ترجمة وتحرير: نون بوست
حلّت العديد من جيران قطر على غرار المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، جنبا إلى جنب مع مصر التي انضمت إليهم في الخامس من حزيران/يونيو علاقاتها الدبلوماسية مع قطر ووضعوها تحت الحصار الجوي والبحري.
في بيان رسمي، أشارت الحكومة السعودية إلى عدة “انتهاكات جسيمة” يزعم أن قطر ارتكبتها منذ سنة 2006، وهي أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم. كما اتهمت السعودية أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، بالتحريض ضد الدولة السعودية وانتهاك سيادتها، ودعم مختلف الجماعات الإرهابية وغيرها من الجماعات، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، واستغلال وسائل الإعلام التابعة لها لمهاجمة السعودية، وتقويض الحرب في اليمن.
في هذا الصدد، ذهب المحلل السياسي المختص في الشأن الخليجي، نيل بارتريك إلى حد القول إن الأزمة “تمثل دليلا على الفشل التام لمشروع الإتحاد الخليجي”. وبالتالي، لسائل أن يسأل؛ ما الذي تشير إليه هذه الأزمة والتهم التي وجهتها السعودية ضد شركائها الأقل شأنا منها؟ وما صلة كل ذلك بعلاقات قطر والمملكة العربية السعودية باليمن، حيث شارك كلا البلدين في العمليات العسكرية هناك منذ سنة 2015؟
بالإضافة إلى ذلك، قطعت الحكومة اليمنية برئاسة عبد ربه منصور هادي، المنفى في الرياض منذ سنة 2015، علاقاتها مع قطر. وفي اليوم نفسه الذي أعلنت فيه السعودية عن قطع العلاقات، أعلنت الحكومة اليمنية عن أسفها خاصة بعدما أضحت “ممارسات قطر في التعامل مع ميليشيات الانقلاب الحوثي ودعم الجماعات المتطرفة واضحة للعيان”.
كان يجب أن يكون هذا النوع من الاتهام مؤذ بشكل خاص للقطريين نظرا لأنه جاء بعد يوم واحد من إصابة ستة من جنودها أثناء القتال على الحدود السعودية اليمنية. في الوقت نفسه، أمر السعوديون قطر بسحب قواتها المُكوّنة من ألف جندي من الائتلاف المعلن عنه لدعم الشرعية في اليمن
ومن دون توضيح العلاقة التي تربط قطر بالحوثيين في الأشهر الأخيرة، ادعت الحكومة السعودية أن ذلك يدل على عدم ولائها للتحالف المتعدد الجنسيات الذي تقوده والذي يقاتل ضد المتمردين وما تبقى من جيش الرئيس السابق علي عبد الله صالح، على عدد من الجبهات. (أطلقت المملكة العربية السعودية تدخلها العسكري، عملية العاصفة الحازمة، في آذار/مارس سنة 2015). وعلى الرغم من أن السعودية لم تقدم أي دلائل، إلا أنها اتهمت الدوحة بتمويل المتمردين الحوثيين سرا في اليمن.
في الواقع، كان يجب أن يكون هذا النوع من الاتهام مؤذ بشكل خاص للقطريين نظرا لأنه جاء بعد يوم واحد من إصابة ستة من جنودها أثناء القتال على الحدود السعودية اليمنية. في الوقت نفسه، أمر السعوديون قطر بسحب قواتها المُكوّنة من ألف جندي من الائتلاف المعلن عنه لدعم الشرعية في اليمن.
الحروب السابقة غير المجدية
قبل عقد من الزمن، تعاملت السعودية وقطر مع الصراع بين علي عبد الله صالح والحوثيين بطرق مختلفة إلى حد كبير. خلال السنوات التي سبقت الحملة العسكرية السعودية الحالية في اليمن، شارك جيشها في حرب صالح المدمرة ضد الحوثيين (2004-2010)، مما تسبب في تدمير البنية التحتية الحيوية ومقتل العديد من المدنيين. وقد زوّدت السعودية الأسلحة للحكومة اليمنية، ومن بينها صواريخ من المرجح استخدامها الآن ضدها من قبل من يعارضون تدخلها العسكري.
علاوة على ذلك، سمحت الرياض للجيش اليمني باستخدام أراضيها للقيام بعمليات عسكرية ضد المتمردين. وفي الحقيقة، عززت هذه الحروب غير المجدية من نفوذ الحوثيين وسلطت الضوء على عدم كفاءة الجيش السعودي (لهذا السبب، لم تقم السعودية بإرسال قوات برية عبر حدودها الجنوبية في حربها الحالية ضد الميليشيات المتمردة).
