لا تزال لعنة روسيا تلاحق ترامب فما إن يغلق باب حتى يفتح باب آخر، فبعدما طالت التحقيقات الفيدرالية شخص الرئيس وصل الدور إلى عائلته بعد ظهور معلومات حول لقاء نجل ترامب بمحامية مرتبطة بالكرملين خلال حملة الانتخابات الأمريكية 2016.
وكانت هيلاري كلينتون فسرت في آخر لقاء لها أن سبب هزيمتها في الانتخابات الرئاسية هو تواطؤ بين أعضاء في فريق الرئيس ترامب مع الروس في الهجمات الإلكترونية التي استهدفت حملتها. وتحدثت كلينتون لأول مرة فيما اعتبره البعض خروجًا عن صمتها، في المؤتمر التكنولوجي في كاليفورنيا الذي عُقد مطلع الشهر الحالي، عن مزاعم التدخل الروسي في الانتخابات وعن حملة التضليل الإعلامي والقرصنة التي تعرضت لها حملتها خلال الأشهر التي سبقت عملية الاقتراع.
وذكرت كلينتون إن “الروس برأيي، واستنادًا إلى الأشخاص في الاستخبارات ومكافحة التجسس الذين تحدثت إليهم، ما كانوا ليعرفوا كيف يستخدمون هذه المعلومات كأسلحة لو لم يحصلوا على مساعدة من أميركيين”.
فيما جاء الرد سريعًا على تصريحات كلينتون من قبل ترامب نفسه، حيث كتب في تغريدة على “تويتر” قائلا “هيلاري المحتالة تلقي باللوم الآن على الجميع باستثنائها هي نفسها، وترفض الإقرار بأنّها كانت مرشّحة سيئة. تتهم فيسبوك وحتى الديموقراطيين واللجنة الوطنية الديموقراطية”.
Crooked Hillary Clinton now blames everybody but herself, refuses to say she was a terrible candidate. Hits Facebook & even Dems & DNC.
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) June 1, 2017
نجل الرئيس ترامب متورط
أشارت صحيفة “نيويورك تايمز”، الأحد الماضي، عن ثلاثة مستشارين في البيت الأبيض، قولهم إن “نجل الرئيس الأميركي، ترامب، وافق على لقاء محامية مرتبطة بالكرملين خلال الحملة الانتخابية في 2016، بعد أن تلقى وعدًا بالحصول على معلومات عبر البريد الإلكتروني تضر بسمعة هيلاري كلينتون، منافسة والده الديمقراطية حينذاك على مقعد الرئاسة”. ويفهم من الرسالة التي وردت في ذلك البريد أن المادة كانت جزءًا من جهود الحكومة الروسية للمساعدة فى ترشيح والده، مع العلم أن ابن الرئيس لم يعتقد أن المحامية قد يكون لها أي ارتباط بالكرملين، وحسبما قال في تصريحات له “طلب مني أن أجري لقاء من أحد معارفي كنت أعرفه من مسابقة ملكة جمال الكون 2013 مع فرد قيل لي أن لديه معلومات مفيدة للحملة، ولم يقل اسمها قبل الاجتماع “.
وصف السيناتور الديمقراطي وارنر أن اجتماع ابن الرئيس مع المحامية بأنه لم يسبق له مثيل، وإنها المرة الأولى التي يشهد فيها الشعب دليلا واضحًا على أن كبار المسؤولين في اجتماع مع الروس أثناء حملة ترامب بالانتخابات الرئاسية.
