من جديد يعود السلاح الكيماوي إلى الواجهة عقب تأكيد واشطن نية الأسد استعداده لشن ضربة جديدة على أبناء شعبه، فوجهت الإدارة تهديدات لرأس النظام “بشار الأسد” مفادها أن العواقب ستكون وخيمة هذه المرة، مما يعني أن أمريكا لن تسكت على موت جديد لمئات السوريين بهجمة كيماوية أخرى، أما من يموت كل يوم بكل أنواع الأسلحة وكأنه شأنٌ لا دخل للدول الكبرى به.
حقيقةً القارئ للتصريحات الأمريكية يعتقد للوهلة الأولى أن أمريكا تنتظر موت جديد للسوريين لتوجيه ضربة أخرى للنظام على غرار ضربة الشعيرات السابقة، وقد يفسر آخر أن أمريكا بحاجة إلى جرعة أخرى من الضربات، لأنها لاذت باستثمار سياسي سابق لكنه لم يكتمل، ومنه يتوجب على حلفاء النظام إعطاء إيعاز للنظام بشن ضربة كيماوية جديدة، لتشكل منفذًا أمريكيًا آخر لتحقق تجارة رابحة تناسب رجل الصفقات ترامب في تعزيز الهيبة الأمريكية داخل وخارج أمريكا.
إيران وبعد الرسائل التي وجهتها لديرالزور بصواريخ كروز أُثبت فشل دقتها، لا تعويل عليها إلا عبر إرسال المزيد من مرتزقة تزج بهم وتقدمهم قرابين لولاية الفقيه
وإذا ما افترضنا أن هناك تفاهم على إخراج صفقة جديدة، فعلى حلفاء النظام إطلاق تصريحات الغضب، وكعادتهما روسيا وإيران استخدمتا فن المناورة والتصعيد في مواجهة التهديد الأمريكي لإفراغه من محتواه، فروسيا ردت بالمثل بأنها ستسقط أي طائرة للتحالف في حال استهدفت مواقع للنظام، مما يعيد هنا المشهد إلى ضربة الشعيرات في السابع من نيسان المنصرم.
إذ إن الضربة السابقة أسقطت عنجيهة الدور الروسي في تغاضٍ واضح عن أي رد لإدارة ترامب، بل على العكس من ذلك تم استثمار الضربة السابقة سياسيًا بين جميع الأطراف، ودخل الملف السوري بمنحى ضبط الإيقاع وبناء التوازنات لإدارة القوات في الميدان السوري لتفادي أي مواجهة مباشرة.
فيما إيران وبعد الرسائل التي وجهتها لديرالزور بصواريخ كروز أُثبت فشل دقتها، فلا تعويل عليها إلا عبر إرسال المزيد من المرتزقة تزج بهم وتقدمهم قرابين لولاية الفقيه.
إذًا لا بدًّ من تصعيد محورين وجهًا لوجه، يتبادلان التهديدات لخلق حالة من الذعر داخل النفوس السورية التي أصبحت بحالة إدمان بين الفينة والأخرى بجرعة كيماوية جديدة، في حين الحقيقة تفيد أن السوريين يموتون سواء بكيماوي أو بغيره.
لكن هناك من يسأل هل مجرم العصر بشار الأسد بحاجة إلى تهديدات وهمية، بعد كل الجرائم التي لا تغتفر والتي تم التغاضي عنها من قبل الدولة المطلقة للتهديدات؟
النفاق الأمريكي الأخير يبقى غير مفهوم أمام قرار مجلس الأمن رقم 2118 في الفقرة الرابعة منه الذي ينص على منع استخدام الأسد السلاح الكيماوي ومنعه من إنتاجه، وغير ذلك سيتم التعامل معه وفقًا للفصل السابع حسب قرارات مجلس الأمن
حقيقةً التهديدات الأمريكية أعادتنا إلى إدارة أوباما السابقة إلى جانب وزير خارجيته جون كيري والحديث عن الخطوط الحمراء التي أنتجت صفقة الخلاص للأسد في 2013، حيث تم توقيع صفقة بين عرابين الموت “لافروف وكيري” وألقوا بالأسد على شط الأمان.
وبالفعل تم إنعاشه وفق توقيع قرار يلزم تجريده من هذا السلاح، إلا أن الأخير استخدم كيماوي جديد بعد ثلاثة أعوام مضت في خان شيخون، فهل يصح هنا القول إن الأسد ضحك على أكبردول العالم في صفقة الكيماوي، أم أن الدول الكبرى بإرادتها تركت للأسد الجزء القليل من الكيماوي ليستمر بقتل شعبه.
فيما النفاق الأمريكي الأخير يبقى غير مفهوم أمام قرار مجلس الأمن رقم 2118 في الفقرة الرابعة منه الذي ينص على منع استخدام الأسد السلاح الكيماوي ومنعه من إنتاجه، وغير ذلك سيتم التعامل معه وفقًا للفصل السابع حسب قرارات مجلس الأمن.
ومن هذا القبيل فما الغاية هنا من تجاهل ونسيان مثل هكذا قرار واضح وصريح، حتى يتم استبداله بتحذيرات تعكس تخاذل الولايات المتحدة وتزيد من استحقار الشعوب العربية لها كدولة عظمى مهمتها الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.
الحرب بالوكالة وتجنيد العرب أنفسهم على بعض هي حرب رابحة بالنسبة للغرب ولن تتغير، وأمام هذا التناغم وانتهاء شيء اسمه النظام السوري وجعل رئيسه بشار يسجل حضوره في سجل الزائرين في قاعدة حميميم الروسية، فإن أي حديث عن تهديدات أمريكية جديدة هي محطة للسخرية لا أكثر
هناك من وقف على هذه التصريحات وأخذها على محمل الجد واعتبر أنها تمهيد أمريكي للخلاص من الأسد، بعدما احتدم المشهد في شمال وشرق وجنوب سوريا بين كل الأطراف المتحاربة على الأرض، والتعويل يكمن على خيار المواجهة المباشرة الأمريكية لكل من روسيا وإيران، لا يمكن نفي هذا الأمر ضمن دائرة الاحتمالات، ولكن بنفس الوقت لا يمكن التصديق أن أربعة دول تآمرت على الشعب السوري لسبع سنوات متتالية، ولم يحدث بينها أي مواجهة مباشرة، أن ينتقلوا جميعًا للحرب المفتوحة التي أثبتت فشلها لكل الأطراف، فالحرب الجديدة أثبتت نتائجها عند كل هذه الدول.
الحرب بالوكالة وتجنيد العرب أنفسهم على بعض هي حرب رابحة بالنسبة للغرب ولن تتغير، وأمام هذا التناغم وانتهاء شيء اسمه النظام السوري وجعل رئيسه بشار يسجل حضوره في سجل الزائرين في قاعدة حميميم الروسية، فإن أي حديث عن تهديدات أمريكية جديدة هي محطة للسخرية لا أكثر.