بعد أيام قليلة من قرار قطعها العلاقات الدبلوماسية مع الشقيقة قطر بإيعاز من بعض القوى الإقليمية التي تدين لها بالولاء الكامل، بدأت سلطات شرق ليبيا وحكومتها غير المعترف بها دوليًا بمد يدها إلى الكيان الإسرائيلي بهدف تطبيع العلاقات معه بمساعدة ومباركة مصرية، لتمهد بذلك طريق التطبيع الذي تسلكه الدول العربية.
مؤتمر المصالحة والحوار بين يهود ليبيا والعرب
آخر حلقات التطبيع بين حكومة طبرق والكيان الإسرائيلي بدأت أمس في جزيرة رودوس اليونانية، حيث تقام أعمال “مؤتمر المصالحة والحوار بين يهود ليبيا والعرب” بحضور وزراء إسرائيليين، وشارك وزير الاتصالات “الإسرائيلي” أيوب القرا، ووزيرة المساواة الاجتماعية جيلا جمليئيل، في المؤتمر إضافة لقائد عسكري بالجيش “الإسرائيلي”.
يناقش المؤتمر إمكانية إقامة العلاقات بين ليبيا و”إسرائيل”
ويهدف المؤتمر، بحسب المنظمين، إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين “إسرائيل” والدول العربية، بالتوازي مع التطورات الأخيرة في المنطقة، وشارك من الجانب الليبي وزير الإعلام والثقافة السابق عمر القويري، والدبلوماسي محمد علي التريكي الذي حضر كممثل لرئيس حكومة الإنقاذ الوطني، وعدد من الناشطين المؤيدين لعودة يهود ليبيا إلى بلادهم، إلى جانب مشاركة وفد من أجهزة الأمن والمخابرات المصرية.
وقال رئيس اتحاد يهود ليبيا في “إسرائيل”، رافائيل لوزون، قبل انعقاد المؤتمر الذي تم التجهيز له منذ شهرين، إن الوفد الليبي سيضم شخصيات ليبية رفيعة، أبرزها المرشح لرئاسة الحكومة الليبية، معيد الكيكيه، سفير ليبيا في البحرين، والمرشح لوزارة الداخلية فوزي عبد الله العلي، والكاتب والصحافي الليبي أحمد رحال.
رئيس اتحاد يهود ليبيا في إسرائيل رافائيل لوزون
وأضاف أن المؤتمر سيناقش إمكانية إقامة العلاقات بين ليبيا و”إسرائيل”، وزعم لوزون أنه من خلال محادثاته مع شخصيات ليبية فإن جميع الفصائل في ليبيا تريد بناء علاقات مع “إسرائيل” على الرغم من أن الدولة تعاني من الانقسام حاليًا، وكان يهود ليبيا غادروها عام 1967 في أوج الصراع العربي “الإسرائيلي”، لكن التقارير تشير إلى أنهم بقوا على تواصل مع نظام العقيد معمر القذافي.
حكومة طبرق تبارك
أظهرت مجموعة من الفيديوهات الاجتماع الذي حضره ليبيون ويهود من أصول ليبية، وآخرون من أصول أخرى بينهم وزير في حكومة نتنياهو، نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وبحسب مقطع الفيديو تحدث القويري عن أحداث حقبة الـ50 سنة الأخيرة في بعض الدول بما فيها ليبيا وتأثيرها على اليهود والمسيحيين والمسلمين، قائلًا إن هذا المؤتمر فرصة للقاء، وثقافة المجتمع الليبي أصبحت أكثر وعيًا من ذي قبل وقابلة للتعايش مع الآخر.
كما كشفت الفيديوهات عن مباركة التريكي للاجتماع وترحيبه بعودة اليهود الليبيين، واعترافه بحقهم في نيل الاعتراف والتعويض مثلهم مثل غيرهم حسب قوله، وأكّد التريكي في كلمة ألقاها باسم رئيس حكومة الإنقاذ غير المعترف بها خليفة الغويل عن سعادته بالحضور ومشاركة أبناء العم اليهود ملتقاهم.
وأضاف أن حكومة الإنقاذ الوطني بقيادة الغويل تبارك هذا اللقاء وتؤمن بالمبادئ الإنسانية السامية النبيلة، مؤكدًا أن اليهود في ليبيا كانوا من ضمن النسيج الوطني لم يفرق بينهم دين، معلنًا أن حكومة الإنقاذ مستعدة لتمكين اليهود من العودة لليبيا كونهم مواطنين، فهم أصل من أصول ليبيا ومن أهم مكونات النسيج الاجتماعي الليبي، وأن حق عودتهم لليبيا مكفول لهم، وهي على استعداد تام للتعاون في هذا.
مؤتمر سلام
وعلى هامش مشاركته في المؤتمر قال وزير الإعلام “الإسرائيلي” أيوب قرا إن الإدارة الأمريكية تبذل جهودًا لعقد مؤتمر سلام هذه السنة بين دول المنطقة ومنها “إسرائيل” ومعظم الدول العربية، وأضاف أن التطورات الأخيرة في المنطقة تحتم إجراء سلام بين الدول العربية و”إسرائيل”.
وزير الإعلام الإسرائيلي أيوب قرا
وفي تصريحات منفصلة قال قرا إن اللقاء يدعو للمصالحة بين ليبيا و”إسرائيل”، وفتح صفحة جديدة بين البلدين، مشددًا على أنه حان الوقت ليكون ليهود ليبيا الحق في المشاركة في بناء بلدهم ليبيا والحضور في المشهد السياسي، كما أشار إلى وجود اتصالات مستمرة لقيادات يهودية و”إسرائيلية” مع جهات ليبية مسؤولة من أجل إيجاد سبل ترقية العلاقات، مضيفًا أن الاتصالات بينه وحكومة السراج والقائد العام للقوات المسلحة التابعة للحكومة المؤقتة، خليفة حفتر، موجودة وهناك رغبة لتوطيد العلاقات والتعامل بين الجانبين، حسب تصريحاته.
الدور المصري
لم يكن حضور وزير الإعلام والثقافة السابق في حكومة طبرق، عمر القويري الذي يقيم في مصر ويرتبط بعلاقة بمسؤولي النظام وقادة المخابرات في مصر، هامشيًا، فقد مثل أحد أهم الداعمين لعقد هذا اللقاء بإشراف مصري، ومثل إشراف مصر على هذا الاجتماع وإن كان بطريقة غير مباشرة من خلال رجلها القويري، تأكيدًا لدور الوساطة الذي تلعبه القاهرة بين الكيان الإسرائيلي ومعظم الدول العربية لتطبيع العلاقات بينهم، ويؤكد ليبيون أن المؤتمر يتنزل في إطار المحاولات الحثيثة من قبل من صنعهم الكيان الصهيوني في الداخل الليبي لخلق علاقات بين ليبيا وهذا الكيان.
وزير الإعلام والثقافة السابق في حكومة طبرق عمر القويري
وقبل 10 سنوات عقد لقاء مشابه في لندن بمبادرة من رئيس اتحاد يهود ليبيا في “إسرائيل” رافائيل لوزون أيضًا، وشارك فيه عضو الكنيست في حينه ووزير المالية الإسرائيلي الحالي موشيه كحلون، ورئيس الحكومة الإيطالي السابق جوليو أندريوتي، ومندوبون من السفارة الليبية بلندن، ومندوبون عن المعارضة لنظام القذافي، وبعث القذافي برسالة إلى هذا اللقاء دعا فيها اليهود من أصول ليبية للعودة إلى ليبيا.