ويتابع دونالد الابن “لقد عقدنا اجتماعًا في يونيو / حزيران 2016. بعد تبادل كلمات الترحيب، ذكرت المرأة أن لديها معلومات تفيد بأن الأفراد المرتبطين بروسيا كانوا يمولون للجنة الوطنية الديمقراطية ويدعمون هيلاري كلينتون”. وأضاف “”تصريحاتها كانت غامضة ولم تكن منطقية، ولم تقدم تفاصيل أو معلومات تدعمها ولم تعرض تقديمها، وسرعان ما أصبح واضحًا أنها لا تمتلك معلومات ذات قيمة”.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن “مدير حملة ترامب آنذاك، بول مانافورت، وصهره، جاريد كوشنر حضرا الاجتماع أيضًا، وأوردت الصحيفة تصريحًا لنجل ترامب يعترف فيه بلقاء المحامية الروسية، ناتاليا فسيلنيتسكايا. ومن جانبه، قال مارك كورالو، وهو متحدث باسم الفريق القانوني للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إن الرئيس “لم يكن على علم ولم يحضر” أي اجتماع بين نجله ومحامية مرتبطة بالكرملين العام الماضي.
ويرى محامي ابن الرئيس ترامب، حسب ما جاء في صحيفة الاندبنتدنت البريطانية أن هناك الكثير من اللغط رافق هذا، وقال أنه خلال فترة الحملة الرئاسية وصلت رسالة بالبريد الإلكتروني من قبل غولدستون إلى بريد ابن الرئيس، ذُكر فيه أن هناك أشخاص لديهم معلومات خطيرة ضد المرشحة الديمقراطية كلنتون في تعاملها مع روسيا، وأن تلك المعلومات يمكن أن تكون مفيدة لحملة والده.
كلينتون فسرت في آخر لقاء لها أن سبب هزيمتها في الانتخابات الرئاسية هو تواطؤ بين أعضاء في فريق الرئيس ترامب مع الروس في الهجمات الإلكترونية التي استهدفت حملتها
ولا توجد أي أدلة تشير إلى أن المعلومات الخطيرة التي وعد بها ابن ترامب كانت تتعلق بالقرصنة الحاسوبية الحكومية الروسية التي أدت إلى الإفراج عن ألاف من رسائل البريد الإلكتروني للجنة الوطنية الديمقراطية. ولإن اجتماع ابن ترامب مع المحامية الروسية عقد قبل أقل من أسبوع من إعلان أن القراصنة الروس تسللوا الى خوادم اللجنة، فإنه من المرجح أن تكون الرسالة الإلكترونية ذات اهتمام كبير لوزارة العدل الأمريكية، ومحققى الكونجرس الذين يبحثون ما إذا كان أى من شركاء الرئيس ترامب قد تواطأ مع الحكومة الروسية لعرقلة انتخابات العام الماضى.
Happy to work with the committee to pass on what I know. https://t.co/tL47NOoteM
— Donald Trump Jr. (@DonaldJTrumpJr) July 10, 2017
وقد قررت وكالات الاستخبارات الأمريكية أن الحكومة الروسية حاولت التأثير على الانتخابات لصالح السيد ترامب. وقال محققو مجلس الشيوخ الأمريكي أنهم يريدون استجواب دونالد ترامب الابن لسؤاله حول اجتماعه مع محام مرتبط بالكرملين. ووصف السيناتور وارنر وهو أحد كبار الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، اللقاء الذي جرى بين ابن ترامب والمحامية بأنه “لم يسبق له مثيل”، وقال إنها المرة الأولى التي يشهد فيها الشعب دليلا واضحًا على أن كبار المسؤولين في اجتماع مع الروس أثناء حملة ترامب بالانتخابات الرئاسية.
لقاء الرئيس ترامب مع بوتين
جاءت معلومات لقاء ترامب الابن بعد قمة مجموعة العشرين التي شهدت أول لقاء بين بوتين وترامب في هامبورغ الألمانية، وأكد وزير الخارجية الروسي لافروف أن ترامب قبل تأكيدات نظيره الروسي بوتين بخصوص عدم تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية. وقال ترامب لبوتين في لقاءهما الذي دام لمدى ساعتين وربع تقريبًا تنولا الكثير من القضايا، إنه تشرف بالالتقاء به لأول مرة وأكد أنه يتطلع إلى أشياء إيجابية في العلاقات بين البلدين. فيما لم تكترث الآلة الإعلامية أو وزارة العدل الأمريكية بلقاء ترامب وبوتين وتأكيدات بوتين بعدم التدخل في الانتخابات الرئاسية، وما أدل على ذلك هو استمرار التحقيقات والتسريبات في هذا الشأن، وبقوة، حتى وصلت إلى ابن الرئيس الأمريكي ترامب.
