لا يشتهر رجال الأعمال وأكثر الرجال ثراءً في العالم فقط بأعمالهم وخدماتهم التجارية التي هي جزء من الاقتصاد، وإنما أيضًا يشتهر عدد كبير منهم بتكهنات وتوقعات تفيد العالم في أحيان كثيرة وتحذرهم وتجهزهم للكثير من المفاجآت، اشتهر منهم بيل جيتس وأيلون ماسك وجاك ما وغيرهم من الأشخاص الأكثر نفوذًا في العالم، وغالبًا ما كانت توقعاتهم تصيب واقعنا خلال سنوات.
بيل جيتس الأقدم والأكثر خبرة في مجال الأعمال ومجال المعلومات والتكنولوجيا، وهو الأغنى في العالم منذ بلغ الـ31 عامًا، منذ عام 1996 وحتى يومنا هذا، وقدرت ثروته بـ85.2 بليون دولار أمريكي.
في كتابه “Business at the speed of thought” نجد أن جيتس كتب ما لا يقل عن 15 توقعًا منذ 20 سنة، والآن تحولت هذه التكهنات إلى حقائق وضروريات وجزء من حياتنا اليومية، وقد وصفته بيزنيس إنسايدر أن جسده معنا في الحاضر ولكن عقله يعيش في المستقبل.
لماذا تصيب تكهنات رواد الأعمال؟
حاول بعض الباحثين معرفة كيف استطاعت بعض الشخصيات البارزة في العالم والمؤثرة في العديد من المجالات أن تتنبأ بأحداث مستقبلية، خاصة في مجال التكنولوجيا أو البيئة والصحة.
فوجد البعض أن مركز هؤلاء الأشخاص سمح لهم بالاطلاع على بيانات تخص هذه المجالات، وتكون هذه البيانات في غاية الدقة والتنظيم من ناحية المعلومات والتسلسل الزمني. فهذه المعلومات مكنتهم من تحليل الأحداث السابقة والحالية ومعرفة ما هو قادم.
علاوة على قدرتهم الكبيرة على تحديد الاتجاهات المستقبلية في العالم، فهم في صدارة العالم ومكانهم هذا يسمح لهم بالتأثير على أي مجال من مجالات الحياة بسبب النفوذ الكبير الذي يملكونه وسمح لهم برؤية العالم بنظرة واسعة ومستقبلية.
توقعات قديمة
توقع جيتس فيما سبق تطور خدمات مقارنة الأسعار بشكل إلكتروني، مما يسمح للناس برؤية الأسعار في عدة مواقع مختلفة، والمقارنة بسهولة للعثور على السعر المناسب لجميع المنتجات المتاحة، وهذا ما نقوم به حاليًا في حال أردنا التسوق، فنجد مواقع أمازون وغيرها تعرض لنا ما نريد من منتجات وبأسعارها المعروضة.
كما أنه توقع وجود أجهزة إلكترونية صغيرة الحجم وتكون على اتصال دائم بشبكة الإنترنت، وإمكانية التحقق من الأخبار والحصول على معلومات من الأسواق المالية والاطلاع على ما تريده في شبكة الإنترنت، وما نراه الآن هو انتشار الساعات الذكية المتصلة بشبكة الإنترنت.
من التوقعات التي أفصح عنها جيتس في مجال التكنولوجيا أيضًا، تغير نظم مؤسسات الرعاية الصحية، بحيث يصبح العثور على طبيب والتواصل معه وحتى إمكانية دفع الفواتير والأقساط أمرًا سهلًا، وهذا ما تحقق عندما بدأ العالم يتعامل مع مواقع زوكدك.
وفي نفس المجال الإلكتروني تكهن جيتس بإمكانية وصل جميع الأجهزة الإلكترونية ببعضها بطريقة ذكية، سواء كان ذلك في المنزل أو المكتب لتبادل البيانات، وذلك عن طريق فحص البريد الإلكتروني لاستلام الإشعارات وتقديم المعلومات اللازمة عن الجدول الزمني للأجهزة، والسماح للناس بضبط إعدادات هذه الأجهزة في غاية السهولة، وبالفعل وجدت جوجل برنامج جوجل نو، وهو مساعد ذكي يعمل على جهاز الهاتف المحمول ويمكنه من خلال البيانات التي تدخلها إليه ضبط درجة حرارة المنزل من المكتب مثلًا.
بجانب هذا تحدث جيتس مسبقًا عن شيوع مواقع المحادثات الاجتماعية الجماعية والخاصة بشكل كبير وتتضمنها شبكة من الأصدقاء وأفراد العائلة والعمل، وما نتعامل معه الآن هو عشرات من تطبيقات التواصل الاجتماعي والتي تضم أفراد من حياتنا الشخصية والعملية، كما أن هناك مليارات من الناس بالفعل يستخدمون هذه التطبيقات الاجتماعية بشكل مستمر.