خلال الحروب المتقطعة في أوائل القرن الحادي والعشرين، في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست (في السابع من حزيران/ يونيو سنة 2008)، خلص ياسر العوضي، نائب رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام اليمني، إلى أن “المملكة العربية السعودية تهتم بهذه الحرب أكثر من اليمن”. واعترف أن السعودية تمارس ضغوطا على اليمن للقضاء “على الحوثيين”. وبحسب نبيل خوري الذي شغل منصب نائب رئيس البعثة في السفارة الأمريكية في صنعاء بين سنتيْ 2004 و2007، فإن “السعوديون كانوا مهووسين تقريبا بتدمير الحوثيين. ومع هذا الانشغال مع الحوثيين، لم يكن للسعوديون ببساطة دوافع للتصدي لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
سعت المملكة العربية السعودية لعرقلة الوساطة القطرية في فلسطين للتوفيق بين حماس وفتح في تشرين الأول/أكتوبر سنة 2006 وذلك من خلال رعاية “اتفاق مكة” بين الفصيلين
من جانب آخر، انتقد ستيفن سيش، السفير الأمريكي لدى اليمن بين سنتيْ 2007 و2010، دخول السعودية في الحرب. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2009، صرّح السفير قائلا: “يمكننا أن نفكر في طرق قليلة لتشجيع التدخل الإيراني بشكل أكثر فعالية في التمرد الحوثي، بدلا من اصطفاف جميع جيران اليمن السُنة لتمويل وتجهيز علي عبد الله صالح الذي وصف ما يحدث “بعملية الأرض المحروقة” ضد الأقلية الشيعية في بلاده. ولذلك، نحن نحث الإدارة للمشاركة مع واشنطن لإعلام “أصدقاء اليمن” أنهم يقوّضون هدفهم المتمثل في قيام دولة مستقرة وآمنة من خلال توفير مبالغ كبيرة من المال والمساعدة العسكرية لمساندة الرئيس صالح الذي وصف ما يقومون به بعملية الأرض المحروقة ضد الأقليات الشيعية في بلاده.
سعت المملكة العربية السعودية لعرقلة الوساطة القطرية في فلسطين للتوفيق بين حماس وفتح في تشرين الأول/أكتوبر سنة 2006 وذلك من خلال رعاية “اتفاق مكة” بين الفصيلين. بعد مضي سنة عن ذلك، كانت السعودية تستعد للتدخل في الحرب اليمنية (بدأت مغامرتها العسكرية هناك في سنة 2009).
وعلى النقيض من المملكة العربية السعودية، ربطت قطر مكانتها بجهود الوساطة بين الفصائل المتحاربة اليمنية. وفي سنة 2007، دعت قيادتها أعضاء الأطراف المتنازعة إلى الدوحة؛ ومن بينهم الجنرال علي محسن الذي قاد الحملة العسكرية ضد الحوثيين (وهو حاليا نائب الرئيس في الحكومة اليمنية في المنفى) والدكتور عبد الكريم الإرياني (مستشار صالح) والنائب يحيى بدر الدين الحوثي.
بعد ثلاث سنوات من القتال المتقطع، في 16 حزيران/يونيو سنة 2007، دخل وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه قطر حيز النفاذ. ولكن بعد تجدد الاشتباكات، انهار الاتفاق الهشّ. كما استؤنفت محادثات السلام في الدوحة، ووقع الطرفان اللذان كانا في حالة حرب ورئيس الوزراء القطري اتفاقا جديدا في الأول من شباط/فبراير سنة 2008.
وبتعلة أن الاتفاق قد يمهد الطريق أمام الزعماء الحوثيين لتولي مناصب حكومية، عارضت السعودية الصفقة. عموما، أراد الجنرال علي محسن، الذي كان على علاقة وثيقة مع ولي العهد ووزير الداخلية نايف بن عبد العزيز، مواصلة الحرب. كما شجعت فروع حزب التجمع اليمني للإصلاح الملك عبدالله على المشاركة أيضا.
علاوة على ذلك، قدم الرئيس اليمني بعد ذلك ادعاءات كاذبة ضد الحوثيين من خلال اتهامهم باختطاف عدد من المواطنين الألمان، والبريطانيين، والكورييين الجنوبيين في محافظة صعدة، ثم شنوا حربا أخرى أكثر تدميرا ضدهم. أما الحرب السادسة، فقد تم مقاضاتها بشكل مشترك من قبل الجيوش اليمنية والسعودية.
والجدير بالذكر أن السعودية أعلنت رسميا أن ما تقوم به هو “جهاد ضد الأشرار” خارج حدودها التي كانت بمثابة شريان حياتها منذ القرن الثامن عشر. وفي شباط / فبراير سنة 2010، اتفقت كل من الحكومة اليمنية، والمملكة العربية السعودية، والحوثيون على وقف إطلاق النار. ومع ذلك، لم يتم إدراجهم (الحوثيين) في النسيج السياسي للدولة، كما لم تُتّخذ خطوات لمعالجة المصالحة وتدابير بناء الثقة وإعادة البناء، وبالتالي ترك الباب مفتوحا لنشوب المزيد من الصراعات في المستقبل.
اتهم العديد من جيران قطر بأنها تؤوي “مجموعات إرهابية وطائفية تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة بما فيها جماعة الإخوان المسلمين وتنظيم القاعدة”. في المقابل، يتساءل المرء عما إذا كانت السعودية التي تقود الحملة إلى الضغط على قطر “لقلب سياستها الخارجية رأسا على عقب” دوافع حقيقية.
حزب التجمع اليمني للإصلاح دورا حاسما في هزيمة الجنوب خلال حرب 1994 بين النخب السياسية في الشمال والجنوب وجيوشهم. وحارب مؤيدو الحزب كقوات شبه عسكرية على جانب الجيش الشمالي، ووصفوا الصراع على أنه “حرب المؤمنين”
في سنة 1990، شجعت المملكة العربية السعودية على إنشاء حزب إسلامي، وهو التجمع اليمني للإصلاح. وقد وصفه موقع “الإيكونوميست” بأنه “فرع محلي من جماعة الإخوان المسلمين”، حيث يضم الحزب أيضا بعض رجال الأعمال السلفيين المحافظين السُنة.
