يتعلم الكثيرون لغة البرمجة لأنهم يحبون التحدي وعاشقين لعالم الحاسوب ويرون أنفسهم في المستقبل قادرين على بناء المواقع الإلكترونية بمختلف أنواعها، بالإضافة إلى تطبيقات الهواتف المحمولة، في أغلب الأحيان يفعل هؤلاء ما سبق بدافع الشغف أولًا وبدافع العمل ثانيًا، ولكن ماذا لو لم يرغب أي منا بالعمل في البرمجة لكسب الرزق؟ هل يجب علينا تعلم لغة البرمجة في كل الأحوال؟
لا يبدو الأمر منطقيًا لتعلم المرء لغة لن يتحدث بها مطلقًا مع أي أحد، إلا أن الأمر يختلف في لغة البرمجة، فكما هو الحال في تعلم بقية اللغات، الهدف الأسمى من تعلمها يكمن في محاولة الوصول إلى الحد الأدنى من التواصل مع مُتحدث تلك اللغة، ينطبق الأمر أيضًا على حالة لغات البرمجة المختلفة، فنحن في عالم يسيطر عليه علم الحاسوب والتكنولوجيا، ولهذا يبدو الأمر منطقيًا إذا ما قررنا محاولة الوصول إلى الحد الأدنى مع تلك الآلات التي تسيطر على حياتنا، وذلك يتم عن طريق تعلم لغة البرمجة.
لا يكون الهدف من تعلم البرمجة في تلك الحالة أن تكون مُبرمجًا، ولكننا يمكن أن نقلد طريقة المُبرمج في التعامل مع الآلة أو الحاسوب، فهو الآن يُعد مُفكرًا ومُطورًا بشكل ما، لذلك تعلم البرمجة يُعلمنا طريقة تفكير الآلات، وبالتالي يُسهل علينا عملية وضع حلول لمشاكل عديدة ومهمة تواجهنا في حياتنا اليومية.
قُدر عدد المبرمجين حول العالم بحواليي أكثر من 18 مليون مبرمج، بحسب إحصائيات المركز العالمي للعاملين في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، يتضمن ذلك الرقم ما يقرب من 7 مليون مبرمج بدأ في تعلم البرمجة كهواية في الأساس قبل أن يتخذها مجالًا للدراسة، كما تشير نفس الإحصائيات أيضًا إلى وجود 29 مليون شخص حول العالم يعمل في مجالات خاصة بالإدارة والتصاميم والإنتاج، إلا أنهم مبرمجين محترفين في الوقت ذاته.
يذكر التقرير نفسه أن أغلب المبرمجين المحترفين يتركزون في القارة الآسيوية، إذ تحتوي الصين وحدها على 10٪ من نسبة العاملين المحترفين بالبرمجة حول العالم، تليها الهند التي تحتوي على نسبة 9.8٪، كما يصف التقرير أن الهند تحتوي على عدد أكبر من ذلك بكثير من المبرمجين إلا أن النسبة الأكبر منهم هواة، في حين يحتوي الشرق الأوسط بالإضافة إلى أوروبا بأكمها نسبة 39٪ من المبرمجين، كما تحتوب الولايا المتحدة الأمريكية على نسبة تساوي 19٪.
البرمجة: اللغة الأم في العالم
كل الوظائف التي يمكن للمبرمج العمل فيها، منها مهندس برمجيات، مدير مشاريع، محلل برمجيات، مطور برمجيات
يُعتقد أن البرمجة من الممكن أن تتحول من لغة للآلات والحواسيب، إلى اللغة الأم في العالم من حيث الأهمية والحاجة إليها، وهذا ليس مفاجئًا بالنسبة إلينا، فقد لجأ البشر منذ تطور التكنولوجيا وانتشار الإنترنت في أغلب بقاع العالم إلى اختراع حلول لبعض المشاكل التي تواجههم في حياتهم العادية، كان من نتائجها اختصار الوقت لإنجاز بعض المهام، أو اختصار المسافة أو تقليص الجهد المبذول، أو زيادة في الدقة والاحترافية في إنجاز تلك المهام.
قُدر عدد المبرمجين حول العالم بحواليي أكثر من 18 مليون مبرمج، بحسب إحصائيات المركز العالمي للعاملين في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
مخطط يوضح مرتبات المبرمجين في عدة دول سنويًا
كان العاملون في أقسام المحاسبة يقضون الأيام في تحضير جداول البيانات المختلفة، وكانت تلك المهمة تحتاج إلى قسم كامل من العاملين، وبحاجة لمساحة كبيرة وآلات للطباعة ضخمة تطبع تلك الجدوال الطويلة من البيانات والتي كانت أحيانًا تُصنع يدويًا، إلا أن اعتمادًا على برمجيات بسيطة، تحول الأمر إلى برامج مُختصة لذلك، وفي غضون أيام، تم استبدال أقسام كاملة واختصارها في موظف أو اثنين على الأكثر .
