ترجمة وتحرير نون بوست
شهدت ليلة الخامس عشر من تموز/ يوليو العام الماضي، خروج مجموعة من المليشيات الخائنة إلى المشهد السياسي التركي مُحاوِلةً الانقلاب على الشرعية. ولكن، استطاع الشعب التركي بشجاعته دحر أولئك البلطجية وإفشال مخططاتهم. فليلة الانقلاب، خرج المواطنون الأتراك رجالا ونساءً، شيوخاً ورجالاً لإفشال محاولة الانقلاب، التي استمرت ما يقارب 22 ساعة، تاركين خلفهم بصمة في المقاومة الشعبية سيفتخر بها أبناء الشعب التركي جيلا بعد جيل.
في الواقع، لم تعرف المجموعة العسكرية التابعة لتنظيم غولن، التي قامت بمحاولة الانقلاب على الشرعية التركية، حدوداً للخيانة ولم تتوانى عن استهداف المواطنين الأتراك الأبرياء. فقد استخدمت هذه المجموعة ما يقارب 35 طائرة حربية، و37 طائرة مروحية، و74 دبابة، و246 عربة عسكرية مدرعة، وحوالي 4000 قطعة من السلاح، لتتصدى للشعب التركي الأعزل.
ونتيجة لهذه العملية، سقط 248 شهيداً منهم 63 عنصر أمن، و4 عناصر عسكرية، و181 شهيداً في صفوف المدنيين. كما أسفرت محاولة الانقلاب عن جرح 2193 شخصاً، منهم 146عنصر أمني، و21 عنصر عسكري، و2026 مدنيا. في المقابل، لقي 35 عنصرا عسكريا من المجموعة الانقلابية مصرعهم، بينما جرح 49 عنصر منهم خلال الاشتباكات التي جرت مع العناصر الأمنية التركية. كما اعتقل المئات منهم بعد فشل مخططهم الانقلابي.
والجدير بالذكر أن محاولة الانقلاب بدأت الساعة العاشرة من مساء يوم الخامس عشر من تموز/ يوليو سنة 2016، وانتهت الساعة الثامنة من مساء اليوم التالي. وبعد أن باء الانقلاب بالفشل، وقع اعتقال المئات مِمن شاركوا فيه، علما بأن الأحداث المتسارعة قد استمرت ما يقارب 22 ساعة. وكانت تفاصيل تلك الأحداث كالآتي:
الساعة العاشرة: سماع أصوات إطلاق طائرة مروحية النيران باتجاه مجموعة من العناصر داخل مبنى رئاسة الأركان في مدينة أنقرة، حيث سيطرت بعدها المجموعة الانقلابية على مقر رئاسة الأركان. في تلك الأثناء، أغلقت مجموعة أخرى من العساكر جسري البسفور والسلطان محمد الفاتح في مدينة إسطنبول.
الساعة العاشرة وعشر دقائق: فتحت طائرة مروحية تابعة للمجموعة الانقلابية النار تجاه مقر المخابرات العامة في مدينة أنقرة.
الساعة العاشرة وخمس, وثلاثون دقيقة: احتلت مجموعة عسكرية انقلابية أخرى بدباباتها مطار أتاتورك، واقتحمت برج مراقبة الطيران.
الساعة الحادية عشر وعشرة دقائق: صرح رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدرم، بقيام مجموعة داخل الجيش التركي بمحاولة انقلاب على الشرعية التركية.
الساعة الحادية عشر والربع: وجه الرئيس أردوغان من مكان إقامته في فندق بمدينة مرميس، حيث كان يقضي عطلته فيه، نداء للشعب يحثه على مقاومة تلك المجموعة الانقلابية. وفي هذا الإطار، قال أردوغان لمجموعة من الصحفيين، “هناك مجموعة داخل بنية الجيش لديها مخططات انقلابية، سنتخطى هذه المحنة، أدعو الجميع للذهاب إلى المطارات”.
الساعة الحادية عشر والنصف: اختطاف رئيس الأركان التركي، خلوصي أكار.
عند منتصف الليل: صرحت بعض المصادر الأمنية بأن ضابطا عسكريا داخل المؤسسة العسكرية التركية، يتبع تنظيم غولن، ينوي تنفيذ محاولة الانقلاب على الشرعية التركية.
الساعة الثانية عشر وإحدى عشرة دقيقة: مغادرة الرئيس أردوغان الفندق الذي كان يقيم فيه بمدينة مرمريس باستخدام طائرة مروحية.
