ليس من الصعب ملاحظة التحولات المذهلة التي يعيشها العالم منذ دخول الثورات الصناعية إلى الحياة اليومية والعملية. والتي نجحت ببراعة بأن تكون السبب في تقدم البشرية في المجالات المختلفة التي تنهار أو تقوم على أساسها دول. ولم يسجل التاريخ سابقة لهذه التطورات، خاصة التحولات التقنية والتي خدمت العالم بسبب سرعتها وسهولتها وأنظمة التأثير التي تزيد ذكاء وفعالية بوتيرة سريعة.
ولا شك أن دخول التكنولوجيات الجديدة على القطاعات التجارية والصناعية قد يهدد وجودها أو يزيد من نفوذها اقتصاديا. فهذه التكنولوجيات هي المسؤولة عن خلق رغبات واحتياجات جديدة في بيئة السوق، وهي أيضا من تعطل هذه النزعات الاستهلاكية للزبائن. لذلك لا تتوقف هذه الشركات عن البحث والتطوير والتسويق والترويج لمنتجاتها وتوزيعها بآليات مختلفة، والتطلع دوما للتحسين من معايير الجودة والسرعة والسعر.
خاصة أن التكنولوجيا تسمح لهذه الشركات برصد حجم الطلب والكشف عن الأنماط الجديدة من السلوكيات الاستهلاكية والخدمات المطلوبة، وذلك من خلال تقنية البيانات التي توفرها بعض التطبيقات والمواقع الالكترونية عن تفضيلات المستهلكين، والتي بدروها أجبرت الشركات على التقيد في تصاميم معينة وطرق تسويقية محددة.
لسوء الحظ، يقول المشاركون في المؤتمر أنه تم استنزاف 60% من موارد البيئة الطبيعية خلال ال 50 سنة الماضية، وتشير التوقعات إلى ارتفاع نسب الاستهلاك من 3 إلى 6 أضعاف في عام 2050
في الوقت الذي عقد فيه المنتدى الاقتصادي العالمي مؤتمر، في النصف الثاني من العام الماضي، تم الحديث عن الخطط الجديدة التي ترسمها الشركات التجارية للاستفادة من الثورة الصناعية الرابعة وكيف يمكن توظيفها في تنمية الاقتصاد بكل ما تملكه هذه الثورة من تقنيات متقدمة، مثل تقنية الذكاء الاصطناعي والتحكم في الجينات والتقنية الحيوية وتطبيق الطباعة الثلاثية الابعاد في الصناعة والإنتاج. بهدف مواجهة التحديات التي تفرضها التطورات التكنولوجية على متطلبات المعيشة في الوقت الحاضر وفي المستقبل القريب.
ولسوء الحظ، يقول المشاركون في المؤتمر أنه تم استنزاف 60% من موارد البيئة الطبيعية خلال ال 50 سنة الماضية، وتشير التوقعات إلى ارتفاع نسب الاستهلاك من 3 إلى 6 أضعاف في عام 2050. كما أنه من المحتمل أن يصل عدد السكان إلى 9 مليار، وتبعا لهذه الزيادة ستزيد الطبقة المتوسطة ثلاثة أضعاف خلال عام 2030.
وبما أن العالم توصل لهذه المعلومات، فعليه أن يلاحظ ويتابع السلوكيات التي قد تزيد من أحجام الضرر الهدامة لمنع تفاقم هذه الأزمة البيئية في المحل الأول.
كيف يمكن الاستفادة من الثورة الصناعية الرابعة أو الأتمتة
تعرض الثورة الصناعية الرابعة بعض الحلول التي قد تساعد العالم والقطاع الاقتصادي على تخطي هذه الأزمات وذلك من خلال قدرتها الفائقة على جمع وتحليل البيانات، إضافة إلى استخدام الروبوتات في الاعمال التجارية.
يمكن لشركات التجارية الاستفادة من البيانات التي توفرها المنصات التكنولوجية لرصد سوقهم ولخلق هوية لجمهورهم من المستهلكين. كمان أن هذه التطورات يمكنها إعادة تقييم نمط حياة المشتري ودراسة التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية على سلوكه
في السابق، كانت تتعمد الشركات التجارية انتاج المزيد من السلع، لتقليل من تكلفة كل منتج بزيادة كمية العرض والإنتاج، لكن الفجوة الكبيرة بين البيانات التي تملكها الشركات عن حجم الطلب والاستهلاك وبين ما ترسمه من توقعات زاد من حجم السلع المهدرة بنسبة 30%، عدا عن الطاقة المهدرة في التصنيع والتغليف والشحن.
لكن الآن يمكن لهذه الشركات الاستفادة بالبيانات التي توفرها المنصات التكنولوجية لرصد سوقهم ولخلق هوية لجمهورهم من المستهلكين. كمان أن هذه التطورات يمكنها إعادة تقييم نمط حياة المشتري ودراسة التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية على سلوكه. وبالتالي يُمكن الشركات من معرفة كيفية اختيار المنتجات المصنعة وتقديم خيارات متعددة لإعادة تصنيع المنتجات المهدرة.
تغيير نمط الاستهلاك العالمي
يقول الخبراء في الأعمال التجارية، أن أفضل ما يمكن للشركات أن تعتمد عليه هو التكنولوجيا، وذلك لوجود عامل مهم وهو الشفافية التي تقدمها التكنولوجيا حول التصور العام حول متطلبات السوق.
بجانب عنصر التسويق والتأثير بدرجة عالية على المستهلكين وتشجيعهم على الاعتماد باستهلاكهم على علامة تجارية معينة من خلال برامج تسويقية معينة، وعلى النقيض، فهي أيضا لها القدرة على تغيير أنماط الاستهلاك للأجيال القادمة وتشجيعهم على الشعور بالرضا نحو ممتلكاتهم الحالية والتركيز على استخدامها باستمرار دون النظر على المنتجات الغير مستدامة.
يمكن ضمان تجهيز المستهلك بشكل جيد وسليم لقيادة أسلوب حياة معتمد على نمط “أكثر استدامة”
الأكثر أهمية في هذا الجانب هو التقليل من الطاقة والمنتجات المهدرة خلال عمليات الإنتاج والتصنيع، وحصرها من خلال تحرير المستهلكين من الشعور برغبة دائمة في الشراء والتسوق، إضافة إلى زيادة من حجم عمليات إعادة تدوير السلع المهدرة، لمعالجة المشكلات البيئية قبل أن تتضاعف ومنع أي تدهور متوقع.
وبهذه الطريقة يمكن ضمان تجهيز المستهلك بشكل جيد وسليم لقيادة أسلوب حياة معتمد على نمط “أكثر استدامة”، ويمكن لرجال الأعمال الناشئين توقع تسارعات الابتكارات والانهيارات في مجال الاقتصاد والصناعات وتحدي متغيرات وفرضيات السوق.
ويمكن القول إن الاتجاه الرئيسي لهذه الشركات هو الاعتماد كليا على التكنولوجيا ومنصاتها التي توفر التقنيات المتقدمة والبيانات المطلوبة وملايين من الأشخاص المستهلكين داخل القوالب التقنية الذكية. وهذه الطريقة ضاعفت من حجم الخدمات المطلوبة بدءا من الملابس وصولا إلى عقد اتفاقات تجارية كبيرة.