بعيداً عن الحراك السياسي والتجاذبات التي تشهدها الساحة اليمنية، تشهد البلاد حراكاً من نوع آخر، حراك تقوده المرأة اليمنية وتلعب فيه الدور الرئيسي.
فإلى جانب مشاركتها مع الرجل خلال الثورة الشعبية، قادت المرأة اليمنية خلال العامين الماضيين حراكاً ثقافياً مازال مستمراً برغم العوائق الكثيرة التي تواجهها في المجتمع اليمني المحافظ.
وبرز خلال الفترة الاخيرة جيل جديد من الكاتبات اليمنيات، عرفهن الجمهور من خلال كتاباتهن المميزة، سواء في الصحف والمواقع الاخبارية او على شبكات التواصل الاجتماعي.
كما شهدت الساحة اليمنية خلال العامين الأخيرين اصدار عدد من الروايات الأدبية والدواوين الشعرية لكاتبات يمنيات من الجيل الجديد، كان من أبرزها “ومرآة عمياء” للكاتبة أحلام المقالح و”امرأة ظل الياسمينة” لسمية طه ياسين و”تراتيل عذراء” للكاتبة سبأ حمزة وغيرها.
وتعاني الكاتبة اليمنية من الصعوبات التي تواجهها، والتي قد توصلها لدرجة الاحباط والتوقف عن الكتابة، أو التفكير مراراً قبل الخوض في تجربة اصدار كتاب جديد.
وتعاني الكاتبة من كثير من المشاكل في البحث عن دعم وتمويل من اجل طباعة ديوان او رواية، وتقول سمية طه ياسين صاحبة كتاب “امرأة ظل الياسمين”، أن “الصعوبات التي نواجهها عدم وجود دعم، وأيضاً كوننا نخضع للرقابة أكثر من الكتاب الرجال” مضيفةً أن “المرور بتجربة طباعة وتوزيع كتاب كانت صعبة للغاية للحد الذي يجعلني أفكر مراراً قبل أي خطوة جديدة”.
وتشتكي أحلام المقالح من نظرة المجتمع للمرأة الكاتبة والشاعرة، وتقول أنه “كثيرا ما يقابلها بالعيب والحرام، ويصفها بالمراهقة أو الجريئة، وينسى دائما أنها تتحدث بلغة القلب عن حياته وحياتها لا اكثر”.
وتضيف المقالح حول غياب وزارة الثقافة عن دعم الكاتبة وتقول أن ” الوزارة كثيرا ما تهمل الموهوبين وتهمّش تحسس معاناتهم وأوجاعهم، وحتى رموز الأدب والنضال لا تتذكر تكريمهم إلا وهم تحت التراب، هذا إن تذكرتهم فعلا”.
وتشاركها ذات الشعور الكاتبة صفاء الهبل التي تنتظر صدور روايتها الجديدة “قدري فراشة” حيث تقول “عند زيارتي للوزارة صدمني حجم الكارثة فلا الوزارة تشبه الوزارة ولا شيء يشبه الثقافة”، وتضيف الهبل بخصوص دعم وزارة الثقافة “بالنسبة للدعم لا أدري إن كانت تدعم كُتاب آخرين أما أنا و بعض الزميلات لم نجد اي تعاون او مبادرة تسعى لتطوير الجيل الجديد من الكتاب ودعمهم”
ولدى “نور نوري” وهي كاتبة من حضرموت عرفت من خلال كتاباتها المميزة حول الثورة اليمنية رأي أكثر تفصيلاً حول نظرة المجتمع، حيث تقول أن “المجتمع ينظر للمرأة عندما تكتب حسب طبيعة ما حولها، ففي المجتمعات التي تشيع فيها الثقافة الذكورية ترى أنها كلام تافه لا ينبغي للمرأة أن تكتبه، أما إذا كانت مثقفة فترى أنها من حقها أن تكتب ما ترى، وتظهر وجهة نظرها ورؤاها لمن حولها بأي وسيلة”، وتضيف نوري أن ” معظم من يكتبن لا يجدن الوسيلة ليظهرن كتاباتهن إلا عبر وسائل شخصية، كمحافل مدرسية أو جامعية أو عبر صفحات التواصل الاجتماعي، والقلة منهن من ينشرن في الصحف عبر ما يرسلنه لصفحات بأقلام القراء”.
الأستاذ عبدالباري طاهر، رئيس الهيئة العامة للكتاب هو الآخر لم ينف التهمة الموجهة لوزارة الثقافة، وقال “طاهر” أنه “لا يجب على المسؤول الشعور بالحرج ليدافع عن أي مؤسسة لكونه يعمل فيها، خصوصاً اذا كانت هذه المؤسسة قد الحقت اذىً بالمرأة أو الطفل او غيره”، مؤكداً أن المرأة غائبة في المؤسسات الحكومية ومشاركاتها “مًغيبة”، وعزا طاهر في حديثه ” هذا الاهمال والتغييب الذي تتعرض المرأة إلى نسبة الأمية التي تعاني منها البلاد، حيث تصل الأمية الأبجدية في صفوف النساء الى 70% ، بحسب طاهر، وهذه الامية تقف عائقاُ أمام المعرفة والثقافة والمشاركة.
وأضاف “طاهر” أنه “على الجميع تشجيع أي حراك ثقافي في هذه البلاد، وخاصةً اذا كان هذا الحراك من المرأة”، مؤكداً “أن هناك إهمالاً كبيراً للمرأة في شتى مناحي الحياة، سياسياً وثقافياً واقتصادياً، ووزارة الثقافة احدى جوانب هذا الاهمال”، مختتماً حديثه بالقول: ان المرأة غائبة ومغيبة سواءً في الهيئة العامة للكتاب أو اتحاد الأدباء او الصحفيين” مشدداً على ان “تشجيع هذا الحراك الثقافي هو مسؤولية الجميع بمافي ذلك وزارة الثقافة والهيئة العامة للكتاب”.