ترجمة وتحرير: نون بوست
تهدف عملاقة التكنولوجيا، شركة فيسبوك، إلى بناء قرية خاصة بها تتكون من 1500 شقة في مدينة “مينلو بارك”، للموظفين الذين يكافحون من أجل دفع إيجارات مرتفعة مقابل الحصول على سكن. وقد جاء ذلك على خلفية مواجهة الشركة لموجة من الانتقادات لمساهمتها في تعميق أزمة الإسكان في وادي السيليكون. وقد قدّمت شركة التواصل الاجتماعي خططا إلى المجلس المحلي لإنشاء حي جديد يشمل منازل ومحلات تجارية وساحة عامة بالقرب من مقرها العالمي.
وفي هذا السياق، قالت شركة مارك زوكربيرغ إنها اضطرت إلى بناء “قرية متعددة الاستخدامات” تحت اسم “ويلو كامبوس” في مدينة مينلو بارك، تبعد حوالي 30 ميلا عن جنوب سان فرانسيسكو. وأفادت الشركة أنها أقدمت على هذه الخطوة بسبب “فشل” الحكومة الإقليمية في الاستثمار في البنية التحتية، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الإيجارات، فضلا عن قضاء العمال ساعات طويلة للوصول إلى مقر العمل.
وفي شأن ذي صلة، صرح نائب رئيس الملكيات العقارية في شركة فيسبوك، جون تينانس، بعد أن قدمت الشركة خططا لمسؤولي مينلو بارك، بأن “هدفنا من بناء ويلو كامبوس يتمثل في إنشاء قرية متكاملة، ذات استخدامات متعددة من شأنها أن توفر الخدمات الاجتماعية المهمة والإسكان، ناهيك عن حلها لمشاكل التنقل التي يعاني منها الكثير من الموظفين، فضلا عن خلقها مساحات جديدة لإنشاء مكاتب”.
وأضاف المصدر نفسه أن “جزءا من رؤيتنا يتمحور حول إنشاء مركز يوفر الخدمات الاجتماعية التي تحتاجها المنطقة بشدة. فقد أدى فشل المنطقة في مواصلة الاستثمار في البنية التحتية للنقل إلى خلق مشكل الازدحام في الشوارع ومشاكل التأخير في العمل”.
سوف تكون المنازل والشقق التي سيتم بناؤها بحلول سنة 2021، متاحة لموظفي الشركة وأولئك الذين يعملون في أماكن أخرى
وتجدر الإشارة إلى أن عمدة مينلو بارك، كيرستن كيث، رحبت بخطة الشركة الرامية إلى المساعدة في معالجة أزمة ارتفاع أسعار الإيجار الناجمة عن النمو السريع لشركات التكنولوجيا في الساحل الغربي. وقد تم إنشاء أكثر من 640 ألف فرصة عمل جديدة في منطقة خليج سان فرانسيسكو، منذ سنة 2010، ولكن بناء المساكن أخفق في الحفاظ على نفس وتيرة النمو.
وفي هذا الإطار، قالت كيث إن “المدن التي تقع في شبه الجزيرة تعاني من أزمة سكنية حادة. لذلك، آمل أن تُقدم المزيد من شركات التكنولوجيا مقترحات سكنية بأسعار معقولة كما فعلت شركة فيسبوك”. والجدير بالذكر أن شركة فيسبوك سوف تخفض أسعار 15 بالمائة فقط من المنازل التي سوف تبنيها. وسوف تكون المنازل والشقق التي سيتم بناؤها بحلول سنة 2021، متاحة لموظفي الشركة وأولئك الذين يعملون في أماكن أخرى.
ووفقا لموقع بيانات الشركة العقارية رينت جونغل، ارتفع معدل الإيجارات الشهري في مينلو بارك أكثر من ثلاثة أضعاف ليصل إلى 3349 دولارا ( أي ما يعادل 2600 جنيه إسترليني) منذ سنة 2011، عندما أعلنت شركة فيسبوك أنها ستنتقل إلى المدينة. وتعتبر إيجارات مدينة مينلو بارك، التي يرتفع فيها إيجار شقة ذات سريرين إلى معدل 3934 دولارا، من أعلى المعدلات المسجلة في البلاد، فضلا عن أنها تعتبر أعلى بكثير مما هي عليه في مدينة نيويورك.
علاوة على ذلك، وفقا لوكالة العقارات تروليا، فإن متوسط سعر المنزل في وادي السيليكون قفز من 535 ألف دولار في سنة 2012، إلى 888 ألف دولار في السنة الماضية. وما لا يخفى عن الجميع أن مارك زوكربيرغ، البالغ 33 سنة، يعتبر ثاني أغنى شخص في العالم بثروة تبلغ 64.7 مليار دولار، وعدة منازل تبلغ قيمتها عشرات الملايين من الدولارات. وقد أنفق زوكربيرغ مبلغا 30 مليون دولار في شراء أربعة منازل محيطة بمنزله، الذي يقع في مدينة بالو ألتو، في محاولة منه لحماية خصوصيته.
كما أنفق مالك شركة فيسبوك 100 مليون دولار لشراء قطعة أرض مساحتها 700 فدان تقع على جزيرة كاواي في هاواي، و10 ملايين دولار لاقتناء منزل يوجد في مرتفعات دولوريس في سان فرانسيسكو. بالإضافة إلى ذلك، يعمل أكثر من 9 ألاف موظف في مكاتب فيسبوك، التي تتمركز في مينلو بارك. وقد ارتفع عدد الموظفين بنسبة 54 بالمائة خلال السنة الماضية، ومن المتوقع أن يستمر في الارتفاع بسرعة مع افتتاح أكبر قرية سكنية في المنطقة.