وفي نفس سياق خدمات الإنترنت، توقع جيتس أن شبكة الإنترنت ستحتوي على صفحات وبرامج تعرض للجمهور مجموعة من الخيارات والعروض والخصومات والأنشطة والوجهات المحلية والدولية وبمختلف الأسعار المتاحة، وحاليًا يعتمد العالم بشكل كبير على التطبيقات التقنية في اختيار وجهات رحلاتهم أو في بحثهم عن رحلات، وهذا ما حققته الشركات التكنولوجية بالمشاركة مع شركات السياحة والفنادق.
توقعات مستقبلية لعام 2035
أولاً: موت ملايين الناس في أقل من عام
في السنوات الـ15 المقبلة، يقول جيتس في مؤتمر الأمن في ميونيخ، إن خسارة 33 مليون شخص لحياتهم في أقل من سنة يعد احتمالًا كبيرًا بسبب العوامل الممرضة القوية، وأضاف “يقول علماء الأوبئة إن مرضًا متحركًا جوًا يتحرك بسرعة كبيرة ويمكنه قتل أكثر من 30 مليون شخص في أقل من عام”، ويعود السبب في ذلك إلى حدوث طفرات وحروب بيولوجية، وإن كانت هذه التكهنات تبدو غريبة فقد حدثت أمور مشابهة لها من قبل، ومثال على ذلك مرض الطاعون الذي قتل ما يقارب ثلث سكان أوروبا، وفيروس الإنفلونزا الإسبانية التي تسبب بقتل 50 إلى 100 مليون شخص عام 1918، لهذا أكد جيتس ضرورة جعل المضادات والتطعيمات الطبية من الأولويات في العالم.
ثانيا: إفريقيا والاكتفاء الذاتي اقتصاديًا
ستصبح إفريقيا من أوائل الدول في إنتاج الأغذية، وذلك عن طريق عدد من التغييرات الجوهرية التي ستطرأ على نظامها الاقتصادي، بالإضافة إلى تحسن نوعية الأسمدة والمحاصيل التي يجري تطويرها حاليًا، والتي ستؤدي إلى زيادة معدلات الإنتاج، كما أن الخطط التطويرية التي بدأ تنفيذها حاليًا لتحسين البنية التحتية في غانا التي زاد فيها عرض الطرق السريعة التي تربط بين مناطق الإنتاج ومناطق التوزيع، بجانب الهواتف المحمولة التي ستصبح أكثر انتشارًا والتي ستتيح فرص توصيل المعلومات والأخبار العالمية.
ثالثًا: لن يكون هناك وجود للبلدان الفقيرة
عام 2014 قال جيتس: “بعد أن تغير العالم وانتقل من عالم مقسم إلى الاتحاد السوفيتي والحلفاء الغربيين إلى العالم الذي نراه اليوم، فالعالم سيشهد معونات واستثمارات مذهلة، ستحقق تقدمًا اقتصاديًا على المدى الطويل وتحسن من مستوى الحياة بشكل كبير”.
رابعًا: استخدام الطاقة النظيفة
عام 2016 تنبأ جيتس باستخدام الدول لمصادر الطاقة المتجددة واعتبرها الدواء الشافي للعالم، وفي نفس الوقت يعتقد أن الاستثمارات ستكون المفتاح للشباب المبتدئين.
خامسًا: خسارة الكثير من فرص العمل لصالح الروبوتات
توقع جيتس أنه سيتم الاستغناء عن البشر في كثير من مجالات العمل واستبدال مهاراتهم أو وجودهم في سوق العمل بالروبوتات والآلات الذكية.
سادسًا: التخلص من مرض شلل الأطفال
أما في رسالته لعام 2013، أشار الملياردير جيتس إلى انخفاض انتشار شلل الأطفال في مئات البلدان وحصره في ثلاثة بلدان فقط، كما يضيف أن العالم شهد 37 حالة شلل أطفال في العام الماضي، ويأمل جيتس أن يصبح هذا المرض الثاني المختفي بعد الجدري، وطلب من المجتمع العالمي القضاء على هذا المرض تمامًا خلال السنوات الستة المقبلة من خلال زيادة الوعي بأهمية التطعيم بشكل عام، لنتخلص من المرض الذي يقتل أكثر من 400000 طفل كل عام.
في النهاية، يرى جيتس أن المهم في حل أي مشكلة هو تقدير حجمها، ويضيف المفتاح في التخلص من أي مشكلة هو تحديدها بدقة ومناقشتها بانفتاح لنتمكن من تقييم الحلول ومعرفة ما يمكن أو لا يمكن أن نقوم به.