ترجمة وتحرير: نون بوست
تزامنا مع بداية الشكوك حول ترامب وفريقه الرقمي، وعلى إثر اتهامه بتزويد الناخبين الروس المستهدفين بمعلومات مغلوطة خلال انتخابات سنة 2016، وافق المدير الرقمي السابق للحملة، براد بارسكيل، على إجراء مقابلة مع لجنة استخبارات الولايات المتحدة. لكن إذا ما أراد المحققون التوصل حقا إلى مدى صحة هذه الشكوك وكيف حاول الأجانب التأثير على الناخبين، فسينبغي عليهم نبش خوادم الفيسبوك حيث سيجدون هناك ضالتهم.
في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، أعرب بارسكال عن رغبته في إجراء مقابلة مع أعضاء لجنة الاستخبارات، صباح يوم الجمعة، حتى يتسنى له الدفاع عن العمل الذي قامت به شركة سان أنطونيو جايلز بارسكيل من أجل الحملة الانتخابية.
وتجدر الإشارة إلى أن بارسكال قد رفض التهم الموجهة لفريقه والتي تفيد بأنه شارك مجموعة من البيانات مع ناشطين روس بهدف مساعدتهم على استهداف ناخبين محتملين. وفي هذا السياق، أضاف بارسكال، في البيان الذي نشره، أن “الحملة قد استخدمت استراتيجيات التسويق الرقمي ذاتها التي تستخدمها الشركات الأمريكية كل يوم”. كما أشار بالتفصيل إلى عمل الحملة مع كل من فيسبوك، وجوجل، وتويتر.
التعاون الذي قدّمته شركتيْ فيسبوك وتوتير قد ساهم في تحقيق فوز ترامب، ولولاهما لما كنا نجحنا في الانتخابات
وفقا لما أفاد به بارسكال، كانت هذه الحملة على صلة بشركتيْ وفيسبوك وجوجل للعمل حيث كان يتم التعاون من داخل مكتب بارسكيل في سان أنطونيو، وذلك قصد المشاركة في الأعمال الداخلية للفريق الرقمي والبيانات. وخلال الحملة، وصلت الإعلانات الداعمة لترشح ترامب إلى 50 ألف نسخة في اليوم، وذلك لرصد أكثر الإعلانات التي لها تأثير وصدى في نفوس الناخبين. بالإضافة إلى ذلك، عملت الحملة على نشر ما يسمى “بالمشاركات المظلمة”، وهي عبارة عن مشاركات مدفوعة وغير عامة، تظهر فقط في خلاصات أخبار الأشخاص الذين يختارهم المعلن على موقع الفيسبوك.
في هذا الصدد، اعترف بارسكل، لموقع وايرد، بأن “التعاون الذي قدّمته شركتيْ فيسبوك وتوتير قد ساهم في تحقيق فوز ترامب، ولولاهما لما كنا نجحنا في الانتخابات. وفي الحقيقة، ساعدنا موقع تويتر كثيرا في دعم الرئيس ترامب، بينما اهتم موقع فيسبوك بجمع التبرعات”.والجدير بالذكر أنه لا مجال للشك حول هذه التسوية باعتبار أنه في مثل هذه النشاطات، كثيراً ما ينتقي خبراء الإعلان، في شركات وسائل التواصل الاجتماعي، ممثلين محددين. وحول هذه النقطة، صرّح آدم شارب، المدير السابق لفريق الحكومة والانتخابات على التويتر، أن “هذه الشركات تعين شخصا يعمل في مبيعات الإعلانات ليكون هو مدير الحساب”.
كنتيجة لذلك، ساعدت هذه العملية المحققين على اكتشاف حقيقة العملية الروسية التي تمت بالاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي. كما ساهمت هذه العملية في جمع معلومات وفيرة حول هذا النوع من المنصات، على غرار فيسبوك. في هذا السياق، يمكن للكونغرس استدعاء الشركة للمحكمة بهدف الحصول على البيانات التي استغلتها من أجل توسيع مبيعات الإعلانات والمساهمة في الانتخابات.
في الواقع، يحتفظ الفيسبوك بقوائم المستخدمين التي تعكس فقط الجهة المهتمة بالإعلانات، ولا تشمل الأطراف الأخرى التي من المرجح أن تكون قد ساهمت في تمويل الإعلانات. علاوة على على ذلك، يسمح الفيسبوك للمعلنين السياسيين بتحميل قوائم الناخبين الخاصة بهم وذلك بهدف استقطابهم.
نتيجةً لهذه الحقائق، يمكن للمحققين الاستفسار من الشركة حول حقيقة استخدام موظفي الإعلان لقوائم مكررة بهدف نشر إعلانات سواء مؤيدة لترامب أو مناهضة لكلينتون. وفي الحقيقة، تتيح لهم هذه الخطوة الكشف عما إذا كان لبعض الدخلاء يد في الانتخابات الأمريكية بقصد حسم النتائج لصالح ترامب، على الرغم من أن إمكانية الولوج إلى البيانات ستكون شبه مستحيلة، نظراً للطريقة التي يجزئ بها موقع فيسبوك المعلومات على نظامه.
وتجدر الإشارة إلى أن القائمين على فيسبوك أفادوا، عند مطالبتهم بالتعليق، أنهم لم يعثروا على أي دليل يثبت تورط الأطراف الروسية في عمليات شراء الإعلانات أثناء الانتخابات. في المقابل، في حال كان ذلك صحيحا، فهذا يعني أن الروس قد لجؤوا إلى الطريقة القديمة لنشر دعايتهم، وذلك عن طريق إنشاء محتوى فيروسي يجبر مستخدمي الموقع على مشاركته.
