هناك خمس أسباب جعلتني مقتنعًا بأن القرآن لم يحتف بالحرب، وإنما اعتبارها إحدى وسائل التدافع بين البشر، وتعامل معها بكونها استثناء بين الناس لا ينبغي أن تقوم إلا وفق قواعد محددة، وشروط صارمة تجعل ضررها ينخفض إلى أقل مستوى ممكن، وأن ما جاء من أوامر عسكرية فى القرآن كان له سياقاته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي كانت سائدة في عصر الرسول صلْ الله عليه وسلم، وهذا لا يعني بأن النص القرآني نص تاريخي كما يدعي البعض! ولكني أؤمِن بأنه نص حيوي خالد عابر للزمن يحتاج إلى بصيرة ثاقبة، وقلب طاهر للاستفادة منه مع اختلاف الزمان والمكان.
والسبب الذي دفعني للاهتمام بمسألة القتال في القرآن هو أنني وجدت آيات تأمر المسلمين باتباع حيل عسكرية وقتالية محددة مثل قول القرآن: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} وكذلك أمر القرآن الصحابة بضرب رقاب الكفار في المعارك، وهو أمر عسكري يحدد بدقة كيفية الاشتباك مع الخصوم! كما في قوله: (فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّىٰ إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّىٰ تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا).
وعثُرت على أية أخرى بها تهديد ووعيد للصحابة إذا تكاسلوا عن القتال والجهاد، فقال الله لهم: {قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾، وفي الختام وقعت أيضًا على هذه الأية “لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} وبعد استعراض هذه الآيات النيرات وجدت نفسي واقفاً وسط ركام من الأسئلة المتلاطمة، منها:
لماذا حرض القرآن على الحرب والجهاد بهذا الشكل المكثف؟ ثم لماذا فصَّل القرآن وأمر الصحابه بالالتزام بإستراتيجية قتالية محددة مثل طريقة التعامل مع الأسرى؟ ومما يجعل لهذه الأسئلة وجاهتها: أن العرب قبل الإسلام كانوا أهل حرب وكر وفر، فهم معتادون على الغزو والاشتباك والإغارة آناء الليل وآطراف النهار. كما يعرف الجميع، فهناك معركة داعس والغبراء التي استمرت أربعين عامًا! فلماذا حرص القرآن على تحريضهم على الحرب واتباع وسائل قتالية محددة وهم أهل الدربة والخبرة فيها؟
وبعد طول بحث وسؤال، توصلت إلى خمس عوامل، أعتقد أنها ربما تكشف لنا عن المسوِّغات التاريخية والاجتماعية المُقدرة التي تجعلنا نتفهم ظروف نزول هذا الخطاب القرآني الخالد والمُكثف حول قضايا القتال وضرورة الغلظة على المعتدين، وهى كالتالي:
أولًا: تغيير هدف الحرب، إذ العرب قبل الإسلام كانت معاركهم تدور حول حطام الدنيا، فتارة يتقاتلون على مراعي الغنم والإبل، ومرة يتصارعون على مجموعة من النُوق الشادرة، وفي أحيان كثيرة يشتبكون على موارد المياه والآبار العذبة، فجاء الإسلام ووضع سببًا فريدًا للحرب والقتال ينتمي للسماء وقيمها؛ فجعل القتال مشروعًا لنُصرة الله ورسوله، وانتصارًا للمستضعفين في الأرض، ومقاومة للذين يصدون الناس عن الإسلام، وهذا سبب للحرب، لم تعرفه العرب من قبل، وعُرف حربي جديد مستغرَب لأُناس أفنوا أعمارهم في القتال حول متاع الدنيا الزائل فقط.
فالمقاتل المسلم الذي آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم مطلوبٌ منه القتال من أجل هدف مختلف عما تعوَّد عليه، وهذا الهدف الجديد ليس تحصيل منفعة دنيوية، وإنما هو منفعة أخروية تتمثل في استحقاق وعد الله ورسوله بجنات عرضها السماوات والأرض، فهذا التحول الجديد احتاج إلى معالجة قرآنية مكثفة عبر الآيات المتكررة، حتى يرسخ فى سيكولوجية المجاهد المسلم ليُقاتل فقط من أجل أن تكون كلمة الله هى العليا، وهكذا أجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ما سأله أحد الصحابة فقال: الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، فهو في سبيل الله”.
