هناك مهمة من بين ثلاث مهام يقوم كل جيش إلكتروني بالعمل من أجل تحقيقها، إما أن تكون تلك المهمة هي التجسس، مثل اتهام الولايات المتحدة الجيش السيبراني أو الإلكتروني الروسي بسبب قرصنته لقاعدة بيانات الحزب الديموقراطي وبريده الإلكتروني وتسريب معلومات شديدة الحساسية، وذلك بتهمة مساعدة المرشح الجمهوري آن ذاك، ورئيس الولايات المتحدة الحالي دونالد ترامب، أما المهمة الثانية فتتمثل في الهجمات الإلكترونية، والتي قد تستهدف البنية التحتية لبعض الدول، أما المهمة الأخيرة، فتتمثل في الحرب المعلوماتية على مواقع التواصل الاجتماعي
لا تعد الجيوش الإلكترونية بالعدو التكنولوجي الحديث، فلقد بدأ الأمر حينما تمثل عدو الأمريكان السيبراني الأول في الجيوش الإلكترونية الصينية أو كما تُسمى في الصين بـ “ميليشيات الإنترنت”، حيث كانت الأخيرة تقوم بعمليات قرصنة إلكترونية هدفها الأساسي البحث والكشف عن الأسرار التجارية، إلا أن سرعان ما تطور الأمر إلى هجمات احترافية من جيش منظم بزي عسكري، وهو الجيش السيبراني الروسي.
أصبحت الجيوش الإلكترونية الروسية العدو الأكثر خطرًا على الولايات المتحدة الأمريكية، والتي بدورها لديها جهاز كامل ينقسم إلى جيوش دفاع إلكتروني وجيوش هجوم إلكتروني طبقًا للمؤسسة العسكرية الأمريكية، والتي كعادة الجيوش الإلكترونية تعمل على التعرّف على أي أنشطة إلكترونية عدوانية، وكشف هوية القائمين عليها، واعتراضها بنجاح، وتدميرها أو على الأقل وقف آثارها التخريبية.
كما تعمل أيضًا من جهة المهمة الدفاعية على تدمير، أو تعطيل، أو تحييد، الإمكانيات الإلكترونية الخاصة لأي بلد قبل أو بعد استخدامه ضد الولايات المتحدة أو أي من حلفائها، بالإضافة إلى جمع المعلومات من أي أجهزة حاسوب وأنظمة وشبكات معلوماتية، وتعديلها أو تعطيلها أو تدميرها.
قامت العديد من أجهزة الاستخبارات بزيادة الميزانية الخاصة بتمويل الجيوش الإلكترونية أو جيوش القرصنة، وخصوصًا بعدما ظهر نجم مواقع التواصل الاجتماعي التي صارت جزءًا من الحرب المعلوماتية الإلكترونية أيضًا، والتي نشأ منها ما عُرف بثورات فيسبوك وتويتر، لتكون إحدى مهمات تلك الجيوش وقف وردع تلك الثورات السابقة.
ماذا عن المستوى المدني؟
كان الأمر معكوسًا بالنسبة للجيوش الصهيونية، فتشابهت في التشكيل مع ميليشيات الإنترنت الأخرى من المدنيين، إلا أنه لم يكن هدفها الإساءة أو السب والإهانة، ولا تشويه رموز وطنية أو محتويات بعينها، بل كان هدفها الأساسي هو تمجيد “إسرائيل”
كان هذا على المستوى العسكري، ولكن ماذا عن المستوى المدني؟ كما أسمتهم الصين بميليشيات الإنترنت، هناك كتائب مدنية ممولة على شبكات الإنترنت المختلفة، وأهمها مواقع التواصل الاجتماعي، يكون أدائها متشابهًا إلى حد ما، ولهم هوية أو بصمة معينة يستطيع البعض ببحث قليل تحديد كونهم ضمن جيوش إلكترونية، حيث تميل ردود أفعالهم دومًا إلى الاستهزاء والسب والإهانة، وتشويه بعض الشخصيات الوطنية، وأحيانًا يمتد الأمر إلى شتائم عنصرية ومذهبية.
