ترجمة وتحرير نون بوست
نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تحقيقا عن واحد من أكبر مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا، مخيم كلس على الحدود السورية التركية.
وفي التحقيق المنشور بعنوان “كيف تبني مخيما مثاليا للاجئين؟ يقول الكاتب ماك ماكليلاند إن المنظر خارج المخيم يبدو كما لو كان سجنا، لكن بمجرد أن تقف عند بوابات المخيم فإنك ستدرك كيف أن المخيم التركي يختلف جذريا عن الوضع المأساوي لمخيمات اللاجئين في أذهاننا!
اللاجئون يستخدمون بطاقات ممغنطة للدخول، يمرون عبر بوابات آشعة إكس، وعندما يدلفون إلى المخيم، يذهبون إلى واحدة من 2053 من الحاويات المتطابقة تماما والتي تمتد في صفوف متراصة. لا خيام، لا قمامة متعفنة ولا رائحة كريهة من تلك التي من الممكن أن تنتج عن غياب البنية التحتية مع الازدحام!
بدأ النزوح السوري إلى تركيا يوم 29 إبريل 2011، حين نزح 263 سوري إلى تركيا، أنشأت حينها الحكومة التركية خلال أقل من أربع وعشرين ساعة مخيما صغيرا جنوب محافظة هاتاي التركية (تُعرف أيضا بأنطاكية)، الآن، تدير الحكومة التركية 22 مخيما ضخما يخدمون أكثر من 210 ألف لاجئ سوري.
يتحدث صحفي النيويورك تايمز قائلا “عندما دخلنا المخيم، قال مترجمي السوري الذي جاء لاجئا ويقيم في مدينة غازي عنتاب القريبة، قال: “إن المكان نظيف جدا!”، كان هناك عمال أتراك يقومون بأعمال النظافة هناك!”
يضم المخيم عددا كبيرا من المباني المركبة كمدارس، كان المنظر رائعا بينما نسير في ردهات المدرسة بين رسوم الأطفال من سنو وايت والأقزام السبعة التي تزين الجدران، جنبا إلى جنب مع الأعلام التركية مع لافتة ترحب بالزائرين!
يمكنك أن تسمع الأطفال يقرأون ويصفقون من النوافذ المفتوحة، هناك 2225 طالبا يحضرون في هذه المدرسة! إن الأطفال يقولون إن هذه المدرسة أفضل كثيرا من المدارس التي يدرسون بها في سوريا.
يقول دبلوماسي بولندي “إنه أجمل مخيم في العالم!”
يقول دبلوماسي تركي “لديك لاجئين .. ما الذي ستفعله؟ هذا هو رد الفعل المنطقي، أن نبني مخيمات!” لكن الحقيقة أن السبب في تميز المخيمات ليس فقط في البناء أو في توفير احتياجات قاطنيها، لكن تركيا تقول إن 14000 سوري في كلس ليسوا لاجئين وإنما ضيوفا في تركيا، لذلك فتركيا أعفت نفسها منذ فترة طويلة من أي واجبات تجاه اللاجئين، لكن أنقرة تساعدهم بدون أي فرض أو واجب قانوني!
تركيا لديها سجل حافل بمساعدة اللاجئين، في 1989 استضافت أكثر من 300 ألف لاجئ بلغاري، وأثناء حرب البوسنة جاء ما لا يقل عن 25 ألفا من البوسنيين إلى تركيا، لذلك فبغض النظر عن الأسباب، قررت تركيا أن تفتح ذراعيها للاجئي سوريا.
يقول الصحفي أنه على الرغم من أن تركيا تبني جدرانا على الحدود، إلا أن اللاجئين يعبرون ذهابا وإيابا عبر حقول الزيتون الممتدة على الشريط الحدودي مع سوريا.
السوريون يقولون إن الأتراك فعلوا كل ما بوسعهم، لقد بنوا مخيما كأفضل ما يمكن، لكنه يظل مخيما! ولأنه حل مؤقت دوما، فلن يعني شيئا كونه أفضل مخيم أم لا، إنه ليس المنزل على أي حال!
ربى بكري، عمرها ثلاثين عاما، وهي تقيم في كلس منذ 2012، سعيدة للغاية بالحاوية التي تعيش فيها، بها كل ما تحتاجه، بداية من المياه والكهرباء وحتى التلفاز وقنوات الكارتون لأطفالها، و “أكثر من ألف قناة تليفزيونية” حسبما تقول ضاحكة
كل قطاع من قطاعات المخيم يضم عددا من الحاويات، ولكل قطاع مسؤول سوري، يقول أحدهم أنه حاول كثيرا أن يرسل لشكر الحكومة التركية. كل عائلة من قاطني المخيم يحصلون على بطاقة ائتمانية تحتوي على حوالي 40 دولار لكل شخص في العائلة شهريا، بالإضافة ل10 دولارات للاحتياجات الشخصية الأخرى، وفي داخل المخيم هناك سوقا صغيرا يقول عنه السوريون إنه أفضل مما في سوريا.
بناء المخيمات وتشغيلها يكلف كثيرا جدا! مخيم كلس مثلا يتكلف قرابة 2 مليون دولار لإدارته، بحلول نهاية 2013، كانت الحكومة التركية قد أنفقت 2.5 مليار دولار على “ضيوفها السوريين”. هناك مخيم آخر يُدعى مخيم “نزب”، فُتح بعد مخيم كلس بعشرة أشهر، في هذا المخيم، هناك صالون للتجميل للنساء، هناك إنترنت، حلاقون، ورش للفنون، يقول مدير المخيم: “ما نحتاجه كأتراك، أعطيناه للسوريين”
تركيا الآن تضم ربع اللاجئين السوريين في العالم، هناك أكثر من 600 ألف لاجئ سوري يقيمون في تركيا. “ورغم كل التسهيلات التي تقدمها الحكومة التركية، ورغم نظافة المخيمات، وجودة المدارس والحياة بشكل عام، إلا أن السوريون غير سعيدين، لا أحد منهم أن تطول مدة بقاءه هناك” تقول نيويورك تايمز