يسود الانطباع العام عن المسلمين في شهر رمضان المبارك بأن الإنتاجية تقل بعض الشيء، ذلك لأنهم يعملون لأوقات أقصر في النهار، بل وربما يعتقد البعض، خصوصًا من غير المسلمين، أن الاستهلاك يقل أيضًا، ذلك لأن المسلمين في وقت نهار رمضان غالبًا ما يلزمون بيوتهم لتحضير وتناول وجبة الإفطار مع عوائلهم، إذ إن رمضان فرصة لتوطيد العلاقات مع الأهل والأصدقاء، ولكن تم نسيان عامل مهم في كل ما سبق سيغير استهلاكية المسلمين في رمضان، وهو مواقع التواصل الاجتماعي.
يخبرنا موقع فيسبوك كيفية انتقال الحياة الرمضانية على مواقع التواصل الاجتماعي، وأهمها فيسبوك وتويتر وإنستجرام، ولأن شهر رمضان فرصة عظيمة للتواصل مع الناس، انتقل هذا التواصل مؤخرًا إلى مواقع التواصل الاجتماعي، بل ويتم جزء كبير من هذا التواصل على الهاتف المحمول.
يأتي ملايين من الناس لمشاركة اللحظات الرمضانية المختلفة على منصات التواصل الاجتماعي، ما بين مشاركة لتعليقات عن ساعات الصيام وتعليقات على الظواهر الرمضانية المختلفة في البلاد التي تحتفل بشهر الصيام، وما بين مشاركة لصور خاصة بالإفطار والسحور ووصفات للطعام، قُدر عدد كل هؤلاء المحتفلين بالشهر الكريم على فيسبوك فقط بـ244 مليون مستخدم، كان منهم 86% في منطقة الشرق الأوسط.
استطاع فيسبوك تعقب هؤلاء الملايين من المستخدمين من منطقة الشرق الأوسط خلال شهر رمضان، ليجد أنهم يقضون ما يقرب من مليوني ساعة بشكل تدريجي طول شهر رمضان، وهذا يعني زيادة كبيرة في متوسط استخدام فيسبوك من قِبل مُستخدمي فيسبوك في الشرق الأوسط بشهر رمضان.
ربما لن تفيد الإحصائيات السابقة المستخدمين العاديين كثيرًا، إذ إنها لا تمثل لهم إلا أرقامًا تشير إلى عدد ساعات استخدامهم لفيسبوك التي تزيد قليلًا عن معدل استخدامهم الطبيعي، إلا أن تلك الأرقام تُمثل كل شيء للشركات والعلامات التجارية التي تقوم بالتسويق الرقمي من خلال منصات التواصل الاجتماعي، ذلك لأن لديهم فرصة لجذب انتباه المستخدمين خلال ما يقرب من 57 مليون ساعة إضافية يقضيها المستخدمين بالفعل على تلك المنصات.
قسم فيسبوك استنتاجاته التي خرج بها بعد تعقيبه لنشاط المستخدمين في منطقة الشرق الأوسط بخصوص رمضان إلى ثلاث مراحل، أولها فترة تمتد لثلاثة أسابيع قبل بداية الشهر، يشارك فيها المسلمون صورًا لتحضيراتهم وتعليقات بخصوص النشاطات التي يمكن أن يقوموا بها خلال الشهر الفضيل، والتي ما يكون أغلبها بخصوص حملات التبرع أو الحملات الخيرية إلى آخره من النشاطات التطوعية المختلفة لمساعدة المحتاجين.
يقضي المسلمون ما يقرب من مليوني ساعة بشكل تدريجي طول شهر رمضان، وهذا يعني زيادة كبيرة في متوسط استخدام فيسبوك من قِبل مُستخدمي فيسبوك في الشرق الأوسط خلال شهر رمضان
تبعت تلك المرحلة مرحلة الشهر الفضيل نفسه، والتي ركز فيسبوك فيها على المشاركة الأساسية عن طريق الهاتف الجوال، ومن ثم المرحلة الأخيرة وهي نهاية شهر رمضان بالإضافة إلى احتفال المستخدمين بالعيد على منصات التواصل الاجتماعي، ومعها رسائل التهنئة التي تستمر لعدة أيام متواصلة.
