يجد الأهل صعوبة في إبعاد الأبناء الذين يعرفون كجيل digital native أي الرقميين بالفطرة والذين ولدوا في محيط معزز بالأدوات التكنولوجية كالحاسوب والهواتف الذكية، وكذلك الألعاب التكنولوجية التفاعلية وما تحمله من أدوات مثل البليستيشن، الوي، الإكس بوكس، هذا التحدي أمر يعاني منه الكثير من الأهالي، رغم محاولتهم إشراك أطفالهم بفعاليات اجتماعية بعيدًا عن التكنولوجيا.
برأيي من الصعب منع الطفل من استخدام التكنولوجيا، إلا أنه يجب الحذر والاهتمام بمراقبة لعب الطفل، كذلك توفير بيئة آمنة ومبنية على الثقة والمشاركة معه، وذلك لحماية خصوصية الطفل ومنع تعرضه لتنمر إلكتروني أو ما شابه، وأحد البدائل لذلك توفير ألعاب تكنولوجية محسوسة ومبنية على اللعب والتركيب اليدوي المحسوس وليس فقط لمسة الهاتف الذكي أو التابلت.
اللعب مهم جدًا لتطور الطفل، ويعزز لديه مهارات تساعده على الاستكشاف والبحث ومواجهة التحديات وكذلك التواصل عبر اللعب مع آخرين، في مادة سابقة قمت بكتابتها بالتعاون مع الزميلة أميرة جمال، تحدثنا عن دور الألعاب التربوي وانعكاسه على تطور الطفل، “يتم إدماج اللعب مع الأساليب التعليمية لتعليم الطفل مبدأ تحقيق الهدف، حيث تحتوي معظم الألعاب على تعاملات ديناميكية وروايات تحفيزية بالإضافة إلى التحديات القائمة على المنافسة”، هذا الأمر نتيجة كون الألعاب توفر بيئة جيدة للتحفيز من جهة والانضباط من جهة أخرى، وعليه فإن الطفل بالإضافة لتعلمه الذاتية وتطويره استراتيجيات عمل فهو أيضًا يكون جاهزًا للتنافس مع الآخرين أو مناقشة من حوله عن أدائه في اللعب.
أخذت مجموعة التعلم الإبداعي في مختبر MIT MEDIA LAB على عاتقها تطوير برمجيات وأدوات تكنولوجية توفر تجربة تعلم ولعب ممتعة للأطفال، من خلال أدوات متاحة للجميع لتصل لأكبر عدد ممكن من الناس، من مجموعة البحث هذه انطلقت مشاريع رائعة وفرت تجربة انكشاف مثيرة لاهتمام الباحثين والعاملين في قطاع التربية التكنولوجية، فمثلًا برمجيات Scratch انطلقت من المختبر هناك، كما أن ألعاب إبداعية كثيرة للأطفال تم تطويرها من قبل خريجي هذا المختبر، ومن الجدير بالذكر أن شركة ألعاب ليغو العالمية أحد الداعمين لهذا المختبر.
سأعرض هنا بشكل مختصر بعض المعدات والألعاب التكنولوجية التي تشجع على تجربة لعب ممتعة وبنفس الوقت تدرب الأطفال على التفكير واستخدام المنطق.
ليتل بيتس (Littlebits)
“نحن نخترع العالم الذي نريد أن نعيش فيه” بهذا الشعار الجميل أضاءت إعلانات شركة ليتل بيتس شوارع مدينة نيويورك، تهدف هذه الشركة الناشئة إلى تعزيز القدرات لدى أي شخص على أن يكون عالمًا مبدعًا ومنتجَا من خلال أدوات إلكترونية هي أشبه بقطع الليغو والبلوك blocks، أسست هذه الشركة على يد اللبنانية آية بدير، وهي أيضا خريجة مختبر الميديا لاب في جامعة MIT.
وتعمل الشركة على تصميم معدات تكنولوجية لتشجيع الجميع على الاهتمام بالهندسة والتكنولوجيا والتعلم الابداعي، الأمر الذي يتيح للجميع الابتكار التكنولوجي دون أن يكون ذلك حكرًا على متخصصي الهندسة أو علوم الحاسوب، وتقدم الشركة الدعم للعامل في التربية من خلال منصتها الإلكترونية، كذلك توفر دروسًا وأفكارًا عديدة لتعلم الأطفال والمربين كيفية استخدام العدة.