الساعة الثانية عشر وثلاثة عشرة دقيقة: اقتحام مجموعة عسكرية تابعة للانقلاب مقر تلفزيون تي آر تي الحكومي، واجبار المذيعة على قراءة بيان الانقلاب، والإعلان عن سيطرة الجيش على الحكم، حيث قالوا في البيان، “تم عزل الحكومة الحالية عن الحكم”. ووصف وزير الدفاع التركي ذلك البيان “ببيان قرصنة”.
الساعة الثانية عشر وخمسة وثلاثون دقيقة: بدء أولى التحقيقات المتعلقة بمحاولة الانقلاب في ولاية إسطنبول، حيث أصدر مدعي عام محكمة مدينة كوجوك جيكمجة، قراراً باعتقال عناصر المجموعات الانقلابية حيثما وُجدوا.
الساعة الثانية عشر وسبعة وثلاثون دقيقة: في مداخلة له مع قناة تركية خاصة عبر الفيس تايم، وجه الرئيس أردوغان نداء للشعب التركي للنزول إلى الشوارع.
الساعة الثانية عشر وأربعون دقيقة: أقلعت طائرة خاصة تحمل رقم رحلة تي أتش واي -8451 من مطار عدنان مندريس في مدينة إزمير، وحطت في مطار دالامان القريب من مدينة مرميس، بهدف نقل الرئيس أردوغان وعائلته من مرمريس إلى مدينة اسطنبول.
الساعة الواحدة ودقيقة: تعرض مبنى الداخلية في مدينة أنقرة لهجوم بواسطة الطائرات الحربية والمروحية التابعة للمجموعة الانقلابية. تبعها تصريح لوزير الدفاع التركي، فكري إيشيك، أفاد فيه أن هذه المحاولة الانقلابية يقوم بها مجموعة بلطجية داخل المؤسسة العسكرية التركية.
الساعة الواحدة وتسعة وثلاثون دقيقة: فتح أبواب مقر البرلمان التركي برئاسة رئيس البرلمان، اسماعيل كهرمان، وبحضور النواب من مختلف الأحزاب.
الساعة الواحدة وأربعون دقيقة: فتحت المجموعة الانقلابية النيران تجاه المواطنين المدنيين على جسر البسفور. في تلك الأثناء، أصدر رئيس دائرة الأوقاف التركية تعليماته لأئمة المساجد بإقامة الآذان في مآذن جميع المساجد ودعا الشعب للنزول إلى الشوارع لمواجهة المجموعة الانقلابية.
الساعة الواحدة وثلاثة وأربعون دقيقة: إقلاع الطائرة التي تقل أردوغان وعائلته من مطار دالامان إلى مطار أتاتورك في مدينة إسطنبول.
الساعة الواحدة وخمسة وأربعون دقيقة: ساهم انتشار الصور والمشاهد التي تُظهر إطلاق المجموعة الانقلابية النار تجاه المواطنين الأتراك على جسر البسفور في مدينة إسطنبول في التأثير على أعداد متزايدة من المواطنين الأتراك وتجييشهم للنزول للشوارع، حيث خرجت الجماهير باتجاه النقاط التي سيطرت عليها المجموعات الانقلابية.
الساعة الثانية : إقلاع ثلاث طائرات مروحية عسكرية من قاعدة جيغلي في مدينة إزمير تُقل عناصر عسكرية انقلابية متوجهة نحوالفندق الذي أقام فيه الرئيس أردوغان في مدينة مرميس.
الساعة الثانية وعشرون دقيقة: سقوط 51 شهيداً من عناصر الأمن منهم 49 عنصر من القوات الخاصة في هجوم لطائرة مروحية تابعة للمجموعة الانقلابية على مقر القوات الخاصة في مدينة أنقرة. وأُسقِطت تلك المروحية بعد أن هاجمتها طائرة إف-16 تابعة للقوات المسلحة التركية.
الساعة الثانية والنصف: أعلن المتحدث الإعلامي باسم المخابرات التركية، نوح يلماز، عن فشل محاولة الانقلاب.
الساعة الثانية واثنين وأربعين دقيقة: قصفت طائرات إف-16 وطائرات مروحية تابعة للمجموعة الانقلابية مقر البرلمان التركي.
الساعة الثانية وتسعة وأربعون دقيقة: أدى سقوط القذائف على مقر البرلمان إلى نزول رئيس البرلمان، إسماعيل كهرمان، والنواب المجتمعين في مقر البرلمان إلى الملجأ داخل مقر البرلمان، نظرا لأن الطائرات وجهت أربع قذائف للمقر.
الساعة الثالثة وعشر دقائق: صرح رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدرم، بسعي الجيش التركي لإسقاط الطائرات والمروحيات التابعة للمجموعات الانقلابية المحلقة في سماء مدينة انقرة.