بعد أن تحالف حزب التجمع اليمني للإصلاح مع حزب المؤتمر الشعبي العام من أجل تقويض الحزب الاشتراكي اليمني في أوائل التسعينات، في السنوات اللاحقة أثبت حزب التجمع اليمني للإصلاح أهمية حيوية لإنشاء تحالف معتدل للمعارضة، ألا وهو تكتل أحزاب اللقاء المشترك.
في الواقع، لعب حزب التجمع اليمني للإصلاح دورا حاسما في هزيمة الجنوب خلال حرب 1994 بين النخب السياسية في الشمال والجنوب وجيوشهم. وحارب مؤيدو الحزب كقوات شبه عسكرية على جانب الجيش الشمالي، ووصفوا الصراع على أنه “حرب المؤمنين”. وعلى الرغم من المطالب التي وجهها علي حسين الحوثي لعبد الله صالح للانضمام إلى الحرب ضد الجنوب، إلا أنه رفض ذلك.
الدعم السعودي
كتبت سارة فيليبس، المحاضرة في الأمن الدولي والتنمية في جامعة سيدني، عن أوائل القرن الحادي والعشرين، أن “الإخوان المسلمين، أساس ما هو الآن جزء كبير من حزب الإصلاح، التي كانت مدعومة أيضا من قبل المملكة العربية السعودية. وبينما لم يعد حزب التجمع اليمني للإصلاح يحصل على أموال مباشرة من الحكومة السعودية (على الرغم من أن بعض الأعضاء، ولا سيما الشيخ عبد الله (الأحمر)، لا يزالون يتلقون الأموال شخصيا)، يُعتقد على نطاق واسع أن الحزب ما زال يتلقى أموال غير رسمية من الشركاء الايديولوجيين للسعودية”.
وتجدر الإشارة إلى أنه كان للشيخ عبد الله بن حسين الأحمر المنتمي لقبيلة حاشد تأثير كبير خاصة في الأجزاء الشمالية من البلاد. وبصفته شخصية بارزة في حزب التجمع اليمني للإصلاح، مثّل تعايش وتكافل المكونات القبلية والإسلامية التي تفضلها المملكة العربية السعودية. بالإضافة إلى ذلك، كان الشيخ عبد الله يُمثل ركيزة القيادة في حزب التجمع اليمني للإصلاح كما كان على علاقة وثيقة بعلي عبدالله صالح حتى موته المفاجئ سنة 2007. (بعض أبناء الشيخ الطموحين لا يزالون نشطين في الحزب). قبل أشهر قليلة من وفاته، انتخب الأحمر رئيسا للحزب للمرة الرابعة، وذلك جزئيا لأنه كان قادرا على التوفيق بين الفصائل السلفية والإخوان.
خلال الحرب الأهلية في الستينات، دعمت المملكة العربية السعودية السلالة المالكة التي يمثلها يحيى حميد الدين، ولكنها بدأت في دفع زعماء القبائل (الشيوخ) وكانت حريصة على الحصول على قدر كبير من السيطرة على اليمن من خلالهم بدلا من البيت الحاكم السابق، المعروف باستقلاليته وعدم رغبته في الاعتراف بالأراضي المتنازع عليها في السعودية.
عموما، قاتل الشيخ عبد الله مع الجانب الجمهوري، ولكن بعد أن اعترف السعوديون بالجمهورية اليمنية، ربط علاقات وثيقة معهم وساعدهم على متابعة مصالحهم في الدولة التي تأسست حديثا. على سبيل المثال، تم تأسيس “جبهة إسلامية” رسمية، بتشجيع وتمويل من المملكة العربية السعودية وبدعم من الشيخ الأحمر، في سنة 1979.
کما حدث خلال الحروب السابقة في الیمن (2004 – 2010)، كان موقف كل من قطر والمملکة العربیة السعودیة من احتجاجات الربيع العربي في سنة 2011 مختلفا جوھریا
کما حدث خلال الحروب السابقة في الیمن (2004 – 2010)، كان موقف كل من قطر والمملکة العربیة السعودیة من احتجاجات الربيع العربي في سنة 2011 مختلفا جوھریا. وفي هذا الشأن، أشار جيرد نونمان، أستاذ العلاقات الدولية في حرم جامعة جورجتاون في الدوحة، إلى أن جذور الصراع الحالي يعود إلى سخط كل من السعودية والإمارات العربية المتحدة من اعتماد قطر لسياسة خارجية مستقلة، بما في ذلك دعمها لحركات الربيع العربي.
بعد المفاوضات التي جرت حول استقالة علي عبد الله صالح بعد الاحتجاجات المستمرة، حدّد اتفاق اكتمله مجلس التعاون الخليجي في تشرين الثاني/نوفمبر سنة 2011 شروط مستقبله السياسي بعد استقالته، ومبادئ الحكومة الانتقالية. علاوة على ذلك، انضم تكتّل أحزاب اللقاء المشترك، الذي كان يقوده حزب التجمع اليمني للإصلاح إلى الحكومة الجديدة.
