لا شك أنه كلما زادت ثقة العملاء في المؤسسة زاد ربحها والعكس صحيح، أمر بديهي، حتى ولو كان الربح معنويًا، مجرد الثقة وفقط، هي مفتاح نجاح المؤسسات العالمية هذه الأيام خاصة مع تزايد المنافسة وقلة الفرص المتاحة.
الخسارة بسبب فقدان ثقة العملاء وسوء الدعايا
في أبريل الماضي وعلى متن الطائرة التي كانت ستقلع في السابعة و40 دقيقة من مدينة شيكاغو لتتوجه إلى louisville في ولاية كنتاكي، وقعت حادثة بطلها رجل أمريكي بملامح آسيوية، إذ وقع ضحية لخطأ لشركة طيران أمريكية تدعي “يونايتد إيرلاينز” عندما تأخرت الطائرة ساعتين عن موعد إقلاعها بسبب اكتشاف خطأ كبير ارتكبته عند بيعها تذاكر السفر، حينما باعت 4 تذاكر سفر كحجوزات أكثر من عدد مقاعد طائرتها، فاضطرت لإنزال 4 ركاب منها، اختارتهم وطلبت منهم النزول من على متن الطائرة وانتظار طائرة أخرى ستتوجه إلى نفس المدينة في اليوم التالي وفي نفس الميعاد.
وافق ثلاثة أشخاص على العرض مقابل أن تعوضهم الشركة تعويضات مالية، بينما رفض الشخص الرابع، وأخبرهم أنه طبيب وملتزم بموعد لإجراء عملية جراحية لمريض في مدينة لوفيل، لكن الشركة لم تنصت له وأقدم ثلاثة من عناصر الشرطة على إنزاله عنوة من الطائرة فانتزعوه من مكانه بعنف وسحلوه على متن الطائرة أمام أنظار جميع الركاب حتى نزف أنفه وكسرت أسنانه!
الخسارة فادحة
هذه الحادثة كانت كفيلة بتكبيد الشركة ما يقارب المليار دولار خسارة، حيث انخفض سهم الشركة 3% خلال جلسة تداول واحدة في أسبوع الحادث.
كان السبب الرئيسي في هذه الخسارة الهجمة التي نظمها جمهور السوشيال ميديا الذين تابعوا سحل الطبيب عبر مقاطع الفيديو المنتشرة من خلال الإنترنت، إذ نظموا حملة مقاطعة للشركة مما أدى إلى خسارتها هذا المبلغ الضخم الذي لم تستطع تفاديه حتى بعد إعلان محامي الضحية حصوله على تعويض كبير مقابل تنازله عن حق التقاضي ضد الشركة.
الحادثة تتكرر دون تعلم!
وفي حادثة أخرى لنفس الشركة في الأسبوع الأول من شهر يوليو الحالي، حجزت سيدة تذكرتين سفر بمبلغ 1000 دولار لها ولطفلها الذي يبلغ من العمر 27 شهرًا، حيث تنص شركات الطيران على حجز مقعد لما هم دون السنتين وهو ما فعلته السيدة بالفعل، لتتفاجأ بعدها بأحد الركاب يبرز لها تذكرته التي تحمل نفس رقم مقعد طفلها بدعوى أنه راكب احتياطي! مما اضطرها إلى حمل طفلها طول الرحلة لمدة 3 ساعات، الأمر الذي أصابها بألم شديد في الظهر والرقبة.
بعد وصول السيدة إلى بوسطن، تناقلت وسائل الإعلام الخبر بشكل موسع، مما أرغم الشركة على الاعتذار من السيدة، وتقديم وثيقة سفر لها ولطفلها.
لكن هذه الحادثة لم تخل من آثار سلبية أدت لفقدان عدد من العملاء ثقتهم في الشركة بل وأعلنوا استياءهم منها، لتعد هذه الحادثة الثانية خلال أشهر قليلة والتي بدورها أثرت على القيمة المالية للشركة بسبب فقدان ثقة عملائها.
حوادث فقدان الثقة أكثر من حوادث تحطم الطائرات!
منذ أربعة أيام انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو مصور من داخل طائرة لشركة “إير كايرو”، يصرخ الناس من الداخل ويبكي الأطفال بصوت مرتفع بسبب انتظارهم لمدة ساعة كاملة داخل الطائرة التي تعطلت قبل إقلاعها وتعطل المكيف بها ورفض طاقم الطائرة مساعدة المسافرين ولو بفتحهم باب الطائرة أو حتى إنزال أقنعة الأكسجين للمسافرين، مما أدى لاختناق عدد من الأطفال وسقط ثلاثة أشخاص مغشيًا عليهم.
ولم يقدم طاقم الطائرة على فتح باب الطائرة إلا بعد صراخ امرأة إيطالية الجنسية وتهديدها بالاتصال بسفارة بلدها, عندها فُتحت الأبواب وأنزلوا المسافرين إلى صالة المطار مرة أخرى، مما أرغم المسافرين بعدها على الانتظار ما يقارب الثماني ساعات، لا يعرفون كيف يتوجهون وإلى أين!
