ترجمة وتحرير نون بوست
في ظل الأزمة الخليجية، أعربت إيران عن دعمها لقطر في مواجهة جيرانها العرب، حتى قبل أن تعلن تركيا عن مساندتها لها. في المقابل، حثت الولايات المتحدة الأمريكية حلفائها على عدم التسرع في فرض العقوبات واتخاذ إجراءات مضادة للدوحة التي تقع فيها أكبر قاعدة عسكرية أمريكية، خاصة وأن الأزمة القطرية ستساهم في تقربها من الخصم الرئيسي لواشنطن، طهران. فهل من الممكن تشكيل تحالف مؤقت بين قطر وإيران وتركيا؟ وهل سيؤثر دعم أنقرة وطهران للدوحة على مصالح روسيا في الشرق الأوسط؟
من جانبه، انتقد الرئيس الإيراني حسن روحاني الحصار على قطر واعتبره “غير مقبول”. وفي هذا الصرح صرح روحاني قائلا: “بغض النظر عن الخلافات التي قد تطرأ بين الدول، إلا أن سياسة الضغط والتخويف والعقوبات ليست السبيل الأنسب لحلها”، وذلك وفقا لبيان نقلته قناة الجزيرة. كما أكد روحاني للأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني؛ في إشارة لدعمه له، أن إيران تقف إلى جانب حكومة قطر. وأضاف روحاني أن “المجال الجوي والبري والبحري الإيراني سيكون دائما في خدمة القطريين”.
إيران وتركيا يقفان إلى جانب قطر
في واقع الأمر، تعمل طهران على تسويق فكرة مفادها أنها حليف لإمارة قطر، التي تخضع لضغط كبير من قبل المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول المجاورة في شبه الجزيرة العربية بالإضافة إلى مصر. والجدير بالذكر أن السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين قد بادرت بوضع 13 مطلبا حتى تتخلى عن قرار المقاطعة ضد قطر. وفي هذا الإطار، طالبت هذه الدول الدوحة بضرورة قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران ووقف بناء قواعد عسكرية تركية على الأراضي القطرية. ومما لا شك فيه أن قطر سترفض مطالب الدول العربية، ولكنها سترحب بدعم طهران وأنقرة لها.
وفي هذا السياق، أورد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 25 تموز/ يونيو، أن أنقرة “تحترم وتدعم” معارضة قطر للمطالب الثلاث عشر التي وضعتها الدول العربية. ووفقا للزعيم التركي، تدل المطالبة بوقف نشر القواعد العسكرية التركية في قطر وسحب القوات التركية من هناك على “عدم احترام تركيا”. فضلا عن ذلك، أشار أردوغان إلى أن بلاده قد عرضت على الرياض إنشاء قاعدة عسكرية على أراضي المملكة، إلا أن هذا الاقتراح قوبل بعدم الاستجابة له.
وفقا لتصريحات رئيس قسم أبحاث الشرق الأوسط وصراعات القوات المسلحة في المنطقة، أنطوان مارداسوف، فقد “أعلن أردوغان عن رغبته في إنشاء قاعدة عسكرية تركية في قطر سنة 2013، في حين لم تعرب أي دولة عربية عن سخطها إزاء ذلك”. وفي الوقت الراهن، تحاول الدول العربية وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية السيطرة على الوضع في المنطقة وبسط نفوذها أكثر، خاصة وأن تمركز القوات التركية في قطر يعتبر بمثابة قوة مؤثرة جدا من شأنها أن تدعم الدوحة في حال قيام انقلاب.
تحاول الولايات المتحدة الأمريكية التوفيق بين حلفائها في ظل النزاع القائم بينها
من وجهة نظر العديد من الخبراء الدوليين، تواجه الولايات المتحدة الأمريكية معضلة كبيرة تتمثل في دخول العديد من حلفائها في نزاع حاد. فالمملكة العربية السعودية تعد الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، في حين تعتبر قطر حليفها الآخر أيضا. أما بالنسبة لتركيا، فتعد حليفا مهما للغاية نظرا لانتمائها لحلف شمال الأطلسي فضلا عن موقعها الإستراتيجي. ومن هذا المنطلق، تحاول واشنطن “التوفيق” بين مختلف حلفائها. خلافا لذلك، يبدو أن قطر تصر على الدفاع على إيران العدو الإستراتيجي لإدارة ترامب والمملكة العربية السعودية على حد السواء.
