كيف يمكن رسم المشهد الكردي بعد إعلان موعد الاستفتاء على الاستقلال؟

_105713_kag

نعم أو لا، سيكون على الأكراد في العراق أن يختاروا في شهر سبتمبر المقبل ويحددوا مصير إقليمهم المعلق بأمنيات الانفصال عن العراق، فكردستان العراق تبحث عن تثبيت حدودها قبل أن تجرفها صفقات الساسة وبنادق المليشيات، وسط حرب الحدود والخرائط المندلعة الآن في سوريا والعراق.  

وجرت هذه المرة استعدادات انفصال إقليم كردستان بوتيرة أسرع من السابق، حيث اجتمع برزاني بعدد من قادة الأحزاب السياسية الكردية  للتباحث بشأن تقرير المصير، لكن حركة التغيير والجماعة الإسلامية الكردستانية قاطعتا الاجتماع مطالبتين بأن يكون برلمان إقليم كردستان  المرجع لقضية الاستفتاء بعد دراسة الوضع الداخلي للعراق وحتى الظروف الإقليمية والدولية.  

 

حلم قديم 

وجاء قرار إعلان الاستفتاء بعد خلافات قديمة بشأن الآلية أو القرار النهائي لحزبي حركة التغيير الديمقراطي والجماعة الإسلامية الكردستانية، إذ عادا إلى التأكيد على ضرورة حسم هذا الموضوع من خلال البرلمان الكردستاني المعطل بالقوة منذ إخراج الأحزاب الأخرى منه من قبل الحزب الديمقراطي الكردستاني، لكن الأخير أصر أن القرار يعود لرئيسه المنتهية ولايته مسعود برزاني. 

تجاوز الجانب الكردي في العراق مرحلة التلويح بالاستقلال عن العراق، حيث كان الأكراد يلمحون سابقًا بين الفينة والأخرى وفي مناسبات متفرقة، لكن هذه المرحلة حددوا تاريخ الاستفتاء وأعدوا لذلك عدتهم

وبعد أربعة عشر عامًا من الخلافات بين حكومتي بغداد وإربيل على أمور عدة منها ما أسمته حكومة الإقليم بتهميش أسس الفيدرالية كتوزيع العائدات وتحديد حدود كردستان واقتطاع حصة الإقليم من الموازنة المالية للاتحاد، وعدم تنفيذ الحكومة الاتحادية “المادة 140” التي تمثل الإشكال الأكبر بين بغداد وأربيل، كل ذلك جعل رئاسة إقليم كردستان تقرر تحديد موعد الاستفتاء على الاستقلال. 

وبهذا الإعلان تجاوز الجانب الكردي في العراق مرحلة التلويح بالاستقلال عن العراق، حيث كان الأكراد يلمحون سابقًا بين الفينة والأخرى وفي مناسبات متفرقة، لكن هذه المرحلة حددوا تاريخ الاستفتاء وأعدوا لذلك عدتهم بتشكيل مجلس خاص بمشاركة ممثلي الأحزاب الكردية للتفاوض مع إيران وتركيا والعراق.  

هذه الخطوة التي وصفت بـ”الخطيرة وغير المسؤولة” طرحت على الساحة السياسية والأمنية تساؤلات عدة عن قدرة الإقليم على الاستقلال وسط معارضات داخل وخارج العراق؟ وهل سيمر الاستفتاء بسلاسة ودون حصول تداعيات؟ وماذا عن تأثير النفط الكردي وأزمة كركوك على قضية الاستقلال؟ ومن المستفيد في هذه المعركة؟

  

رفض عام 

بعد إعلان حكومة كردستان تحديد موعد إجراء الاستفتاء على الإقليم كليًا، توالت ردود الفعل الأولية وحملت في مجملها الرفض المؤكد والصريح بداية من الداخل العراقي مرورًا بالدول الإقليمية ووصولاً إلى القوى الدولية، وتوالت التصريحات مطلقة صفارات الإنذار من الداخل والخارج، وموقف دول الجوار كان أعلاها صوتًا وأكثرها حدةً.  