الاتفاق الانتقالي
يهدف الاتفاق الانتقالي، الذي تدعمه دول الخليج الرئيسية بقوة إلى إغلاق ملف الاحتجاجات الشعبية والحفاظ على الوضع السياسي الحالي عن طريق استبدال صالح بنائبه عبد ربه منصور هادي. كما ينصّ الاتفاق على أنه لا ينبغي إدراج إلا أعضاء الأحزاب السياسية القائمة (المؤتمر الشعبي العام وتكتل أحزاب اللقاء المشترك) في الحكومة الجديدة. ولم يعط ممثلي الحركات على غرار أنصار الله (الحوثيون) والحركة الجنوبية (الحراك) مناصب وزارية.
من ناحية أخرى، استنكر المسؤولون دور الحوثيين كميليشيات مسلحة، ولكن غير فاسدة. ولكن في سنة 2011، فشلوا في منح الحوثيين فرصة في أن يصبحوا جزءا من العملية السياسية باستثناء مشاركتهم في الحوار الوطني اليمني، الذي من شأنه أن يمنحهم حصة في الحكومة الجديدة.
وقد نشبت التوترات أيضا نظرا لأنه على عكس الحوثيين، شارك حزب التجمع اليمني للإصلاح في مناقشات حول الاتفاق الانتقالي، وحصل لاحقا على عدد كبير من المحافظ والمحافظات (أكثر من أي عضو آخر في تكتل أحزاب اللقاء المشترك)، لا سيما في المنطقة الشمالية. وبدعم من المملكة العربية السعودية، مكّن الاتفاق الانتقالي حزب التجمع اليمني للإصلاح من السيطرة على الحكومة. وعلى مدى العامين الماضيين، أصرت المملكة العربية السعودية والحكومة اليمنية في المنفى على العودة إلى الاتفاق الانتقالي (إلى جانب تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي لسنة 2016 ونتائج مؤتمر الحوار الوطني اليمني)، والتي لم تساهم في حل الأزمة في اليمن.
على عكس المملكة العربية السعودية، لطالما عارضت دولة الإمارات العربية المتحدة الإخوان المسلمين وتضطهد أعضائها. وأصبح حزب التجمع اليمني للإصلاح بمثابة العقبة للمملكة العربية السعودية بعد أن ندد بعض أعضاء الحزب البارزين بدورها في إسقاط حكومة الرئيس المصري محمد مرسي في يوليو/تموز سنة 2013 (كان مرسي زعيم الإخوان المسلمين في مصر).
منذ انضمام الملك سلمان إلى العرش، كان هناك تقارب بين بلاده وحزب التجمع اليمني للإصلاح. في تموز/يوليو سنة 2015، بعد أربعة أشهر من بدء عملية العاصفة الحاسمة، استضافت المملكة العربية السعودية عددا من قادة الحزب
نتيجة لذلك، وضعت السعودية حزب التجمع اليمني للإصلاح على قائمة الإرهاب. في الواقع، جلّ هذا التغير طرأ بعد أن استولى الحوثيون على صنعاء في أيلول/سبتمبر سنة 2014، ولكن تحسنت تدريجيا العلاقات المتوترة بين السعودية وحزب التجمع اليمني للإصلاح. علاوة على ذلك، كان قادة الحزب قادرين على التلاعب بالأزمة من خلال إقناع السعوديين بأنها أضرت بحزبهم من خلال إضافتهم إلى قائمة الإرهاب. على ما يبدو، في هذه الظروف، شعرت المملكة العربية السعودية أن حزب الإصلاح يمثل أقل الخيارات سوءا في الشمال.
منذ انضمام الملك سلمان إلى العرش، كان هناك تقارب بين بلاده وحزب التجمع اليمني للإصلاح. في تموز/يوليو سنة 2015، بعد أربعة أشهر من بدء عملية العاصفة الحاسمة، استضافت المملكة العربية السعودية عددا من قادة الحزب.
قبل تدخل المملكة العربية السعودية، كان العديد من السُنّة من المناطق في جنوب العاصمة صنعاء متعاطفين مع حركة الحوثيين لأنهم استاؤوا من الحكومة التي يسيطر عليها حزب تجمع اليمني للإصلاح. ولذلك، يقاتل بعضهم في صفوف الحوثيين في إب وتعز. في المقابل، تدعم دولة الإمارات العربية المتحدة السلفيين في الحرب الحالية في اليمن.
عموما، قد يعود سبب الجمود الدائم في القتال حول تعز، حيث يشارك حزب الإصلاح بشكل كبير في المعركة ضد الحوثيين، عزوف القوات الإماراتية عن المشاركة بشكل أكثر حزما نظرا لمخاوفهم من أن فوزهم سيؤدي إلى تقوية حزب التجمع اليمني للإصلاح.
اتهمت المملكة العربية السعودية مؤخرا قطر “باختراق اليمن من خلال تقديم الرشوة إلى حزب التجمع اليمني للإصلاح، وهي ممارسة يربطها العديد من اليمنيين بالعلاقات التي كانت تملكها السعودية، في الماضي، مع الحزب الإسلامي وغيره من القادة السياسيين اليمنيين المهمين.
وفي هذا السياق، زعمت صحيفة الوطن المملوكة من قبل بعض الأطراف السعوديون أنه “في مقابل التجسس والعمل الاستخباراتي، دعّمت قطر قادة عسكريين ومسؤولين كبار في كل من حزب التجمع اليمني للإصلاح (وخاصة الجناح السياسي للإخوان المسلمين)، وحكومة عبد ربه منصور، بالهدايا المالية الفخمة والتبرعات، والعقارات في قطر.