أطلقت “إسرائيل” بدعم من وزارة الشئون الاستراتيجية “الإسرائيلية” موقعًا إلكترونيًا جديدًا مصاحبًا للتطبيق الخاص به هو 4IL، من أجل توحيد كل المدافعين عن “إسرائيل” كحق لليهود في بناء وطن قومي لهم
هذا أمر معتاد عليه في العالم العربي، إذ تستهدف مجموعة من التعليقات محتوى بعينه من أجل أن تدفع لهيمنة الرأي الآخر لإضعاف حجته وثنيه عن كتابة محتويات مشابهة خوفًا من الإساءة الإلكترونية المكثفة، ومنه تفرض السيطرة في فرض الرأي المعارض للمحتويات المعروضة المختلفة من تقارير ومقالات ومنشورات، لتنجح في صرف النظر عن الأفكار الرئيسية الموجودة في تلك المحتويات.
جيوش إلكترونية للدفاع عن الكيان الصهيوني
كان الأمر معكوسًا بالنسبة للجيوش الصهيونية، فتشابهت في التشكيل مع ميليشيات الإنترنت الأخرى من المدنيين، إلا أنه لم يكن هدفها الإساءة أو السب والإهانة، ولا تشويه رموز وطنية أو محتويات بعينها، بل كان هدفها الأساسي هو تمجيد “إسرائيل”، وتعزيز شرعية الوطن القومي لليهود على أرض فلسطين المحتلة.
أطلقت “إسرائيل” بدعم من وزارة الشئون الاستراتيجية “الإسرائيلية” موقعًا إلكترونيًا جديدًا مصاحبًا للتطبيق الخاص به هو 4IL، من أجل توحيد كل المدافعين عن “إسرائيل” كحق لليهود في بناء وطن قومي لهم، بالإضافة إلى خلق شبكة تجمع كل النشطاء الحقوقيين وكذلك المناهضين لكل الحركات المدافعة عن المقاومة الفلسطينية.
“هل تود الدفاع عن “إسرائيل”؟ قم بتحميل التطبيق، وقم بنشر ومشاركة الحقيقة مع الجميع”، ستكون تلك الرسالة هي أول ما تظهر إليك في حالة زيارتك للموقع أو للتطبيق 4IL
يهدف كل من الموقع والتطبيق إلى “تحسين” صورة “إسرائيل” عالميًا، عن طريق عرض “الحقائق” التي يراها المجتمع “الإسرائيلي” غير معلن عنها في مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك في صورة صور من الداخل “الإسرائيلي” بهدف ترويج السياحة إلى الكيان الصهيوني، وفرض صورة عامة على الإنترنت تشير إلى أنه مجتمع وبلد آمن!، بالإضافة إلى عرض تقارير مختلفة و انفرجرافيك عن المجتمع “الإسرائيلي” مكتوبة و مُصممة من قِبل مدنيين “إسرائيليين”.
لكل مستخدم لهذا التطبيق والموقع مهمة يومية، قد لا تستغرق منه أكثر من خمس دقائق يوميًا لإتمامها، إلا أنها بدون شك ذات أهمية وتأثير كبير على الرأي العام على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصًا الغربية منها، والتي ما تسارعت في إنشاء تطبيقات تعمل على التعاون مع التطبيق “الإسرائيلي” في توحيد صفوف كل من يريد الدفاع إلكترونيًا عن شرعية الكيان الصهيوني.
مجموعة من المغردين المنضمين لتلك الجيوش الإلكترونية على تويتر
يقوم العالم بمشاركة 6 مليون أكذوبة خلال كل دقيقتين عن “إسرائيل”، “الإسرائيليون” لا يذبحون الفلسطينين، قوموا بمشاركة الحقيقة، أوقفوا الكره ودافعوا عن “إسرائيل”!
