ترجمة وتحرير نون بوست
يطالب ائتلاف نزع الفصل العنصري في جامعة كولومبيا الرئيسة مينوش شفيق بالتوقف عن شيطنة الدفاع عن فلسطين في الحرم الجامعي وإنهاء تواطؤ جامعة كولومبيا في الإبادة الجماعية في غزة.
تؤكد الرسالة الإلكترونية التي أرسلتها الرئيسة مينوش شفيق بتاريخ 20 كانون الأول/ديسمبر أن جامعة كولومبيا ستقف على الجانب الخطأ من التاريخ وسط الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، فقد أرسلت الرئيسة شفيق بريدًا إلكترونيًا إلى مجتمع جامعة كولومبيا في نفس الساعات التي أبلغت فيها وزارة الصحة في غزة أن الجيش الإسرائيلي قتل رسميًا ما لا يقل عن 20 ألف فلسطيني في غزة خلال 78 يومًا فقط، ولا يشمل هذا الرقم آلاف الأشخاص الذين سحقوا تحت أنقاض منازلهم ومستشفياتهم والبنية التحتية للمدنية واسعة النطاق.
نحن ندين بشدة رسالة البريد الإلكتروني التي أرسلتها مينوش شفيق، والتي تتغاضى عن تواطؤ جامعة كولومبيا في الإبادة الجماعية المستمرة في غزة وتزيد من شيطنة الدفاع عن فلسطين في الحرم الجامعي، إن وعود شفيق الفارغة بـ “التسامح والرحمة” تستبعد الفلسطينيين، والعرب، والمسلمين، والملونين، الذين يتم رفض أصواتهم وتجاربهم بشكل مستمر، وترفض جامعة كولومبيا الاعتراف بثقل الإبادة الجماعية على أفراد مجتمعنا الفلسطيني، الذين ينعون استشهاد العشرات من أقاربهم بينما يشهدون المجازر اليومية.
إن إعجاب شفيق بـ “الطرق العديدة، الكبيرة والصغيرة” التي أظهرها أعضاء مجتمع كولومبيا “لبعضهم البعض” يتناقض بشكل حاد مع الإخطارات التأديبية العديدة التي أصدرتها للطلاب بسبب “الانتهاك المحتمل لقواعد السلوك الجامعي”، حتى أن الإدارة عاقبت الطلاب بسبب محتواهم الشخصي على وسائل التواصل الاجتماعي، وتوضح هذه الرقابة أن “تعاطفهم واهتمامهم” لا يمتد إلى من ينتقد المشروع الصهيوني، إن “إعادة التزام” شفيق التافهة بحرية التعبير هي نفاق مطلق؛ حيث تعمل إدارتها على تقويض قواعدها الخاصة بإلغاء الأحداث، وتعليق المنظمات الطلابية، وتأديب الطلاب الذين يتحدثون ضد الإبادة الجماعية في غزة.
وفي قاعات جامعة كولومبيا، يُسمح بالحزن على المآسي الإسرائيلية على نطاق واسع، في حين يتم تجاهل المعاناة الفلسطينية بشكل منهجي، فالإدارة تدلل اللوبي الإسرائيلي، بينما تنشر في الوقت نفسه العداء ضد الفلسطينيين، إن إنشاء فريق عمل للتعامل مع معاداة السامية بشكل فوري، وهو أمر جدير بالثناء في عزلة، لكنه يصبح نفاقًا في غياب أي التزام ملموس لمواجهة الكراهية المعادية للفلسطينيين وكراهية الإسلام، وكما كتب أستاذ تاريخ بجامعة كولومبيا رشيد الخالدي ردًا على رسالة شفيق الإلكترونية، فإن فريق عمل معاداة السامية “يكاد يكون خاليًا من الخبرة في مجال معاداة السامية وفلسطين/إسرائيل”، ويتألف من مؤيدين لإسرائيل، كما يشير إنشاء جامعة كولومبيا لفريق عمل مخصص للدعاية الإسرائيلية إلى التزام الجامعة الصارم بالفصل العنصري والنزعة العسكرية الإسرائيلية.