القرآن كان دائما ما يُعالج هذه النفسية العربية، ويدفعها نحو الرقي، والتسامي على متاع الدنيا
وعند ما ألحت عادات العرب الحربية القديمة على فريق من الصحابة الكرام فتطلعوا للغنائم، حصلت هزيمة أحد المؤلمة، فكما تعرفون أن المسلمين انتصروا في بدء المعركة، ولكن عند ما بدأ الأعداء فى الفرار، وترك كل متاعهم، وامتلأت ساحة المعركة بغنائمهم، ترك 40 من 50 من الرماة موقعهم على الجبل؛ لأنهم ظنوا أن المعركة انتهت، وحان وقت توزيع الغنائم، ولم يبق إلا 10 منهم، وساعتها استدار القائد خالد بن الوليد، وحقق النصر على المسلمين.
لذلك القرآن كان دائما ما يُعالج هذه النفسية العربية، ويدفعها نحو الرقي، والتسامي على متاع الدنيا، فلما اختلف الصحابة في بدر من يستحق الغنائم أو الأنفال، من أحرزها بعد المعركة أم الذين طاردوا فلول جيش المشركين أم الذين أحاطوا بالنبي صلى الله عليه وسلم لحمايته، نزل الوحى بالقرآن على الرسول يسمو بهم فوق هذا التطلع للدنيا وللغنيمة، ويذكرهم بتقوى الله وإصلاح ذات البين: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ۖ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}
ثانيا: قتال الأقارب والآباء والإخوة: فمع بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم بالرسالة في مكة تغير الوضع الاجتماعي، فأصبح فى كل بيت بمكة حديثٌ عن الإسلام، وفي كل قبيلة فريق مسلم وآخر مُشرك معاند مُحارب للمؤمنين، والذين هم في الحقيقة آباؤهم وأبناؤهم وإخوانهم وأزواجهم وعشيرتهم، ثم جاء بعد ذلك الإذن الإلهي بمجاهدة الكافرين: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} فكان الأمر عسيرًا على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أصبحوا مكلفين بقتال إخوانهم وآباءهم وأبنائهم وعشائرهم، وهذا أيضا وضع جديد على المجتمع العربي، الذى تعود القتال مع الأباعد، أما الاشتباك مع الإخوة والأباء من أجل نصرة تعاليم السماء والانتصار لرسالة الإسلام، فكان أمرًا شاقًّا وعسيرًا، تكاد تنفطر منه القلوب والأفئدة، وقد سجل القرآن مدى صعوبة هذا الأمر فى قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
ويمكننا أن نتصور الأمر وصعوبته عند ما نسمع عبد الله بنَ عبد الله بنِ أبيٍّ ابنِ سلول، ابن زعيم المنافقين الذي قال: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ} ويقصد بنفسه الأعز وبالنبي صلى الله عليه وسلم الأذل، فقال عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم: دعني أضرب عنقه. قال: “معاذ الله، أن يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه”. فقام عبد الله بن عبد الله بن أبي ابن سلول وقال: يا رسول الله! إني لا أحب أن أرى قاتل أبي يمشي على الأرض، فأنا أقتله”. فقال له رسول الله: “لا تقتل أباك”. فماذا يفعل عبد الله ؟ ذهب إلى أبيه وأخذ بتلابيبه، وقال: والله لن تدخل المدينة حتى تقول: إنك الأذل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم الأعز! وما تركه يدخل المدينة حتى قالها.
وتتجلي صعوبة هذه المشاعر حتى تصل إلى الرسول صلي الله عليه وسلم نفسه، فيقول لوحشي بن حرب ـ قاتل حمزة بن عبد المطلب عمه يوم أحد ـ عندما أسلم: “أما تستطيع أن تغيب عني وجهك؟”. فكان وحشي دائما يتقي أن يراه الرسول الله صلى الله عليه و سلم، فعلى الرغم من فرحة الرسول بإسلام الرجل فإنه كان يخشي أن يري وحشي فتهيج نفسه بتذكر استشهاده عمه حمزة فى يوم أحد.
