أعلنت مجموعة قطر للبترول عزمها زيادة إنتاج حقل الشمال بمقدار مليون برميل نفط مكافئ يوميًا، وأكدت أنها لن تقطع الغاز عن أي دولة، وفي تصريحات أدلى بها الرئيس التنفيذي لـ”قطر للبترول” سعد شريدة الكعبي، اليوم الثلاثاء 4 من يوليو/تموز، ذكر أن إنتاج قطر الكلي من جميع حقولها سيصل إلى نحو 6 ملايين برميل نفط مكافئ يوميًا.
وأشار الكعبي إلى نقطة أهم وهي أن المجموعة سترفع الإنتاج من الغاز المسال من 77 إلى 100 مليون طن سنويًا، وشدد على أن بلاده لن تقطع الغاز عن أي دولة، في إشارة إلى الإمارات، حيث تلبي إمدادات الغاز القطري نحو 30% من احتياجات الإمارات التي تستخدمه في توليد الكهرباء، وأن الشركة مستمرة في أعمالها والحصار لن يؤثر عليها بأي شكل من الأشكال.
تعد اليابان من أكبر مشتريي الغاز من قطر، ففي العام 2016 تصدرت لائحة مشتريي الغاز القطري، حيث استوردت نحو 12.1 مليون طن
مجموعة قطر للبترول مؤسسة وطنية قطرية تملكها الدولة تأسست في العام 1974 لتكون مسؤولة عن صناعة وإنتاج النفط والغاز في قطر، ويتمحور عمل الشركة في عمليات الاستكشاف وإنتاج وبيع النفط الخام، الغاز الطبيعي، سوائل الغاز الطبيعي، المنتجات البترولية المتكررة، البتروكيماويات، الإضافات البترولية، الأسمدة الكيماوية، الغاز الطبيعي المسال، الحديد والألمنيوم، بالإضافة إلى عمليات الاستكشاف وتنفيذ المشاريع الجديدة على اتفاقيات الاستكشاف والمشاركة في الإنتاج، واتفاقيات التطوير والمشاركة في الإنتاج التي تعقدها مع كبرى شركات النفط والغاز العالمية.
سعد الكعبي المدير التنفيذي لمجموعة قطر للبترول
وحسبما أشارت إليه وكالة رويترز أمس الإثنين أعلنت المجموعة عزمها تطوير مشروع جديد في القطاع الجنوبي من حقل الشمال، أكبر حقل للغاز في العالم، مستهدفة زيادة الإنتاج بنسبة 10%، وبحسب الكعبي، فإن الخطوة تعيد إطلاق المشاريع في الحقل لأول مرة منذ 12 عامًا.
قطر ترفع من إنتاج الغاز على الرغم من الأزمة الدبلوماسية
يتزامن المؤتمر الصحفي لمجموعة قطر للبترول مع الأزمة الخليجية المندلعة بين قطر ومحور الرياض – أبوظبي، والتي لم يظهر بعد أي بوادر حل جذري لها وسط استمرار جهود الوساطة الكويتية، وفي الوقت الذي كان يُـتوقع من قطر أن تقطع الغاز عن الدول المقاطعة وعلى رأسها الإمارات، أعلنت الشركة والحكومة القطرية أن إمداداتها لن تتوقف عن أي دولة وكذلك أعلنت الإمارات نفس الشيء، رغم وجود بند يعفيها من التزاماتها التعاقدية بتوريد الغاز المتعلق بحالة القوة القاهرة التي من ضمنها الحصار.
ويبدو أن قطر ومن خلال مؤتمرها الصحفي اليوم أرسلت رسالة للعالم أن اقتصادها مستتب وإنتاج الغاز وتوريده للعالم مستقر ولا تغيير فيه، بل على العكس سيكون هناك زيادة في الإنتاج بواقع 10% كما أشار لذلك الكعبي.
قطر للبترول سترفع الإنتاج من الغاز المسال من 77 إلى 100 مليون طن سنويًا، ولن تقطع الغاز عن أي دولة، و الشركة مستمرة في أعمالها والحصار لن يؤثر عليها بأي شكل من الأشكال
سوى أن قطر ومن خلال طبيعية العقود التي توقعها مع الدول المشترية للغاز تجُبُّ عن نفسها أي تقلبات في السوق أو في الأزمات الدولية، حيث تفضل قطر ربط عملاءها بعقود توريد ثابتة تمتد لعشرات السنين تلزم المشترين بشراء كميات محددة شهريًا بصرف النظر عن الطلب، ودون الحق في إعادة بيع الإمدادات غير الضرورية إلى مستخدمين نهائيين آخرين.
وتعد اليابان من أكبر مشتريي الغاز من قطر، ففي العام 2016 تصدرت لائحة مشتريي الغاز القطري، حيث استوردت نحو 12.1 مليون طن، تليها في المرتبة الثانية كوريا الجنوبية، ومن ثم الهند، إلا أن دخول الغاز الأسترالي إلى السوق ومنافسته للقطري جعل الشركات اليابانية تفاوض قطر مجددًا على الأسعار، إذ صرح مسؤولان تنفيذيان في شركتي “Tokyo Gas Co” و”Jera Co” أن الشركتين لم تقررا بعد فيما إذا كانتا ستوقعان عقودًا جديدة مع قطر لتحل محل العقود الحالية، التي ستنتهي في عام 2021.