ترامب قال في بداية محادثاته مع أمير قطر، خلال شهر مايو/أيار الماضي، أي أثناء الزيارات الأولى التي أداها للعديد من دول الخليج، منذ توليه للمنصب الرئاسي، إن “من أحد الأمور التي سنناقشها هو شراء قطر للكثير من المعدات العسكرية الجميلة”.
كما تدعي الصحيفة أنه من خلال محاولة شراء ولاء هؤلاء الناس، سعت قطر إلى تقويض مهمة التحالف وأعاقت التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة في اليمن. ونتيجة لذلك، أعربت المملكة العربية السعودية عن قلقها إزاء زيادة تراكم الأصول العسكرية لقطر.
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب قال في بداية محادثاته مع أمير قطر، خلال شهر مايو/أيار الماضي، أي أثناء الزيارات الأولى التي أداها للعديد من دول الخليج، منذ توليه للمنصب الرئاسي، إن “من أحد الأمور التي سنناقشها هو شراء قطر للكثير من المعدات العسكرية الجميلة”.
إلقاء اللوم على قطر
علاوة على ذلك، تدّعي صحيفة الوطن أن قطر تسعى إلى فرض سيطرتها على شبه الجزيرة العربية، وذلك ما ردده اللواء “ثابت حسين صالح”، نائب مدير المركز الوطني اليمني للدراسات الاستراتيجية، حيث أنه قال إن “قطر تملك خطة لحكم شبه الجزيرة بأكملها من خلال الأحزاب التي تمثل “الإسلام السياسي”، والجمعيات الخيرية وغيرها من الوسائل”.
على غرار عبد الله المخلافي، نائب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية في المنفى، الذي اعتبر أن قطر اشترت كبار المسؤولين والقادة العسكريين من أجل عرقلة العمليات العسكرية للتحالف في اليمن، فضلا عن أنها متورطة في قتل بعض القادة الجنوبيين. وتجدر الإشارة إلى أن المخلافي أضاف أنه “بدلا من دعم الميليشيات الحوثية، ينبغي أن تُساهم قطر في بناء جيش وطني موحد وفي هزيمة الحوثيين”.
ومن المرجح أن من أحد أسباب التي أدت إلى اتهام قطر بتقويض الحرب في اليمن هو ما كشفته قناة الجزيرة الشعبية يوم 27 مايو/أيار، أي قبل أيام قليلة من بدء الحملة الإعلامية المكثفة ضد قطر. وقد أفادت الجزيرة في تقاريرها أن القوات الإماراتية تدير سجون سرية في جنوب اليمن تعمل خارج سيطرة السلطات اليمنية، فضلا عن أنها تُقدم مراكز الاحتجاز في كل من عدن والمكلا.
من جانب آخر، أكّد غاري سيك، الباحث العلمي البارز في معهد الشرق الأوسط في جامعة كولومبيا، أن قناة الجزيرة قد أساءت لجيران قطر إلى حدّ أن النظام الملكي السعودي قد غضب. وأضاف سيك أنه “لا شك أن التقرير الذي قدمته الجزيرة قد استفز كلا من أبوظبي والرياض”.
بعد حوالي شهر، أكدت وكالة أسوشيتد برس، استنادا إلى مقابلات مع محتجزين سابقين، التقرير الذي نشرته الجزيرة، فضلا عن أنها قامت بإثرائه. وعموما، ادعت الوكالة أن حوالي 2000 رجل قد اختفوا في شبكة سرية من السجون، حيث احتُجزوا وعُذبوا. ونتيجة لذلك، طلب قادة لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي من وزير الدفاع، “جيمس ماتيس” التحقيق في تورط محققين أمريكيين في هذه السجون، وذلك وفقا لما ذكرته وكالة أنباء أسوشيتد برس.
في الوقت الراهن، تريد هذه البلدان الخليجية أن تدفع قطر ثمن تسليطها الضوء على الانتهاكات حقوق الإنسان، التي ترتكبها هذه البلدان في حق الآلاف من السكان. وعلى الرغم من أن الجزيرة قد قللت إلى حدٍ كبير من متابعتها لقادة الخليج منذ تولي تميم بن حمد آل ثاني منصب الأمير، يوم 25 يونيو/ حزيران سنة 2013، إلا أن الصحافة الاستقصائية لم تتوقف أبدا عن إثارة غضبهم.
غالبية قادة حزب التجمع اليمني للإصلاح، من بينهم الأمين العام للحزب، محمد اليدومي، وعبد المجيد الزنداني (الذي كان تربطه علاقة مع جماعة الإخوان المسلمين قبل سنة 1962، ويمثل شق الإخوان الأكثر راديكالية)، يقيمون في المملكة العربية السعودية منذ استيلاء الحوثيين على صنعاء
وعلى ضوء كل هذه الأحداث، كان إغلاق قناة الجزيرة من بين أحد الشروط التي فرضتها المملكة العربية السعودية وحلفائها مقابل رفع الحصار على دولة قطر. والجدير بالذكر أن هذا الشرط يعتبر بمثابة فرض رقابة إجبارية على دولة ذات سيادة مستقلة.
