شهد عام 2023 الذي يلملم أوراقه معلنًا الرحيل، حزمة من الأحداث الجسام على كل المسارات، جعلته عامًا استثنائيًا، بداية من زلزال كهرمان مرعش الذي ضرب تركيا وسوريا وصولًا إلى حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال في غزة، مرورًا بحزام مدمر من الكوارث الطبيعية والفعاليات السياسية التي غيرت خريطة العالم بشكل كبير.
وكان للمنطقة العربية نصيب الأسد في تلك الأحداث التي أعادت تشكيل ملامح تلك البقعة على أكثر من اتجاه، ودفعت منطقة الشرق الأوسط لصدارة بقاع العالم الأكثر سخونة التي سحبت بدورها بساط الضوء والاهتمام الدولي من تحت باقي المناطق الملتهبة في العالم.
في هذه الإطلالة نلقي الضوء على حصاد 2023 ونستعرض أبرز وأهم الأحداث التي شهدها هذا العام على مختلف الأصعدة، سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا وحقوقيًا، أحداث سيكون دوره في رسم ملامح العام الجديد، وربما يمتد هذا التأثير لسنوات عدة قادمة.
عام الكوارث
إن كان هناك وصف يمكن أن يُطلق على 2023 فلن يكون أوقع من “عام الكوارث”، حيث شهد عشرات الكوارث الطبيعية، ما بين زلازل وبراكين وفيضانات وأعاصير وحرائق، أودت بحياة آلاف الأبرياء ودمرت مساحات كبيرة من المباني والأراضي وحولت مدنًا بأكملها إلى مناطق غير قابلة للحياة.
زلازل
في 6 فبراير/شباط 2023 شهدت تركيا وسوريا واحدًا من أشرس الزلازل في تاريخ المنطقة، حين ضرب منطقة كهرمان مرعش في الجنوب التركي وشمال سوريا بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر، وأسفر عن مقتل أكثر من 50 ألف شخص، وما يزيد على ضعف هذا العدد من الجرحى، فضلًا عن ملايين النازحين من المناطق المتضررة.
في 8 سبتمبر/أيلول 2023 ضرب المغرب زلزال آخر،على بُعد نحو 75 كيلومترًا جنوب غرب مراكش قرب بلدة إغيل في جبال الأطلس، وكان بمقياس 6.8 درجة على مقياس ريختر، وأودى بحياة نحو 3 آلاف شخص وتشريد عشرات الآلاف، بعدما تحولت تلك المناطق الفقيرة التي شهدت الزلزال إلى ركام.
في 7 أكتوبر/تشرين الأول تعرضت أفغانستان إلى زلزال مدمر أعلى “الحزام الألبي” الجبلي الذي يمتد لأكثر من 15 ألف كيلومتر على طول الهامش الجنوبي من قارتي آسيا وأوروبا، وأودى بحياة 2400 شخص، ويعتبر هذا الحزام المسؤول عن 17% من كبريات الزلازل التي يشهدها العالم.
فيضانات
6 يونيو/حزيران ضربت الفيضانات 7 مقاطعات (من إجمالي 10) في دولة هاييتي بالبحر الكاريبي، حيث أودت بحياة أكثر من 13 ألف شخص، وتشريد أضعافهم، علمًا بأن الفيضانات مستمرة على مدار نحو عامين كاملين، تتوقف حينًا لكن سرعان ما تعود مرة أخرى في ظل الاضطرابات المناخية الشديدة.
29 يوليو/تموز شهدت 16 مدينة ومقاطعة في شمال شرق الصين، عشرات الفيضانات والأعاصير على مدار أكثر من شهر تقريبًا، فيما ذهبت التقديرات إلى أن ما شهدته بكين من أمطار غزيرة هي الأشد منذ قرابة قرن ونصف، وأدت تلك الأعاصير إلى انهيارات كبيرة في المباني والبنى التحتية وتجريف الأراضي الزراعية.
11 سبتمبر/أيلول تعرضت مدينة درنة الليبية وبعض المناطق المجاورة لفيضان كارثي أودى بحياة نحو 4255 شخصًا وفقدان 8500 آخرين، بجانب نزوح نحو 40 ألف شخص، وتدمير أكثر من 2000 منزل، وتضرر قرابة 250 ألف ليبي، بحسب إحصاء مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA).