تواجه قطر منافسة شديدة من تدفقات الغاز الطبيعي الأمريكي والأسترالي حيث من المتوقع أن يتفوق الغاز الأسترالي على الغاز القطري كأكبر مصدر للغاز المسال في العالم بحلول 2019
ويحاول مشترو الغاز في اليابان الحصول على حسم في الأسعار، إضافة لزيادة مرونة الشراء من قطر، وبحسب “بلومبيرغ” الاقتصادية فإن مطالب طوكيو ناجمة عن تخمة المعروض التي يشهدها سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي، والتي تدفع مصدري الوقود الأزرق لتقديم تنازلات وشروط عقود أفضل، وليس لها علاقة بالتوترات الدبلوماسية الحاصلة في قطر، وقد حذرت الدوحة الشهر الماضي المشترين في اليابان من أنهم إذا ضغطوا بشدة في مفاوضات تجديد العقود فإن ذلك قد يحرمهم من المشاركة بمشاريع للغاز المسال في البلاد.
ووفقًا لـ”رويترز”، فإن قطر تواجه منافسة متزايدة من تدفقات جديدة من الغاز الطبيعي المسال القادم من مصادر من بينها أستراليا، التي من المتوقع أن تتفوق على قطر كأكبر مصدر للغاز المسال في العالم بحلول 2019.
ووفقًا لما سبق فإن واردات الغاز القطري لم تتأثر بالأزمة الخليجية، بل حاولت امتصاصها والقفز عليها من خلال إبداء مرونة من حيث إنها لا تتأثر بالظرف السياسي في البلاد وهذا يعطي انطباع جيد للمستثمر في البلاد ولمستوردي الغاز القطري.
ثالث أكبر احتياطي في العالم
يشكل قطاعي النفط والغاز الدعامة الأساسية للاقتصاد القطري حيث يطغيان على معظم إجمالي ناتجها المحلي، وتحتل قطر مرتبة عالية جدًا في سوق الطاقة العالمي نظرًا لاعتبارها أكبر مورد للغاز الطبيعي في العالم، لتؤمن تقريبًا ما يعادل ربع إمدادات العالم من الغاز الطبيعي.
وبالنسبة لمساهمة قطاعي النفط والغاز بالاقتصاد فيسهمان بدور فاعل وقوي في موازنة قطر المالية، إذ يمثل قطاع الطاقة نسبة 60% من الناتج المحلي الإجمالي وبعائدات سنوية يقدرها الخبراء بنحو 100 مليار دولار، إلا أن هذه الإيرادات تختلف بين سنة وأخرى بحسب أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية.
وتمتلك قطر ثالث أكبر احتياطي للغاز في العالم بوجود 885 تريليون قدم مكعب حسب آخر إحصاءات شركة “بريتش بيتروليوم” البريطانية، وتأتي نسبة 80% من صادرات الغاز القطرية على شكل غاز طبيعي مسال، ويصدر نحو نصفها عبر الناقلات البحرية إلى آسيا، كما تصدر الغاز عبر الأنابيب إلى دولة الإمارات العربية وعُمان، وتوفر قطر وحدها أكثر من 30% من الاستهلاك العالمي من هذه الطاقة.
تعد قطر في المرتبة الثانية من حيث حجم إنتاج البتروكيماويات في الخليج بعد السعودية، إذ تنتج 16.8 مليون طن، أي ما يمثل نسبة 13.2% من جملة الإنتاج الخليجي للبتروكيماويات
يتركز معظم الإنتاج في الحقل الشمالي، بيد أن إنتاج قطر لـ157 مليار مترمكعب من الغاز جعل منها رابع أكبر منتج للغاز في العالم عام 2012، وحسب إحصاءات شركة البترول البريطانية “بريتش بيتروليوم” تعد قطر حتى الآن أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، وتمثل صادراتها منه، البالغة 105.4 مليار مترمكعب في عام 2012، وهو ما يقرب من ثلث الصادرات العالمية من الغاز الطبيعي المسال.
خريطة توضح حقول الغاز والبترول في قطر
ويتوزع إنتاج الغاز الطبيعي المسال بين شركتين هما “قطر للغاز” و”راس غاز”، وتملك شركة البترول القطرية الحكومية معظم الأسهم في الشركتين، وتملك شركات عالمية حصص صغيرة فيها، حيث تملك شركة قطر للبترول 70% من أسهم شركة راس غاز، أما نسبة الـ 30% الباقية فهي من حصة شركة “إكسون موبيل”، وتتوفر شركتا “قطر للغاز” و”راس غاز” على ما مجموعه 14 خطًا إنتاجيًا، يمكنها مجتمعة إنتاج 77 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال في السنة منذ عام 2010.
