هل سينجح العدوان الثلاثي على غزة بإسقاط حماس؟

a1494084701

يبدو أن تعرض قطاع غزة لحصار “إسرائيلي” مشدد بري وبحري وجوي للعام الحادي عشر على التوالي، وما تسبب بقتل كل أشكال الحياة الكريمة لأكثر من مليوني فلسطيني، لم يشف غليل الكثير من الأطراف، فبدأوا بالبحث عن خطوات أخرى أكثر تأثيرًا ومسًا بسكان غزة المحاصرين. 

11 عامًا ورغم الألم والحصار والأزمات فإن قطاع غزة لا يزال صامدًا في وجه المشاركين بهذا الحصار، لكن، خيوط المؤامرة بدأت تتضح حين تحالفت ثلاث قوى كبيرة 

وذات وزن في المنطقة ضد غزة، وبدأوا فعليًا بتنفيذ خطواتهم “الصارمة” ضد سكانها، والسؤال المطروح هنا وبكل قوة هل ستصمد حركة حماس، وإلى متى؟! 

مجلة أمنية “إسرائيلية” مرموقة كشفت النقاب عن أن أطرافًا ثلاث نفذوا مناورة هدفت إلى إجبار حركة حماس على عدم التوجه لإشعال مواجهة جديدة إزاء “إسرائيل”. 

مناورة القبعة الحمراء الثلاثية 

وأشارت مجلة “الدفاع الإسرائيلي” إلى أن الأطراف الثلاث هم “إسرائيل” ونظام السيسي والسلطة الفلسطينية، وأن الخطة قامت على توظيف الجماهير الفلسطينية في غزة والتلويح لقيادة حماس بإمكانية توجه هذه الجماهير لـ”التمرد” على حكمها، من خلال دفع الأوضاع الاقتصادية إلى مزيد من التدهور. 

مجلة “الدفاع الإسرائيلي”  أوضحت أن الوسيلة التي استخدمت لتخويف حماس من إمكانية دفع الجماهير للثورة عليها

وفي تقرير نشره موقعها، نوهت المجلة إلى أن المنطق الذي استندت إليه هذه الاستراتيجية، يقوم على الافتراض بأن زعيم حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار سيكون مطالبًا بمراعاة مصالح الجماهير الغزية، بحيث سيقوم بإخضاع خيارات حماس العسكرية تجاه “إسرائيل” لهذا الاعتبار. 

المجلة أوضحت أن الوسيلة التي استخدمت لتخويف حماس من إمكانية دفع الجماهير للثورة عليها، تمثلت بتوظيف إمدادات من خلال خفض كمية الكهرباء التي توردها “إسرائيل” وإعلان نظام السيسي نيته تقليص كمية الكهرباء التي يتم تزويد منطقة جنوب القطاع بها، ومطالبة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تل أبيب بالتوقف تمامًا عن إمداد غزة بالكهرباء. 

ونوهت المجلة إلى أن المناورة الثلاثية التي تطلق عليها تل أبيب “القبعة الحمراء” نجحت بشكل كبير، حيث إنها أقنعت السنوار بالتوجه لمصر والتوافق مع السيسي، مشيرة إلى أن الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد من الحركة للقاهرة تدلل على نجاح المخطط. 

وأوضحت المجلة أن السنوار حاول الرد على الإجراءات “الإسرائيلية” بإصدار تهديدات عسكرية والإيحاء بنيته فتح مواجهة، فردت “إسرائيل” بالقيام بخطوات تدلل على جهوزيتها للمواجهة الجديدة. 

 

وأوضحت المجلة أن “إسرائيل” ضللت حماس من خلال إعلان تجنيد قوات احتياط بحجة مواجهة تحديات على الجبهة الشمالية أمام حزب الله، في حين أن الهدف الحقيقي تمثل في استخدام هذه القوات ضد حماس في غزة في حال قرر السنوار فتح مواجهة ضد “إسرائيل”. 

وأشارت إلى أنه بعد أن تبين أن السنوار قد توصل لتوافقات مع مصر بشأن تأمين الحدود بين مصر وقطاع غزة، فإن هذا دلل لتل أبيب على أن زعيم حركة حماس غير معني بمواجهة مع إسرائيل، وهو ما دفعها لتغيير لهجتها وإبدائها موافقة على تحركات لحل مشكلة الكهرباء في قطاع غزة. 

واستدركت المجلة أن النجاح الذي حققته “إسرائيل” في مناورتها بالتعاون مع السيسي وعباس مؤقت، على اعتبار أنه في حال تمكن السنوار من ضمان استغناء قطاع غزة عن الكهرباء الواردة من “إسرائيل”، فإن هذا سيمنح حركة حماس هامش مناورة واسعًا في التعاطي مع تل أبيب، ويقلص من قدرتها على ابتزاز الفلسطينيين في القطاع. 

