ما من شك أن عادة رسم الحناء على يدي وساقي العروس، تشمل كل الدول العربية وحتى الآسيوية منها مثل الهند، ولكن تظل الحناء ميزة من مميزات الأعراس التونسية وبوضعها يكتمل الفرح والبهجة.
ويعد رسم الحناء عادة أصيلة ومتجذرة في العائلات التونسية ولا يخلو منها موسم فرح واحتفال بالزواج، فترى الحناء مرسومة بفن متقن وجذاب على الأكف والأيادي.
وتعتبر الحناء كذلك رمزًا من رموز الجمال، فحين تضع البنت أو المرأة الحناء تضفي عليها طابعًا جماليًا يميزها عن باقي النسوة، ولا ننسى أيضًا أن الحناء مصدر للشعور بالسعادة والفرح لأنها ارتبطت أساسًا بمواسم الأفراح.
وعندما يحين موسم الاحتفال بالأعراس الذي يقترن بفصل الصيف في تونس، تحرص العائلات على توفير الحناء للتزين بها خلال فترة العرس وتوفر الحناء لجميع الضيفات ولكل الراغبات في وضعها من الحاضرات.
وقد تغنى التونسيون بالحناء خاصة في الأغاني التقليدية من أشهرها “يا للا مدي إيديك للحنة”، حيث تستهل الأفراح بهذه الأغنية التي توضع في أول يوم للعرس.
تبدأ العروس بدورها بوضع الحناء منذ أول يوم في الاحتفال، فتكتسي لباسًا تقليديًا وتحضر لبيتها “حنانة” وهي الكنية التي تعرف بها السيدة التي ترسم الحناء للعروس، لترسم في كفيها الحناء بإتقان وسط الزغاريد وأهازيج الغناء التقليدية التي ترجع إلى سنين وسنين مضت وتوارثتها الأجيال.
في القديم كانت العروس تصبغ شعرها بالحناء والعفصاء كذلك كرمز من رموز الزينة، ولكن اليوم تلاشت هذه العادة
وتمتزج رائحة الحناء الفواحة برائحة البخور الذي يتصاعد من الكانون وسط تلك الأجواء البهيجة، فالتونسي من شمال البلاد إلى جنوبها رغم تفتحه وانفتاحه على العالم من حوله ما زال يحافظ على كل طابع أصيل وتقليدي خاصة خلال أفراحة ومسراته، وتراه يسعى جاهدًا لترسيخ هذه العادات في أبنائه حتى لا تندثر وتنسى مع الوقت.
وفي القديم كانت العروس تصبغ شعرها بالحناء والعفصاء كذلك كرمز من رموز الزينة ولكن اليوم تلاشت هذه العادة.
الحنة القابسية.. ماذا تعرف عنها؟
تقع قابس في الجنوب الشرقي التونسي وهي مدينة الكهوف البربرية، اشتهرت بالحناء والرمان والسعف والواحات الظليلة، وتجمع بين الواحة والجبال والبحار والصحاري في ذات الوقت.
وتتميز الحناء القابسية بأنها من أجود أنواع الحناء في العالم، فهي تتميز عن الحناء المصرية والليبية والمغربية والهندية لجودة ورقها وجمال خضابها، نظرًا لطبيعة المناخ الذي تتميز به المدينة.
إن الحناء قد عرفتها مدينة قابس عبر الفتوحات الإسلامية، حيث جاء بها العرب الفاتحون
ويرى بعض المؤرخين أن نبتة الحناء قد ولجت إلى مدينة قابس منذ العصور القديمة، حيث قدمت بها القوافل التجارية القادمة من الشرق عبر البحر وتعرض أوراق الحناء ضمن معروضاتهم التجارية، فيقتني منها تجار قابس كميات عبر المقايضة وتبادل السلع ويروجونها في المجتمع القابسي القديم، لتتزين بها المرأة في تلك العصور.
كما يرى البعض الآخر أن الحناء قد عرفتها مدينة قابس عبر الفتوحات الإسلامية، حيث أحضرها العرب الفاتحون الذين جاءوا لنشر الدين الإسلامي الحنيف في هذه الربوع.