وكانت شركة “قطر للبترول” أعلنت في أواخر 2016، أنها ستدمج شركتي “قطر غاز” و”راس غاز” في كيان واحد سيحمل اسم “قطر غاز”، وسيتولى الكيان الجديد إدارة كل مشروعات الغاز الطبيعي المسال في دولة قطر، وكانت قطر افتتحت أكبر مصنع في العالم لتحويل الغاز إلى وقود سائل، وهو مشروع بكلفة 19 مليار دولار نفذته تحت اسم “بيرل” بالاشتراك مع شركة “شِل”، وسيصل إلى أعلى طاقته الإنتاجية وهي 140 ألف برميل في اليوم في أكتوبر/تشرين الأول عام 2012.
تاريخ اكتشاف الغاز في قطر
تم اكتشاف الغاز الطبيعي في قطر في العام 1970 من قبل شركة “شل” الهولندية وشركات عالمية أخرى، عند قيام تلك الشركات بالبحث عن النفط في قطر تم إكتشاف هذه الثروة الكبيرة في المياه القطرية في مكان يدعى الآن بـ”حقل الشمال”، ويقع حقل الشمال في الجزء الشمالي الشرقي لقطر وهو من أكبر حقول الغاز في العالم حيث يتراوح ما بين (15-70) مترًا و يمتد على مساحة 6000 كيلو متر مربع، وفي ذلك الوقت كان من الصعب نقل الغاز والوصول إلى العملاء المحتملين الأوروبيين لأن أوروبا كانت بعيدة جدًا للوصول إليها بالطريقة المعتادة عبر أنابيب النفط.
لذلك قررت شركة “شل” التخلي عن الفكرة ولكن عادت للبروز مجددًا في العام 1990 إذ قرر أمير قطر أنه حان الوقت لترويج الغاز القطري الطبيعي المسال ومن أول المستثمرين كانت شركة “إكسون موبيل” ثم تبعتها الشركات الأخرى، وخلال تلك الفترة عملت الحكومة مع الشركات المستثمرة على تطوير هذا القطاع من خلال بناء المصانع المتطورة والحرص على تمتع هذه المصانع بكفاءة عالية.
لدى قطر أسطول ضخم مكون من 11 سفينة ذات قدرة على استيعاب كميات هائلة من الغاز نحو 135 مترًا مكعبًا لكل سفينة ما يعادل 4.8 مليون قدم مكعب
وأسهم إنخفاض تكلفة الغاز الطبيعي في قطر وخصائصه كمصدر طاقة نظيف في تزايد الطلب عليه بشكل مستمر، مما فتح أبواب إستثمار جديدة خاصة في دول آسيا ومنطقة المحيط الهادئ لتتحول هذه المناطق إلى أكبر سوق للغاز الطبيعي القطري من خلال استيراد الغاز الطبيعي المسال وتحويله إلى غاز.
ولنقل الغاز الطبيعي إلى دول العالم، قامت قطر بشراء أسطول ضخم مكون من 11 سفينة ذات قدرة على استيعاب كميات هائلة من الغاز نحو 135 مترًا مكعبًا لكل سفينة ما يعادل 4.8 مليون قدم مكعب، وتواجه قطر ضغوطًا تنافسية من الخارج من قبل أستراليا والولايات المتحدة اللتان لديهما طموح في التربع على إنتاج الغاز العالمي، إلا أن قطر لا تزال حتى الآن تتربع على عرش أكبر مصدري الغاز المسال في العالم، وتشير الدراسات إلى أن قطر قادرة على مواصلة إنتاج النفط بنفس الوتيرة ونفس الحجم إلى ما يوازي 138 سنة قادمة ما يعطيها قوة ودور فعل في سوق الغاز العالمي.
لابد أن نشير إلى العلاقة بين قطر واليابان في مجال الاستثمار في الغاز القطري، إذ شهد البلدين علاقة وطيدة منذ العام 1992 حين وقعت أول اتفاقية مع شركة Jopo Electric Power Company، ومن ثم فقد شهدت العلاقات اليابانية القطرية تحسنًا على مر السنوات حيث تمد قطر اليوم أكثر من 30 جهة مختلفة يابانية من بينها شركات ضخمة مثل Tokyo Electric Power Company.
كما أن مشاركة قطر في إنتاج البتروكيماويات تعد كبيرة، ومنافس لا يستهان به في المنطقة، إذ تعتبر السعودية من الدول الأكبر إنتاجًا للبتروكيماويات، حيث تصنع 86.4 مليون طن، أي ما يصل لنسبة 67.6 %من جملة الإنتاج الخليجي، وتأتي قطر في المرتبة الثانية من حيث حجم الإنتاج، إذ تنتج 16.8 مليون طن أي ما يمثل نسبة 13.2%من جملة الإنتاج الخليجي للبتروكيماويات، كما تخطط قطر بحلول عام 2020 لإنتاج نحو 23 مليون طن من البتروكيماويات والمواد الكيماوية الأخرى، في إطار استراتيجية متكاملة لتعزيز وضع قطر كقوة رئيسية في صناعة البتروكيماويات في الخليج والعالم.