في 25 من حزيران/ يونيو، دعا وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون قادة الأربع دول فضلا عن قطر إلى اعتماد خطاب أكثر اعتدالا، في حين شجع الأطراف المتنازعة على “العمل معا واللجوء إلى الحوار” لحل الأزمة. من جانب آخر، حاول تيلرسون التواصل مع الدول التي عمدت إلى ممارسة جملة من الضغوط على قطر، مشيرا إلى أن هناك مطالب ضمن قائمة 13 مطلبا التي قدمتها الدول العربية من الصعب جدا تحقيقها. ومن المثير للاهتمام أن أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الخليج العربي (11 ألف جندي)، تتموقع في قطر مما يجعلها مركز قيادة القوات الجوية الأمريكية في الشرق الأوسط.
مصالح كلا الطرفين؛ إيران وتركيا، من النزاع الخليجي
في الحقيقة، بادر كلا المتنافسين على الدور الإقليمي في المنطقة؛ تركيا وإيران، بإعلان تأييدهما لقطر. وفي الأثناء، يعد الحديث عن إرساء تعاون بين تركيا وإيران سابقا لأوانه وفقا للخبراء، في حين أن تشكيل محور أنقرة-الدوحة أمر وارد للغاية. من جهة أخرى، وعلى عكس المملكة العربية السعودية تمكنت قطر من تطوير علاقاتها بإيران، الأمر الذي رفضه معظم العرب السنة.
وفيما يتعلق بالعلاقات التركية الإيرانية، من غير المرجح أن تساهم الأزمة الخليجية في تحقيق نوع من التقارب بين كلا الطرفين وتطويرها أكثر، ما قد يقوض فكرة تشكيل تحالف ثلاثي بين إيران، وتركيا وقطر، علما وأن الكثيرين قد شككوا في إمكانية حدوث ذلك على أرض الواقع.
من وجهة نظر العديد من الجهات الدولية، لم تفتأ قطر عن انتهاج سياسة مزعزعة للاستقرار في المنطقة، في حين أنه تصر على عدم المشاركة في أي تحالف من الممكن تشكيله ضد إيران. في الوقت نفسه، تعمل قطر على تخريب والتصدي لفكرة التحالف نظرا لأنه لن يخدم مصالحها. وبالتالي، من غير المرجح أن تنفرج الأزمة في ظل تمسك الدوحة بمواقفها.
على الرغم من الحصار المفروض على قطر، إلا أن التعاون مع المملكة العربية السعودية لا يزال مستمرا في مجالات عدة، وفقا لما أكده بعض الخبراء. وفي الأثناء، تعد إيران المستفيد الأكبر من الوضع في الخليج العربي، حيث استغلت هذه الأزمة لدعم علاقاتها مع قطر، مع العلم أنها لم تكن في اتصال بهذه الإمارة الصغيرة في السابق. وفي هذا الصدد، تساءل العديد من الخبراء عن إمكانية تَغير موازين القوى في المنطقة في ظل الأزمة القطرية؟
ماذا يعني ذلك بالنسبة لروسيا؟
من وجهة نظر العديد من الخبراء الدوليين، تؤكد زيارة وزير الشؤون الخارجية القطري محمد آل ثاني إلى موسكو، سعي قطر لأن تظهر أنها ليست في عزلة دولية. وفي الأثناء، من المرجح أن ينعكس الدعم الدبلوماسي لقطر من خلال نتائج عملية ملموسة. ووفقا لمصادر رسمية، تربط، في الوقت الراهن، مشاريع اقتصادية هامة بين روسيا وقطر (شراء أسهم روسنفت). ومستقبلا، من المتوقع أن تُبعث مشاريع جديدة بين الطرفين، في إطار مزيد تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.
من جانبه، أشار رئيس معهد الشرق الأوسط، يفغيني ساتانوفسكي إلى أن الدعم الذي تقدمه تركيا وإيران لقطر، أي “التحالف المؤقت الظاهر” بين الأطراف الثلاثة يعد بالغ الأهمية بالنسبة لروسيا خاصة فيما يتعلق بالوضع في سوريا. وتجدر الإشارة إلى أن هذا التحالف الذي تولد على خلفية الأزمة الخليجية من شأنه أن يخدم مصالح روسيا في سوريا، خاصة وأن كل طرف من هذه الدول لديه قواته ومصالحه الخاصة هناك. ومما لا شك فيه أن موقف قطر وإيران وتركيا لن يكون مماثلا لموقف السعودية فيما يتعلق بالأسد والقضية السورية.
المصدر: فزغلياد الروسية