انطلقت شركة ساوند كلاود لبث الموسيقى عبر الإنترنت، في أغسطس/آب في برلين في العام 2008 على شكل موقع ويب للموسيقى والأصوات يمكن لأي شخص من خلاله إنشاء الأصوات ومشاركتها، ويتيح الموقع تسجيل الأصوات وتحميلها بسهولة، ومشاركة الصوت في إطار خاص مع الأصدقاء أو بشكل عام على المدونات ومواقع الويب والشبكات الاجتماعية، يتوفر كتطبيق للهواتف الذكية.
وتواجه الشركة في أغسطس/آب القادم أي مع بداية الرابع من العام الحالي خطر الإغلاق بسبب المشاكل المالية التي تواجهها، على الرغم من قيمتها العالية ورقم المستخدمين البالغ قرابة 175 مليون شخص شهريًا المنتشرين في أكثر من 190 دولة في العالم.
ساوند كلاود نحو الهاوية
أجرت شركة ساوند كلاود، الألمانية، حملة تسريحات كبيرة الأسبوع الماضي بلغت قرابة 40% من موظفيها، وسط استنزاف كبير في الموارد المالية التي تملكها الشركة، إذ أفادت التقارير أن الشركة لديها فقط 50 يوم للصمود قبل الإفلاس. وقد عقد مؤسسي الشركة “أليكسندر لونج” و “إيرك واهفلورز” مؤتمر عبر الفيديو لتبرير التسريح الكبير الذي أجرته مؤخرًا لخفض التكاليف، وبمعرض الحديث أشاروا صراحة إلى أن المال المتبقي لدى الشركة يكفيها فقط حتى الربع الرابع من السنة المالية الحالية.
وقررت الشركة تسريح 173 موظفًا من أصل 420 موظفًا، وغلق مكاتبها في سان فرانسيسكو ولندن في إطار خطة إعادة هيكلة تقوم بها الشركة، لخفض النفقات لضمان استمرارية الشركة على طريق الربحية والنجاح المستقل على المدى الطويل في ظل تزايد المنافسة في سوق بث الموسيقى عبر الإنترنت مع الشركات العاملة في السوق، فيما ستحتفظ الشركة بمكتبيها في برلين ونيويورك.
ساوند كلاود حققت 17.35 مليون دولار كعائدات في 2014 إلا أن صافي أعمالها أظهرت خسائر بنحو 44.19 مليون دولار
واجهت الشركة خلال الفترة الماضية منافسة شرسة بعدما أطلقت خدمة موسيقية مدفوعة بغرض تحقيق المزيد من الدخل عبر قنوات جديدة، لكنها لم تستطع الصمود أمام عمالقة مثل “سبوتيفاي” أو متاجر الشركات الكبرى مثل “آبل ستور” و”جوجل بلاي” على الرغم أن ساوند كلاود خفضت رسوم الاشتراك إلى النصف.
وتبين أن الاشتراك الشهري للشركة لم يكن جذابًا للمستخدمين، في ظل أسعار الشركات الأخرى في السوق، فشركة أبل توفر الموسيقى بمبلغ 9.99 دولار شهريًا للعائلئة، وسبوتيفاي توفر للعائلة أيضًا بمبلغ 14.99 دولار .
وقال “لونج” في رسالة عبر الإنترنت في 7 الشهر الجاري “اليوم وبعد تفكير عميق ومؤلم، اتخذنا خطوة صعبة بالاستغناء عن 173 من موظفي ساوند كلاود ودمج فريق العمل في مكتبين هما برلين ونيويورك. نحن ممتنون بشدة لمساهمة كل عضو في فريق العمل والذين سيتركون ساوند كلاود ونتمنى لهم جميعا الخير”. وأضاف “لونج” أن “ساوند كلاود” نمت أعمالها خلال السنوات العديدة الماضية بالإضافة إلى مضاعفة أرباحها خلال أخر 12 شهرًا فقط.
تعتمد ساوند كلاود على الاستثمارات الخارجية لاستمرار نمو الشركة، حيث حصلت العام الماضي 2016 على تمويل من تويتر بقيمة 77 مليون دولار
في الوقت نفسه، فإن الشركة لم تتمكن من تحقيق أرباح حتى الآن حيث أن أغلب محتوى “ساوند كلاود” مجاني، في حين فشلت الخدمة مدفوعة الأجر التي طرحتها الشركة العام الماضي. حيث حاولت الشركة توليد أرباح من خلال توفير اشتراك مدفوع قيمته 10 دولار شهريًا، للحصول على الخدمة الخالية من الإعلانات والوصول الى عدد أكبر من المقاطع الصوتية عليه. إلا أن هذا لم ينجح!.