لا يمكن للشركات الراغبة في تسويق خدماتها ومنتجاتها على مواقع التواصل الاجتماعي وأهمها فيسبوك من أن تتجاهل حجم المشاركة الرقمية التي يقوم بها مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي خلال ساعات تناول وجبة السحور، حيث يزيد مستوى المشاركة (Engagement) بنسبة 200% عن نسب المشاركة في الشهور العادية.
إضافة للنتيجة السابقة أضاف فيسبوك ذلك المخطط التالي ليوضح حجم المشاركة في العمليات التجارية الرقمية والشراء الإلكتروني أو الشراء أونلاين ومقارنته في كل من نهار وليل رمضان بالشهور العادية في بقية السنة، ليتضح زيادة نسبة تلك العمليات والمشاركة الإلكترونية على مواقع التواصل للتسوق الرقمي بالذات خلال ساعات النهار الأولى، والتي يكون أغلب المسلمين فيها مستيقظين لتناول وجبة السحور.
يزيد مستوى المشاركة (Engagement) بنسبة 200% عن نسب المشاركة في الشهور العادية
اللون الأحمر يشير إلى حجم المشاركة في تلك الساعات في غير رمضان، بينما اللون الأصفر يوضح حجم المشاركة في رمضان (المصدر فيسبوك بيزنس)
أما بالنسبة للمحادثات والدردشات القصيرة، فتزيد إلى أربعة أضعافها عن المعدل الطبيعي خلال شهر رمضان وذلك على كل من أجهزة الحاسوب والأجهزة المحمولة، حيث تزيد على الأخيرة بنسبة 4.8 ضعف عدد المحادثات في الشهور العادية بحسب إحصائيات “فيسبوك بيزنس“.
كان لإنستجرام نصيب من الإحصائيات كذلك، بل كان له نصيب الأسد، إذ كان إنستجرام المنصة الرئيسية التي تعد مصدرًا لإلهام المستخدمين في شهر رمضان، حيث زادت مشاركة الصور والتعليقات بخصوص الأزياء وأمور التسوّق الرقمي بنسبة وصلت إلى 7 أضعاف النسبة العادية في شهور غير رمضان، كما زادت مشاركة الصور الخاصة بوصفات الطعام بنسبة وصلت إلى 5 أضعاف النسبة في غير شهر رمضان.
تلى ما سبق في الترتيب مشاركة صور ومحادثات وتعليقات على إنستجرام بشأن أمور خاصة بوصفات الحلوى المأكولة في رمضان، وصور لها علاقة بطعام الإفطار والسحور كذلك، كما أن نسب مشاركة الصور والتعليقات بخصوص العائلة والمنزل كانت على النحو التالي
المصدر (فيسبوك بيزنس)
كتب مستخدمو فيسبوك ومغردو تويتر منشورات وتغريدات تضمن محتواها كلمة “أشاهد التلفاز”، في منشورات واسعة تضمنت تعليقات مختلفة على البرامج الرمضانية المختلفة التي تنوعت من برامج دينية إلى مسلسلات رمضانية أثارت موجة من الجدل عند البعض و أُعجب بها البعض الآخر، وكلاهما استغل مواقع التواصل الاجتماعي لإبراز آرائهم المختلفة، حيث وصل عدد المنشورات التي يتضمن محتواها على عبارة “أشاهد التلفاز” إلى ما يقرب من 3.7 مليون منشور منذ بداية شهر رمضان بحسب إحصائيات “فيسبوك بيزنس”.
