ترجمة وتحرير نون بوست
توصلت تركيا إلى اتفاق مع شركة “غازبروم” من أجل تمويل السيل التركي على أراضيها وذلك وفقا لما صرح به الرئيس التنفيذي لشركة خطوط الأنابيب الحكومية التركية “بوتاس برهان أوزجان” إثر حديثه في المؤتمر العالمي للنفط المنعقد في إسطنبول. وفي هذا السياق، صرح أوزجان قائلا: لقد تم الاتفاق فيما يتعلق بهذه المسألة، لكن لا يمكنني الكشف عن الأرقام وستتم هذه الصفقة على أكمل وجه من الاحترام بين الطرفين وسيسير كل شيء بطريقة إيجابية.
كما أضاف أوزجان أنه على الرغم الشائعات، إلا أنه لا وجود لتغييرات في سير خط الأنابيب التي ستمر في الجزء الأوروبي من تركيا وإن العمل جاري برّا وبحرّا وكل الجهود متضافرة لتأمين نجاح هذا المشروع. من جهة أخرى، لا نستطيع إنكار تخوف “غازبروم” من العقوبات الأمريكية التي يمكن أن تضع حدًّا لبناء خطوط الأنابيب البحرية المتمثلة في “نورث ستريم” و”التيار التركي” وذلك جراء احتكار الغاز الروسي وإصدار سندات اليورو. وبالتالي، إذا صوتت الولايات المتحدة على فرض عقوبات جديدة ضد روسيا، فهذا سيؤدي إلى تأخير أو حتى إلى إبطال المشروع والشراكة.
هذا التعصب الأمريكي هو نتيجة اختلافاتها مع تركيا بالإضافة إلى خوفها من مشروع التيار التركي
وتجدر الإشارة إلى أن مشروع قانون فرض عقوبات جديدة على روسيا ينص على حق الرئيس الأمريكي في فرض عقوبات ضد الأفراد والشركات التي استثمرت في بناء خطوط الأنابيب المصدرة للنفط الروسي إذ تتراوح العقوبة المالية بين مليون دولار إلى خمس مليون دولار وهذا ما سيعرقل عملية توفير المعدات اللازمة من تكنولوجيات وخدمات. كما أفاد البيت الأبيض أنه سيدعم قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حال قرر رفع العقوبات.
من جهته، أفاد المحلل السياسي السابق “ألكسي أنتونوف” أنه سيتم قريبا الإعلان عن هذا المشروع الضخم من قبل الطرفين، إذ أن هذا التعصب الأمريكي هو نتيجة اختلافاتها مع تركيا بالإضافة إلى خوفها من مشروع التيار التركي. بالتالي، من الواضح جدّا أن العلاقات السياسية ستتجه نحو دعم هذا المشروع خاصة بعد المصاعب الاقتصادية التي عاشتها تركيا.
في الواقع، لم يبق أمام مشروع قانون وقف العقوبات الذي أقر به الرئيس الأمريكي ومصير مشروع التيار التركي سوى أن يُنفّذ. والجدير بالذكر أن الرئيس الأمريكي يستطيع فرض العقوبات على الشركات والأفراد التي تستثمر في بناء خطوط أنابيب تصدير النفط الروسي. وتتراوح العقوبات بين مليون دولار وخمس مليون دولار في العام وهو ما سيؤثر سلبا على تمويل المشروع المستقبلي “نورث ستريم2″، إذ تقدر نصف تكلفة المشروع بأكثر من أربع مليار يورو.
رحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالفكرة وأعلن عن استعداده لتمويل المشروع جنبًا إلى جنب مع شركة “غازوبروم” وسيتولى بنفسه حل المشاكل المتعلقة بالقضايا اللوجستية والتقنية
في المقابل، يبقى السؤال المطروح: أين يمكن البحث عن كل هذه الأموال في حال تعرضت الشركة لعقوبات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية؟ في الحقيقة، يجب التفكير مليا في مسألة غازبروم، إذ أن الولايات المتحدة الأمريكية أمام مشروع استثماري ضخم جاء بالتزامن مع مشروع السيل التركي الذي لن تتردد تركيا في إنجازه مهما بلغت كلفته حتى وإن كلفها ذلك عقوبات جديدة تتمثل في توتر علاقاتها مع أوروبا.
في الأثناء، أفاد المحلل السياسي ألكسي أنتونوف أنه يمكن افتراض أن تركيا تعد من أكبر المستهلكين للغاز الروسي، ومن المرجح أن تقبل بالغاز الطبيعي كبديل. وبالتالي، فهي لا تزال تصِر على تنفيذ المشروع. بالإضافة إلى ذلك، سيمدّ مشروع غاز “السيل التركي” أوروبا بالغاز الطبيعي علما أن أوروبا لازالت تعتمد على الإمدادات الخارجية من الوقود والغاز. وفي هذه المسألة بالذات، تتشابك المصالح الاقتصادية والسياسية بين العديد من البلدان حيث ستكون تركيا محور أوروبا. ولذلك رحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالفكرة وأعلن عن استعداده لتمويل المشروع جنبًا إلى جنب مع شركة “غازوبروم” وسيتولى بنفسه حل المشاكل المتعلقة بالقضايا اللوجستية والتقنية.
في الحقيقة، جرى مدّ خط أنابيب نقل الغاز بطول 50 كيلومترا في قاع البحر الأسود. بيد أن رغبة الولايات المتحدة في فرض العقوبات من قبل ستعطل تمويل المشروع من قبل الشركات الأمريكية ما سيمثل مفاجأة غير سارة للشركات الأجنبية المستثمرة في توريد معدات خطوط الأنابيب الروسية وسيؤدي إلى تعطيل سير المشروع.
يعتبر الغاز الطبيعي من أنواع الصادرات الغير مربحة بالمرة الأمر الذي يدفع بالمنتجين الأمريكيين إلى تجنب مثل هذه المشاريع
وفي ظل تدهور العلاقات الروسية الأمريكية خلال السنوات الأخيرة، يرغب السياسيون الأوروبيين في الحد من الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي. وتجدر الإشارة هنا إلى أن السياسة الأمريكية تتشابك بشكل واضح مع المصالح الاقتصادية، إذ إن ترامب يعلن عن زيادة حادة في صادرات الغاز الطبيعي إلى أوروبا من الولايات المتحدة الأمريكية.
من جهة أخرى، ستبلغ تغطية الطلب على الغاز في أوروبا إلى 145 مليار سنة 2025، في حين يمكن أي تصل كلفة مشروع السيل التركي و”نورث ستريم” إلى 146 مليار. أما بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فيعتبر الغاز الطبيعي غير مربح لجميع الأطراف، حيث أن سعر الغاز الطبيعي يتأرجح بين ثلاثة وتسعة دولار. وبالتالي يعتبر الغاز الطبيعي من أنواع الصادرات الغير مربحة بالمرة الأمر الذي يدفع بالمنتجين الأمريكيين إلى تجنب مثل هذه المشاريع. وعلى ضوء هذه المعطيات، تنحاز العديد من الأطراف نحو فرض العقوبات الأمريكية الجديدة على روسيا.
المصدر: إكسبرت