وضع ترامب اليوم يبدو أصعب من وضع نيكسون 1974 الذي أطلحت به الصحافة الأمريكية بعد عداءه لها، ففريق الرئيس ترامب متهمٌ بعلاقته بدولةٍ أجنبية، ومكتب التحقيقات الفيدرالي حانق على إطاحة رئيسه، ويمتلك المعلومات الكافية لتلقف الفرصة للإطاحة به، في حين يقف الإعلام متلهفٌ للنشر
في مقال للباحث مروان قبلان، أشار فيه أن ترامب قرر أن يقف ضد مجتمع الاستخبارات الذي عبر عن عدم ثقته بالرئيس نتيجة ما توفر له من شكوك حول دور روسي في إيصاله إلى البيت الأبيض، ولم يكتفي ترامب بذلك بل عادى أيضًا الماكينة الإعلامية وهذا ما زاد الوضع صعوبة عليه، إذ لم يترك ترامب مناسبة إلا وهاجم وسائل الإعلام حتى حولها إلى خصم لدود، وظن أنه يعاقبها بإبعادها عن مؤتمراته الصحافية واجتماعاته الدبلوماسية، بل ذهب بعض معاونيه إلى وصف الإعلام، الليبرالي خصوصا، بأنه حزب المعارضة الرئيس في البلاد.
ووصف قبلان أن الاستخبارات والإعلام ما تسلطت على إدارة إلا وقضت عليها، وتعد فترة رئاسة الرئيس ريتشارد نيكسون الذي حكم بين عامي 1969 – 1974 بل لأن نيكسون قاد أيضًا الإدارات الأمريكية عداءًا لوسائل الإعلام ودفع ثمنًا نتيجة ذلك أدت إلى الإطاحة به في نهاية المطاف. ويتابع قبلان أن وضع ترامب اليوم يبدو أصعب من وضع نيكسون الذي صاح صباح يوم خريفي من عام 1972 في وجه مساعديه “الصحافة هي العدو”، فالإعلام الأمريكي يمتلك اليوم هوامش أكثر اتساعًا من هوامش الحرب الباردة، وفريق الرئيس “متهمٌ” بعلاقته بدولةٍ أجنبية، ومكتب التحقيقات الفيدرالي حانق على إطاحة رئيسه، ويمتلك المعلومات الكافية لتلقف الفرصة للإطاحة به، في حين يقف الإعلام متلهفٌ للنشر، ويتوقع قبلان أن فرص ترامب في النجاة باتت ضئيلةً، وستستمر في التضاؤل حتى يخرج.
أخيرًا منذ استلام ترامب السلطة والتسريبات تطال أعضاء إدارة الرئيس ترامب واحدًا تلو الآخر بعضهم استقال والبعض الآخر ينتظر، وبعدما وصلت التحقيقات إلى الرئيس نفسه من قبل روبرت مولر المشرف على ملف التحقيقات في التدخل الروسي بالانتخابات الأمريكية 2016، والمستشار الخاص لوزارة العدل الأمريكية، ليكون بهذا الرئيس ترامب أول رئيس يتم التحقيق معه منذ العام 1998، وتدور التحقيقات حول عرقلة ترامب لسير العدالة ومحاولة وقف التحقيقات الروسية بعد إقالته لجيمس كومي مدير التحقيقات الفيدرالي، ولا يُعرف على من سيأتي الدور بعدما وصل إلى ابنه دونالد ترامب ولكن المؤكد أنه لن يقف عند هذا الحد مادامت التحقيقات مستمرة والإعلام يقف بالمرصاد!.