كان لإنستجرام نصيب من الإحصائيات كذلك، بل كان له نصيب الأسد، إذ كان إنستجرام المنصة الرئيسية التي تعد مصدرًا لإلهام المستخدمين في شهر رمضان
أجرى فيسبوك استفتاءً على مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من منطقة الشرق الأوسط بخصوص استخدام تلك المواقع في أثناء مشاهدة التلفاز في شهر رمضان، كانت الأجوبة من المستخدمين في كل من الإمارات والسعودية، فكانت نسبة من أجابوا بالإيجاب أي بأنهم يشاهدون التلفاز في نفس وقت استخدامهم لمواقع التواصل الاجتماعي تُقدر بـ77% بالنسبة للإمارات و60% بالنسبة للمملكة العربية السعودية.
كان للطعام حيز من تلك الإحصائيات، لا سيما بعد أن سوقت الشركات خدماتها ومنتجاتها المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي في الأوقات التي يكثر فيها وجود المستخدمين على تلك المنصات، فطبقًا لإحصائيات فيسبوك تأثر 76% من المستخدمين بالإعلانات الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي في أثناء شرائهم للمنتجات الغذائية طول شهر رمضان، بالإضافة إلى اعتماد ما يقرب من 41% من المستخدمين على وصفات الطعام المنشورة على إنستجرام كأفكار لهم في أثناء تحضيرهم وجبة الإفطار أو السحور.
77% بالنسبة للإمارات و60% بالنسبة للمملكة العربية السعودية يشاهدون التلفاز وقت استخدامهم منصات التواصل الاجتماعي في نفس الوقت
لم تغفل شركات الطيران ومكاتب تنظيم رحلات السفر مشاركة المسلمين لكثير من المنشورات والتغريدات التي تشير إلى رغبتهم في السفر خلال شهر رمضان لقضائه مع عوائلهم، و منشورات تشير إلى تخطيط العديد من المسلمين للسفر للسياحة في أيام العيد بعد انتهاء شهر رمضان، حيث أشار فيسبوك إلى تزايد عدد الإعلانات على منصته بالتزامن مع زيادة منشورات المستخدمين بخصوص تخطيطهم لقضاء العيد خارج بلادهم.
تأثر 76% من المستخدمين بالإعلانات الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي في أثناء شرائهم للمنتجات الغذائية طول شهر رمضان
بناءً على كل ما سبق، نصح فيسبوك في النهاية كل من يعمل في مجال التسويق، الإلكتروني والرقمي منه على وجه الخصوص، أن يستغل ذلك التحول الكبير في مشاركة جمهور عريض على منصات التواصل الاجتماعي في شهر رمضان، حيث ركز على أهمية استغلال منصة إنستجرام لعرض الكثير من الأفكار الملهمة للجمهور، والتي ستساعد على مزيد من مشاركته وتفاعله مع المعروض.
نصح فيسبوك بيزنس أيضًا القائمين على صناعة الدراما أن يستغلوا استخدام المشاهد مواقع التواصل الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط تحديدًا بالتزامن مع مشاهدته لبرامج رمضان الدرامية، وهو ما سيزيد من شعبية بعض الأعمال الدرامية إن تم تسويقها بشكل كاف على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولأن فيسبوك وإنستجرام وتويتر من المنصات التي تعمل على اتصال الناس ببعضها البعض، فهي أيضًا شركات قائمة على الربح والفائدة في المقام الأول، ولهذا ركز فيسبوك في نصيحته أن على كل الشركات التجارية تركيز همها وأن يكون شغلها الشاغل في شهر رمضان الاستفادة من مشاركة الجمهور في مختلف المجالات الاجتماعية على تلك المنصات، وأن يقوموا بمراعاة اللغة المستخدمة في التغريدات والمنشورات والتي ما تكون باللغة العربية في أغلب الأحيان.
إنها فرصة أن يضاعف الجميع أرباحه، كما يراها فيسبوك أيضًا فرصة للمستخدمين بمضاعفة فرصهم لإيجاد الأفكار الملهمة والمنتجات المتنوعة التي قد يحتاجون إليها خلال الشهر المبارك، وهو ما يجعل الشركات في حالة من المنافسة الشديدة لانتاج محتوى إبداعي يجذب أكبر عدد من الجمهور على مواقع التواصل الاجتماعي.