وأشارت المجلة إلى أن أوضاع السلطة الفلسطينية وعدم استقرارها يمثل ورقة يمكن أن تستفيد منها حماس، لدرجة أنه قد يكون باستطاعتها الهيمنة على الضفة الغربية. 

ما دور الرئيس عباس و”إسرائيل”؟ 

الرئيس الفلسطيني محمود عباس والاحتلال الإسرائيلي نفذوا سلسلة من الإجراءات لتشديد الخناق على غزة، وذلك في سباق محموم لتأزيم الوضع الإنساني في القطاع سواء بقطع مخصصات الأسرى وذوي الشهداء أو تقليص الكهرباء التي بات يراها المواطن أربع ساعات كأقصى حد يوميًا. 

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية مؤخرًا، عن جملة من المطالب الإسرائيلية والأمريكية للسلطة الفلسطينية بهدف العودة إلى مفاوضات التسوية بينها قطع رواتب الأسرى، فاستجابت السلطة لهم. 

وفي المقابل، استجابت “إسرائيل” لمطلب السلطة بخفض إمدادات الكهرباء لقطاع غزة وتقليص عدد ساعات وصل الكهرباء في بعض المناطق إلى ثلاث ساعات يوميًا، وفق ما أوردته صحيفة هارتس العبرية. 

والجدير ذكره، أن حكومة رامي الحمدالله، أعلنت أنها لن تدفع ثمن فاتورة الكهرباء التي توفرها “إسرائيل” إلى قطاع غزة، وكما يبدو، فإن التنسيق في إدارة الأزمة وتشديد الخناق على قطاع غزة من شأنه أن يفتح الباب واسعًا أمام التصعيد العسكري. 

وبدا واضحًا حرص السلطة على مفاقمة الأزمات في قطاع غزة مؤخرًا، لا سيما بعد زيارة وفد من حركة حماس إلى مصر ومناقشة أبرز الملفات العالقة، الأمر الذي جعل السلطة تتخبط كونها تسعى إلى عزل حماس عن الساحة السياسية. 

ويقول المختص في الشأن السياسي حسام الدجني: “السلطة الفلسطينية قائمة على التنسيق الأمني وتنفيذ الاتفاقيات التي وقعتها مع “إسرائيل” والمجتمع الدولي، حتى وصلت لدرجة التباهي والطلب من الاحتلال تقليص الكهرباء عن غزة”. 

وبحسب الدجني، فإن الأزمة الخانقة التي يعيشها قطاع غزة لها انعكاسات اجتماعية واقتصادية وسياسية أيضًا، الأمر الذي ينذر بانفجار عسكري. 

نقلت صحيفة هارتس العبرية، عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن الوزراء تبنوا توصية الجيش عدم تخفيف الحصار المفروض على حركة حماس والعمل بناءً على قرار رئيس السلطة محمود عباس بتقليص الأموال التي تدفعها السلطة لقاء كهرباء القطاع

وعن بلوغ الأزمة ذروتها على ضوء زيارة الوفد الحمساوي لمصر، يرى المحلل السياسي الدجني، أن هناك حالة استفزاز ورفض للحراك الذي حدث في القاهرة من قبل السلطة دفعها إلى الضغط على “إسرائيل” بخنق قطاع غزة حتى يكون ذلك ضغطًا على مصر كي لا تتحمل مسؤولية القطاع كونها ترفض أن يكون لها وصاية عليه. 

وفسر قوله السابق، أن مصر والفلسطينيين في قطاع غزة على حد سواء يرفضون الوصاية المصرية على القطاع، لافتًا في ذات الوقت إلى أنه يخالف القانون الدولي الذي يحمل “إسرائيل” مسؤوليتها تجاه غزة في حال وقع الانفجار. 

وفي ذات السياق، نقلت صحيفة هارتس العبرية، عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن الوزراء تبنوا توصية الجيش عدم تخفيف الحصار المفروض على حركة حماس والعمل بناءً على قرار رئيس السلطة محمود عباس بتقليص الأموال التي تدفعها السلطة لقاء كهرباء القطاع. 

وأضاف المسؤول أن قائد الأركان غادي آيزنكوت ورئيس شعبة الاستخبارات هرتس هليفي، بالإضافة لمنسق المناطق بولي مردخاي، وصفوا الوضع بقطاع غزة على أنه متدهور طول الوقت، وبينوا أن مسًا إضافيًا بتوريد الكهرباء من شأنه التعجيل بالتصعيد على جبهة القطاع. 

ويؤكد الكاتب السياسي إبراهيم المدهون على زيادة التنسيق ما بين الاحتلال والسلطة، لا سيما في ظل التفاهمات التي بدأت تترجم على الأرض ومنها فصل قطاع غزة عن الضفة المحتلة، بالإضافة إلى تراجع الاهتمام بالقضايا الجوهرية كالقدس والأسرى الذين تخلت عن احتضانهم وإعطائهم مستحقاتهم. 