وليس من الصعب أن نفهم خلفيات التهم التي نسبتها المملكة العربية السعودية إلى قطر باعتبار أنها قدّمت أسبابا تتعلق بمصالحها. في المقابل، تجدر الإشارة إلى أن غالبية قادة حزب التجمع اليمني للإصلاح، من بينهم الأمين العام للحزب، محمد اليدومي، وعبد المجيد الزنداني (الذي كان تربطه علاقة مع جماعة الإخوان المسلمين قبل سنة 1962، ويمثل شق الإخوان الأكثر راديكالية)، يقيمون في المملكة العربية السعودية منذ استيلاء الحوثيين على صنعاء.
تعتبر المملكة العربية السعودية اليمن الفناء الخلفي لها وترغب في الحفاظ على سيطرتها هناك. لذلك، يتعين عليها أن تتنافس مع دولة الإمارات العربية المتحدة من أجل فرض نفوذها السياسي في حضرموت، التي تعتبر أكبر محافظة غنية بالنفط في اليمن، قريبة من بحر العرب. ومن هذا المنطلق، من المرجح أن تشعر السعودية بالقلق من أن تؤثر الاضطرابات في اليمن على قطر، التي تربط علاقات دبلوماسية واقتصادية مع إيران، لكي تحظى بفرصة لتوسيع نفوذها في البلد الذي مزقته الحرب.
بالإضافة إلى ذلك قد تعارض قطر، على غرار دولة الإمارات العربية المتحدة، مزاعم جيرانها المهيمنين على غنائم الحرب في اليمن. ومن المفارقات، أنه نتيجة لإدانة جيرانها وإعلان حالة الحصار عليها، لم يكن أمام قطر أي خيار سوى توسيع علاقاتها مع إيران، التي عرضت على البلد المحاصر كلا من مجالها الجوي ومرافق الموانئ.
فتور العلاقات مع الولايات المتحدة
تدعي صحيفة الوطن أن قطر حاولت اختراق اليمن ليس فقط بتوسيع رعايتها لقادة حزب التجمع اليمني للإصلاح، ولكن أيضا من خلال دعمها لتنظيم القاعدة. بعد ستة أشهر من بدء تدخل السعودية في اليمن، في 23 أيلول/سبتمبر سنة 2015، قام “جورجيو كافيرو” و”دانيال واغنر” بتدقيق طبيعة العلاقة التي تربط التحالف الذي تقوده السعودية والقاعدة في شبه جزيرة العرب. والجدير بالذكر أن الولايات المتحدة أعلنت أن تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب يعدّ بمثابة “منظمة إرهابية أجنبية” سنة 2010.
في سياق متصل، قال الباحثان إن “السعودية اتّحدت مع مجموعات متنوعة من الفصائل السنية اليمنية في محاولة لسحق التمرد الحوثي. وقد أدى ذلك إلى تعاون المملكة مع الجماعات الإسلامية السنية التي وصفتها المملكة العربية السعودية، مع غيرها من الحكومات العربية والغربية، بأنها منظمات “إرهابية”… وقد وصفت إدارة أوباما تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب بأنه من أخطر الفروع في العالم لتنظيم القاعدة، الذي يشكل تهديدا للأمن القومي الأمريكي”.
وأضاف الباحثان أنه من خلال تنصيب السعودية نفسها كقوة سنيّة منضبطة قادرة على التصدي بفعالية للمتمردين الحوثيين، فإن القاعدة في شبه الجزيرة العربية أثبتت بلا شك أنها شريك فعلي للحملة التي تقودها الولايات المتحدة بقيادة السعودية في اليمن، فضلا عن أنها قدّمت دعمًا أساسيا للحملات المستمرة التي تشنها واشنطن في اليمن عن طريق الطائرات من دون طيار.
بالإضافة إلى ذلك، أشار مايكل هورتون، المحلل الأول للشؤون العربية في مؤسسة جيمستاون، مؤخرا إلى أن تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العرب يُعتبر ركيزة أساسية تساهم في استقرار التحالف الذي تقوده السعودية، ومن أحدث نُسخه الأخيرة. وفي مقال نُشر يوم 10 يونيو/ حزيران سنة 2017، قالت صحيفة الإيكونوميست إن “حرب اليمن قد تساهم في تنامي نفوذ تنظيم القاعدة، بدلا من القضاء عليه”.
في الإطار ذاته، نصح محافظ محافظة حضرموت، أحمد سعيد بن بريك، خلال شهر يونيو/حزيران، ترامب بوقف حملاته الجوية ضد القاعدة في شبه الجزيرة العرب، مشيرا إلى أنه يجب على ترامب ترك تلك المهمة للقوات المحلية”.
ومع ذلك، وبما أن الجيش اليمني بصدد القضاء على الإمارة التي أقامتها القاعدة في شبه الجزيرة العرب في المقاطعات الجنوبية، سنة 2013 بالتعاون مع الحوثيين، فإنه لم يبذل أي جهود جادة للقضاء على هذه الجماعات.
