الصورة: كتائب المقاومة الفلسطينية عادة ما تقتل من تُكتشف عمالته للاحتلال
ترجمة وتحرير نون بوست
فادي قطشان، واحد من أحدث ضحايا الحرب في فلسطين المحتلة، لكن قصته مختلفة بعض الشيء.
توفي فادي الذي يبلغ من العمر 26 عاما في نوفمبر الماضي، ليس برصاصة ولا صاروخ موجه، لكنه توفي بعد أن تعطلت قطعة طبية صغيرة تنظم ضربات قلبه وترفض السلطات الإسرائيلية السماح له له بالخروج أو الاستجابة لطلباته المتكررة على مدار أكثر من عام لتلقي العلاج الطبي.
وفقا لأسرته، عرفت أجهزة الأمن الإسرائيلية أن حياة فادي في خطر لكنهم رفضوا السماح له بالحصول على موعد طبي في مستشفى في فلسطين المحتلة، مستشفيات غزة بعد سنوات من الحصار لم تعد قادرة على أي شيء.
بعد أيام من طلب للحصول على تصريح السفر والخروج من غزة، تقول عائلة فادي أنه تلقى مكالمة من شخص عرف عن نفسه بأنه من “الشين بيت” جهاز الاستخبارات الإسرائيلية، كان يتحدث العربية وهو يخبر فادي أنه يعلم أن جهاز قلبه قد ينفجر في أي لحظة، وعرض عليه السفر بالفعل، لكن بمقابل التعاون!
قيل لفادي أن عليه أن يتصل بالرقم الذي يظهر على شاشة جواله، لترتيب موعد عند معبر إيريز، الطريق الوحيد للفلسطينيين المقييمن في غزة ليخرجوا للعالم في ظل التعنت المصري وإغلاق معبر رفح، أغلق الرجل الهاتف وهو يقول “نراك في تل أبيب”. كان فادي يدرك مصيره وهو يحذف الرقم!
قضية العمالة للاحتلال الإسرائيلي بدأت تطفو على السطح مؤخرا خاصة بعد عدد من الأفلام التي تناولت الموضوع، مثل فيلم عمر الفلسطيني الذي رُشح لجائزة الأوسكار كأحسن فيلم أجنبي، ويحكي فيلم عمر قصة مشابهة حول العلاقة بين وكيل المخابرات الإسرائيلية وشاب فلسطيني وقصة حب!
القضية وكما شغلت هوليود في الفترة السابقة، شغلت الأرض المحتلة أيضا، فبعد عملية اغتيال القائد العسكري لكتائب عز الدين القسام، أحمد الجعبري، في نوفمبر الماضي، قامت حماس بإعدام عدد من المخبرين في شوارع غزة بشكل علني.
هناك أوجه عديدة للتعاون مع الاحتلال، كان التعاون أبرز ما يكون في السبعينات والثمانينيات قبل تسليم مساحات من الأراضي المحتلة إلى السلطة عقب أوسلو. التكنولوجيا تعمل لصالح الاحتلال، لكنهم ما زالوا يحتاجون عملاء على الأرض.
في القدس الشرقية مثلا تأمل إسرائيل أن تمنع أي سيطرة فلسطينية مستقبلا في المدينة، ولذلك فمن الطبيعي أن تجد ما يسمى “تجار الأراضي” الفلسطينيين، وهم فلسطينيون يشترون الأراضي من السكان الفلسطينيين نيابة (وبشكل سري) عن المشترين اليهود والمستوطنين.
وكما تستخدم إسرائيل عملاء اقتصاديين أو تجاريين تستخدم أيضا عملاء سياسيين في المناطق العربية لإضعاف المرشحين المضادين لإسرائيل بين عرب 48
لكن الأهم بالطبع هو تجنيد عملاء يخدمون الاحتلال في توفير معلومات عن عمليات المقاومة أو تحركات القادة الفلسطينيين.
لكن النوع الأكثر شيوعا هم المخبرين، الأشخاص الذين يقدمون معلومات عامة حول أنشطة الجماعات السياسية والحركات الطلابية والنشطاء وأسماء المتظاهرين وما إلى ذلك.
إسرائيل تسيطر على رقاب الفلسطينيين، فهم يسيطرون على قدرتهم على العمل والحركة، وفي مجتمع يبلغ فيه عدد العاطلين بين 30-40٪ من البالغين، من الطبيعي أن يظهر نفوذ المال الإسرائيلي.
إسرائيل تحاول مع الجميع، مع الأطفال المعتقلين، مع الصيادين في غزة، مع الشباب العاطلين، وأهم من ذلك كله، المرضى الذين يحتاجون لعلاج عاجل!
اعتقلت إسرائيل 5 مرضى من القطاع في العام الماضي، كما تم التحقيق مع 150 مريضا آخرين بينهم فتاة تبلغ من العمر 16 عاما، وفي مُعظم الحالات، مُنع المرضى من تصريح الخروج!
عادة يعاني العملاء داخل مجتمعاتهم، وعندما يتم كشفهم لا يتلقون الترحيب اللازم في إسرائيل، إسرائيل تقسم العملاء نوعين، “عملاء مهمون” وهم يحصلون على مزايا ورواتب من وزارة الدفاع الإسرائيلية، و”أشخاص مُهددون”، وهم العملاء الذين تم كشفهم وصارت عودتهم لمناطقهم تنطوي على خطر حقيقي.
عادة ما يعيش هؤلاء في أوضاع بائسة، ربما يُعطون حق الإقامة في إسرائيل لعدة أشهر قبل أن يُطردوا خارجها، وعادة ما يعيشون تحت الأرض مع عائلاتهم حيث لا تسمح إسرائيل باستصدار إقامات لذويهم، وربما ينجرفون في الجريمة حيث لا ملجأ آخر.