قامت شركة أمازون الأمريكية للتجارة الإلكترونية بإتمام صفقة شراء لشركة “هول فودز ماركت”، والتي تعتبر من أفضل متاجر المنتجات الغذائية وأكثرها تقدماً في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا، إذ يصل عدد متاجرها إلى 436 متجراً. تتميز متاجر البقالة هذه ببيعها للأطعمة الصحية الخالية من أي مواد معالجة أو مصنعة أو حافظة وتعتمد بشكل كلي على المواد الغذائية العضوية.
المفاجأة في هذه الصفقة التي أُبرمت بمبلغ وصل إلى 13.7 مليار دولا، أن شركة الأمازون التي تستحوذ على المتاجر الالكترونية على شبكة الانترنت، تقتحم الأسواق الحقيقية وتفرض حضورها المادي في عالم التجارة. مع العلم قد أقرت الشركتان إن شركة البقالة ستواصل تشغيل متاجرها تحت العلامة التجارية “هول فودز”.
نتيجة لهذه المفاجأة، هبطت أسهم شركات البقالة الأميركية عقب إعلان هذه الصفقة، إذ تراجعت أسهم “وول مارت” بحوالي 7% وهوت أسهم شركة جروجر بنسبة 17%. في المقابل، كما ارتفعت أسهم هول فودز بحوالي 27%، وأسهم أمازون بنسبة 3%. بعيداً عن هذه الأرقام التي زادت من تخوف الشركات الغذائية التقليدية، فأن هناك احتمالات وآراء متضاربة حول مستقبل شركة الأمازون ومستقبل أسواق البقالة وصناعة المواد الغذائية وآلية التسوق.
الصفقة ستغير المعطيات لأنها تأتي في مرحلة حرجة لمحلات السوبرماركت التقليدية الأميركية.
ويقول المؤسس والرئيس التنفيذي، جيف بيزوس، لأمازون عقب عقد الصفقة، إن “الملايين من الأشخاص يحبون هول فودز لأنها تقدم الغذاء الطبيعي والعضوي الأفضل وتجعل من التغذية الصحية أمرا مسلياً”، ويضيف “هول فودز تملك منتجات غذائية مرضية ومبهجة للمستهلكين وهي تقدم هذه الخدمة منذ أربعة عقود، فهم يقومون بعمل رائع ونحن نريد الاستمرار لهذه المتاجر”.
بهذا الخصوص يقول المحلل ستيو لينارد، إن “الصفقة ستغير المعطيات لأنها تأتي في مرحلة حرجة لمحلات السوبرماركت التقليدية الأميركية”. في حين أن تم إفلاس 20 متجر بقالة خلال السنوات الثلاثة الماضية، بسبب منافسة الأسواق العملاقة على شبكة الانترنت.
ما الهدف من هذه الخطوة؟
يرى البعض أن أمازون فكرت في دمج أعداد المستهلكين وتوجيههم إلى منصة واحدة، وأن تقديم مجموعة متكاملة من السلع لهم عبر المتاجر الافتراضية والواقعية معاً، يعتبر أنها أنشأت امبراطورية عملاقة ونظام كامل من الخدمات الاستهلاكية من الملابس والأجهزة والكتب والطعام.
يمكن أن تحول أمازون متاجر هول فودز إلى نقاط توزيع للمساهمة في بيع المزيد من الأغذية الطازجة الصحية عبر الانترنت والعمل على توفيرها بسهولة للمشتريين دون احتكارها في أسواق معينة.
كما يعلق الرئيس التنفيذي لشركة بوكليد أناليتيكش، برنت فرانسون، “تتمتع الآن أمازون بفرصة توفير خدمة الأطعمة الصحية وإتاحة خيار دفع ثمن البقالة عبر التطبيق الخاص بأمازون. وهذه التقنيات السلسة سوف تخلق نهضة في الفضاء المادي ونموذجاً جديداً للتسوق عبر الانترنت بسلاسة”.
كما يرى جايب بي مورغان تشيس، أكبر بنك أمريكي، أن أمازون يمكن أن تحول متاجر هول فودز إلى نقاط توزيع للمساهمة في بيع المزيد من الأغذية الطازجة الصحية عبر الانترنت والعمل على توفيرها بسهولة للمشتريين دون احتكارها في أسواق معينة. كما يقترح بيع هذه الأطعمة بأسعار مناسبة وجعل التسليم مجاني للمنازل، سوف يجعل الأمازون تحقق نجاحاً هائلاً في مجال الصناعات الغذائية”.
ويعتبر تتبع بيانات المتسوق أمراً غاية في الأهمية، لأنه يمكن أمازون من تقديم ميزة عرض صفقات أو عروض في هذا المجال بطريقة تكون مغرية للمشتري ومربحة للشركة ولسمعتها.