وأوضح أن ما تقوم به السلطة تجاه قطاع غزة والضفة يتطابق تمامًا مع السياسات “الإسرائيلية”، عدا عن الحال الذي وصلت إليه وهو عدم التطلع للانتقال إلى أي مرحلة سياسية جديدة. 

 

ولا يتوقع الكاتب السياسي، وقوع أي انفجار عسكري في قطاع غزة، مضيفًا “سيكون هناك فصلاً حقيقيًا لغزة والضفة المحتلة، حيث سيتم إدارة الأخيرة من قبل رؤساء البلديات بالتنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي”، وفق قوله. 

ووفق رؤيته، فإن ما ينفذه رئيس السلطة عباس يأتي في سياق إرضاء البيت الأبيض وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يتبنى السياسة “الإسرائيلية” ويعمل على تفتيت القضايا الفلسطينية، مشيرًا إلى أن الرئيس ينتهك قضايا كان يعتبرها سابقًا خطوطًا حمراء كالأسرى والقدس الذي يتنصل من مهامه تجاهها.        

خيارات حماس للخروج من الأزمة 

الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف يؤكد أن الوضع في القطاع ازداد سوءًا والخيارات قليلة، ولكنها يجب أن تكون موجودة، وتابع “لن يطرأ جديد في الفترة الحالية عما كان عليه سابقًا، وحماس تحاول أن تطرح الموضوع الفلسطيني بما يحقق انفراجه بسيطة مع الجانب العربي أو البلدان التي تساند الشعب الفلسطيني بأوراق قليلة، ولكن بما يحقق المصلحة العليا للشعب الفلسطيني، وأرى أن من يريد أن يستمر بالعمل يجب أن يصنع فرصًا جديدة للحلول وأعتقد أن حماس نجحت في ذلك في السنوات السابقة”. 

يحث الصواف حركة حماس التي تتحمل مسؤوليات كبيرة على خلق بدائل وحلول، وقال: “يجب أن تكون الوحدة الوطنية أول هذه الحلول، فمن دون الوحدة لن يتحقق شيء”

ويضيف الصواف: “الإدارة الأمريكية تضع حماس منذ سنوات على قائمة الإرهاب، وليس ذلك غريبًا، ولكن الغريب أن يكون في البيت العربي ويصمت الجميع إزاء ذلك، ومضى يقول: “الأنظمة العربية تعمل الآن على بيع أكثر ما يمكن من إمكانياتها لصالح الاحتلال والإدارة الأمريكية”. 

ويحث الصواف حركة حماس التي تتحمل مسؤوليات كبيرة على خلق بدائل وحلول، وقال: “يجب أن تكون الوحدة الوطنية أول هذه الحلول، فمن دون الوحدة لن يتحقق شيء”. 

وعلى عكس الصواف، يرى الكاتب فايز أبو شمالة أن هناك الكثير من الحلول بيد حماس، مبينًا أن من يمتلك القوة والإرادة يجب أن يمتلك الخيارات للخروج من عنق الزجاجة، وتابع “حماس قادرة على الحشد الشعبي الحدودي، وهناك تصريح لوزير الحرب الصهيوني ليبرمان يتفاخر به أنه يعيش حالة أمنية لم يسبق لها مثيل منذ عشرات السنين، وهذا الحديث الأمني الإسرائيلي المطمئن لـ”إسرائيل” بإمكان حماس أن تغيره، فهي ورقة قوية بيدها”. 

 

كما أن العمليات المسلحة في الضفة الغربية أيضًا وفق أبو شمالة من ضمن الخيارات المتاحة لحركة حماس، وفي النهاية توطيد العلاقة مع كثير من دول المنطقة لإيجاد مخرج، فهي بعد لم تصل لحالة العجز المطلق، بالإضافة إلى أن حماس يجب أن تخرج إعلاميًا وبقوة للشعب لإقناعه أنها ليست سببًا لهذا الحصار وتواجه الحملة الإعلامية المبرمجة ضدها. 

إضافة إلى ذلك، يتساءل أبو شمالة: “لماذا لا تفتح حماس علاقة مع دحلان، وهو ند لعباس، لماذا ما زالت تعطي عباس فرصة أخرى، فمحمد دحلان استعد لعلاج مشكلة معبر رفح مع مصر، وتعزيز تواصل الحركة مع مصر، وهو ند مناكف لمحمود عباس، وإذا كان بيده أن يفتح نافذة أمل لماذا لا تستغلها حماس وتلتقي به، لترى ما لديه، لأنها الآن مجبرة أن تجيب على أسئلة المواطن المتكررة”.