكارثة الصحية
واعتبر هذه المؤسسات شريكًا أساسيًا في حماية ودعم الحقوق والمتطلبات العلاجية للمرضى الذين يتجرعون بأناتهم استمرار الحصار والسياسات الممنهجة التي باتت مكشوفة من المحاصرين لقطاع غزة لتعميق أزماته لا سيما في أبسط الخدمات الصحية والإنسانية، حسب تعبيره، وطالب كل الجهات المعنية بتكثيف الجهود لتدارك الوضع الصحي والإنساني المأزوم في ظل استمرار هذه التحذيرات.
ترفض وزارة الصحة في رام الله منذ أكثر من شهرين إرسال حصة قطاع غزة من الأدوية التي تصل إلى مخازنها من قبل الدولة المانحة لا سيما أدوية مرضى السرطان وبعض الأمراض الخطيرة ومرتفعة الثمن
وأثّر الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 11 عامًا، على الوضع الصحي للقطاع مما أدى إلى تراجع المنظومة الصحية في ظل نقص الدواء ودخول أزمة الكهرباء والوقود للقطاع الصحي بصورة خطيرة.
وترفض وزارة الصحة في رام الله منذ أكثر من شهرين إرسال حصة قطاع غزة من الأدوية التي تصل إلى مخازنها من قبل الدولة المانحة لا سيما أدوية مرضى السرطان وبعض الأمراض الخطيرة ومرتفعة الثمن.
مرضى السرطان.. ألم ومعاناة
إضافة لمعاناة مرضى غزة ونفاد مواد التخدير من المستشفيات ورفض استقبالها للمرضى، ظهرت قضية أخرى أكثر تعقيدًا حين أوقفت السلطة الفلسطينية، مئات التحويلات الطبية الخاصة بمرضى السرطان من قطاع غزة، تطبيقًا للإجراءات والقرارات التي أقرها عباس لتضييق الخناق على سكان القطاع.
ويؤكد رئيس القطاع الصحي في اللجنة الإدارية الحكومية بغزة الدكتور باسم نعيم أن وزارة الصحة برام الله أوقفت مئات التحويلات الطبية الخاصة بمرضى السرطان من قطاع غزة.
وقال نعيم: “هناك قرار بوقف كل التحويلات الطبية التي تصدر من غزة لمكتب العلاج بالخارج في رام الله، وهي موضوعة على الأدراج ولم يتم التوقيع بالموافقة عليها، بعد أن صدرت الأوامر بإعاقتها دون إعلان رسمي”.
وأوضح أن هذا الأمر يعرض حياة الأهالي والمرضى للخطر الشديد، مشيرًا إلى وجود حالات وفاة تشهدها المستشفيات للمرضى خلال انتظارهم للموافقة على تحويلاتهم الطبية.
الأمم المتحدة حذرت كذلك من “انهيار تام” للخدمات الأساسية في قطاع غزة الفقير والمحاصر في حال تخفيض إمدادات الكهرباء، مشيرة إلى أن سكان القطاع رهائن للنزاع السياسي الداخلي
وشدد نعيم على أن قيادة السلطة تجاوزت كل ما يمكن الحديث عنه من بعد إنساني ووطني من أجل تحقيق مآربهم الشخصية، مردفًا “عندما فشلوا على مدار 10 سنوات في تأليب الشارع في قطاع غزة بدأوا يلجأون إلى أساليب ضغط أخرى”.
ولفت إلى أن منع التحويلات للمرضى يعكس الأزمة التي تعيشها السلطة وفشلها على المستويات كاقة مما دفع بها إلى تصدير هذه الأزمة لساحة المرضى والطلاب
الأمم المتحدة حذرت كذلك من “انهيار تام” للخدمات الأساسية في قطاع غزة الفقير والمحاصر في حال تخفيض إمدادات الكهرباء، مشيرة إلى أن سكان القطاع رهائن للنزاع السياسي الداخلي.
وقال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية روبرت بايبر، “زيادة فترة انقطاع الكهرباء من المحتمل أن تؤدي إلى انهيار تام للخدمات الأساسية بما في ذلك القدرات المهمة في قطاعات الصحة والمياه والصرف الصحي”.
وأضاف بايبر “لا يجب احتجاز سكان غزة رهائن لهذا النزاع الفلسطيني الداخلي الطويل”.