الساعة الثالثة واثني عشرة دقيقة: نشرت بعض الأطراف الأمريكية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية مسار طائرة الرئيس أردوغان في محاولة لها لإعلانها كهدف للطائرات الانقلابية.
الساعة الرابعة وسبعة دقائق: هبطت طائرة الرئيس أردوغان في مطار أتاتورك بمدينة إسطنبول، وأدلى الرئيس بتصريحات لمجموعة من المواطنين الذين جاءوا لاستقباله على أرض المطار، قال فيها “هذه عملية خائنة تستهدف تراب الوطن التركي، سيدفع القائمون عليها الثمن غاليا”. وشكل المواطنون الأتراك جدار بشري حول الرئيس أردوغان لحمايته من القوات الانقلابية.
الساعة الرابعة واثنين وأربعين دقيقة: فتحت الطائرات المهاجمة للفندق بمدينة مرمريس النار تجاه مبنى الفندق ما نتج عنه سقوط عنصر أمن وأحد عناصر الحرس الرئاسي. بعد ذلك، دخلت عناصر الشرطة في اشتباكات مع العناصر الانقلابية حول مبنى الفندق استمرت حوالي ساعتين. وعند انتهاء تلك الاشتباكات، هربت العناصر التابعة لمجموعات الانقلاب إلى منطقة غابات قريبة من الفندق.
الساعة الخامسة وعشرون دقيقة: صرح رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدرم، باعتقال عناصر الشرطة لحوالي 130 عنصرا انقلابيا من بينهم ضباط رفيعي المستوى كانوا يديرون العملية الانقلابية.
الساعة السادسة واثنين وأربعين دقيقة: استسلام العناصر الانقلابية التي أغلقت جسر البسفور لقوات الشرطة.
الساعة السادسة واثنين وخمسين دقيقة: عيّن رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدرم، الجنرال أوميت دوندار رئيساً للأركان ليحل محل رئيس الأركان المختطف، خلوصي أكار.
الساعة السابعة وخمسة وثلاثون دقيقة: بدء التحقيقات في عملية محاولة الانقلاب في العديد من المدن التركية واعتقال أكثر من 750 عنصرا عسكريا تابعا للمجموعات الانقلابية بعد إلغاء رتبهم العسكرية.
الساعة التاسعة والنصف: وصل عدد المعتقلين الانقلابيين من منسوبي تنظيم غولن إلى أكثر من 1370 عنصرا.
الساعة العاشرة وسبعة دقائق: استسلام العناصر الانقلابية التي سيطرت على مقر رئاسة الأركان لقوات الشرطة.
الساعة العاشرة وأربعون دقيقة: مغادرة العناصر الانقلابية لقاعدة أكنجي الجوية، التي استخدموها كقاعدة لإدارة عمليات الانقلاب العسكرية.
الساعة الحادية عشر: صرح رئيس الأركان التركي بالوكالة أوميت دوندار بفشل الانقلاب واعتقال العناصر العسكرية القائمة على العملية الانقلابية.
الساعة الثانية عشر وسبعة وخمسون دقيقة: ظهر رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدرم، في مؤتمر صحفي عقده في مقر رئاسة الوزراء في أنقرة، ذكر فيه حصيلة الليلة الدامية لمحاولة الانقلاب، معربا عن شكره وامتنانه للشعب التركي، الذي ضحى بأبنائه من أجل الديمقراطية ووحدة التراب التركي.
وفي نهاية المطاف، تبين أن هذه العملية الخائنة قد خطط لها رئيس منظمة غولن المدعو “فتح الله غولن” المقيم في مدينة بنسلفانيا الأمريكية، حيث أدار غولن تلك العملية بعد تخطيط دام لشهور بمساعدة أعضاء تنظيمه. كما أشار غولن إلى نيته القيام بمحاولة انقلاب على الشرعية التركية قبل محاولة الانقلاب بأربعة أشهر. والدليل على صحة هذه الرواية حديث له أمام الكاميرات من مقر إقامته، حيث أشار إلى أتباعه
وخلايا تنظيمه النائمة داخل المؤسسة العسكرية التركية أنه سينفذ العملية المنشودة.
ومنذ ورود التعليمات من زعيمهم، بدأت تلك العناصر بتنفيذ مخططاتها داخل المؤسسة العسكرية التركية، التي انتهت بمحاولة انقلاب فاشلة، أفشلها الشعب الذي كتب التاريخ وحمى الشرعية والديمقراطية بصدور أبنائه العارية.
المصدر: تقويم