وعلى إثر ذلك واجهت الشركة أزمة مالية نتيجة خسائرها المتراكمة التي تحملتها منذ ما يقرب من عام ونصف، ومع ارتفاع تكاليف تشغيل الموقع والغرامات التي تكلفتها لوجود مضمون ينتهك الملكية الفكرية، تكلفت الشركة خسائر بنحو 44 مليون دولار.
نموذج الربح في ساوند كلاود
بعد فترة من عملها بشكل مجاني، أعلنت الشركة في العام 2014، عن طرح الإعلانات في الخدمة وذلك للمرة الأولى منذ إطلاقها، ويأتي هذا مع بدء العمل ببرنامج جديد لصانعي المحتوى يتيح لهم تحقيق الربح المادّي من الخدمة. ويتيح البرنامج الجديد والمُسمى On SoundCloud لصانعي المحتوى الربح من المسارات الصوتية التي يقومون برفعها على الموقع من خلال الإعلانات، وسيتم اقتسام الربح مابين ساوند كلاود وصاحب المحتوى.
وأوضح المدير التنفيذي لساوند كلاود “آليكس لونج” طريقة عمل الخدمة وفوائدها على كل من الفنانين والمُستمعين، وقال إن إطلاق الإعلانات هو خطوة هامة لصانعي المُحتوى، حيث وفي كل مرة يتم الاستماع فيها إلى إعلان، يدفع مبلغ للفنان. وبالإضافة إلى دعم الفنانين ستساهم الإعلانات في إبقاء الخدمة مجانية ومفتوحة لجميع مُستمعي ساوند كلاود.
نتائج الشركة المالية لساوند كلاود من 2010 – 2014
بحسب النتائج الخاصة بعام 2014 والتي كشفت عنها الشركة مؤخرًا فإن النفقات العامة لدى ساوند كلاود ارتفعت بوتيرة أعلى من ارتفاع عائداتها في السنوات القليلة الماضية. وبالأرقام فإن ساوند كلاود حققت 17.35 مليون دولار كعائدات في 2014 إلا أن صافي أعمالها أظهرت خسائر بنحو 44.19 مليون دولار. وتشكل رواتب الموظفين نسبة جيدة من نفقات الشركة حيث ارتفعت الرواتب بأكثر من 42% لتصل إلى أكثر من 20.4 مليون دولار في سنة 2014.
وتعتمد ساوند كلاود على الاستثمارات الخارجية لاستمرار نمو الشركة، حيث حصلت العام الماضي على تمويل من تويتر بقيمة 77 مليون دولار، ضمن حملة تمويل تهدف لجمع 100 مليون دولار لرفع قيمة الشركة إلى 700 مليون دولار، كما حصلت على تمويل ديون بقيمة 35 مليون دولار.
المال المتبقي لدى شركة ساوند كلاود يكفيها فقط حتى الربع الرابع من السنة المالية الحالية
وردت أخبار كثيرة أن الشركة تواجه أيامها الأخيرة وأنها ستغلق مع مرور الخمسين يوم الأخيرة لها، مع أن مؤسسي الشركة ذكرا أن خطوة فصل 40% من الموظفين وإغلاق مكاتب لها هي لتخفيض التكاليف، وللمحافظة على أهداف الشركة والتى تتعلق باستقلاليتها وعدم رغبتها فى السقوط تحت قبضة أى مستثمر قد يغير رؤيتها.
ويمكن القول أنه في حال بقاء الوضع المالي للشركة كما هو عليه من فشل النموذج الربحي الخاص بها، فإنها قد تذهب عبر العديد من السيناروهات، منها: عرض الشركة للبيع لمستثمر أو لشركة وفق آلية معينة تحافظ فيها الشركة على إدارتها ولكن في ذلك الوقت ستغير الشركة من رؤيتها وآلية عملها، علمًا أن ساوند كلاود كشركة لا يمكن الاستهانة بها بفضل حجم المستخدمين الكبير لديها. أو يمكن أن تتجه لخيار الجولات المالية لمستثمرين وحاضنات أعمال، أو يمكن أن تتجه للحكومة الألمانية أو لأي حكومة أوروبية تطلب منها دعم حكومي للحفاظ على الشركة والموظفين فيها. كل ما سبق من حلول يرتبط بالشكل الجديد للنموذج الربحي الذي من المؤكد أن الشركة تنشغل فيه الآن لمحاولة إصلاح الوضع المالي للشركة في المستقبل.