ترجمة وتحرير نون بوست
تُنظم بلدية بيه أوغلو في مدينة إسطنبول اجتماعًا دوريًا يضم عددًا من المسؤولين السياسيين وبعض الصحفيين، حيث يُناقشون المواضيع الساخنة التي طفت على الساحة التركية، خلال الاجتماع الأخير الذي أجرته البلدية قبل نحو خمسة أشهر، انضم وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى الاجتماع وتحدث في كلمته عن “دولة مسلمة دعمت محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا ماليًا”.
وفي هذا السياق، قال جاويش أوغلو: “نحن على يقين بتقديم دولة مسلمة نحو ثلاثة مليارات دولار لدعم جهود الإطاحة بالحكومة الشرعية التركية بطرق غير مشروعة على غرار الانقلاب العسكري”، وعند سؤالة عن الطرف المسؤول عن ذلك، أجاب جاويش أوغلو قائلًا: “الإمارات العربية المتحدة”.
وخلال كلمته التي ألقاها في الإفطار الرمضاني الذي نظمه لأعضاء حزب العدالة والتنمية يوم الجمعة الماضي، والتي أعرب فيها عن موقف الإدارة التركية الصريح من الأزمة الخليجية، أشار الرئيس أردوغان إلى وجود جهات خليجية “قابلت أنباء الانقلاب في تركيا بسعادة بالغة”، وفي هذا الصدد، علّق أردوغان قائلاً: “نحن نعلم جيدًا الجهات التي سُرّت بأنباء محاولة الانقلاب التي جدّت في تركيا في تموز/يوليو الماضي”.
وأضاف أردوغان: “في حال كان لدى بعض الجهات أجهزة استخباراتية، فنحن لدينا مثلها، نحن نعلم كيف أمضى البعض ليلتهم يتابعون أدق تفاصيل المحاولة التي جدّت خلال تموز/يوليو الماضي، وفي الحقيقة، نحن نعلم كذلك الأسئلة التي جالت في أذهان هؤلاء الأطراف على غرار كيف تجري محاولة الانقلاب؟ وهل حققت أهدافها؟ بالإضافة إلى ذلك، نحن متيقّنون من وجود أموال طائلة خُصصت لدعم ذلك الانقلاب”.
وتجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية التركي تحدّث بشكل صريح موضحًا الجهة التي قدمت تلك الأموال خلال كلمته التي ألقاها في أثناء اجتماع بلدية بيه أوغلو في مدينة إسطنبول قبل خمسة أشهر.
في الواقع، تُعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة أحد اللاعبين الرئيسيين في الأزمة الخليجية الحالية، كما أن اسمها لم يُذكر فقط عند وقوع محاولة الانقلاب في تموز/يوليو الماضي، بل ذُكرت أيضًا خلال أحداث جيزي بارك التي هزت مدينة إسطنبول.
عمومًا، في حال قدّمت أجهزة الاستخبارات التركية معلومات للرئيس أردوغان بخصوص الجهة التي قدمت ثلاثة مليارات دولار لدعم محاولة الانقلاب في تركيا، فمن المرجح أنها قدمت له أيضًا معلومات عن كيفية صرفها، فضلاً عن الجهات التي تلقتها، وعلى ضوء هذه المعطيات، قد تخرج تلك المعلومات للعلن خلال الأيام القادمة.
في المقابل، ساهمت هذه الأزمة الخليجية الأخيرة في جعلنا نفهم بعض المعلومات عن الجهات التي تتلقى تلك الأموال، وفي هذا الصدد، جاء في مقال نشره ديفيد هيرتس رئيس تحرير موقع “ميدل إيست آي” البريطاني عن الأزمة الخليجية أنه “قبل إعلان الحصار على قطر بأيام، نُشر في الإعلام الأمريكي نحو 14 مقالاً وخبرًا سياسيًا تحدثوا عن دعم دولة قطر للإرهاب والمنظمات الإرهابية، وفي الحقيقة، لم يهتمّ الإعلام الأمريكي من قبل بدولة قطر، وبالتالي، من الواضح أن هذه الأخبار والمقالات مدعومة ماليًا من بعض الجهات”.
لذلك، نستطيع من خلال ما ورد سابقًا أن ندرك أن تلك الأموال تُصرف على الإعلام من أجل الوصول إلى الأهداف المنشودة، فأي خبر يُنشر على الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية يُترجم إلى عدة لُغات ويكون له صدى في مختلف الصحف الأجنبية.
لكن في حال كان الإعلام الأمريكي قد نشر 14 مقالاً وخبرًا سياسيًا عن دعم دولة قطر للإرهاب قبل الأزمة الخليجية مقابل المال، وبعد توفر معلومات تفيد بصرف إحدى الدول الخليجية ما يقارب ثلاثة مليارات دولار من أجل الإطاحة بالحكومة التركية الشرعية، هل تكون الحملة الإعلامية التي قادتها كبرى الصحف ووسائل الإعلام الأمريكية ضد تركيا على مدى السنوات الماضية، مجانية؟
نظرًا لعدم توفر معلومات تفصيلية عن هذا الموضوع، سنكتفي بطرح الأسئلة التالية: هل تقف دولة الإمارات خلف الحملة الإعلامية السوداء التي قادتها الصحف الأمريكية ضد القادة الأتراك في خريف سنة 2013؟ وهل موّلت جهة ما الأخبار التي نُشرت في الصحف الأمريكية والتي تفيد بإمكانية القيام بانقلاب عسكري في تركيا، قبل محاولة الانقلاب الفاشلة التي جدّت في تموز/يوليو الماضي؟
المصدر: يني شفق