كما شهدت دول أخرى مثل البرازيل وغانا والهند وبريطانيا وجنوب إفريقيا وكوريا الجنوبية والإكوادور والكونغو الديمقراطية وموزمبيق وزامبيا فيضانات خلال هذا العام أودت بحياة أكثر من 50 ألف شخص ونزوح عشرات الآلاف.
25 أكتوبر/تشرين الأول.. ضرب إعصار أوتيس الساحل المكسيكي على المحيط الهادي، ضاربًا الرقم القياسي لإعصار باتريشيا كأقوى إعصار مسجل يصل إلى اليابسة، وقد أدى إلى تدمير ما يقرب من 80% من الفنادق و96% من الشركات في مدينة أكابولكو المكسيكية.
حرائق
يعد عام 2023 أحد أكثر الأعوام التي شهدت حرائق خلال السنوات الماضية، بفعل التغيرات المناخية الشديدة التي أحدثت فوضى وارتباك في المنظومة البيئية الدولية وأسفرت عن أحزمة كارثية من الحرائق والأعاصير والفيضانات والزلازل.
ومن أشهر الحرائق التي شهدها هذا العام، حرائق الغابات في الجزائر التي اندلعت في شهر يوليو/تموز الماضي، وبلغت قرابة 100 حريق في 16 ولاية، أودت بحياة 34 شخصًا على الأقل بينهم 10 جنود.
كذلك الحرائق التي ضربت تشيلي في يناير/كانون الثاني الماضي، حيث تعرضت البلاد إلى ما لا يقل عن 406 حرائق، العشرات منها تم تصنيفها على أنها حرائق خطيرة، أسفرت عن وفاة 24 شخصًا وتدمير أكثر من مليون فدان، ما دفع الحكومة إلى إعلان حالة الطوارئ.
زخم سياسي واستمرار فوضى الانقلابات
حظي العام الذي يلملم أوراقه بالعديد من الأحداث السياسية المؤثرة التي ترسم كثيرًا من ملامح المرحلة القادمة في بعض البلدان المحورية أبرزها:
– إعادة انتخاب الرئيس الصيني شي جين بينغ لولاية ثالثة غير مسبوقة بعد تعديل الدستور الصيني في 2018 في ضوء الانتخابات التي جرت في 10 مارس/آذار الماضي، وذلك بعد تمديد رئاسته للحزب الشيوعي الحاكم واللجنة العسكرية في أكتوبر/تشرين الأول 2022، ليصبح أقوى زعيم يحكم هيمنته على السلطة منذ ماو تسي تونغ.
– فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بولاية رئاسية جديدة تمتد 5 سنوات في الانتخابات التي جرت في 14 مايو/أيار الماضي، فيما جرت جولة الإعادة في 28 من الشهر نفسه، بعد حصوله على 52.18% من أصوات الناخبين مقابل 47.82% لمنافسه كمال كليجدار أوغلو.
– فوز اليميني الهولندي المتطرف خيرت فيلدرز وحزبه “الحرية” في الانتخابات العامة التي جرت في هولندا نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حيث حصد 37 مقعدًا وسط قلق من تنامي اليمين المتطرف في أوروبا بصفة عامة مرة أخرى، بعد تراجع نسبي خلال السنوات الأخيرة عقب الطفرة التي حققها عام 2015.
– إعادة انتخاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيسًا للبلاد وفوزه بولاية رئاسية ثالثة في الانتخابات التي جرت ديسمبر/كانون الأول الحاليّ، بحصوله على قرابة 90% من أصوات الناخبين، وسط منافسة شبه معدومة أمام مرشحين غير معروفين لغالبية المصريين وشكوك بشأن العملية الانتخابية بأكملها.
– إعادة انتخاب الرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي لولاية جديدة، في الانتخابات العامة التي جرت في الكونغو الديمقراطية في العشرين من الشهر الحاليّ، في مواجهة معارضة متشرذمة وفوضى أمنية واقتصادية وسياسية خيمت بظلالها على الماراثون الانتخابي.
– بجانب الانتخابات التي كرست لأنظمة حكم سلطوية في معظمها، شهد العام في الصورة المقابلة انقلابات عسكرية أطاحت بالعديد من الأنظمة والحكومات، حيث شهدت النيجر انقلابًا عسكريًا قام به الحرس الجمهوري في 26 يوليو/تموز الماضي، فيما احتجزوا الرئيس محمد بازوم، وأعلن قائد الحرس عبد الرحمن تشياني نفسه قائدًا للمجلس العسكري.