وأبدت الجارتان التركية والإيرانية تخوفهما من إجراء الاستفتاء، فذرات البارود تتطاير من صفحات تاريخ علاقاتهما بالأكراد، لذلك رفضت الدولتان أي محاولات تهدد وحدة أراضي العراق، فاستقلال كردستان بالنسبة لدول الجوار ربما يحمل حلقات من الصراع لا تُحمد عقباها.  

وتحت مخاوف الانفصال وتداعياته التي لمحت إليها أمريكا، لم يعط البيت الأبيض موقفًا واضحًا إلا أنه حذر من تداعيات الانفصال على محاربة ما أسمته بـ”الإرهاب”، يضاف إلى ذلك موقف ألمانيا وفرنسا وروسيا وغيرها من المواقف الدولية التي لم تعط لأكراد العراق ضوءًا أخضر للاستقلال في السنوات الماضية.  

  

ومؤيد واحد 

وعلى خلاف ما سبق ذكره من مواقف رافضة أو متحفظة على انفصال كردستان، تعاظمت الدعوات في “إسرائيل” لدعم هذه الخطوة، وكان الموقف الإسرائيلي – الذي عبّر فيه نتانياهو في وقت سابق عن تأييده لفكرة انفصال شمال العراق – داعمًا لمشروع الانفصال.

وموقف “إسرائيل” المؤيد للانفصال ليس حديث العهد، فقد أعلنت رسميًا على لسان سفيرها لدى الولايات المتحدة رون درمر، في مارس الماضي، تأييدها الكامل لانفصال الأكراد عن دولة العراق، واستقلال إقليم كردستان عن الدولة العراقية، يضاف إلى ذلك تصريحات ومواقف عدد من المسؤولين الإسرائيليين التي انطلقت مرحبة بإعلان موعد الاستفتاء، في دهاء للعب دور جديد في منطقة الشرق الوسط. 

  

مشهد معقد

المواقف التي سبق استعراضها تشير إلى أن الخلاف على مسألة إقليم كردستان ليس شأنًا محليًا فحسب، فالخطوة التي سوف تتخذها إربيل سوف تكون وسط محيط إقليمي من الدول التي تضم المكون الكردي كإيران وسوريا وتركيا، وكل دولة من هؤلاء لديها من المواقف المتضاربة مع الأكراد ما يكفي لإشعال فتيل الحرب.

وفي السنوات الأخيرة، بدا جليًا أن هناك تصادم وتعارض في الرؤى بين كردستان العراق وحزب العمال الكردستاني في مفهوم الدولة الكردية، وتعتبر “سنجار” إحدى محطات الخلاف المتنازع عليها بين الطرفين، فقد كان العمل بين قوى حزب العمّال الكردستاني وحكومة إقليم كردستان يسير سويًا ضد “تنظيم داعش” الذي احتل المدينة عام 2014، لكن بعد طرد التنظيم الإرهابي من المدينة، رفض حزب العمّال الكردستاني الرحيل على الرغم من تحذيرات حكومة الإقليم باللجوء إلى القوة لإخراجه من سنجار، مما أدّى إلى تصاعد التوتر في الإقليم.    

في الوقت الذي ترى فيه تركيا أكراد العراق بصورة جيدة، تنظر إلى أكراد تركيا بنظرة مُضادة، وهو ما يخلق تضارُبًا واضحًا في الموقف التركي بوجود دولة كردية في العراق

وفي الوقت الذي ترى فيه تركيا أكراد العراق بصورة جيدة، تنظر إلى أكراد تركيا بنظرة مُضادة، وهو ما يخلق تضارُبًا واضحًا في الموقف التركي بوجود دولة كردية في العراق مع استمرار معاداة الدولة للأكراد في الداخل.   

لعل ذلك التعارض يفسر العلاقة القوية التي تربط تركيا بكردستان العراق، لكن مصير العلاقة يبقى مستقبلاً مجهولاً نظرًا لمعارضة الجانب التركي قيام أي دولة كردية سواء داخل حدودها أو بجوارها، وتلك المخاوف وترت علاقاتها مع قوى دولية كأمريكا.     

