قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن السعودية بدأت في إبعاد رئيس استخباراتها المخضرم، بندر بن سلطان، عن المشهد كزعيم لجهود المملكة في تسليح وتمويل الثوار السوريين، ليحل محله أمير آخر يعتبره المسؤولون الأمريكيون شخصا “جيدا” لنجاحاته في محاربة القاعدة.
هذا التغيير يبشر بعودة علاقات أكثر سلاسة مع الولايات المتحدة، وربما يدعم جهود السعودية ضد القاعدة وحلفاءها الذين تدفقوا على الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة السورية بعد ثلاثة أعوام من الحرب.
بندر بن سلطان شخص خبير، لكنه في بعض الأوساط يُعتبر دبلوماسيا “زئبقيا”، وكونه رئيس المخابرات جعله يقود عمليات سوريا في السعودية على مدى العامين الماضيين لكن دون نجاح يُذكر. كما فتح صدعا كبيرا مع الولايات المتحدة حول الحد الذي يجب أن يتلقاه الثوار المقاتلين ضد بشار الأسد في سوريا.
الأمير الجديد الذي يحل محل بندر بن سلطان هو محمد بن نايف، وزير الداخلية الذي حصل على كثير من الثناء من واشنطن في حربه ضد القاعدة في اليمن وأماكن أخرى، وهو الشخص الرئيسي في السعودية الذي يتعامل مع السياسة السورية حسبما تقول المصادر الملكية السعودية.
ومنذ عدة أيام تتوقع مصادر أمنية غربية في السعودية ودول الخليج أن يصبح وزير الداخلية السعودي الامير محمد بن نايف مسؤولا عن الاستخبارات بعد عودته من زيارته الحالية للولايات المتحدة، والتي بدأها يوم الاثنين الماضي، وذلك بعد ابعاد الامير بندر بن سلطان عنها لاسباب مَرضية وغير مرضية.
بندر بن سلطان، رئيس الاستخبارات السعودية وأمين عام مجلس الأمن الوطني، يخضع منذ اقل من شهرين لعلاج في الولايات المتحدة.
ومؤخرا أجرى بندر عملية جراحية، كما أنه يعاني من حالات إغماء وإرتفاع حاد في نسبة السكر بالدم إضافة لتشخيص طبي يتحدث عن إصابته بإكئتاب نفسي حسب مصادر خليجية مطلعة
وبحسب مصادر عربية فقد بدأ وزير الداخلية السعودي منذ ايام في تسلم الملفات المتعلقة بالامن الخارجي للمملكة والتي هي من مسؤولية جهاز الاستخبارات غير التابع لوزارة الداخلية، فالأوامر الملكية الاخيرة بالحكم بالسجن على كل سعودي يقاتل او ينضم الى أي جماعات متطرفة بالخارج عهد بأمر تنفيذها ومتابعتها لوزارة الداخلية، وقانون مكافحة الارهاب الذي اقر أيضا قبل اسبوع، والذي ينص على ملاحقة أي معارض للحكم الملكي السعودي في الخارج او الداخل، عهد لوزارة الداخلية ايضا، وكل هذا يأتي في اطار تعزيز نفوذ الأمير محمد بن نايف في إدارة الشؤون الأمنية للسعودية الداخلية والخارجية.
ويرى مراقبون أن هذا أيضا يعزز نفوذ الأمير محمد بإدارة شؤون الحكم في المملكة، وخصوصا في مجال علاقاتها مع الولايات المتحدة التي يعمل على استعادة ملفات التنسيق الأمني الخارجي معها، والتي تعثرت خلال فترة الأمير بندر بن سلطان.
ويرى مراقبون سياسيون أن فشل الامير بندر في إدارة الملفات الأمنية في سوريا ولبنان ساهم في التعجيل في إبعاده عن مهامه، وربما يؤدي إلى إعفاءه من مناصبه كرئيس للاستخبارات وكأمين عام لمجلس الامن الوطني، الذي يرأسه الملك، كما يعني أيضا إبعاد نائبه الامير سلمان بن سلطان الذي عين نائبا لوزير الدفاع في شهر أكتوبر الماضي، ثم أُبعد مؤخرا عن المشاركه في إدارة الملفات الأمنية مع أخيه الامير بندر. وتمثل الفشل الرئيسي لبندر والمخابرات السعودية في تنامي قوة ونفوذ المجموعات الاسلامية المتطرفة مثل تنظيمي الدولة الإسلامية بالعراق والشام وجبهة النصرة، على حساب المجموعات المسلحة المعتدلة الإسلامية وغير الإسلامية في سوريا ولبنان وحتى العراق.
المهام الجديدة للأمير سلمان تبعده الى درجة كبيرة عن الملف السوري أيضا خصوصا وأنه المسؤول الابرز طوال العامين الماضيين عن تزويد وتمويل ومساعدة المعارضة السورية.
وقد كُلف الأمير سلمان بمهام بعيدة عن المنطقة حيث زار الباكستان واندونيسيا وماليزيا في ترتيب تعاقدات لها علاقة بادارة التسليح والتزويد في وزارة الدفاع
وكان محمد بن نايف قد تولى ومنذ سنوات مسؤولية ملف العلاقات السياسية والأمنية مع اليمن بعد وفاة والده وهو يعمل بالتنسيق مع الأجهزة الاستخبارية والأمنية الامريكية على مطاردة عناصر تنظيم القاعدة في اليمن والجزيرة العربية ونجح باختراقهم وتحقيق ضربات قاتله للعديد من قادتهم.
وهذه النجاحات جعلت واشنطن تنظر إليه برضى، على عكس الامير بندر الذي رغم كونه سفيرا سابقا للسعودية في الولايات المتحدة، الا أنه لم يكن على علاقة ودية مع الإدارة الأمريكية الحالية، وربما كانت هي التي ساهمت في إفشاله في سوريا ولبنان.