بعد غيابٍ مؤسفٍ دام نحو أربع سنوات، نجحت جهود الاتحاد العربي لكرة القدم في إعادة لم الشمل العربي – ولو رياضيًا -، من خلال إحياء البطولة العربية للأندية، التي ستنطلق في مصر اعتبارًا من مساء يوم السبت، الواقع في 22 من يوليو الحالي، وتستمر حتى الخامس من شهر أغسطس القادم، بمشاركة 12 ناديًا من عشرة بلدانٍ عربية هي: تونس، الجزائر، المغرب، السودان، السعودية، العراق، الإمارات، الأردن، لبنان، مصر صاحبة الضيافة.
الشرطة العراقي حقق لقب أول بطولة عربية للأندية
يعود تاريخ إقامة أول مسابقةٍ عربيةٍ للأندية إلى عام 1980، حيث أقيمت النسخة الأولى تحت اسم “البطولة العربية للأندية أبطال الدوري”، وذلك بمشاركة ثلاثة أندية هي: الأهلي الأردني، النجمة اللبناني، والشرطة العراقي، وقد واجهت تلك البطولة عوائق جمة، أبرزها الحرب الأهلية اللبنانية التي كانت مستعرة، مما أدى لتأخر إقامة المباراة النهائية حتى عام 1982، حيث أقيمت في بغداد من مرحلتي ذهابٍ وإياب، وأسفرت عن فوز الشرطة باللقب على حساب النجمة.
بدأت النسخة الأولى من البطولة العربية للأندية عام 1980
وبعد تلك البداية المتعثرة عرفت البطولة استقرارًا نسبيًا، حيث بقيت تقام بانتظامٍ تحت المسمى ذاته بين عامي 1984 و2001، عدا عامي 1990 و1991، بالتوازي مع مسابقاتٍ عربيةٍ أخرى مثل: البطولة العربية لأبطال الكؤوس، بطولة النخبة العربية، وقد تغير اسم المسابقة اعتبارًا من عام 2002، حيث حملت اسم “بطولة الأمير فيصل للأندية العربية”، وبقيت كذلك حتى عام 2004 حيث حملت اسمها الأشهر “دوري أبطال العرب”، الذي بقي يقام سنويًا بانتظامٍ حتى عام 2009، الذي عرفت المسابقة بعده ركودًا طويلًا، تخلله إقامة نسخةٍ يتيمةٍ عام 2013.
وينفرد نادي الكرخ العراقي “الرشيد سابقًا”، بصدارة لائحة الأندية الأكثر تحقيقًا للقب العربي، حيث أحرزه ثلاث مراتٍ على التوالي بين عامي 1985 و1987، وتتبعه ستة أنديةٍ نجحت في تحقيق اللقب مرتين هي: الهلال والشباب والاتفاق من السعودية، الترجي والصفاقسي من تونس، وفاق صطيف من الجزائر، وعمومًا حققت الأندية السعودية اللقب ثماني مرات، مقابل خمسة ألقابٍ للأندية التونسية، وأربعةٍ لكلٍ من الأندية العراقية والجزائرية، ولقبين لكلٍ من الأندية المصرية والمغربية، ولقبٍ وحيدٍ لأندية قطر.
يحمل نادي الكرخ العراقي الرقم القياسي في عدد مرات إحراز اللقب
وقد عرفت النسخة الماضية من البطولة، التي بدأت منافساتها عام 2012 وانتهت عام 2013، تتويج نادٍ جديدٍ باللقب، هو اتحاد العاصمة الجزائري، الذي فاز في النهائي على العربي الكويتي، بمجموع مباراتي الذهاب والإياب، حيث تعادل الفريقين ذهابًا في الكويت بدون أهداف، قبل أن يتفوق الجزائريون إيابًا بواقع 3-2.
قرعة المجموعات الثلاثة في البطولة الحالية
وتحمل نسخة العام الحالي الرقم 27 في تاريخ المسابقة العربية الأبرز، وقد انطلقت أولى مراحل أدوارها التمهيدية في 14 من سبتمبر من العام الماضي، وانتهت في الرابع من مارس من العام الحالي، وأسفرت عن تأهل ثلاثة فرقٍ هي: نفط الوسط العراقي، العهد اللبناني، المريخ السوداني، مقابل خروج ثمانية فرقٍ هي: الجيش السوري، فنجاء العماني، شباب الخليل الفلسطيني، الرفاع البحريني، تفرغ زينة الموريتاني، تيليكوم الجيبوتي، ديكيداها الصومالي، فولكان كلوب من جزر القمر.
