بعد أن بدأت احتجاجات “حراك الريف” بالشموع والورود مرورًا بالطنطنة وإطفاء الأنوار، ابتكر ساكنو الريف المغربي شكلًا جديدًا للاحتجاج وسط البحر للهروب من الطوق الأمني المفروض عليهم داخل المدن وأحيائها، تزامنًا مع تنظيم مئات المغاربة المغتربين وقفات ومسيرات احتجاجية داعمة للتحركات في الحسيمة بكل من باريس وبروكسل ومدريد.
إبداع احتجاجي جديد
لم يفلح الطوق الأمني الذي فرضته السلطات المغربية على مدن الريف من تطويق الحراك والحدّ منه، فما فتئ ساكنو الريف يبتكرون أشكالاً جديدة من الاحتجاج، فهذه المرة نقل نشطاء حراك الريف احتجاجاتهم إلى شواطئ إقليم الحسيمة، وذلك لأول مرة منذ بدء الحراك قبل 8 أشهر.
نقل سكان الريف هذه المرة احتجاجاتهم إلى الشواطئ، هربًا من هراوات قوات الأمن
وأول أمس الأحد، شارك المئات من النشطاء مرتدين ثياب البحر في مسيرة سلمية احتجاجية على شاطئي الصفيحة والسواني، في ضواحي مدينة الحسيمة شمال المغرب، مرددين شعارات تطالب بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية الحراك، للفت انتباه السياح الأجانب لمطالبهم الاجتماعية والاقتصادية.
ورغم الحراسة المشددة التي فرضتها قوات الأمن على مجموعة من المنافذ المؤدية إلى شواطئ الصفيحة، السواني، بأجدير، وايت يوسف، أعلي، للحيلولة دون تنظيم المحتجين لأول مسيرة على الرمال، فقد تمكن الآلاف من الشباب من الوصول للشواطئ وتنظيم تظاهراتهم الشعبية، ورفع الشعارات على المياه.
واعتاد المحتجون في مدن الريف منذ بداية الحراك في أكتوبر الماضي على تنظيم وقفاتهم في الشوارع والأحياء بالمدن، إلا أنهم نقلوا هذه المرة احتجاجاتهم إلى الشواطئ، هربًا من هراوات قوات الأمن، داخل حي سيدي عابد والأحياء الشعبية بالحسيمة وأمزورن.
مبادرات تهدئة
بالتزامن مع هذا الإبداع الجديد في احتجاجات حراك الريف، بدأ صحفيون ونشطاء معتقلون، على خلفية الحراك، إضرابًا عن الطعام بسجن عكاشة تنديدًا بما أسموه انتهاكات لحقوقهم واحتجاجًا على الوضعية المزرية التي يعيشونها، مطالبين بالإفراج عنهم فورًا دون قيد أو شرط.
وأمام تزايد حدة المظاهرات والاحتجاجات لجأت قوات الأمن والشرطة إلى اعتقال أكثر من 100 ناشط من أبناء المنطقة، على رأسهم قائد الحراك ناصر الزفزافي، ووجهت لهم تهم ثقيلة من قبيل تهديد أمن الدولة والتحريض على العصيان المدني، وحوكم بعضهم بعقوبات السجن وأُفرج عن آخرين فيما لا يزال معظمهم ينتظرون مثولهم أمام القضاء.
إلى جانب ذلك، تقدّم نشطاء بالحراك وجمعيات غير حكومية بمقترحات لحل الأزمة، وتضمن المقترح استراحة لمدة 48 ساعة تقررها الجماهير ميدانيًا بداية الشهر، على أن تسقط الهدنة تلقائيًا مع أول حالة اعتقال جديدة.
ينص المقترح على “تمديد الهدنة للمرة الثالثة بـ48 ساعة في حال إطلاق سراح بعض المعتقلين كبادرة حسن نية
واعتبر النشطاء أن الهدنة تتمدد بـ48 ساعة في حالة تجاوب النظام بإخلاء شوارع وأزقة مدينتي الحسيمة وأمزورن من الوجود الأمني الكثيف ورفع الحواجز مع ضمان عدم النزول للشارع للاحتجاج المرتبط بالحراك، كما ينص المقترح على تمديد الهدنة للمرة الثالثة بـ48 ساعة في حال إطلاق سراح بعض المعتقلين كبادرة حسن نية وبعد هذه الخطوات سيكون الباب مفتوحًا لحل شامل يقوم النظام بصياغته مع قادة الحراك المعتقلين وعلى رأسهم ناصر الزفزافي.
العثماني: أزمة الريف طالت ولا بدّ لها من نهاية
وفي تعليقه على تواصل الاحتجاجات في مدن الريف، قال رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني السبت: “أزمة الريف طالت ولا بدّ لها من نهاية عبر مدخلين سياسي وتنموي”، وكشف العثماني أن الحكومة من خلال وكالة تنمية الشمال أطلقت في الفترة الأخيرة أكثر من 200 مناقصة لإنجاز مشاريع تنموية في الإقليم.
تواصل الاحتجاجات يقلق السلطات المغربية
وفي آخر أيام رمضان الكريم، أعرب بيان صادر عن الديوان الملكي عن استياء الملك وانزعاجه وقلقه من عدم تنفيذ المشاريع التي سبق أن أطلقها عام 2015 لتنمية مدينة الحسيمة في الآجال المحددة لها، كما قرر عدم الترخيص للوزراء المعنيين بالاستفادة من العطلة السنوية حتى يتسنى لهم الانكباب على متابعة سير أعمال تلك المشاريع المذكورة.
وتشهد مدينة الحسيمة وعدد من مدن وقرى منطقة الريف، شمالي المغرب، احتجاجات متواصلة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، للمطالبة بالتنمية ورفع التهميش ومحاربة الفساد، وذلك إثر وفاة تاجر السمك محسن فكري المنحدر من أمزورن، الذي قتل طحنًا داخل شاحنة لجمع النفايات، خلال محاولته الاعتصام بها، لمنع مصادرة أسماكه.