معارك العرب قبل الإسلام لم تكن تخضع لمبدأ أخلاقي رصين يحكم قواعد القتال، ثم جاء الإسلام بميثاق أخلاقي متعلق بالقتال
ثالثًا: الإستراتيجية القتالية الجديدة: العرب قبل الإسلام قتالها في معظمه تدور رحاه بين كر وفر وسلب ونهب، عبر الإغارة الخاطفة، والتحرك ليلًا دون الحاجة إلى احتلال مواقع والدفاع عنها؛ فالإغارة تقوم على إستراتيجية الهجوم الخاطف السريع ليلًا على خيام القبائل المستهدفة، والاستيلاء على غنائمها، والعودة بها فى جنح الظلام إلى المكان المقصود، ومعارك العرب قبل الإسلام لم تكن تخضع لمبدأ أخلاقي رصين يحكم قواعد القتال، ثم جاء الإسلام بميثاق أخلاقي متعلق بالقتال، يجب على المسلم الخضوع له، وهو أن يتصارع مع المعتدين، فالقتال تحت قيادة محمد صلى الله عليه وسلم أصبح يستدعي الصمود والحفاظ على الأرض، وتأمين الحدود والثبات فى المواقع، من أجل الحفاظ على رقعة المدينة المنورة الجغرافية، والحفاظ على أرض الإسلام التي تتسع شيئا فشيئا، وحراستها من المعتدين، وهو تكتيك عسكري جديد، لم يتعود عليه المُقاتل العربي، فتدخل القرآن لكى يساعد الرسول فى إقناع جيشه المُقاتل في سرعة الاستجابة لأوامره العسكرية غير المعتادين عليها، مثل أمر القرآن الصحابة القتال في صفوف متراصة ومتكاتفة حتى لا يتمكن العدو من الانتصار والاستيلاء على الأرض: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}.
رابعاً: قلة العدد والعُدد: دخلت قريش مع الرسول والصحابه فى صراع مفتوح يستهدف محو الرسول والرسالة من الوجود عبر التعذيب والإكراه والقتال ،فقرر الرسول ترك مكة والهجرة إلى المدينة حتي يسلم من إكراهات صناديد مكه، ولكن جيش قريش استمر فى ملاحقة المسلمين فى المدينة عبر الحصار والتحريض والمُقاطعة ، وهذا استدعي أن تكون مدينة رسول الله مستنفرة دائما ومستعدة لمواجهة أى هجوم مُباغت عليها ،ومع تواضع عدد المسلمين في المدينة إجمالاً وصعوبة الوضع الإقتصادي للمؤمنين إذ كان المُجاهد المسلم يتكفل بإعداد نفسه وسلاحه على نفقاته الخاصة أصبح تخلف أحد المجاهدين عن الجهاد مهدداً لمستقبل الإسلام والرسول مما جعل القرآن الكريم يُفرد صفحات منه لترغيب الصحابه فى فضائل الاستجابة لأوامر الرسول العسكرية،وترهبهم من مغبة التخلف عنه بعدم النفير مع الرسول للحرب إذ جعل التخلف عن رسول الله ذنب كبير يستحق العذاب الأليم ” إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”
أن كثافة حديث القرآن عن القتال والجهاد وطرقه وما ينبغي للمُقاتل فعله في ساحة المعركة نابع من صعوبة وضع جيل الصحابة الكرام على المستوى الإجتماعي والسياسي؛ إذ الدين والرسالة فى خطر والخصوم للوحي هم الأقارب والأخوة، وهدف الحروب قد تبدل
خامساً: الفقه العسكري: نزلت آيات قرآنية متنوعة وعديدة تشرح للمسلمين المُقاتلين كيف يُصلُّون فى ساحات الوغي والقتال؟ وكيف يتصرفون فى موضوعات الطهارة وإقامة الصلاة والجمع فيها وقصرها حتى لا تنقطع صلتهم بالله، وهذا بطبيعة الحال أخذ مساحة من حديث القرآن عن الحرب، ولكن من زاوية الفقه مثل قول الله تعالي: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَىٰ لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ۗ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَىٰ أَن تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ ۖ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا}
وفي الختام يتضح للمتدبر أن كثافة حديث القرآن عن القتال والجهاد وطرقه وما ينبغي للمُقاتل فعله في ساحة المعركة نابع من صعوبة وضع جيل الصحابة الكرام على المستوى الإجتماعي والسياسي؛ إذ الدين والرسالة فى خطر والخصوم للوحي هم الأقارب والأخوة، وهدف الحروب قد تبدل، وطرق القتال تحت قيادة الرسول قد تغيرت، فكل ما سبق استدعي أن يُفرد القرآن الكريم عديد الأيات والسور التي تضبط كل هذه المسائل الجديدة وهذا يجعلنا نُدرك أن حديث القرآن عن القتال بهذا الإسهاب لايعنى احتفاء بالحرب والسجال وإنما كان إعداداً ومعالجةً لجبهة الإسلام الداخلية حتى تتماسك وتقوم بدورها فى رد العدوان على الإسلام.