يربط الخليج بمصر ويهدد مشاريع إسرائيلية.. ما فرص نجاح مشروع التجارة العربي؟

يحظى مشروع خط التجارة العربي الذي أعلنت عنه مصر مؤخرًا باهتمام متزايد، لدوره المستقبلي المحتمل في نقل البضائع وتعزيز الحركة التجارية بين مختلف دول المنطقة، في ظل التحديات التي تواجه النقل البحري العالمي.

وتتعاون القاهرة مع بغداد وعمّان لإنجاز هذا المشروع المرتقب، بهدف ربط منطقة الخليج العربي بالبحر المتوسط وخليج العقبة عن طريق مصر، ضمن مبادرات إحياء طريق الحرير ومسارات التجارة القديمة لتحقيق تعاون دولي واسع يمتد عبر القارات.

تفاصيل المشروع

اتفقت مصر والأردن والعراق على التحرك لإنجاز المرحلة الأولى من الخط التجاري العربي اللوجيستي المتكامل الذي يربط قارتي آسيا وإفريقيا بأوروبا وأمريكا عبر الموانئ المصرية والأردنية.

وأوضحت وزارة النقل المصرية في بيان أصدرته 25 ديسمبر/كانون الأول الحاليّ، بأنها تنسّق مع وزارتي النقل الأردنية والعراقية من خلال الشراكة الإستراتيجية بشركة الجسر العربي للملاحة لوضع مخطط تنفيذي لنقل البضائع بحريًا بالشاحنات والركاب عبر الخط العربي للتجارة.

ويربط الخط التجاري المرتقب بين موانئ العقبة ونويبع على خليج العقبة ومنها بريًا عبر سيناء من خلال طريق نويبع – طابا – النفق ومنها إلى موانئ شرق بورسعيد ودمياط والإسكندرية الكبير.

ونوه البيان إلى أن المشروع ما زال في المرحلة الأولى وسيعمل على نقل كل البضائع التجارية بين دول الخليج والعراق والأردن مرورًا بمصر بريًا، تمهيدًا للمرحلة الثانية التي بدأ العمل عليها من خلال إنشاء خط سكة حديد طابا بطول 500 كيلومتر لزيادة حجم البضائع المستهدف نقلها إلى أوروبا وأمريكا.

وتخطط مصر إلى مد خط سكك حديدية جديد يربط بين العريش وطابا وشرق بورسعيد، من أجل تعزيز نجاح المشروع التجاري وتسهيل عمليات نقل البضائع.

وكشفت “شركة الجسر العربي للملاحة”، المملوكة للبلدان الثلاث، في 24 ديسمبر/كانون الأول الحاليّ، اعتزامها البدء في أعمال تنفيذ مشروع التجارة العربي اعتبارًا من الأسبوع المقبل ليكون أحد البدائل المهمة، بعد إعلان عدد من شركات الشحن العالمية الكبرى، تحويل مسار طريقها في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

ويعول العراق على هذا المشروع لدعم “طريق التنمية” الذي يربط ميناء الفاو المطل على مياه الخليج في البصرة جنوبًا، ويتجه إلى الموصل وتركيا شمالًا، وتطوير جميع محاوره وتفرعاته.

فرص المشروع وتحدياته

ويحمل المشروع الجديد الكثير من الفرص المتمثلة في تحقيق النمو الاقتصادي وتحسين البنية التحتية، وتعزيز التجارة الدولية ودعم التعاون الإقليمي، لكنه يواجه تحديات تتمثل في ضعف الإنتاج المحلي لهذه الدول، فضلًا عن صعوبات جيوسياسية ومالية وتقنية.

ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد ذكر الله إن مشروع التجارة العربي يهدف إلى ربط منطقة الخليج العربي بأمريكا وأوروبا، عبر العراق والأردن ومصر، عن طريق مجموعة من الطرق، مضيفًا في حديثه لـ”نون بوست”، أن هذا المشروع يستغل الموقع الجغرافي لمصر الرابط بين الشرق والغرب، وفي حال إتمامه فستكون له أهمية كبيرة باعتباره من الطرق البديلة لنقل البضائع وهو جزء من طريق الحرير القديم.

ويعرب ذكر الله عن اعتقاده بأن أهمية المشروع الاقتصادية للدول الثلاثة، الأردن والعراق ومصر، تتوقف إلى حد كبير على إنتاج هذه الدول، فضعف الإنتاج المحلي هو المشكلة الرئيسية التي تواجهها هذه الدول إذا استثنينا النفط العراقي.