ونشعر بالقلق من أن توصي فرقة العمل المخادعة هذه بتبني تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة(IHRA) المضلل لمعاداة السامية، والذي يخلط بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية، والذي تم استخدامه كسلاح ضد الأفراد الداعمين لفلسطين منذ فترة طويلة قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، لقد قامت المدارس التي اعتمدت تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست بتعطيل المسيرات المؤيدة لفلسطين، وحظر الجماعات الطلابية المؤيدة لفلسطين، و”أوقفت مسؤوليها الطلابيين المنتخبين عن العمل بعد أن أصدروا بيانًا يعبرون فيه عن دعمهم لفلسطين”، وقد غذت رئيسة كلية بارنارد لورا روزنبيري هذا الخلط غير الصحيح عندما أشارت إلى أنها “شعرت بالفزع والحزن لرؤية معاداة السامية ومعاداة الصهيونية تنتشر في جميع أنحاء بارنارد وكولومبيا”.
إن شيطنة النشاط الطلابي خلال الإبادة الجماعية النشطة ضد الفلسطينيين يزيد من تعريض سلامة الطلاب الفلسطينيين للخطر، فخلال الأشهر الثلاثة الماضية، هدد أعضاء هيئة التدريس والطلاب على حد سواء الطلاب الفلسطينيين والمنظمين الطلابيين من أجل فلسطين في الفصول الدراسية، وممرات السكن الجامعي، وأثناء المظاهرات في الحرم الجامعي، وحتى في الوقفات الاحتجاجية، وتصاعد بعضها إلى التهديد بالقتل، وفي ضوء التهديدات النشطة في الحرم الجامعي أثناء هجوم الإبادة الجماعية الإسرائيلي على فلسطين، فإن انشغال جامعة كولومبيا بـ “كلا الجانبين” يؤدي إلى زيادة العنف ضد الفلسطينيين.
وتزعم شفيق أن “كولومبيا، على وجه الخصوص، لديها تقليد طويل في تقدير المعارضة والجدل والترحيب بصراع الآراء في الحرم الجامعي”، لكن تأطيرها هذا يعيد كتابة تاريخ القمع الذي دام قرونًا في جامعة كولومبيا، فقد أُنشئت المؤسسة على العمل المستغل للعبيد، ففي سنة 1790، استعبدت الشركات التابعة لجامعة كولومبيا (الإداريون والأمناء والأساتذة) ما لا يقل عن 227 رجلاً وامرأة من السود، وفي سنة 1883، صوتت الإدارة لمنع النساء من الالتحاق بالتعليم في الجامعة، وفي سنة 1968، طلبت جامعة كولومبيا من شرطة نيويورك اعتقال 720 طالبًا كانوا يحتجون على حرب فيتنام، كما هددت المدرسة الطلاب بالطرد والمحاكمة الجنائية بسبب احتجاجهم على الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
أخيرًا، تدعو رسالة شفيق الإلكترونية الطلاب إلى الاطلاع على بيان بغيض موقع من كل عمداء جامعة كولومبيا، والذي يعتبر “تعبيرًا استثنائيًا عن الوحدة والمبادئ”، ولكن مع الخلط بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية، يصف العمداء الهتافات المطالبة بتحرير الفلسطينيين بأنها “معادية للسامية ومؤلمة للغاية”، وتعد هذه تفسيرات متحيزة وعنصرية لهتافات مثل “من النهر إلى البحر” و”الانتفاضة” و”بأي وسيلة ضرورية”، والتي تدعو إلى إنهاء الاستعمار والتحرير وإنهاء الفصل العنصري الإسرائيلي والإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، إن عبارة “بأي وسيلة ضرورية” صاغها مالكولم إكس، الناشط الشهير في مجال الحقوق المدنية، والذي أكد: “نريد الحرية بأي وسيلة ضرورية، نريد العدالة بأي وسيلة ضرورية، نريد المساواة بأي وسيلة ضرورية”، وفي سياق القمع المنهجي، يجب علينا أن نتساءل من سوى الظالم يتضرر من الدعوات المطالبة بالحرية والعدالة والمساواة؟
نحن غاضبون من تسليح العمداء للغة العربية، فرغم أن أيًا من العمداء لا يتحدث اللغة العربية، لكنهم يصفون الكلمة العربية “الانتفاضة” بأنها معادية للسامية ودعوة للإبادة جماعية، فقد وصفت كلمة “الانتفاضة” الاحتجاجات عبر التاريخ العربي، يُشار إلى حركة #أناأيضًا باسم الانتفاضة، وكانت هناك أيضًا انتفاضات قام بها العرب ضد القادة العرب، مثل الانتفاضة العراقية سنة 1952، والانتفاضة المصرية سنة 1984، وانتفاضة التسعينيات في البحرين، فهل يتهم العمداء انتفاضة #أناأيضًا بالدعوة إلى إبادة الرجال؟ وهل سيقولون أن الانتفاضات الأخرى دعت إلى إبادة العرب على يد العرب؟ إننا نرفض بشدة هذا الربط الاستشراقي والعنصري بين اللغة العربية والعنف ونطالب بالاعتذار.