يُعتقد أن البرمجة من الممكن أن تتحول من لغة للآلات والحواسيب، إلى اللغة الأم في العالم من حيث الأهمية والحاجة إليها
لم يكن ذلك أكثر اختلافًا عن المشاكل التي جاءت البرمجة لحلها، فإذا أمعنت النظر ستجد أن البرمجة جاءت في الأساس لحل المشاكل التي تواجه الشركات أو الدول أو تواجه فردًا واحدًا، فكما ذكرنا سابقًا لا تختلف لغة البرمجة كثيرًا عن اللغة التي تتحدثها أنت الآن، فكما تساعدك الأخيرة على التواصل مع من حولك، ستساعدك البرمجة على اكتشاف قدرات جهاز الحاسوب الخاص بك، بل ستساعدك على اكتشاف أمور كنت تجهل بوجودها.
لا يكون الهدف من تعلم البرمجة في تلك الحالة أن تكون مُبرمجًا، ولكننا يمكن أن نقلد طريقة المُبرمج في التعامل مع الآلة أو الحاسوب، فهو الآن يُعد مُفكرًا و مُطورًا بشكل ما، لذلك تعلم البرمجة يُعلمنا طريقة تفكير الآلات
لماذا بدأ الآباء في تعليم أطفالهم لغات البرمجة؟
يسير العالم الآن نحو محاربة الأمية التكنولوجية وليس جهل القراءة والكتابة، ولهذا تتجه بعض المناهج التعليمية وبعض الآباء إلى التركيز على أهمية تعلم الأبناء البرمجة
يسود الرأي العام بأن تعلم اللغة في سن مبكرة يجعل الأطفال أكثر ذكاءً، مما يجعل تعلم اللغة أكثر سهولة من تعلمها في سن متأخرة، لا تختلف تلك النظرية في حالة لغات البرمجة أيضًا، فعلى الرغم من رأي البعض في صعوبة تعلم لغة البرمجة، بدأ بعض الآباء بالفعل في تعليمها لأبنائهم في سن مبكرة، فكانت أول الأنظمة التعليمية المُطبقة لتلك النظرية في إنجلترا، حيث دعم نظام التعليم الإنجليزي تدريس اللغات البرمجية، إيمانًا منهم بأنها تساهم في التكوين الفكري للطالب في عصر التكنولوجيا الحديث.
مخطط يوضح معدل مرتبات المبرمجين السنوي على حسب اللغة التي يستخدمونها في البرمجة
حينما نتحدث عن اللغويات البرمجية فنحن لا نقصد لغة واحدة بعينها، بل عدة لغات مختلفة، يبقى الأسرع منها لغة C وC++ الخاصة بنظام شفرات “Codes” ألعاب الفيديو (Gaming Industry)، أما بخصوص المواقع الإلكترونية وتصاميمها فيستخدم المبرمجون JavaScript أو PHP، إلا أنه تبقى الأكثر استخدامًا Python، والتي تستخدم لأغراض صناعة الشفرات (Codes) بشكل عام ولكن عالي المستوى من البرمجة.
يسير العالم الآن نحو محاربة الأمية التكنولوجية وليس جهل القراءة والكتابة، ولهذا تتجه بعض المناهج التعليمية وبعض الآباء إلى التركيز على أهمية تعلم الأبناء البرمجة، وذلك لأن القادرين على فهم لغة البرمجة قادرون على التواصل مع الآلات، وهو على ما يبدو أكثر المهارات التي تحتاجها الإنسانية في عصر تسيطر عليه الآلة.
فوائد تعلم لغات البرمجة
تخصص بعض الشركات الكبرى الآن وظيفة خاصة لمترجم يعمل على ترجمة لغات البرمجة للمحللين في الشركة، وذلك لتسهيل حل المشاكل، والتي تظهر بشدة في الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، إلا أن تلك الوظيفة من الممكن أن تختفي لو كان كل موظف لديه درجة معينة من المعرفة بلغات البرمجة، والتي من الممكن أن تؤثر إيجابيًا على حياته في عدة نواحي غير العمل، ومنها الآتي.