وهنا تفسر الكاتبة عوفرا بنجيو، وهي خبيرة في الشأن العراق في جامعة تل أبيب، في مقال، نشره مركز موشي ديان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا التابع لجامعة تل أبيب، النظرة التركية المتضادة لطرفيين كرديين بأن المصالح الاستراتيجية والاقتصادية لتركيا تفرض ذلك الوضع، إذ ستحتاج أنقرة للتعامل مع كردستان العراق لسد حاجتها من النفط والغاز، ولإحداث توازن في المنطقة أمام إيران وأمام صعود المحور الشيعي في المنطقة.     

المشهد المتضاد يتكرر بالنسبة لعلاقة إيران بالأكراد، ففي الوقت الذي تتلقى فيه هجمات عدائية من حزب الحياة الحرة الكردستاني (بيجاك) المحسوب كامتداد لحزب العمال الكردستاني، من أجل الحكم الذاتي لكردستان إيران، تتهم حكومة إربيل إيران باستخدام حزب العمال الكردستاني كأداة لتشكيل ضغط عليها.

وكما مكنت إيران حزب الله اللبناني من السيطرة على مناطق عديدة في سوريا، مكنت أيضًا حزب العمال الكردستاني الذي يحتل مناطق واسعة من أراضي إقليم كردستان العراق، وأصبحت قواته طرفًا أساسيًا وفاعلاً في الصراع الداخلي في كردستان العراق، إذًا لماذا تعارض إيران بشدة فكرة الاستقلال؟

  

البحث عن المصلحة أينما كانت

ويلعب الأكراد دورًا رئيسيًا في الحملة المدعومة من الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم داعش الذي اجتاح ثلث أراضي العراق قبل ثلاث سنوات تقريبًا، لكن بعد سيطرتهم على بعض المناطق أسهم في حدة التوتر مع الحكومة العراقية، وخاصة فيما يتعلق بمنطقة كركوك المتنازع عليها – الغنية بالنفط -. 

بالتأكيد ليس هذا مجانيًا، ففي عالم السياسة لا يوجد شيء دون مقابل، فالأكراد يطمعون أن يسهم قتالهم في صف أمريكا في أن ينالوا اعترافًا رسميًا بالاستقلال، فقد كان للولايات المتّحدة فضل كبير على الأكراد لا سيما بعد العام 1991، حيث دعمت واشنطن بقوّة الموقف الكردي وهيّأت الأرضية اللازمة عمليًا لإقامة إدارة ذاتية في شمال العراق  في المرحلة الأولى وصولاً إلى الحكم الذاتي اليوم. 

وفي سوريا، دخل حزب الاتحاد الديمقراطي PYD الذي تعده تركيا امتدادًا لحزب العمال الكردستاني (PKK) المصنف “إرهابياً”، في مواجهات مع فصائل المعارضة في سوريا، وفرض سيطرته على مناطق واسعة في شمال البلاد لإقامة إدارة ذاتية، بينما تتهم تركيا أمريكا بتزويد وحدات حماية الشعب (الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري) بالأسلحة لتطويق أنقرة.

يحمل موقف “إسرائيل” الذي تحول من السر إلى العلن في جعبته خبابا شعار “مصلحتي أولاً”، فمن منظور دولة الاحتلال يعتبر استقلال كردستان العراق خطوة مهمة تجعل هذه المنطقة قاعدةً لخدمة مصالحها

أما روسيا، فقد فتحت قنوات اتصال وتعاون مع حزب الاتحاد الديمقراطي، في عداء واضح لتركيا بعد إسقاط الطائرة الروسية السوخوي في نوفمبر الماضي، ويرجع ذلك إلى الانتقام من الحكومة التركية، واستخدام هذه الأحزاب في عملياتها العسكرية كجنود مرتزقة في الهيمنة على سوريا أو تقسيمها، على أن يكون للأكراد حصة في التقسيم. 

ويحمل موقف “إسرائيل” الذي تحول من السر إلى العلن في جعبته خبابا شعار “مصلحتي أولاً”، فمن منظور دولة الاحتلال يعتبر استقلال كردستان العراق خطوة مهمة تجعل هذه المنطقة قاعدةً لخدمة مصالحها السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وحتى الاستخباراتية.