تجدر الإشارة إلى أن الحميقاني يُعتبر اليمنيّ الوحيد الذي ظهر اسمه في قائمة “الإرهابيين” الذين يملكون علاقات بقطر، التي صدرت عن المملكة العربية السعودية، ومصر، والبحرين، والإمارات العربية المتحدة. فضلا عن ذلك، تُذكّر الاتهامات التي وجّهتها هذه الدول ضد الحميقاني بالادعاءات التي قدمتها وزارة الخزانة الأمريكية قبل عدة سنوات
على عكس المدن اليمنية الأخرى التي يسيطر عليها الحوثيون منذ عدة سنوات، لم تقصف قوات التحالف عاصمة إقليم حضرموت عندما كان يحتلها تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العرب. ومن أسباب فرض السعودية الحظر على قطر هو عبد الوهاب محمد عبدالرحمن الحميقاني، الذي يشغل منصب أمين عام حزب اتحاد الرشاد اليمني، الذي تأسّس سنة 2012.
وتجدر الإشارة إلى أن الحميقاني يُعتبر اليمنيّ الوحيد الذي ظهر اسمه في قائمة “الإرهابيين” الذين يملكون علاقات بقطر، التي صدرت عن المملكة العربية السعودية، ومصر، والبحرين، والإمارات العربية المتحدة. فضلا عن ذلك، تُذكّر الاتهامات التي وجّهتها هذه الدول ضد الحميقاني بالادعاءات التي قدمتها وزارة الخزانة الأمريكية قبل عدة سنوات.
ففي بيان عامٍ صدر في شهر كانون الأول/ ديسمبر سنة 2013، صنّفت وزارة الخزانة الأمريكية الحميقاني “إرهابيا عالميا مخصصا”. وبحسب تصريحات الباحثان “لوران بونيفوي”، و”جوديت كوسنيتسكي” سنة 2015، فإن البيان يشير ضمنيا إلى أن اتحاد الرشاد كان يستخدم كغطاء إرهابي فقد خطط الحميقاني وقيادة القاعدة في شبه الجزيرة العرب إلى إنشاء حزب سياسي جديد في اليمن، الذي أراد تنظيم القاعدة استخدامه كغطاء لتجنيد المقاتلين وتدريبهم، ووسيلة لجذب دعم واسع النطاق.
اتُهم الحميقاني أنه عمل كمُجند ومُمول لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وبتفجير سيارة مفخخة خلال شهر آذار/مارس سنة 2012 استهدفت قاعدة للحرس الجمهوري اليمني، مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص. فضلا عن ذلك، يعيش الحميقاني في الرياض، وحتى وقت قريب لم ينظر إليه على أنه شخص غير مرغوب به من قبل المضيفين السعوديين نظرا لأن إدانته من قبل الإدارة الأمريكية لم تمنع الحكومة اليمنية ولا السعودية من السماح له بمواصلة القيام بدور سياسي فعال.
في الواقع، تم تجاهل مخاوف المسؤولين الأمريكيين حول طبيعة الدور الذي يضطلع به الحميقاني في محادثات جنيف، مما يؤكد الاستراتيجيات المتضاربة التي تتبعها تلك الدول تجاه الأزمة اليمنية
عموما، شارك الحميقاني في مؤتمر الحوار الوطني، الذي عُقد في صنعاء خلال سنتيْ 2013 و2014 كجزء من جهود المصالحة التي تُبذل لحل الأزمة اليمنية. وبعد تدخّل المملكة العربية السعودية في اليمن خلال سنة 2015، كان عضوا في الفريق الذي يمثّل الحكومة اليمنية في المنفى، في محادثات المائدة المستديرة الفاشلة التي رعتها الأمم المتحدة، في جنيف، خلال شهر حزيران/يونيو سنة 2015.
في الواقع، تم تجاهل مخاوف المسؤولين الأمريكيين حول طبيعة الدور الذي يضطلع به الحميقاني في محادثات جنيف، مما يؤكد الاستراتيجيات المتضاربة التي تتبعها تلك الدول تجاه الأزمة اليمنية. وتجدر الإشارة إلى أن الحميقاني يعمل مستشارا للرئيس هادي، وهو المنصب الذي كان سيوافق عليه (إن لم يكن قد شجع عليه) السعوديون.
تهمة الإرهاب
بالإضافة إلى ذلك، اتّهم تقرير وزارة الخزانة الأمريكية الحميقاني باستخدام مؤسسة “الكرامة لحقوق الإنسان” في قطر من أجل إخفاء “الدعم المالي الذي يقدمه لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العرب”. ويبدو أن جيران قطر لم يكن يزعجهم أن الحميقاني كان يتولى رئاسة مكتب اليمن لمؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان.
كما يعمل الحميقاني في مؤسسة “المؤسسات الخيرية”، وهي منظمة غير حكومية تأسست في الدوحة سنة 1995. ولذلك، اتّهم خصوم قطر من دول مجلس التعاون الخليجي هذه المنظمة غير الحكومية بدعم “الإرهاب”. ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن هذه المنظمة غير الحكومية تُعتبر من إحدى الجمعيات الخيرية القطرية التي تمثل “قطاعا متطورا إلى حد ما، من شأنه أن يوفر المساعدة والدعم المالي في الداخل والخارج”.
في الحقيقة، ساهم الخطاب الذي ألقاه ترامب في المملكة العربية السعودية، يوم 21 أيار/مايو، في أن يكون الحميقاني كبش فداء. ويبدو أن التوقيت يعكس رغبة القيادة السعودية في إرضاء الرئيس ترامب، الذي حثّ خلال زيارته على التوحد لمكافحة التطرف في العالم الإسلامي. وقد مكّن تصنيف الحميقاني “بالإرهابي” من توجيه أصابع الاتهام إلى الأسرة الحاكمة في قطر.
