ترجمة وتحرير نون بوست
في الوقت الراهن، تقترب الميليشيات الإيرانية ومقاتلي حزب الله من الحدود الإسرائيلية السورية شيئا فشيئا. وفي الأثناء، تثير المناوشات بين قوات المعارضة والقوات النظامية في مرتفعات الجولان حفيظة الجيش الإسرائيلي خاصة وأن إسرائيل تعمل على تحصين نفسها إزاء أي خطر خارجي قادم من لبنان.
بالأمس، سمع أهالي مرتفعات الجولان دويّ إنفجارات ناجمة عن المواجهات بين قوات المعارضة والقوات النظامية، الأمر الذي أثار غضب الجيش الإسرائيلي بعدما اعتبر ذلك بمثابة رسالة إنذار موجهة له. والجدير بالذكر أن هذه الهجمات ألحقت أضرارا طفيفة بقوات حفظ السلام الدولية المنتشرة على هضبة الجولان.
وتجدر الإشارة إلى أن ردة فعل الجيش الإسرائيلي كانت عنيفة. فوفقا لبعض التقارير الإعلامية، نفّذت “إسرائيل” هجوما استهدف قوات النظام السوري وأسفر عن مقتل جندي سوري، الأمر الذي نفاه الجيش الإسرائيلي بشكل قاطع. في هذا الصدد، أفادت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي نفّذ في السابق هجمات على مواقع سورية استهدفت شاحنات عسكرية ومدافع. وفي شهر نيسان/أبريل الماضي، هاجمت القوات الجوية الإسرائيلية مطار دمشق الدولي، وذلك ردا على القذائف التي سقطت في هضبة الجولان.
أما يوم السبت الماضي، كان رد الجيش الإسرائيلي عنيفا بعد سقوط قذائف طائشة على مرتفعات الجولان، مما أسفر عن مقتل شخصين وفق صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، وذلك نقلا عن وسائل إعلام سورية. وعقب هذا الهجوم، أصدرت قوات النظام السوري بيانا استنكرت فيه “العدوان الإسرائيلي”. في الوقت نفسه، حذرت سوريا “إسرائيل” من مغبّة تكرار “مثل هذه التصرفات”.
قوات المعارضة تستهدف قوات النظام السوري
تعاون أردني إسرائيلي
تعكس الهجمات المتبادلة بين قوات النظام والجيش الإسرائيلي مدى توتر الوضع على الحدود الشمالية السورية الإسرائيلية. من جهة أخرى، لا ينصب اهتمام الجيش الإسرائيلي على سوريا فحسب، بل يوجه أنظاره أيضا نحو الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
في هذا الإطار، أوردت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن كلا من إسرائيل والأردن كثّفتا من تعاونهما الدبلوماسي نظرا للهاجس المشترك الذي يجمع بينهما والمتمثل في خطر قرب الحرس الثوري الإيراني من الحدود الأردنية الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، يتحسب كلا البلدين للخطر الذي تشكله ميليشيات حزب الله التي قد تستغل بدورها تدهور الأوضاع لتعزيز انتشارها بالقرب من الحدود الإسرائيلية الأردنية.
خلال الأسبوع الماضي، تابعت “إسرائيل” بقلق الغارات الإيرانية التي استهدفت مواقع تابعة لتنظيم الدولة. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الغارات تمت باستخدام صواريخ “ذو القفار” ذات المدى الذي يصل إلى حوالي 700 كيلومترا. علاوة على ذلك، يخشى الجيش الإسرائيلي أن تقع هذه الصواريخ بين أيدي ميليشيات حزب الله التي قد تستخدمها في هجمات تستهدف مواقع إسرائيلية.
الرسالة الموجهة من خلال إطلاق الصواريخ
من جهته، أفاد موقع “المونيتور” البريطاني أن ضابطا إسرائيليا ساميا لم يكشف عن هويته أكد أن “هذا الهجوم يعد إنذارا موجها للمقاتلين السنة بسوريا، وهو في الآن نفسه يعدّ بمثابة رسالة موجهة إلى كامل المنطقة بأسرها وإلى كافة الأطراف المشاركة في الحرب السورية بما في ذلك التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، فضلا عن الإسرائيليين”.
في السياق ذاته، يشعر الجيش الإسرائيلي بالقلق إزاء التواجد الشيعي على الحدود السورية العراقية، وذلك نظرا لأن إيران على وشك تشكيل منطقة نفوذ تمتد من طهران إلى البحر الأبيض المتوسط.
في المقابل، أفاد موقع “المونيتور” أن “إسرائيل” عززت منظومتها الدفاعية على حدودها مع لبنان، وذلك عبر بناء المزيد من السدود والجدران، فضلا عن تثبيت العديد من الرادارات. في الوقت نفسه، تم دمج القوات الخاصة وإعادة تنظيم القوات الجوية، وذلك تحسبا لأي سيناريو حرب محتملة. والجدير بالذكر أن “إسرائيل” تعتقد أن حزب الله يحتوي على أنظمة دفاعية جوية متقدمة، مما يجعل مهمة القيام بعمليات استطلاعية على الأراضي اللبنانية صعبة جدا بالنسبة للجيش الإسرائيلي.
عمليات التدريب في ظروف طبيعية
خلال السنوات الماضية، كانت ميليشيات حزب الله قادرة على التدرب بشكل طبيعي في ظل الحرب السورية. في الأثناء، تمكن حزب الله من تعزيز قدراته التقنية واللوجستية بالتعاون مع القوات الإيرانية والروسية، كما نجح في إعادة تشكيل هياكله القيادية.
بالإضافة إلى ذلك، تمكّن حزب الله من توسيع مجال نفوذه إلى مرتفعات الجولان بفضل مشاركته في الحرب السورية. في هذا الصدد، أفاد أحد القياديين بحزب الله أن ذلك من شأنه أن يضعف المنظومة الدفاعية الإسرائيلية، حيث أن جبهة دفاعية موسعة قد تجبر الجيش الإسرائيلي على نشر قواته على مجال واسع، مما يضعف قدراته. وفي السياق ذاته، قد توقع جبهة ممتدة من الناقورة إلى حدود الجولان “إسرائيل” في جملة من الصعوبات في حالة حدوث حرب.
أنصار حزب الله خلال موكب بجنوب لبنان
إمكانيات تجنب سيناريو حرب
في الحقيقة، يمكن تجنّب سيناريو الحروب في حال تم إنهاك قوى لبنان من خلال جعله يتعاطى مع ملف الملايين من اللاجئين السوريين القاطنين على أراضيه. من جانب آخر، يعارض طيف واسع من المجتمع اللبناني تورط حزب الله في مستنقع حرب جديدة ضد “إسرائيل”.
خلافا لذلك، تشكل أي حرب محتملة ضد حزب الله تحديات كبرى بالنسبة لـ “إسرائيل”، حيث لا يمكن للجيش الإسرائيلي حماية شعبه من الهجمات الصاروخية التي من شأنها أن تستهدفه. فضلا عن ذلك، يفتقر الجيش الإسرائيلي منذ مدة طويلة للخبرة القتالية في مرتفعات الجولان. كما أن كلا الطرفان يرغبان في تجنب سيناريو حرب مباشرة. في المقابل، لا يمكن إنكار احتمال نشوب حرب في المستقبل خاصة وأن إيران قريبة أكثر من أي وقت مضى من الحدود الإسرائيلية.
المصدر: دويتشي فيله