ترجمة وتحرير نون بوست
في وسط منطقة تحكمها أنظمة سلطوية محافظة، أسست قطر – الإمارة الثرية بفضل ما لديها من غاز طبيعي – لنفسها سمعة على أنها دولة متمردة اشتهرت بملكيتها لقناة الجزيرة الفضائية، والتي كثيراً ما تغضب بسبب تغطيتها الإعلامية العديد من الزعماء العرب. ونظراً لأن القناة التلفزيونية منحت صوتاً للربيع العربي بات كثير من المستبدين العرب يتمنون بلا شك إسكاتها ووقفها عن البث بشكل نهائي. وذلك أن الجزيرة التي وصلت في المنطقة قبل الإنترنيت كسرت القوالب عبر دخولها إلى غرف المعيشة في منازل المواطنين العرب. تمكنت الجزيرة خلال السنوات الأخيرة، هي ووسائل التواصل الاجتماعي، من إثارة الرأي العام بطريقة لم تعد الحكومات العربية قادرة على تجاهلها. ولكن، يبدو أن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تظنان الآن أن بإمكانهما إسكاتها من خلال حصار فرضاه على قطر لا ينويان رفعه إلا إذا تم إغلاق الجزيرة.
هذا شيء سخيف. يريد جيران قطر لجم وسائل الإعلام التي تثير تساؤلات حول الطريقة التي تدار بها هذه الدول. طبعاً، الجزيرة ليست معصومة. ولقد وجهت لقناتها العربية اتهامات بمعاداة السامية وبالحزبية، ويندر أن يصدر عنها نقد لنظام الحكم الملكي المطلق في قطر نفسها. إلا أن قطر ألغت الرقابة الرسمية على المطبوعات ووسائل الإعلام قبل ما يزيد عن عقدين من الزمن. في المقابل، قامت دولة الإمارات العربية المتحدة في عام ٢٠١٢ بالضغط على دافيد كاميرون مطالبة إياه بضبط تغطية البي بي سي وإلا ألغت بعض صفقات السلاح المربحة. هذا مع أن أبو ظبي تعتبر من اللاعبين الرئيسيين في مجال الإعلام في المنطقة، حيث يمتلك نائب رئيس دولة الإمارات قناة سكاي نيوز العربية بالاشتراك مع امبراطور الإعلام روبرت ميردوخ. يقول المراقبون إن هذه القناة عمدت إلى نشر أخبار ملفقة حول حاكم قطر.
كما منحت الإنترنت الحكام العرب وسائل جديدة للتحكم في تدفق المعلومات. تقول منظمة هيومان رايتس واتش إن العديد من دول الخليج تسعى الآن إلى إسكات النقاد بعد أن اجتاحتها موجة من الحراك النشط عبر الإنترنيت. واليوم يواجه المغردون الذي يشيدون بقطر في البحرين وفي الإمارات العربية المتحدة وفي المملكة العربية السعودية عقوبات بالسجن وغرامات مرتفعة. إن الهجوم على الجزيرة جزء لا يتجزأ من العدوان على حرية التعبير بهدف تقويض أثر وسائل الإعلام القديمة والحديثة في العالم العربي. وينبغي أن تواجه هذه الإجراءات بالتنديد والمقاومة.
المصدر: الغارديان