وفي الواقع، تخدم فكرة تقسيم العراق إلى دويلات وأقاليم طائفية المصالح “الإسرائيلية” في المنطقة، وما يشجع “الإسرائيليين” في الحديث علنًا عن دعمهم للأكراد أن دولاً إقليمية مهمة مثل تركيا وإيران تعارض استقلال كردستان. 

   

تداعيات الانفصال تُنذر بالمواجهة   

إذا كان الاستفتاء المزمع غير ملزم ويتمحور حول استطلاع رأي سكان المحافظات الثلاثة في الإقليم “أربيل والسليمانية ودهوك”، إضافة إلى مناطق الأكراد خارج إدارة الإقليم منها كركوك المتنازع عليها مع حكومة بغداد التي عارضت أكثر من مرة فكرة استقلال الإقليم بشكل كامل عن العراق، إلا أن تداعياته ربما تشعل النار التي تحت الرماد. 

ويكمن الخطر الأكبر الذي سيخلفه الانفصال في الآثار السياسية والأمنية التي سيعانيها العراقيون بمختلف توجهاتهم، فالأحزاب العراقية المعارضة رأت أن الأمر البذرة الأولي لتقسيم البلاد خاصة أن الاستفتاء لا يستند إلى المستند الدستوري والمبرر القانوني ويأتي في مرحلة محفوفة بالتهديدات الأمنية المشتركة للعراقيين مما يتطلب الوحدة والتكاتف والانسجام.  

هل ستخوض إيران نفسها حربًا في حال استقلال كردستان؟ تجيب الكاتبة عوفرا بنجيو على هذا السؤال بقولها إن إيران ترفض فكرة قيام دولة كردية، لأنها سوف تكون دولة سُنية، مما يعني أنها ستُقوِّي من نفوذ تركيا في المنطقة

وبالنسبة لبغداد، يستبعد البعض أن تشن حربًا ضد الإقليم في ظل أنهم يخوضون حربًا واحدة ضد داعش حاليًا، وهو التنظيم الذي يُمثِّل الخطر الأكبر بالنسبة لها، ومع ذلك، لا يمكن توقُّع رد فعل المليشيات الشيعية – وأبرزها مليشيا الحشد الشعبي – ذراع إيران الطولي في العراق، إذ إنه من الممكن أن فتح جبهة جديدة ضد الأكراد، خاصة في ظل الموقف الإيراني المناهض للاستقلال.    

لكن هل ستخوض إيران نفسها حربًا في حال استقلال كردستان؟ تجيب الكاتبة عوفرا بنجيو على هذا السؤال بقولها إن إيران ترفض فكرة قيام دولة كردية، لأنها سوف تكون دولة سُنية، مما يعني أنها ستُقوِّي من نفوذ تركيا في المنطقة، وتُقوِّض من القوة الشيعية في العراق، المؤكد أن إيران سوف تسعى لإضعاف الدولة الكردية الجديدة، وفي المقابل يمكن أن تلعب الولايات المتحدة دورًا آخر بدعم الأكراد أكثر من أي وقت مضى لتطويق إيران وتركيا.  

أما إذا أصبح الانفصال أمرًا واقعًا وخارجًا عن إرادة تركيا بسبب ممارسات الولايات المتحدة وإيران، فسوف تتعامل مع هذه الحقيقة بمنهج المقاومة لا سيما في ظل تزايد المشاكل مع حكومة المالكي والتهديدات الأمنيّة التي تفرضها داعش من جهة، وتزايد المصالح مع حكومة إقليم كردستان العراق من جهة أخرى.    

في المقابل، وعلى الرغم من أن سوريا ربما تظل في حالة ضعف لفترة طويلة، إلا أنه يجب الوضع في الاعتبار مشاكل محتملة ستُحدثها جهات مختلفة لا تتبع الدولة، مثل جبهة فتح الشام، أو حتى وحدات حماية الشعب الكردية، التي من شأنها تحدي قيام دولة كردية جديدة من خلال بعض الممارسات المسلحة.   