كما تكرر السيناريو ذاته في الغابون حين استولى ضباط كبار في الجيش على الحكم في 30 أغسطس/آب الماضي اعتراضًا على نتائج الانتخابات التي جرت في نفس الشهر وأسفرت عن فوز علي بونغو بولاية ثالثة.
وتأتي تلك الانقلابات امتدادًا لسلسلة الانقلابات التي شهدتها القارة الإفريقية عام 2022 في كل من مالي وتشاد وغينيا وبوركينا فاسو، وهو بمثابة ضربة كبيرة للنفوذ الفرنسي الذي بدأ يتراجع في القارة بصورة غير مسبوقة، لحساب قوى آخرى على رأسها روسيا والصين.
– وعلى ذكر موسكو، فقد أقدم “أمير الحرب” الروسي يفغيني بريغوجين، زعيم مجموعة المرتزقة “فاغنر”، خلال يومي 23 و24 يونيو/حزيران الماضي على مغامرة تمرد نحو موسكو بهدف السيطرة عليها، بعد أن كان الحليف الأول لنظام فلاديمير بوتين وعصاه الضاربة في أوكرانيا ومناطق عدة حول العالم، قبل أن تحتوي موسكو الموقف بإعلان مقتل بريغوجين نتيجة حادث تحطم طائرته الخاصة التي كانت متجهة من موسكو إلى سان بطرسبرغ، وذلك بعد 3 أشهر من تمرده.
الاقتصاد.. استمرار نزيف الصدمات
لم يتغير المشهد الاقتصادي في عام 2023 عن وضعيته المأزومة منذ 2020، حيث استمرار نزيف التراجع جراء جائحة كورونا (كوفيد 19) وما تلاها من الحرب الأوكرانية والتوتر في خريطة العالم في أكثر من منطقة، فيما تواصل نزيف التراجع جراء حزم جديدة من الضربات التي تلقاها الاقتصاد العالمي خلال العام الحاليّ، يتوقع أن تستمر معه العام الجديد.
وانعكست تلك الضربات على العديد من المؤشرات الاقتصادية العالمية أبرزها زيادة معدلات التضخم بنسب كبيرة، وهو ما دفع البنوك المركزية في معظم دول العالم إلى إشهار سلاح الفائدة، أملًا في وقف أسوأ موجة تضخم تواجه العالم منذ 40 عامًا.
كما تلقى سوق الطاقة هو الآخر ضربات جديدة استمرارًا لتلك التي تعرض لها العام الماضي في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية التي أوقفت الإمدادات الروسية التي تشكل قرابة 40% من احتياجات أوروبا من مصادر الطاقة، وهو ما أدى إلى فوضى كبيرة في الأسعار.
التأثير ذاته إزاء الأمن الغذائي الذي بات مهددًا بسبب تجمد أكثر من 30% من كميات الحبوب التي يحتاجها العالم منذ تلك الحرب، وهو ما انعكس على معدلات الفقر وتهديد حياة الملايين في إفريقيا والبلدان النامية، جراء الجوع الناجم عن تقليص الإمدادات الغذائية المقدمة لتلك البلدان التي كانت تعتمد على روسيا وأوكرانيا بشكل كبير.
مؤسسات مالية تتوقع عودة #التضخم_العالمى إلى مستويات ما قبل 4 سنوات#العربية_Business https://t.co/CHojnOyLRz
— العربية Business (@AlArabiya_Bn) December 26, 2023
وتعرض قطاع البنوك في العالم – لا سيما الأمريكية – إلى ضربات مؤلمة لا تقل عن تلك التي تعرض لها خلال الأزمة العالمية عام 2008، بسبب الفائدة والسياسات النقدية المشددة، إذ واجه أكثر من بنك أمريكي كبير شبح الانهيار في مارس/آذار الماضي على رأسهم بنوك “سيليكون فالي” و”سيغنتشر” و”سيلفر غيت” و”فيرست ريبابلك”، بجانب بيع مصرف “كريدي سويس” السويسري إلى بنك الاستثمار السويسري “يو بي إس”.
