ما فتئ محمد بن سلمان، البالغ من العمر 31 عاماً، والذي أعلن في الأسبوع الماضي في المملكة العربية السعودية عن تنصيبه ولياً للعهد، يعمل بلا كلل أو ملل لكسب الأصدقاء والتأثير على الناس في واشنطن. وقد حظي بالكثير من المعجبين، بما في ذلك داخل البيت الأبيض في عهد ترامب، بسبب حديثه عن خطط لإصلاح وتحديث الاقتصاد السعودي، وتخفيف القيود والضوابط الاجتماعية المحلية – ولا يقل عن ذلك أهمية التعهد بشراء أسلحة من الولايات المتحدة بمليارات الدولارات.
ولكن، وبينما يستعد الأمير بن سلمان لخلافة والده الملك سلمان، الذي يبلغ من العمر واحداً وثمانين عاماً، تتنامى الأسباب التي تدفع نحو التشكيك في قدراته. فإصلاحاته الاقتصادية الموجهة نحو السوق تراوح في مكانها بينما تثبت مبادراته الشرسة في العلاقات الخارجية فشلها الذريع ويتضح أنها تلحق أضراراً جسيمة بمصالح الولايات المتحدة.
وبوصفه وزيراً للدفاع، يرتبط الأمير بن سلمان بشكل وثيق بالتدخل العسكري السعودي في اليمن، وهو التدخل الذي بدأ بعد وقت قصير من اعتلاء والده العرش في يناير / كانون الثاني من عام ٢٠١٥، وأثبت بكل المقاييس أنه حملة عسكرية فاشلة، لم تحقق الهدف المعلن منها، ألا وهو إخراج المتمردين الحوثيين من العاصمة اليمنية صنعاء. بل لقد تسببت الحملة حتى الآن في وقوع أعداد كبيرة من الضحايا جراء القصف الجوي للأهداف المدنية. ولقد اتهمت منظمات حقوق الإنسان السعوديين وحلفاءهم، بما في ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة، بارتكاب جرائم حرب.
والأسوأ من ذلك أن التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية ساهم في إيجاد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية التي شهدها العالم منذ عقود، حتى بات ما يقرب من سبعة عشر مليون يمني يواجهون خطر المجاعة، بينما انتشر وباء الكوليرا ليصيب حتى الآن ما يزيد عن مائتي ألف إنسان منذ شهر إبريل / نيسان، بحسب تقارير صادرة عن الأمم المتحدة. تؤكد هذه التقارير على أن طفلاً يمنياً واحداً في المعدل يمرت كل عشر دقائق في اليمن بسبب سوء التغذية والإسهال وغير ذلك من الأمراض التي يمكن تفاديها.
على الرغم من أنه بات واضحاً منذ فترة طويلة أن الحرب يتعذر كسبها إلا أن القيادة السعودية مازالت تصر على مواقفها. ولقد نجحت في إقناع إدارة ترامب بتجديد الدعم لها، بما في ذلك تزويدها بالقنابل التي كانت إدارة أوباما قد أوقفت تصديرها إليها. يقول السعوديون إن أعداءهم الحوثيين ما هم سوى وكلاء عن إيران، إلا أن كثيراً من الخبراء يعتقدون بأن ثمة مبالغة في تشخيص هذه القضية. وفي هذه الأثناء تعمل حرب اليمن على صرف النظر عن الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية، والتي لم تلبث دول الخليج أن قلصت الموارد المخصصة للإنفاق عليها.
ثم جاء الحصار الذي تفرضه على دولة قطر أربعة بلدان عربية سنية بمبادرة أخرى تتزعمها المملكة العربية السعودية منذ الخامس من يونيو / حزيران. قال القادة السعوديون إن الهدف من ذلك هو وضع حد للدعم القطري للإرهاب – وهو زعم وإن كان مشكوكاً في صحته إلا أنه فاز بدعم الرئيس ترامب. ومع ذلك لم يتقدم المحاصرون لقطر إلا يوم الجمعة الماضي بمطالبهم، وذلك بعد أن نالهم نقد وجهته إليهم على الملأ وزارة الخارجية الأمريكية. تتضمن القائمة عدداً من المطالب التي لا تمت بصلة إلى الإرهاب، منها على سبيل المثال اشتراطهم أن تغلق قطر شبكة الجزيرة التلفزيونية، والتي تعتبر بلا منازع القناة الإخبارية الأكثر شعبية في العالم العربي، والتي توفر منصة إعلامية لمنتقدي الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة. كما طالب السعوديون بالإضافة إلى ذلك بإغلاق قاعدة عسكرية في قطر تديرها تركيا، الدولة العضو في حلف الناتو.
كما توجد في قطر أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط، والتي تنطلق منها العمليات الموجهة ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وعلى الرغم من التصريحات التي أصدرها السيد ترامب وعبر فيها عن دعمه للإجراءات السعودية، إلا أن الحصار المفروض على قطر بات يهدد المصالح الأمريكية، ومثله في ذلك مثل الحرب على اليمن ينبغي أن يدفع نحو الحذر من تبني ودعم ولي العهد السعودي الجديد، الذي وإن كان يبدو فاتناً، إلا أن مغامراته تجعله موضع شك كحليف.