  

حلم أم كابوس؟

يعاني إقليم كردستان من أوضاع اقتصادية مُتردِّية بشكل كبير، لا سيَّما المديونيات، ومنها مثلًا ما كشفته اللجنة المالية النيابية قبل شهرين، بأنَّ الإقليم لديه ديون خاصة بتصدير النفط تقدر بـ30 مليار دولار إلى الحكومة الاتحادية، ولإعادة هذه الديون توقفت حكومة بغداد عن صرف الرواتب كما أوقفت الموازنة الخاصة بالإقليم والمقدرة بـ17%.  

 ويستند من يعتقدون بصعوبة الاستقلال إلى أن الأوضاع السياسية المحلية داخل الإقليم ليست على أفضل حال، وكذلك الوضع الاقتصادي، مع وجود فساد مُتفشٍ، وإدارة ضعيفة وغير ديمقراطية، مما يعني صعوبة الاستقلال ماليًا وسياسيًا عن بغداد. 

وطيلة العقد الماضي ظل الإقليم على خلاف مُستمر مع بغداد بخصوص تقاسم الإيرادات النفطية، ومع سيطرة حكومة الإقليم على منطقة كركوك النفطية في يونيو 2014، تفاقمت الأزمة مع حكومة بغداد، التي قلَّصت المدفوعات لإربيل منذ نهاية 2013.

ونظرًا لكون الإقليم منطقة غير ساحلية، تصبح بالتالي فكرة نجاح الإقليم تعتمد بالأساس على جيرانه الرافضين لقيام دولة كردية، وربما يتسبب انفصال كردستان في مزيد من الاضطرابات بسبب وجود أكراد داخل حدود تلك الدول، لذلك سيكون الشعب الكردي الأكثر تضررًا من الانفصال.

وبينما يرى البعض أنه ما كان يجب على حكومة الإقليم إعلان موعد الاستقلال قبل حل المشاكل الاقتصادية، يرى البعض الآخر أن الاستقلال الطريق الأوحد لحل المشاكل المستعصية مع بغداد، وهو الرأي الذي يدعمه بارزاني بشكل صريح.

المخاوف تكمن فيما إذا نفذت بعض المليشيات تهديدها بطرد الأكراد بالقوة من كركوك ومناطق أخرى وبالتالي فتح باب مواجهة واسعة، وكانت فصائل شيعية قد هددت بطرد الأكراد بالقوة من المنطقة ومن مناطق أخرى متنازع عليها في حالة عدم انسحابهم

وتبقى المناطق المتنازع عليها وخصوصًا كركوك محل صراع دائم، لكن إربيل ترى في الاستفتاء مقدمة لضمها إلى الإقليم لاحقًا، فالأكراد يقولون علانية إن لهم حقوقًا تاريخية هناك.

لكن المخاوف هنا تكمن فيما إذا نفذت بعض المليشيات تهديدها بطرد الأكراد بالقوة من كركوك ومناطق أخرى وبالتالي فتح باب مواجهة واسعة، وكانت فصائل شيعية قد هددت بطرد الأكراد بالقوة من المنطقة ومن مناطق أخرى متنازع عليها في حالة عدم انسحابهم.

ويرى مراقبون أن هذا القرار سيتسبب على الأرجح في تغيير خرائط البلدان المجاورة لناحية نشوء كيانات كردية أو مطالبة الأكراد علنًا على الأقل بإنشاء دول في البلدان التي يوجدون فيها.

لكن العودة بالزمن الآن أصبحت مستحيلة بعد ما حدث من تغيُّرات في العراق وكردستان، وحتى لو جاء جواب الاستفتاء بعد أشهر بالقبول، فإن الاعتراف الدولي يبقى عاملاً مهمًا قبل أي إعلان لاستقلال كردستان العراق.  

وما قد ينتج عن الاستفتاء ربما يشكل منعطفًا حاسمًا بين أربيل من ناحية وطهران وأنقرة وبغداد من ناحية أخرى، وحتى تاريخ الاستفتاء حتمًا ستجرى مياه كثيرة في نهر السياسة في منطقة مضطربة لا يمكن التنبؤ بيومها بل بساعاتها المقبلة.