اعتبر ترامب الادعاءات التي وجهتها عدة دول عربية إلى قطر تأييدا للمواضيع التي أثارها في الرياض. وفي سياق متصل، كتب خلال تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر “خلال رحلتي الأخيرة إلى الشرق الأوسط، ذكرت أنه لا يجب تمويل أيديولوجية التطرف، وعندما قلت تلك الجملة نظر كل القادة إلى قطر”.
من جانب آخر، تم تشويه سمعة الحميقاني من قبل السعودية، ومصر، والبحرين والإمارات العربية المتحدة بسبب العلاقات التي تربطه بعدد من الجمعيات الخيرية القطرية، ولكن لم يكن متهما بارتباطه بتنظيم القاعدة، كما ادعت وزارة الخزانة الأمريكية في وقت سابق. ومن خلال الاستهزاء بالحميقاني بعد أسبوعين من زيارة ترامب للمنطقة، سعت السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى إلى تحقيق هدفين أساسيين.
يوم 9 يونيو/حزيران، ادعى ترامب أن قطر كانت ممولا، تاريخيا للإرهاب، على مستوى عال جدا. وفي أعقاب ذلك المؤتمر في الرياض، اجتمعت منظمة الأمم المتحدة وتحدثت معي عن كيفية مواجهة قطر بسبب سلوكها في المنطقة، ولذلك كان علينا أن نتخذ قرارا، إما أن نسلك الطريق السهل أو أننا نتخذ إجراءً صعبًا ولكنه ضروري؟”.
من هذا المنطلق، أظهرت اللجنة الرباعية التزامها بشكاوى الولايات المتحدة المتعلقة “بالتطرف الإسلامي” على أمل ألا تقوم الولايات المتحدة ببيع المزيد من المعدات العسكرية إلى قطر، وربما للفت نظرها إلى ضرورة نقل “قاعدة العديد الجوية”، والتي بنيت منذ سنة 1996، من الإمارة الصغيرة، لكي تظل ضعيفة، على غرار البحرين واليمن.
والجدير بالذكر أن “قاعدة العديد الجوية” تضم مجموعة من القوات الجوية الأمريكية وغيرها من قوات التحالف وموجوداته. وقد استُخدمت هذه القاعدة في العمليات التي أجريت في أفغانستان، وسوريا، والعراق، واليمن. ولذلك تجدر الإشارة إلى أن نقلها سيكون مكلفا للغاية، ومن غير المرجح أن تفكر الإدارة الأمريكية في ذلك.
مما لا شك فيه أن الحملة الإعلامية الشرسة التي تشنها المملكة العربية السعودية ضد جارتها ذات التفكير المستقل، ومحاولتها لعزلها مثالا واضحا آخر على تنامي نفوذها في المنطقة.
يبدو أن اللجنة الرباعية ترغب في أن تُظهر أن المنظمات الخيرية في قطر قد أصبحت ذات سمعة سيئة، حيث تدعي أنها تملك علاقات مع “تنظيمات إرهابية”. في المقابل، حققت إدانة الحميقاني من قبل اللجنة الرباعية نتائج سلبية في ساحات القتال اليمنية.
ونتيجة لذلك، واحتجاجا على إدراج الحميقاني في قائمة “الإرهاب”، انسحبت القوات التي تقاتل الحوثيين في محافظة البيضاء (مسقط رأس الحميقاني) من مواقعهم، مما سمح للحوثيين بتحقيق مكاسب في المنطقة. ويدل هذا العمل على انتشار السلفيين في المنطقة الجنوبية الوسطى، منذ أن فقدوا مراكزهم الرئيسية في الشمال سنة 2013.
في المقابل، لا تدع وسائل الإعلام الرسمية في الرياض فرصة تمر دون تشويه سمعة هذه المنظمات. فخلال شهر رمضان، قامت إحدى الجمعيات الخيرية في قطر، التي كانت متهمة أيضا بدعم الإرهاب، بتوزيع وجبات مجانية على المدنيين الذين لجؤوا إلى مخيمات حول الموصل، حيث يسعى الجيش العراقي على اقتلاع جذور تنظيم الدولة.
ونظرا لأن الطعام كان قد أُعد في مطعم خارج المخيم، وظل داخل السيارات حتى الإفطار، أصيب المئات من الذين تناولوا هذه الوجبات بالمرض بالتسمم الغذائي ما أدى إلى نقلهم إلى المستشفى. ووفقا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الدولية، يوم 15 حزيران/يونيو سنة 2017، “لم يستغرق الأمر وقتا طويلا حتى يصبح هذا الحدث مرتبطا بالجغرافيا السياسية”. فقد أظهرت إحدى محطات التلفزيون في المملكة العربية السعودية صورا لأطفال مرضى يقبعون على أرضية عيادة مكتظة، مُعلقة أن “جمعية الإرهابيين القطريين” قدّمت الوجبات لكي تسمم مواطني الموصل النازحين”.
مما لا شك فيه أن الحملة الإعلامية الشرسة التي تشنها المملكة العربية السعودية ضد جارتها ذات التفكير المستقل، ومحاولتها لعزلها مثالا واضحا آخر على تنامي نفوذها في المنطقة.
المصدر: لوموند ديبلوماتيك