تطورت تكنلوجيا القيادة خلال الفترة الماضية بشكل ملحوظ، وبات الحلم الذي كانت تطرحه الأفلام على أنه التطور الحضاري الأبرز للعقود القادمة في متناول الجميع، حيث بدأنا نشهد سيارات تستطيع أن تركن نفسها في أماكن معينة. وسيارات أخرى تقوم بتنبيهك لوجود مشاة أو قرب إرتطامك بشي معين. وبات القائد الإلكتروني مساعدا حقيقياً في عمليات القيادة للسيارة الحديثة ويبدو أنه يتدخل أكثر وأكثر وذلك على مصلحة القائد البشري.
في بريطانيا أعلن السلطات المحلية أنها ستبدأ عملية إختبار سيارات بلا سائق بشري خلال الأشهر القليلة القادمة، أي قبل إنتهاء العام الحالي.
هذه السيارات موجودة بالفعل، والتكنلوجيا المستخدمة فيها متاحة لكثير من شركات تصنيع السيارات، وتقوم السلطات بتجربتها في أراض خاصة وشوارع لا تدخلها السيارات العادية. ورغم الحديث عن خطرها ومدى سلامتها، فإن السلطات ترى أنها أكثر أمن من السيارات العادية. لما فيها من نظم إستشعار وأجهزة مراقبة.
السلطات البريطانية لمحت إلى أنها في فترة الإختبار الأولى، ستطلق السيارة مع سائق بشري وذلك لتفادي أي مشكلة تقنية قد تحدث، من أجل السلامة العامة.
الخطة الموضوعة من قبل وزارة النقل في بريطانيا، هي منظومة متكاملة ستعالج مشكلة الزحام والإختناقات المروري في البلاد، وذلك عبر ميزانية ضخمة تصل حتى ما يقرب من ٣٠ مليار جنيه إسترليني.
ويضيف التقرير الخاص بوزارة النقل : “إنها تحافظ على مسافة آمنة بينها وبين السيارات التي أمامها، وذلك وفقا لسرعة محددة، وبدون انحراف عن المسارات الخاصة بها، وهذا كله بدون تدخل من السائق”.
العلماء القائمون على المشروع وإختباره هم علماء جامعة مدينة أكسفورد البريطانية، وهم نفس الفريق الذي قام بتطوير تكنلوجيا السيارات ذاتية التحكم على سيارات معدلة من طراز نيسان، ويتم الأن تجربتها في حديقة قسم العلوم في الجامعة.
أما عن التكنلوجيا المستخدمة في هذه السيارات فإنها، أجهزة إستشعار شديدة الحساسية، وأجهزة ليزر، وكامرات ستقوم بتسجيل بيانات الرحلات المعتادة يومياً، مثل الذهاب من البيت وإليه وإلى العمل والمدرسة.
الإعلان الحكومي البريطاني ليس الأول من نوعه عالميا، حيث تتحدث الكثير من التقارير أن إختبارات كهذه أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية، ونجحت هناك بالفعل. وتحاول ولايات في أمركيا سن قوانين وتشريعات خاصة بالسيارات ذاتية القايادة، مثل ولايات نيفادا وفلوريدا وكاليفورنيا.
الشركة الأكثر حماس عالميا لهذا المشروع، هي شركة قوقل، حيث أنها تتصدر البحث العلمي الخاص بهذه السيارات عالميا وذلك من خلال أسطولها من السيارات التي أطلقتها والتي غطت أكثر من 300 ألف ميل على الطرق العامة. والتي تعرف ب “سيارات تويوتا بريوس المعدلة”.
سيرجي برين المؤسس المشارك في قوقل ” إن هذا النوع من السيارات سيصنع لنا حياة مختلفة، أكثر أماناً وأكثر راحة. بل إنها ستحسن حياة الناس” مؤكدا أنها ستطرح تجارياً خلال العقد الحالي. كما أكد برين أن شركة قوقل وإن كانت رائدة في هذا المجال إلا أنها ليست اللاعب الوحيد فيه، فإن هناك الكثير من الشركات والمؤسسات العلمية التي تعمل في هذا المجال مسابقة الزمن لإنتاج هذا النوع من التكنلوجيا وتحويله إلى مشاريع تجارية.
حتى الأن لم نشهد ثورة في نظام السيارات ذاتية القيادة، فكل ما في الأمر أن جميع السيارات المستخدمة هي سيارات معدلة عن سيارات موجودة بالفعل، لكن شركات كثيرة من بينها فورد وأودي تؤكد أنها بصدد إنتاجات ثورية في عالم السيارات هذا حين تتوفر التكنلوجيا الخاصة به، لتجعل منها سيارات أكثر رفاهية وأكثر متعة.
لكن الجو العام في بريطانيا لهذا النوع من السيارات لا ينم عن إرتياح كامل، فقد أعرب بعض مسؤولي شبكات الطرق في بريطانيا عن قلقهم من هذا النوع من السيارات مفضلين القيادة البشرية لها. بل وصل الأمر بـ باول واترز، أحد مسؤولي سياسات الطرق في بريطانيا حد التحذير منها وقال ” إن شرب فنجان من القهوة في هذه السيارة أو تصفح الصحف على سبيل المثال هو أمر بعيد المنال ولن يحدث قريباً لما فيه من خطورة على حياة المواطنين”.
وتابع واترز: “نحن لدينا بالفعل مجموعة متنوعة من التقنيات الداخلية في السيارات، بما في ذلك أنظمة التحكم في حركة توقيف السيارة، وتثبيت سرعتها، وبالتالي فإن السيارات بدون سائق ستصبح تراكما للتطور التدريجي، وليس ثورة مفاجئة”.