يُعرف عن متلازمة ستوكهولم أنها حالة نفسية تقود المصاب إلى التعاطف مع الجلاد الذي يتفنن في طريقة تعذيب ضحيته، على اعتبار أنه مالك القوة ولا قدرة للطرف الآخر على الفلات.
وبمجرد التفكير بمجموعة من الأشخاص أنهم في موقف معين لا يملكون فيه القدرة على التحكم في مصيرهم، بسبب دافع الخوف المسيطر على تفكيرهم، يدفعهم ذلك مع تطور الحالة إلى التفكير بالنجاة والخلاص ، فيتطور تفكيرهم إلى التركيز على الخلاص عن طريق التعاطف والتفكير الإيجابي تجاه معذبهم.
تنطبق هذه الحالة على الحكومة والجيش اللبناني في تعاملهم مع نظام بشار أسد بسنوات الستة من الصراع، ولا يقتصر التعاطف عند هذا المطاف، بل تجاوز هذا الحد ليصل إلى تعاون مباشر مع حزب الله اللبناني في تنفيذ أوامر ولاية الفقيه في طهران.
إنً ضعف النفوس في الحكومة اللبنانية والفساد المستشري بهم على مدى عقود، دفع حزب الله اللبناني إلى زرع الفكر الطائفي في غالبية الأحزاب، وزاد عليها بث الفساد في داخل الأوساط اللبنانية لاستقطاب الحاضنة اللبنانية وضمها داخل منظومة المبادئ الطائفية العقائدية.
حزب الله استطاع وعبر وساطة إيرانية أن يغتصب لبنان ويجرده من شعار بلد الحريات، ولو سائل: من يحكم لبنان اليوم لكان الجواب حزب الله اللبناني
ولا تعدو القناعات عند هذا الحد بل إن هذه الإجابة قد تم تكريسها أكثر فأكثر مع أول تدخل للحزب في سوريا، بحجة حماية المقامات في دمشق، وهي ذات الحجة قد تم نسفها رويداً ولم تعد تذكر في قواميس محور المقاومة، بعدما أصبحت سوريا ساحة دماءٍ شاهدة على مجازر وانتهاكات مليشيات الحزب في سوريا.
ومع مرور سنوات من الصراع السوري لم نشهد أي دور للكتلة الحاكمة في لبنان، سوى سياسية النأي بالنفس، كان آخرها خطاب رئيس الدولة “ميشيل عون” المغيب الآن عن أي إدانة تدين ممارسة الحزب عما يجري في الحدود السورية اللبنانية في مخميمات عرسال.
بدا واضحاً أن سياسية التعاطف مح الحزب أتت أوكلها عند الغالبية في الحكومة اللبنانية، بل وتعدى هذا الأمر وتجاوز خطوطه الحمراء مع تصدر الجيش اللبناني المشهد السوري، وإعلانه عن السماح بتدوين قتلى من السوريين في سجلاته والتكيف معها والمضي قدماً بتنفيذ سياسية ولي الفقيه.
ماحدث في عرسال ومازال يحدث بحق اللاجئين السورين، في استمرار الحملة الممنهجة من اعتقالات وانتهاكات بأجهزة المخابرات اللبنانية ، يُفسر من منحى أنها أخذت غطاء طائفي لتنفيذ مخطط الحزب التي بدت مؤخراً أنها تعمل على نقل التغير الديمغرافي إلى لبنان.
ومن منحى آخر تُظهر القوات اللبنانية أنها رضخت بكل قناعة، لتكون أداة تنفيذ في مقابل الخلاص الرحيم من بطش حاكمها وسيدها حزب الله، وهي نتجية منطقية لمتلازمة ستوكهوم.
تتعزز صدقة الصورة مع الاستمرار في اتباع الانحدارالأخلاقي والانحطاط الطائفي للحكومة اللبنانية الذي يضعها ويضع مصير لبنان على المحك، متناسيةً أنها ضربت بعرض الحائط وعودها بتطبيق سياسية النأي بالنفس ونسفت احترام روابط الجورا.
الطبقة الواعية يجب أن تمارس دورها في تشكيل رأي عام داخل لبنان ترفض سياسية الحزب وتطالب حتى من خروجه في سوريا
كما أن القتلى السورين الذين قتلهم الجيش، وقال أنهم ماتوا لظروف مناخية، ماهي إلا إدانة واعتراف منهم أنهم هم من قتلوهم، وإلا فماذا يعني محاولات وضع العصي بالعجلات لمنع أي تحقيق في الجرائم .
من وصل إلى هذا الحد من التعاطف مع الجلاد لا يمكن التعويل على هديه إلى مجرى التفكير السليم، وأمام هذه النتيجة لابد من تحرك دولي عربي وغربي، من منظمات حقوقية لتفعيل دور الوعي الجمعي عند النخبة المدركة والمستشرقة من انعكاس تداعيات ما يجري على لبنان.
وحتى النخب خارج لبنان، عليها العمل وتوحيد الجهود ليس لتشكل فقط حالة ضغط على المجتمع الدولي ، بل لمخاطبة الدول الداعة للبنان. فلبنان تعيش على نفقات الدول، وباستطاعتها التأثير على الحكومة حتى تعود إلى الطبقة الواعية منهم إلى رشدها وتمارس دورها في تشكيل رأي عام داخل لبنان ترفض سياسية الحزب وتطالب حتى من خروجه في سوريا.