انتهت الشركة خلال هذه المدة غير القصيرة من إصلاح الطائرة، لكنها لم تصلح علاقتها بعملائها الذين فقد جزء كبير منهم ثقتهم بالشركة.
كيف تكتسب شركات الطيران ثقة عملائها؟
تتبع شركات الطيران عددًا من الأساليب لتطوير علاقتها بعملائها وكسب ثقتهم، من خلال وسائل وأساليب تتنافس الشركات في ابتكارها دومًا:
تثبيت أسعار تذاكر الطيران
هذا من فعلته شركة طيران الإمارات عندما وفرت لعملائها المسافرين خاصية جديدة من خلال تثبيت حجوزات طيرانهم، حيث يستطيعون الحجز وتثبيت أسعار التذاكر “Hold My Fare”، بينما يقومون في ذات الوقت بالتخطيط لخطوط سيرهم، سواء كانت هذه الرحلات بغرض العمل، أو العطلات والإجازات.
حيث تتيح هذه الخاصية للمسافرين تثبيت أسعار تذاكرهم الجديدة، فرصة الاحتفاظ بحجوزاتهم وتثبيت أسعار التذاكر التنافسية التي توفرها لهم الشركة لمدة 48 ساعة، مقابل رسم زهيد، يتم احتسابه وفقًا للوجهة التي سيتم الحجز إليها, وتعد شركة طيران الإمارات أفضل الشركات وأولهم في التصنيف العالمي.
تقديم عروض مغرية
لا شك أن العملاء دائمًا يبحثون عن عروض لشركات الطيران الأكثر إغراءً وقيمةً، حيث إن الشركات التي تتيح عروضًا يكون عليها إقبال وهذا ما يحفز الناس دائمًا للسفر عليها.
شركة الطيران التركية أناضولو جيت “anadoul jet” وهي شركة طيران إقليمية تركية ومقرها أنقرة، قدمت عددًا من العروض المغرية لعملائها.
حيث أتاحت لعملائها السفر على متن خطوطها الجوية إلى أي مكان داخل تركيا، بتذكرة قيمتها ليرة واحدة أي ما يعادل 60 سنتًا أمريكيًا، فقط بشرط أن تحجز التذاكر في الفترة ما بين
22-24 من أبريل/نيسان الماضي، وأن تكون مواعيد الرحلات في الفترة بين 23من مايو/آيار حتى 22 من حزيران/يونيو الماضي، هذا ما جعل وكالات الإعلام تتناقل هذا الخبر مما زاد من شهرة وربح تلك الشركة، دون مصروفات تسويقية تذكر.
بذل المجهود الوافر
قدمت الخطوط الجوية القطرية في مارس الماضي والتي تعد من أفضل شركات الطيران، أجهزة حاسوب محمولة لبعض المسافرين في درجة رجال الأعمال لاستخدامها خلال الرحلات المتجهة إلى الولايات المتحدة، وذلك بسبب الحظر الأمريكي على نقل بعض الأجهزة الإلكترونية في مقصورة الركاب وفق قرار واشنطن. مما جعل الطيران القطري يبذل الجهد ويسعى لتوفير الراحة لعملائه، وصرحت الشركة قائلة: “سيتمكن ركابنا من مواصلة العمل على متن طائراتنا”.
وهذا ما ساعد الشركة على تكوين صورة ذهنية مميزة لدى ركابها، الذين أثنوا على هذه الخطوة الذكية، والتي ساعدت الشركة كثيرًا في كسب ثقة عملائها.
دور الدعايا في كسب ثقة العملاء
في أبريل من العام الحالي وعلى طائرة تركية بين السماء والأرض وفي منتصف الرحلة بين غينيا وبوركينا فاسو، وضعت سيدة طفلتها “كاديجو” على متن الطائرة، وقد ساعدها طاقم الطائرة في ذلك، حيث كان على متن الطائرة أطباء متخصصون مما ساعد الأم على ولادة طفلتها بوضع مريح وآمن، على جانب آخر لم تؤد هذه الحادثة إلى توتر الركاب أو تخوفهم في أثناء الرحلة، بل إنهم احتفلوا مع الطفلة وأمها عند ولادتها بصحة جيدة سليم، وبعد ما يقرب من الثلاثة عشر يومًا من وضع الطفلة أعلنت شركة الطيران التركية التي ولدت على متنها “كاديجو” قرار تكفلها بتعليم وتوفير فرصة عمل للطفلة “كاديجو” بل ومنحها الجنسية التركية.
وهو ما صرح به “إكار أيجاي” رئيس مجلس إدارة الشركة في تصريحات صحفية قائلاً: “هذه الطفلة ولدت على متن طائرتنا، وسنبذل قصارى جهدنا من أجل ضمها إلى كوادرنا في الخطوط التركية عند بلوغها سن العمل”.