في الأثناء، قد يتيح التحقيق الفرصة للكونغرس لتسليط الضوء على شركة رقمية “غامضة” أخرى تدعى شركة “كامبريدج أناليتيكا” لتحليلات البيانات. وعموما، تدعي هذه الشركة، التي يدعمها أكبر ممولي حملة ترامب، روبرت ميرسر، أنها تملك قدرة على استهداف الأفراد، استنادا على قاعدة بيانات مفصلة تتضمن معلومات تتعلق “بنفسية” الأشخاص. بفضل هذه المعلومات، تسببت هذه الشركة في تشويه سمعة جملة من الباعة السياسيين، في وقت وجيز، ما جعل البعض يتهمها بالتورط في “حرب نفسية”.
أكد الديمقراطيون، بما في ذلك هيلاري كلينتون ومارك وارنر، أن استهداف قصص ملفقة حول الناخبين الأمريكيين، الذين لا يزالون لم يختاروا بعد الشخص الذي سيمنحونه ثقتهم، سيجعل الروس يبحثون عن معلومات تتعلق بهؤلاء الناخبين فضلا عن كيفية الوصول إليهم
يبدو أن لجنة الاستخبارات الأمريكية ستتجه مباشرة نحو “المصدر” دون أن تضطر إلى المشاركة في جلسة الاستماع. وتجدر الإشارة إلى أن بارسكل كان من بين أول الأعضاء الذين ضمهم فريق ترامب، وانضم إلى الحملة حتى قبل الإعلان عنها رسميا. بالإضافة إلى ذلك، عمل هذا المسوق الرقمي مع عائلة ترامب منذ سنة 2011، واهتم ببناء المواقع الإلكترونية لصالح ترامب على غرار موقع “ترامب واينري” و”مؤسسة إريك ترامب”، قبل تلقيه المكالمة الذي طلب فيها ترامب منه إنشاء موقع لحملته. في هذا الصدد، أفاد بارسكال لموقع وايرد، خلال السنة الماضية قائلا: “عندما وردتني المكالمة الهاتفية، كنت مبتهجا، نظرا لأنني أحترم هذه العائلة كثيراً”.
منذ تلك المكالمة، تطور الدور الذي يلعبه بارسكيل داخل الحملة بشكل كبير. فقد كان دوره يقتصره سوى على إنشاء مواقع ومحتوى مواقع تواصل اجتماعي لصالح ترامب، لكنه أصبح الآن يدير حوالي 250 مليون دولار، متأتية من التبرعات عبر الإنترنت. خلال الانتخابات، تحصل جايلز بارسكيل على حوالي 90 مليون دولار، وصرف جزءًا كبيراً منها لأجل شراء إعلانات الفيسبوك. ومع اقتراب شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، شغل بارسكيل منصب نائب مدير الحملة، وعمل جنبا إلى جنب مع صهر ترامب ومستشاره الحالي، جاريد كوشنر، وذلك بهدف وضع إستراتيجية “أول حملة رقمية”.
وبالاستناد على ما تم ذكره آنفا، من المرجح أن تساعد شهادة بارسكيل على تسليط الضوء على جانب من جوانب الحملة السياسية. من جهتهم، أكد الديمقراطيون، بما في ذلك هيلاري كلينتون ومارك وارنر، أن استهداف قصص ملفقة حول الناخبين الأمريكيين، الذين لا يزالون لم يختاروا بعد الشخص الذي سيمنحونه ثقتهم، سيجعل الروس يبحثون عن معلومات تتعلق بهؤلاء الناخبين فضلا عن كيفية الوصول إليهم.
لم تغب هذه التخمينات عن العاملين في المجال الرقمي، من كلا الجانبين، إذ أكدوا أن عملية استهداف القصص والإعلانات على المنصات على غرار فيسبوك وتويتر والكشف عنها تعتبر أكثر بساطة وأشد صعوبة مما يعتقد الغرباء عن هذا المجال.
أصر بارسكال على أن “لا يملك معلومات تؤكد مشاركة الروس في العمليات الرقمية والبيانات، وحتى وإن وجدت، فإنه لا علم لي على الإطلاق بها”
في الحقيقة، لا تعدّ عملية استهداف الناخبين معقدة كما يظنها البعض، خاصةً عند التواجد في كنف دولة لا تتفطن إلى الثغرات الموجودة في قانون تمويل الحملات ولا تسعى للكشف عمن يدفع ثمن الإعلانات من جهة، وعن مدى قدرة منصات الإعلام الاجتماعي على استهداف الناس على أساس السن، والجنس، والموقع والمصالح، من جهة أخرى.
من جهته، أصر بارسكال على أن “لا يملك معلومات تؤكد مشاركة الروس في العمليات الرقمية والبيانات. وحتى وإن وجدت، فإنه لا علم لي على الإطلاق بها”. على الرغم من أن تصريحاته قد تكون صادقة، إلا أن ذلك لا يعني تبرئة بقية الأشخاص المقربين من ترامب، والذين يملكون حق الولوج إلى معلومات الفريق الرقمي والبيانات، بما في ذلك كوشنر، من تهمة نقل المعلومات إلى العملاء الروس، خلال إحدى الاجتماعات التي لم يتم الكشف عنها خلال الحملة.
في هذا السياق، نستحضر ما جاء على لسان أحد الموظفين السابقين الذي أفاد قائلا: “عندما يتعلق الأمر بالأطفال والأسرة المقربة، تختلط كل الأمور ولا أدري ما الذي يحصل”. وعلى العموم، من المرجح أن تستدعي المحكمة أفراد هذه العائلة المقربة. في المقابل، يجب على المحققين الاكتفاء باستجواب شركة فيسبوك ليجدوا ضالتهم دون الاعتماد على الإجابات التي ستقدمها هذه العائلة.
المصدر: وايرد