ترجمة وتحرير نون بوست
مر حوالي 18 يوما على الحصار الدبلوماسي والاقتصادي والاجتماعي المفروض على قطر من قبل العديد من جيرانها العرب. وحتى الآن، لم تقدم لنا تلك البلدان أية شروط لرفع هذا الحصار. وفي هذا الشأن، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، هيذر نويرت، يوم الثلاثاء إنه “كلما زاد الوقت، كلما أثيرت المزيد من الشكوك حول الإجراءات التي اتخذتها كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. في هذه المرحلة لسائل أن يسأل؛ هل كانت هذه الإجراءات حقا بسبب شكوكهم بشأن دعم قطر المزعوم للإرهاب؟ أم أنها كانت بسبب الخلافات التي طال أمدها بين دول مجلس التعاون الخليجي؟”.
لقد اقتنعت حكومتنا، منذ اليوم الأول، أن الحصار لا علاقة له بالاتهامات الموجهة ضد قطر. إن الادعاءات التي تفيد أن قطر تدعم الإرهاب وأنها حليف سري لإيران، كما تشتبه وزارة الخارجية، ليست سوى مجرد “ذر للرماد في العيون” لمحاولة انتهاك سيادة قطر ومعاقبتها على استقلاليّتها.
في الواقع، وصفت كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة حملتها المناهضة لقطر بأنها محاولة لإجبار قطر على التخلي عن “دعمها للإرهابيين”، على الرغم من أنهم على يقين أننا لا نؤيد الإرهاب ولن نؤيده أبدا. وهم على دراية كاملة بأن الإرهاب يشكل تهديدا لقطر كما هو الحال بالنسبة للسعودية والإمارات العربية المتحدة وجميع الدول الأخرى.
علاوة على ذلك، تتمثل الكذبة الكبرى الثانية في حملة التشويه في أنهم يعتبرون قطر حليفا سريا لإيران، بيد أن السعوديين والإماراتيين وجل الحكومات في الخليج العربي تقيم علاقات دبلوماسية وتجارية مع إيران. والواقع أن أكبر شريك تجاري لإيران هي الإمارات العربية المتحدة، تلك الدولة التي تقود في الوقت الراهن الحصار المناهض لقطر. لكن الأهم من ذلك، تقدم قطر دعما حيويا للمعارضة في سوريا التي تقاتل ضد القوات الحكومية المتحالفة مع إيران.
في الحقيقة، نعتقد أن الدول المحاصرة تسعى إلى عزل ومعاقبة قطر بسبب استقلالها واستقلاليّتها. كما تسعى هذه الدول للرد علينا بسبب دعمنا للتطلعات الحقيقية للشعب ضد الطغاة والدكتاتوريين. عموما، يجب أن يكون هناك دائما مدخل لإنهاء الخلاف، حيث لطالما كانت قطر تعتقد أن الحوار والتفاوض والتوفيق هي أنسب الحلول لمواجهة العنف والصراع. وقد عززنا تلك المناقشات، طوال تاريخنا، من خلال اعتماد سياسة “الباب المفتوح” .
والجدير بالذكر أن وفودا من السلطة الفلسطينية، وحماس، وإسرائيل وطالبان، والإخوان المسلمين، وممثلي الحكومات الغربية اجتمعوا على طاولة المفاوضات فى الدوحة لإجراء مناقشات سلمية حول القضايا الرئيسية التي تواجه الشرق الأوسط. وعموما، تتيح لنا سياسة الباب المفتوح أن نتدخل بالنيابة عن الحكومات في عمليات المفاوضات. فعلى سبيل المثال، تحتاج الولايات المتحدة من وقت إلى آخر إلى الانخراط ضمن هذه المفاوضات خاصة وأنها لا تملك في معظم الأحيان قنوات اتصال خاصة بها تخوّلها لفعل ذلك. لقد كانت قطر منذ فترة طويلة بمثابة “طاولة” المفاوضات المركزية في المنطقة، ولهذا لن نعتذر.
وعلى الرغم من أن الدول التي تفرض الحصار على قطر تدعي أن استعدادنا للمشاركة في المفاوضات مع هذه الجماعات يعني تأييدنا لإيديولوجياتها وجداول أعمالها، إلا أن بعيد كل البعد عن الحقيقة. في الواقع، إن وجهات نظرنا غالبا ما تتعارض تماما مع المجموعات التي تستضيفها في الدوحة. ولا يمكن للمرء أن يجد “طاولة المفاوضات” في حال كان الباب مغلقا، ناهيك عن الوصول إليها.
في هذا الإطار، تسعى هذه الدول إلى خلق عداوة بين قطر والولايات المتحدة لتحقيق مكاسبها السياسية. ولكي ينجح ذلك، سيكون له عواقب وخيمة ستنعكس على جهود مكافحة تنظيم الدولة وغيرها من التهديدات التي تستهدف المنطقة والعالم برمته. وفي هذا الصدد، أوضحت الحكومة القطرية وأشارت تصريحات وزير الخارجية ريكس تيلرسون الأخيرة إلى أن هذه الدول لن تنجح في صرف نظر الولايات المتحدة أو قطر عن الهدف الرئيسي المتمثل في دحر تنظيم الدولة.
كما أوضحت الحكومة الأمريكية أن المسؤولين الأمريكيين على دراية أن قطر حليف موثوق به وشريك قوي للولايات المتحدة، في السراء والضراء. علاوة على ذلك، هم على دراية بأننا مشاركون نشطون في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة، وأننا نعمل عن كثب مع أجهزة الأمن الأمريكية لتحديد هوية الإرهابيين المشتبه فيهم ومنع مصادر تمويل الإرهاب. فضلا عن ذلك، يعترف الجانب الأمريكي بالدور الهام الذي لعبته قطر في استضافة القاعدة الجوية الأمريكية في الوقت الذي رفضت فيه دول أخرى في الشرق الأوسط هذا التواجد العسكري على أراضيها.
في الحقيقة، تعدّ سياسات قطر عقلانية وأخلاقية وعادلة، حيث ستؤدي جهودنا الرامية إلى تعزيز الحوار ومجابهة الطغيان والسير نحو مستقبل أفضل ليس فقط لشعبنا، بل للعالم أجمع. وتجدر الإشارة إلى أن لقطر الحق في رسم مسارها الخاص، دون أي تدخل من دول أخرى، وهذا ما سنقوم به في المستقبل. وبالتالي، سيبقى باب المفاوضات مفتوحا.
المصدر: واشنطن بوست