ينصح البعض بأن لغات الترجمة أكثر المهارات التي تُعلم الصبر، في الواقع تحتاج الكثير من الوقت للتعلم، كما أن كتابة شفرة واحدة (CODE) قد تحتاج ساعات من العمل
ينصح البعض بأن لغات الترجمة أكثر المهارات التي تُعلم الصبر، في الواقع تحتاج الكثير من الوقت للتعلم، كما أن كتابة شفرة واحدة (CODE) قد تحتاج ساعات من العمل، وهذا لا يعني دومًا النجاح في كتابة الشفرة من أول محاولة، فقد يتطلب منك ذلك المحاولة إلى عدة مرات وقد تحتاج إلى عدة أيام على حسب درجة تعقيد الشفرة المكتوبة، ولهذا فإن تعلم لغات البرمجة من أكثر المهارات التي تعلم صاحبها الالتزام وتقدير قيمة الوقت، كما تحفزه على الإتقان في العمل.
بغض النظر على أن تعلم البرمجة يعطي متعلمها فائدة كبيرة على سيرته الذاتية الخاصة إذا ما قرر تقديم طلب على وظيفة، فإنها تقوي مهاراتك العملية قبل أن تبدأ بالعمل بالفعل، فهي على غير ما يتصورها الكثيرون، عملية معقدة من البحث وطرح الأسئلة، وليست عملية تعتمد على الأرقام والمعادلات المعقدة، فهي تعتمد على البحث، تجعل مُتعلم لغة البرمجة متفوق على غيره في سرعة فهم النصوص المكتوبة، كما تزيد عنده مهارات التدقيق.
من أين أتعلم لغات البرمجة؟
هناك كثير من المواقع الإلكترونية المتوفرة على شبكة الإنترنت تقدم لك دورات مكثفة في تعليم لغات البرمجة بعضها بشكل مجاني والبعض الآخر يتطلب منك التسجيل ودفع مبلغ من المال مقابل المعرفة، من بين تلك المواقع هذه القائمة.
فيديو تعريفي بالمنصة
يعد موقع Codecademy منصة رائعة لتعلم لغات البرمجة الخاصة بالويب والمواقع الإلكترونية، حيث يوفر للمتعلمين طرقًا تفاعلية باستخدام أحدث تقنيات التعليم والمناهج وطرق التدريس التفاعلية باستخدام التلعيب وغيره، سيوفر لك الموقع واحدة من أفضل تجارب التعليم الرقمي على الإطلاق، يحتوى الموقع على دروس عديدة أغلبها تفاعلي وقابل للتنفيذ المباشر في معظم لغات برمجة الويب الشهيرة مثل HTML وCSS وغيرهم.
يعد هذا الموقع واحدًا من أقدم المواقع لتعلم الأكواد البرمجية وأشهرها على الإطلاق، يعتمد المنهج على الطريقة النصية والدروس المكتوبة في تقديم الدروس والشروحات المختلفة، المناهج والطرق التي يعتمد عليها الموقع في التدريس وضعت بالاستعانة بمجموعة من أفضل المطورين والخبراء في العالم.
حظى هذا الموقع بشهرة واسعة والتي ترتبت على جودة المحتوى التعليمي المتوفر بداخله، حيث يوفر للدارس نظام المساق أو المسار الدراسي، فمثلاً إذا كنت تود أن تتعلم برمجة الأيفون فهناك مسار كامل مرتب لتفعل ذلك.
من أفضل المصادر العربية لتعلم البرمجة، يحتوى الموقع على شروحات مرئية في تطوير وبناء تطبيقات الأندرويد باستخدام لغة البرمجة جافا وكذلك تعلم قواعد البرمجة ولغات برمجة الويب وورش عمل مصورة أيضًا نفذها المبرمج عبد الله عيد.
من المصادر العربية المجانية المهمة للتعلم، وهي عبارة دروس ومقالات عالية الجودة باللغة العربية مجانًا، من أجل تطوير مهاراتك وتعلم ريادة الأعمال، التسويق والمبيعات، العمل الحر، البرمجة والتصميم.
تبقى أكثر النصائح فعالية في موضوع تعلم البرمجيات هي التركيز على لغة واحدة من بين لغاتها المختلفة، والبدء بأكثرها سهولة أولًا تجنبًا للتشتت، كما يجب اختيار مصدر واحد للتعلم والاعتماد عليه قبل التنقل بين المصادر المتعددة، كما تعد النصيحة الثانية الأكثر أهمية هي تحديد الغاية الأساسية من تعلم البرمجة قبل البداية في تعلمها، وبناءًا على ذلك يمكنك تحديد الوقت الخاص بتعلمها، فهذا سيساعدك على الالتزام بتعلمها وعدم إهمالها.