للعام الثاني على التوالي، قرّرت منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة (اليونسكو)، الاحتفاظ بالمواقع الأثرية والثقافية الليبية الخمسة الموضوعة على قائمة مواقع التراث العالمي المهدّد في نفس القائمة، نتيجة تواصل الخطر الذي يهدّدها.
وأوضحت “اليونسكو” أنها وضعت قائمتها للتراث المهدد والمعرض للخطر لإبلاغ العالم عن المخاطر التي تتعرض لها هذه المواقع، والحصول دعم فوري من صندوق التراث العالمي لهذه المواقع.
مواقع مهدّدة
وتشمل المواقع الليبية المصنفة ضمن قائمة الخطر، المدينة القديمة في غدامس، التي غالبًا ما يشار إليها باسم «لؤلؤة الصحراء» والموقع الأثري في مدينة سوسة شرق ليبيا، وهي واحدة من المدن الرئيسية في العالم الإغريقي، والمواقع الصخرية الفنية في جبال أكاكوس على الحدود مع الجزائر التي تتميز باحتوائها ومحافظتها داخل الكهوف والمغارات على العديد من لوحات يعود تاريخها إلى ما بين 12 ألف عام قبل الميلاد إلى 100 بعد الميلاد.
تقتصر حراسة المواقع الأثرية حاليًّا على الموظفين المدنيين غير المسلحين والتابعين لمصلحة الآثار وبعض المتطوعين
والموقعان الآخران وهما لبدة وصبراتة على الساحل الغربي للبلاد، ويعتبران موقعين تجاريين هامين على البحر الأبيض المتوسط، كانا ذات يوم جزءًا من المملكة النوميدية الزائلة في ماسينيسا قبل الاكتساح الروماني.
وترجع المنظمة الأممية سبب تواصل وضعها المواقع الليبية الخمسة ضمن قائمة مواقع التراث العالمي المهدّد، إلى عدم الاستقرار الذي يؤثر على البلاد، والخطر الذي تمثّله الجماعات المسلحة وأمراء الحرب على هذه المواقع، بالإضافة إلى عدم تقديم السلطات الليبية معلومات محينة عن وضع المواقع الخمسة.
المواقع الصخرية الفنية في جبال أكاكوس
وتفتقر المواقع الآثار في ليبيا إلى الحراسة الأمنية، إذ تقتصر حراسة المواقع الأثرية حاليًّا على الموظفين المدنيين غير المسلحين والتابعين لمصلحة الآثار وبعض المتطوعين، بعدما كان يحميها في السابق جهاز شرطة السياحة.
تهديم وتجريف وسرقة وتخريب
تقارير اعلامية ورسمية عديدة، أكّدت أنَّ قطاع الآثار في ليبيا يتعرَّض لاعتداءات متنوِّعة منذ نحو ستّ سنوات، إذ هُـدِّمت أضرحة وجُرِّفت مواقع وسُرقت قطعٌ أثرية، بحسب علماء آثار ومصادر رسمية.
أقدم مجموعة من المخربين على تدمير نحوت صخرية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ في موقع تادرارت أكاكوس الواقع في جنوب ليبيا
ومنذ 2011، تعرّض أكثر من 15 موقعًا أثريًّا، حسب علماء الآثار، للتجريف وتحوَّلت إلى مساكن، بينها مواقع داخل مدينة شحات، كما تعرَّضت نقوشًا صخرية في جبال أكاكوس في قلب الصحراء، أيضًا، إلى أعمال تخريب بالطلاء، فيما طالت عمليات القصف العشوائي قصرًا عثمانيًّا في بنغازي، وطال التخريب قصر إسلامي بناه المعز لدين الله الفاطمي في منطقة العزيات غرب مدينة طبرق على الحدود الليبية – المصرية، ليتحوَّل إلى حظيرة للحيوانات.
من جهتها تعرَّضت كثيرٌ من الأضرحة للتدمير على أيدي مسلحين بينها أضرحة في زليتن شرق طرابلس وفي العاصمة نفسها، وأضرحة زويلة التاريخية في الجنوب وأضرحة في درنة والأضرحة والمواقع الصوفية في مدينتي صرمان وصبراتة غرب العاصمة. وفي 2013، قام عدد من السكان بهدم مقبرة مدينة قورينا التاريخية، الواقعة شمال شرق البلاد، وذلك بهدف بناء منازل ومحلات تجارية.
تفتقر المواقع التراثية اللليبية إلى الحراسة
كما وثّقت مصلحة الآثار عدة سرقات تمثَّلت في سرقة بعض الأواني الفخارية من متحف سلطان بالقرب من مدينة سرت وسرقة عدد من الأواني الفخارية من متحف سوسة، إضافة إلى سرقة لوحتين من الفسيفساء في شحات، وكنز بنغازي، وهو عبارة عن مجموعة من القطع النقدية الذهبية والفضية والبرونزية التي يعود بعضها إلى عصور ما قبل التاريخ، ويبلغ عددها نحو 7700 قطعة.
يسعى الليبيون إلى حماية تراثهم من العبث به
وأقدم مجموعة من المخربين على تدمير نحوت صخرية تعود إلى عصور ما قبل التاريخ في موقع تادرارت أكاكوس الواقع في جنوب ليبيا، مما يعرض اللوحات والمنحوتات التاريخية، التي تقول منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة إنها تحمل “قيمة عالمية استثنائية”، إلى الخطر. ويخشى الليبيون من تداعيات تواصل وضع اليونسكو لهذه المواقع الخمسة ضمن قائمة مواقع التراث العالمي المهدّد، الذي يمكن أن تصل إلى امكانية شطب هذه المواقع الاثرية من لائحة التراث العالمي، بسبب ما تم، ويتم اقترافه من تجاوزات.