ونتيجة لذلك تراجع نمو الاقتصاد العالمي خلال العام الحاليّ بنسبة 3% وفق تقديرات صندوق النقد الدولي الذي يتوقع أن تتحسن تلك النسبة لتصل إلى 2.9% في 2024، رغم الوضعية التشاؤمية التي فرضتها المستجدات الأخيرة في الشرق الأوسط وعلى المسار الصيني التايواني.
حرب غزة.. وإعادة تشكيل الخريطة
في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 كانت المنطقة العربية تحديدًا والخريطة الدولية على وجه الخصوص على موعد مع حدث جلل، سيكون له تأثيره الكبير في إعادة تشكيل المشهد بشكل كبير، وذلك حين نفذت المقاومة الفلسطينية عملية “طوفان الأقصى” التي زلزلت الكيان المحتل وأفقدته أعصابه وهشمت الجدران الفولاذية التي بناها حول أسطورته الواهية وأنه الجيش الذي لا يقهر.
تلك العملية التي أودت بحياة أكثر من ألفي إسرائيلي وعشرات آلاف الجرحى بجانب أسر ما يزيد على 240 أسيرًا ورهينة من جنسيات مختلفة، الأمر الذي دفع الاحتلال إلى إعلان حرب الإبادة ضد القطاع في اليوم التالي، تلك الحرب التي لا يُعرف على وجه التحديد متى تنتهي، مخلفة وراءها ما يزيد على 20 ألف شهيد فلسطيني، وأكثر من 50 ألف مصاب، معظمهم من النساء والشيوخ والأطفال، فيما دُمر ثلثا القطاع ونزح ما يزيد على مليون ونصف شخص.
وبلغت حجم الخسائر الاقتصادية الأولية للقطاع أكثر من 11 مليار دولار “خسائر مباشرة، بخلاف 12 مليارًا خسائر غير مباشرة”، فيما تم تدمير 52 ألف وحدة سكنية بشكل كامل، و253 ألف وحدة تدميرًا جزئيًا، فضلًا عن انهيار البنية التحتية والصحية والمرافقية للقطاع بشكل كامل.
وكشفت تلك الحرب عن الكثير من الأقنعة المزيفة، عربيًا وإسلاميًا وإقليميًا ودوليًا، حيث وجدت المقاومة الفلسطينية نفسها وحيدة في ساحة المواجهة، تجابه وحدها جيوش أكبر دول العالم (أمريكا – بريطانيا – فرنسا – ألمانيا – إيطاليا) فيما التزم الجميع الصمت في ظل خذلان فاضح، ما سيعيد رسم خريطة الثقل الإقليمي لدول المنطقة بشكل موضوعي.
كما فضحت مخططات دولة الاحتلال والولايات المتحدة وبعض دول المنطقة بشأن تصفية القضية الفلسطينية والقضاء على المقاومة وتفريغ المشهد الفلسطيني من قواه الفاعلة، وتحويل غزة إلى رام الله جديدة، حيث السلطة المستأنسة التي تخدم الأجندة الصهيونية.
الخريطة العربية.. فوضوية المشهد
يجر العام الحاليّ أذياله فيما تعاني الخريطة العربية من فوضوية واضطرابات حولت المنطقة إلى واحدة من أكثر بقاع العالم سخونة.
سودانيًا.. يعاني شعب السودان من ويلات حرب الجنرالات التي اندلعت في 15 أبريل/نيسان الماضي بين قوات الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وهي الحرب التي أسفرت عن مقتل 12 ألف شخص، وتشريد 6 ملايين داخل وخارج السودان، ونزوح ما يزيد على 7 ملايين سوداني، بينهم 1.5 مليون إلى البلدان المجاورة، بجانب خسائر مادية تقدر بـ60 مليار دولار.
ومما زاد من تأثير تلك الحرب وإطالة أمدها رغم جهود الاحتواء، الأصابع الخارجية التي تعبث في المشهد السوداني الداخلي، حيث يقع كل طرف من طرفي الحرب في كنف قوى داعمة له من الخارج، تؤجج الصراع وتطيل أمده وتوسع نطاقه خدمة لأجندات متباينة.
ليبيا.. لم يختلف هذا العام عن سابقيه فيما يتعلق بالمشهد الليبي، حيث استمرار الانقسام والتوتر وضبابية المشهد، فبينما كان الحالمون يؤملون أنفسهم باستقرار نسبي في البلد النفطي، ها هو العام يوشك على الرحيل دون أن يختار الليبيون رئيسًا لهم منذ 2011، فضلًا عن حالة اللا استقرار التي تخيم على الأجواء.