ومن السخافة أن تعرب إدارة جامعة كولومبيا عن مثل هذا الغضب إزاء ما قد تعنيه هذه الهتافات، في حين تكرر الحكومة الإسرائيلية علناً نواياها في القضاء على حياة المدنيين والتطهير العرقي في غزة، ويظل المسؤولون لدينا صامتين بشكل مخجل وسط الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، لا تستطيع جامعة كولومبيا أن تدعي في نفس الوقت أنها تحمي حقوق جميع الطلاب بينما تقوم بفرض الرقابة على الأصوات المعارضة، إن مثل هذه التحيزات المؤسسية الظالمة والضارة تؤثر علينا جميعا، من خلال إخراج النشاط الفلسطيني من سياقه، قام عمداء جامعة كولومبيا بتعريض أفراد مجتمعنا الفلسطينيين الذين يشاهدون شعبهم وهم يُقتلون على شاشات التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي للخطر، إن الشعور بالإهانة بسبب شعار ما هو أمر على حده، لكن مشاهدة مقتل الآلاف والآلاف من الشعب الفلسطيني ومعاقبتك بسبب التحدث علناً أمر يتجاوز مجرد الإهانة.
ولسوء الحظ، فإن تفاني جامعة كولومبيا في تطبيع الفصل العنصري والإبادة الجماعية كان وسيظل له تأثير حقيقي على خطاب الطلاب وسلامتهم، فمن خلال إنكار حقيقة أن الجيش الإسرائيلي يرتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة، أوضحت كولومبيا نواياها في الحفاظ على حصتها في الاحتلال الإسرائيلي: مركز تل أبيب العالمي، وبرنامج “بي أي” المزدوج، وتجنيد جنود جيش الدفاع الإسرائيلي، والاستثمارات المالية المختلفة في الشركات الإسرائيلية.
وتكشف تصريحات الإدارة عن انحيازهم الواضح؛ حيث يقفون إلى جانب “إسرائيل” بينما يزيدون من صرف الانتباه عن مطالب ائتلاف نزع الفصل العنصري بجامعة كولومبيا بسحب الاستثمارات، وقد التقت الرئيسة شفيق بمنظمين مؤيدين لـ”إسرائيل” وحضرت اثنين على الأقل من فعالياتهم، وفي الوقت الذي نكتب فيه هذا المقال، لم تلتق شفيق بعد بأي فلسطينيين أو منظمين مؤيدين للفلسطينيين على الرغم من طلباتنا المتكررة، وهذا ليس “تسامحًا أو تعاطفًا”، بل هو معيار مزدوج واضح يفضل العنف ضد الفلسطينيين.
وباعتبارنا ائتلاف نزع الفصل العنصري في جامعة كولومبيا، نطالب الرئيسة شفيق بالتوقف عن نهجها التمييزي والمعايير المزدوجة، والاجتماع فورًا بممثلي الائتلاف والمجتمع الفلسطيني، وإلى أن تتم تلبية هذه المطالب، فإننا نحث مجتمع جامعة كولومبيا على مقاطعة أي مبادرات من شأنها تبييض تواطؤ الجامعة في الإبادة الجماعية في غزة.
المصدر: مونوديس