من جانب آخر، أجبر التدفق الهائل للعاملين في شركة فيسبوك وغيرها من شركات التكنولوجيا الكبيرة الأخرى، الآلاف من العمال الرئيسيين من المنطقة، والعديد من المعلمين، وعاملات التنظيف، والموظفين لخوض معركة شق أميال من الطرق السريعة المزدحمة من أجل الوصول إلى العمل كل صباح.
في الواقع، غالبا ما يتم نقل العاملين في شركات التكنولوجيا إلى مقرات عملهم في وسائل النقل التابعة لشركاتهم، ما أثار غضب السكان المحليين الذين يشعرون بالقلق إزاء عدم المساواة المتزايدة في المنطقة. وخلال السنة الماضية، أعلن مجلس المشرفين في سان فرانسيسكو عن حالة الطوارئ بسبب تزايد انتشار ظاهرة التشرد في المنطقة. وحيال هذا الشأن، قال مشرف مدينة سان فرانسيسكو، ديفيد كامبوس، إن “ما تعيشه المنطقة ليس كارثة طبيعية، إنما من صنع الإنسان. لكنها تبقى كارثة”.
فضلا عن ذلك، تعرضت شركة فيسبوك، التي حققت أرباحا بلغت 12.4 مليار دولار خلال السنة الماضية، للكثير من الانتقادات بسبب مساهمتها في تفاقم أزمة السكن في مينلو بارك من خلال منح موظفيها مكافأة قدرها 10 آلاف دولار، مقابل إيجاد مسكن قريب من مكتبها الرئيسي.
في المقابل، صرّح الرئيس التنفيذي لمؤسسة “آيبل وركس” الخيرية الممثلة للعمال الرئيسيين في المنطقة، في مطلع سنة 2015 بأن “الكثير من الأسر المحلية سوف تتضرر”، نظرا لأن الشركة أفادت بأن مخطط هذه القرية يهدف “إلى دعم موظفيها والأشخاص الذين يهمونها”.
وفي الأثناء، رحبت المديرة التنفيذية لجمعية مينلو سبارك، ديان بيلي، بمقترح فيسبوك المتعلق ببناء قرية ويلو بارك، وإنشاء محلات بقالة وصيدليات جديدة. وفي هذا الصدد، قالت إننا “نشعر بأن فيسبوك تريد حقا أن تكون جارة جيدة، ويبدو أنها قد تفطنت لاحتياجات المجتمع وتريد تلبية تلك الطلبات، إذ أنه لم يكن في المنطقة محلات بقالة أو صيدليات لفترة طويلة”.
ليست شركة فيسبوك الشركة الوحيدة التي تسعى إلى معالجة أزمة الإسكان. ففي الشهر الماضي، قالت متحدثة باسم شركة غوغل العالمية، إن “الشركة سوف تنفق 30 مليون دولار على بناء 300 شقة جاهزة للموظفين في مقرها الجامعي القريب من “ماونتن فيو”
وتجدر الإشارة إلى أن أي شخص يمكن أن يستغرق أكثر من نصف ساعة بالسيارة ليصل إلى أقرب سوبر ماركت، الذي يوجد على بعد أربعة أميال من المنطقة بسبب ازدحام الطرقات. كما تعهدت الشبكة الاجتماعية بإنفاق مليون دولار من أجل النظر في فكرة إعادة فتح خط سكة حديد قديم يمر عبر قرية الشركة. فضلا عن ذلك، ستقوم الشركة، في الوقت الراهن، “باستثمار عشرات الملايين” لتحسين الطريق السريع الولايات المتحدة 101، الذي يمتد من المكتب إلى سان فرانسيسكو، إلا أن فيسبوك لا تخطط في الوقت الحالي لبناء مدرسة جديدة.
في هذه النقطة، ليست شركة فيسبوك الشركة الوحيدة التي تسعى إلى معالجة أزمة الإسكان. ففي الشهر الماضي، قالت متحدثة باسم شركة غوغل العالمية، إن “الشركة سوف تنفق 30 مليون دولار على بناء 300 شقة جاهزة للموظفين في مقرها الجامعي القريب من “ماونتن فيو”.
من جانب آخر، تدفع شركة آبل، التي تعمل حاليا على نقل 12 ألف موظف إلى مقر شركة آبل بارك الجديد في كوبرتينو، نحو 5 ملايين دولار “كرسوم تخفيف السكن” إلى المدينة، تعويضا عن العبء الذي تفرضه على مساكن المدينة. وتُقدر الشركة أن مكتبها الجديد سيؤدي إلى زيادة بنسبة 284 بالمائة في حجم الطلب على السكن في المدينة.
في السياق ذاته، قالت مديرة هيئة التدريس في مركز تيرنر لابتكار الإسكان، كارول غالانت، إن “المدينة وصلت إلى نقطة حرجة جدا نظرا لأن تكاليف السكن قد أصبحت مرتفعة جدا لدرجة أن الناس أصبحوا يائسين من إيجاد حل”.
في المقابل، قال تينانس إن مخطط شركة فيسبوك لبناء قرية سكنية يعتبر “البداية فقط…ونحن نخطط للمضي قدما في العمل بشكل وثيق مع القادة المحليين وأفراد المجتمع لضمان أن يكون وجود شركة فيسبوك في المدينة ذا فائدة للمجتمع”.
المصدر: صحيفة الغارديان