كما أنه يضيف “تسجل شركة هول فودز حاليا 8 ملايين زائر أسبوعياً، ولديها 30 مليون مشتري – نعتقد أنها تتداخل بشكل كبير مع 60 مليون أسرة محلية في الأمازون. مع شركة هول فودز، تمتلك أمازون الآن 464 متجراً في الأسواق”، ويكمل “كما أننا نعتقد أن أسواق البقالة ستتحول إلى أسواق افتراضية على منصات الانترنت بشكل سريع”.
خطوة إلى الأمام
في عام 2007، كشفت أمازون عن خدمة جديدة في قطاع الصناعات الغذائية باسم “أمازون فريش” لتوصيل الأطعمة الطازجة لكن حضورها كان ضعيفاً ولم يحقق أي نجاح مذكور.
ويقول الخبير، فيرغرماكيفت، إن “هذه المرة أمازون عازمة بقوة على اكتساح سوق المواد الغذائية على ما يبدو، حيث تتمتع مجموعة مثل هول فودز بعناصر عدة أساسية كان يفتقد إليها عملاق الإنترنت”.
سيتعين على تجار التجزئة جلب الكثير من الإثارة إلى المتجر لجذب المستهلك.
وهذا بناء على ما يعتقده البعض بأن الجيل الحالي يطالب بمواد غذائية خالية من أي مواد مصنعة أو معالجة ويبتعد عن الأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من السكر أو الملونات والمواد الحافظة، وهذا الميول سيجعل من الأسواق التقليدية في خطر لا بد منه. وتجبناً للعواقب الوخيمة، سيتعين على المتاجر الموجود في سوق المنافسة أن تعيد من تطوير نظامها وإعادة هيكبتها لتواجه الضغوط التي ستقع عليها بسبب المنافسة الحتمية في هذا المجال.
ورداً على هذه المنافسة القوية، بدأت وول مارت تستعد للعمل على تخفيض أسعار منتجاتها وتوسيع نطاق مبيعاتها للمواد الطازجة الجاذبة لرغبات الجيل الحالي. كما قال الرئيس التنفيذي لشركة ستو ليونارد، وهي عبارة عن سلسلة من محلات البقالة في أمريكا “أعتقد أن تجار التجزئة سيتعين عليهم جلب الكثير من الإثارة إلى المتجر”.
وأشار ليونارد إلى أن سلسلته معروفة بالعينات المجانية والحيوانات التي ترتدي أزياء وتتجول داخل المتاجر وتلقي التحية على الزبائن، لكنه يفكر في البحث عن سبل لتحديث عناصر “العرض” لضمان التسوق في المتاجر وترويجه على أنه نشاط اجتماعي عائلي نوعاً ما.
معاجلة قضية جدية في المجتمعات الأمريكية
يقول رئيس شركة آني هوميغورن، جون فوربكر، أن استحواذ أمازون على هول فودز ماركت خطوة موفقة في حل أزمة الصحاري الغذائية، والمقصود بهذا المصطلح الأماكن الريفية والحضرية التي تبعد أكثر من ميل عن محلات البقالة والتي يعيش فيها أكثر من 23 مليون أمريكي. الأمر الذي يجعل حصولهم على المنتجات الغذائية الصحية مهمة شاقة.
ما يقرب من نصف الأمريكيين الذين يعيشون في الصحاري الغذائية هي فئات منخفضة الدخل، مما يعني أنها على الأرجح لا تستطيع تحمل أسعار الأغذية الصحية.
يقول فوريكر ل “بزينس إنسايدر”: إن إدماج فكرة الغذاء مع التكنولوجيا سيساعد على التغلب على مشاكل بعض المستهلكين في عدم قدرتهم على الوصول إلى الأسواق الحقيقية لشراء مستلزماتهم” ويضيف “هذه فرصة مذهلة وفرتها أمازون للملايين من الشعب الأمريكي”
كما يشير إلى مشكلة التكلفة. ما يقرب من نصف الأمريكيين الذين يعيشون في الصحاري الغذائية هي فئات منخفضة الدخل، مما يعني أنها على الأرجح لا تستطيع تحمل أسعار الأغذية الصحية، لكن تعودنا على أن أمازون دائماً ما تكسر الأسعار وتجعل هذه المنتجات ملائمة للجميع.
قلق الأسواق التقليدية
يوجد احتمال بتوجه الملايين من المشترين إلى منصة أمازون لشراء المنتجات الغذائية عبر تطبيقها، وهجرة محال البقالة التقليدية، لكن البعض يرى ان لكل سوق زبائنه وأن بعض الناس من الجيل الحالي يفضلون تجربة التسوق التقليدية وزيارة المحلات التجارية وتعميق العلاقة الشرائية مع أصحاب العلامات التجارية دون الخوض في عالم التكنولوجيا المعزول، لذلك لا يُخشى على استدامة الأسواق التقليدية وعلى أرباحها.