يمنيًا.. هناك تحسن نسبي على الساحة اليمينة، مقارنة بما كان عليه الوضع في السنوات الماضية، حيث أعلنت الأمم المتحدة توصل أطراف “النزاع” هناك إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وإبداء الاستعداد للدخول في مفاوضات سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة، مع وضع خريطة طريق برعاية أممية لضمان تنفيذ هذا الاتفاق.
سوريًا.. لعل من أبرز ما شهده هذا العام عودة النظام السوري للجامعة العربية بعد حظر دام نحو 12 عامًا، حيث أعلنت الجامعة في مايو/أيار الماضي استعادة دمشق مقعدها لدى الجامعة رغم كل الجرائم التي ارتكبها نظام بشار الأسد بحق المدنيين على مدار أكثر من عقد.
وفي 19 مايو/أيار 2023 شارك الأسد في القمة العربية التي انعقدت في المملكة العربية السعودية، بدعوة من العاهل السعودي، وهي المشاركة التي أثارت الكثير من الجدل في ظل إصرار النظام على ارتكاب المجازر بحق السوريين، وكأن الأنظمة العربية تكافئه على سجله المشين حقوقيًا تجاه شعبه الواقع بين قتيل ومعتقل ومشرد.
سعوديًا.. تماشيًا مع عودة العلاقات مع نظام الأسد، أعادت الرياض علاقاتها مجددًا مع إيران، حليفة الأسد الأولى، بوساطة صينية، حيث أصدر البلدان اتفاقًا أعلنا فيه عودة العلاقات الدبلوماسية، وضم عددًا من البنود منها احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وتفعيل اتفاقية التعاون الأمني الموقعة بينهما عام 2001.
عُمانيًا.. شهدت السلطنة في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي انتخابات مجلس الشوري، التي تنافس فيها 843 مرشحًا بينهم 32 امرأةً، لاختيار 90 عضوًا، وبلغت نسبة المشاركة 65.88% وهي ثاني أعلى مشاركة في الانتخابات بالسلطنة، بعد انتخابات عام 2011، التي شهدت نسبة مشاركة بلغت 76% .
كويتيًا.. ودعت الدولة الخليجية أميرها السادس عشر الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح (86 عامًا)، الملقب بـ”أمير العفو” الذي رحل في 16 ديسمبر/كانون الثاني الحاليّ، بعد نحو 3 سنوات قضاها أميرًا للبلاد (29 سبتمبر/أيلول 2020 – 16 ديسمبر/كانون الأول 2023)، فيما خلفه على الحكم الشيخ مشعل الأحمد الصباح.
العام الدامي
توقع البعض أن عام 2022 الذي شهد ذروة جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية سيكون الأكثر قسوة، لكن جاء عام 2023 لينافسه بشدة على لقب “العام الأكثر دموية” فأعداد ضحايا الكوارث والنزاعات والحروب تصل إلى مستويات جنونية.
فبجانب عشرات الآلاف من ضحايا حرب غزة وزلزال كهرمان مرعش والشمال السوري والمغرب وفيضانات درنة واليونان وغيرها، وحرب الجنرالات الدموية في السودان، وأعمال العنف في وسط وغرب أفريقيا، شهد العالم أحداثًا كارثية أخرى أودت بحياة المئات، منها مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة 200 آخرين في تفجير أحد المساجد بمدينة بيشاور الباكستانية في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، علاوة على العديد من الجرائم العامة التي شهدتها بعض البلدان، على رأسها الحريق المروع الذي اندلع بقاعة زفاف بمقاطعة الحمدانية التابعة لمحافظة نينوى في العراق وأسفر عن مقتل 120 شخصًا وإصابة آخرين.
وفي الأخير.. إذا كانت الأمم المتحدة ترى أن عام 2023 هو الأكثر دموية في تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فإنه كذلك قد يكون الأكثر دموية وكارثية على المستوى العالمي في السنوات الأخيرة، فيما يستقبل العالم عامه الجديد آملًا أن يكون أفضل نسبيًا وأكثر هدوءًا واستقرارًا من العام الحاليّ.