ميكي ميكي (Makey Makey)
هل تخيلت أن تلعب لعبة ماريو من خلال لمس حبات الليمون؟ أو أن تعزف البيانو عبر ضرب الموز؟
Makey Makey هي عدة ابتكارات متاحة للجميع لتحويل أدوات نستخدمها كل يوم لأدوات قابلة للمس وتوليد تفاعل معها من خلال الحاسوب، العدة بسيطة جدًا وتتكون من لوحة إلكترونية، خيط USB، ملاقط التمساح، تمكن العدة من اللعب واستخدام لوحة المفاتيح وغيرها، والعدة مناسبة لاستخدامات أجيال عديدة، ويمكن إجراء تجارب مختلفة باستخدامها واستخدام الألعاب المتوفرة عبر منصة موقع Makey Makey.
قرطاس Qirtas – ساعة الفيل
تحت مبدأ اصنع تراثك، انطلقت شركة قرطاس لتبحث في تاريخ الآلة والابتكارات في العالم العربي والإسلامي والتي أسستها سجى المزيني، فكانت ساعة الفيل أولى إنتاجات قرطاس ثلاثية الأبعاد، وقد تم دعم مشروع ساعة الفيل من خلال تمويل جماعي حصد نحو 24 ألف دولار من 275 مساهمًا، هدف المشروع الأساسي هو التعلم عن طريق اللعب والاستكشاف عن طريق التجربة والمتعة.
تشيبتر أونكس (Chibitronics)
تحوي عدة Chibitronics على دفتر لإعداد الدوائر الكهربائية بشكل إبداعي ومن خلال رسومات، تحوي الرزمة على أسلاك نحاسية قابلة للالتصاق، ملصقة ضوئية، ملاقط، وبطاريات صغيرة، يمكن من خلال هذه الملصقات تكوين دوائر كهربائية ضوئية وكذلك صوتية بشكل إبداعي وجميل.
أجد أن سعر العدة مبالغ به نوعًا ما، رغم أنها تجربة جميلة وممتعة، يمكن شراء القطع بشكل متفرق وإيجاد بدائل للعدة في نهاية الأمر.
أوسمو (OSMO)
الذكاء الصناعي في طريقه لاقتحام ألعاب الأطفال، وخير دليل على ذلك عدة لعبة OSMO، يتم ربط جهاز الأوسمو بالآيباد، ويوضع على كاميرا الآيباد لتساعد على تكبير مساحة اللعب، توفر منصة الأوسمو ألعابًا تفاعلية عديدة من خلال تطبيقاتها خارج إطار الجهاز لتعطي الطفل تجربة لعب خارج الجهاز بشكل حركي وملموس وبتواصل مع محيطه الخارجي.
آردوينو (Arduino)
آردوينو هي لوحة تطوير إلكترونية مفتوحة المصدر ويتم استخدام لغتها الخاصة والشبيهة بلغة سي بالأساس لبرمجة مشاريع إلكترونية تفاعلية، كبرمجة المجسات مثلًا، استخدام اللوحة والبرمجة من خلالها بسيط مقارنة بلوحات إلكترونية أخرى، كذلك فإن ثمنها الرخيص نسبيًا يجعل البرمجة من خلالها متاحة للجميع خاصة أنها مفتوحة المصدر.
لوحة آردوينو مناسبة للأطفال بعد سن 13 عامًا، إذ إنها تحتاج مرحلة متقدمة من القدرات البرمجية، أضف لذلك أنها لا تصنف كلعبة، ولكنني وجدت من المناسب تقديمها.
عبر صفحة مشاريع الأطفال على موقع آردوينو تتوفر معلومات عن مشاريع مناسبة للأطفال ويمكن تطبيقها من خلال اللوحة.
هناك أيضًا لوحة تطوير إلكترونية إبداعية adafruit طورت على يد المهندسة ليمور فرايد، وهي أيضا خريجة معهد MIT، برمجيات اللوحة تعتمد بالأساس على لوحة آردوينو والاختلافات بينهما بالأساس في قوة المعالج.