المشروع العربي أقرب إلى المشروع الداخلي، لتبادل الطاقة والبضائع بين البلدان الثلاث: العراق والأردن ومصر، ومن الممكن أن يكون بديلًا احتياطيًا في حال إغلاق قناة السويس أو تأثر الملاحة فيها

ويرجّح الخبير الاقتصادي أن تتحول هذه الطرق إلى محطات لوجستية للتجارة العالمية ولن تزيد الصادرات المحلية التي ستكون على الهامش، لأن هذه الدول لم تنجح حتى الآن في رفع معدلات الصادرات لديها بصورة ملحوظة.

ويشير ذكر الله إلى أنه بعد اكتمال هذا المشروع وتدشينه فإن هذه الدول ستتحول إلى أماكن لوجستية كبرى في مسار التجارة الدولية، مستبعدًا وجود تحديات كبيرة تواجه المشروع لأنه طبقًا للتكلفة المبدئية التي أعلن عنها وتبلغ نحو 25 مليار دولار، تتحمل معظمها دول الخليج المختلفة، بالإضافة إلى بعض الدول الأخرى.

ويرى أن “المشروع يمثل عملية تنموية داخلية للدول سواء عن طريق إقامة الطرق أم خطوط السكك الحديد المزمع إقامتها، وبالتالي هي جزء من عملية تنمية وإنفاق للموازنات العامة الاعتيادية لدول المشروع خلال هذه الفترة”.

تأثيره على “إسرائيل”

يرجّح مراقبون أن يكون للمشروع الجديد تأثيرات سلبية على مشاريع بديلة حاولت “إسرائيل” الترويج لها خلال الفترة السابقة، بينما يرى آخرون أن المشروعين لا يتعارضان.

وتخشى الأوساط الإسرائيلية من أن يكون المشروع العربي بمثابة ضربة قوية لمشروع القطار الإسرائيلي السريع الذي يربط الأحمر بالمتوسط عبر ميناء إيلات، وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن حكومة تل أبيب خصصت ميزانية كبيرة لبناء خط تجاري يتضمّن شبكة من سكك الحديد تمر عبر بلدان أخرى، مرجحة أن يتم إنشاء خط قطارات من بيت شان إلى إيلات بسرعة 250 كيلومترًا في الساعة، بهدف تنشيط الاقتصاد الإسرائيلي ومنافسة مشاريع دول المنطقة.

وتأمل حكومة نتنياهو في تمويل المشروع من خلال عقد اتفاقيات دولية واستثمارات عربية وأجنبية مع عدة دول بسبب ربط المسار بـ”خط قطار السلام”، الذي سينتقل من دولة الإمارات عبر دول أخرى حتى الوصول إلى “إسرائيل”.

ويؤكّد الخبير الاقتصادي عامر الشوبكي، أن أهداف المشروع الإسرائيلي تختلف كثيرًا عن مشروع التجارة العربي الذي أعلنت عنه مصر مؤخرًا.

مشروع التجارة العربي قد يسهم في تخفيف اعتماد العراق على البضائع الإيرانية، كما يشجّع استقدام العمالة المصرية للعمل في العراق والأردن

ويبيّن في حديثه لـ”نون بوست”، أن المشروع العربي هو أقرب إلى المشروع الداخلي، لتبادل الطاقة والبضائع بين البلدان الثلاث: العراق والأردن ومصر، ومن الممكن أن يكون بديلًا احتياطيًا في حال إغلاق قناة السويس أو تأثر الملاحة فيها.

ويضيف الشوبكي “أما المشروع الإسرائيلي فهو جزء من الممر التجاري العالمي الذي أعلنت عنه واشنطن لربط الهند بأوروبا عبر مسارات بحرية وبرية تمر بالإمارات والسعودية والأردن باتجاه الموانئ الإسرائيلية، في محاولة لمنافسة مشروع الحزام والطريق الصيني”.

ويلفت إلى أن مشروع التجارة العربي قد يسهم في تخفيف اعتماد العراق على البضائع الإيرانية، كما يشجّع استقدام العمالة المصرية للعمل في العراق والأردن.

من جانبه، يلفت ذكر الله، إلى أن المشروع العربي يتعارض مع مشروع الكيان المحتل، مرجّحًا حصول نوع من التفاهمات الداخلية بين هذه الدول والدول الأوروبية من جهة والكيان المحتل من جهة أخرى.