#4il pic.twitter.com/IE8SAcRejw
— Helena Bauernfeind (@hmosche) June 2, 2017
مغردة أخرى تنشر صورة من داخل الأراضي المحتلة مصاحبة لهاشتاغ يحمل اسم التطبيق
Check out #4IL – a new platform with easy steps to learn about and defend #Israel! Fun video: https://t.co/w5RzXHAAob
— William Daroff (@Daroff) June 5, 2017
قوموا بتصفح التطبيق الجديد 4IL ليساعدك من خلال خطوات سهلة وسريعة في الدفاع عن “إسرائيل”
لم تستهين دولة الاحتلال بقيمة ثورات فيسبوك وتويتر وقدرتهما في تغيير الرأي العام بين ليلة وضحاها، بل ولم تُقلل من قيمة اعتبار الشباب لتلك المنصات مساحة ذات تأثير وسيطرة بالنسبة للشباب “الإسرائيلي”، الذي قرر الالتحاق بتلك الكتائب الممولة لتأدية مهامه الإلكترونية اليومية بشكل واع منه زاعمًا أنها تجعل لبلده سياسة وحوكمة قوية ومشروعة على المستوى العالمي.
هل تود الدفاع عن “إسرائيل”؟
اللافتة من وزارة الشئون الاستراتيجية “الإسرائيلية” تقول؛ متحدون معًا للدفاع عن إسرائيل على تطبيق 4il
“من أجل محاربة الكره والعنصرية، دعونا نظهر لهم الحقيقة”، كانت تلك تصريحات وزير الشئون الاستراتيجية “الإسرائيلي” جلعاد إيردن الإعلامية بخصوص التطبيق الذي تدعمه الوزارة نفسها، إذ يرى الوزير “الإسرائيلي” التطبيق بالفكرة الرائعة من أجل استعادة شرعية المجتمع “الإسرائيلي” عالميًا، وتبديل صورته الدموية المتوحشة بصورته التي يزعمون بانها الحقيقة.
“هل تود الدفاع عن “إسرائيل”؟ قم بتحميل التطبيق، وقم بنشر ومشاركة الحقيقة مع الجميع”، ستكون تلك الرسالة هي أول ما تظهر إليك في حالة زيارتك للموقع أو للتطبيق 4IL، والتي تكفي في عدد كلماتها البسيطة لمعرفة ما الذي يريده التطبيق من المستخدم بالتحديد، فهي رسالة صريحة الدعوة للانضمام إلى كتيبة إلكترونية أو جيش إلكتروني مدني أو غير مدني ممول.
حينما تفاقمت أزمة الاعتداءات الإلكترونية بين الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا، تم تحقيق أكبر قدر من التقدم في مسألة اعتماد الدول لاتفاق حول المجال الإلكتروني في صيف عام 2015، عندما وضعت مجموعة من خبراء أمن المعلومات الدولي في الأمم المتحدة (تضم ممثلين من 20 دولة، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة والصين) أساسًا لاتفاق عالمي على عدم الاعتداء الإلكتروني.
وفقا لذلك الاتفاق تتعهد الدولة باستخدام التقنيات السيبرانية “حصرًا لأغراض سلمية” و يفترض أنهم لن يقوموا بمهاجمة البنية التحتية الحساسة (محطات الطاقة النووية، والبنوك، ونظم إدارة النقل، وما إلى ذلك)، والتوقف عن إدراج البرمجيات الخبيثة في المنتجات التي تنتجها تكنولوجيا المعلومات الخاصة بهم، إلا أن الاتفاقية لم تذكر شيئًا عن الجيوش المدنية، وبالأخص الشبابية، التي يكون تويتر وفيسبوك ساحات واسعة لمعاركها الصغيرة، ذات التأثير غير المحدود، وهذا ما عرفته دولة الاحتلال مُبكرًا.