تقام البطولة الحالية في مصر بمشاركة 12 ناديًا من عشرة بلدان عربية
وقد التحقت الأندية الثلاث المتأهلة من الأدوار التصفوية، بتسعة أنديةٍ تأهلت أوتوماتيكيًا إلى البطولة باعتبارها تحتل الترتيب الأعلى قاريًا، ليصبح مجموع الفرق المشاركة 12، تم تقسيمها إلى ثلاث مجموعاتٍ وفق قرعةٍ موجهةٍ أقيمت في الخامس من مايو الماضي، جاءت نتائجها كما يلي:
المجموعة الأولى: الأهلي المصري، الفيصلي الأردني، الوحدة الإماراتي، نصر حسين داي الجزائري.
المجموعة الثانية: الزمالك المصري، الفتح الرباطي المغربي، العهد اللبناني، النصر السعودي.
المجموعة الثالثة: الترجي التونسي، نفط الوسط العراقي، المريخ السوداني، الهلال السعودي.
النادي الأهلي بطل الدوري المصري لعام 2017
وستقام منافسات المجموعة الأولى في العاصمة القاهرة، على استاد الإنتاج الحربي الذي يتسع ل30 ألف متفرج، ويُتوقع أن تكون للنادي الأهلي القاهري اليد العليا فيها، رغم أنه يخوض البطولة بغيابٍ عددٍ من لاعبيه الأساسيين، ولكن خبرة نادي القرن الإفريقي الذي يشارك في البطولة للمرة السادسة، والجماهير الغفيرة التي يُنتظر أن تسانده، تجعله مرشحًا، ليس فقط لتجاوز مجموعته، بل لإحراز لقب البطولة التي سبق له الفوز بها عام 1996.
تضم المجموعة الأولى أندية: الأهلي المصري، الفيصلي الأردني، الوحدة الإماراتي، نصر حسين داي الجزائري
أبرز منافسي الأهلي على صدارة المجموعة الأولى، يُنتظر أن يكون نادي الفيصلي، بطل الدوري الأردني وأعرق أنديته، نظرًا لخبرته الكبيرة في المسابقات العربية، حيث سبق له المشاركة في 12 نسخةً سابقة، حقق خلالها أفضل نتائجه عام 2007 ببلوغه المباراة النهائية، أما نصر حسين داي الجزائري، فيسعى لترك بصمةٍ إيجابيةٍ في مشاركته الرابعة في البطولة تاريخيًا، معتمدًا على مجموعةٍ من الأسماء المحلية الطامحة، وهو ذات السلاح الذي يعتمد عليه نادي الوحدة الإماراتي في مشاركته الأولى تاريخيًا في هذه المسابقة، والتي جاءت بعد اعتذار مواطنه نادي العين.
نادي الزمالك المصري أحد أبرز المرشحين للقب
وفي المجموعة الثانية، يُنتظر أن تكون مدرجات استاد برج العرب الضخم بالإسكندرية، التي تتسع لأكثر من 85 ألف متفرج، ممتلئةً عن بكرة أبيها عندما يلعب فريق الزمالك، الذي قرر خوض البطولة بكامل نجومه، على أمل تحقيق إنجازٍ ينسيه خيبة الأمل في منافسات الدوري المحلي، ويعيد ذكرى عام 2003، الذي شهد تتويجه بلقبه الوحيد في المسابقة العربية، التي خاض غمارها أربع مرات سابقًا.
تضم المجموعة الثانية أندية: الزمالك المصري، الفتح الرباطي المغربي، العهد اللبناني، النصر السعودي
ولن تكون مهمة نادي الفن والهندسة المصري لتجاوز مجموعته سهلة، مع وجود منافسٍ بحجم نادي النصر السعودي، حامل لقب دوري بلاده لعام 2015، والذي سبق له كذلك الوجود في أربع نسخٍ سابقةٍ من البطولة، دون أن يحقق النجاح المنتظر، كما يطمح نادي الفتح الرباطي، حامل لقب الدوري المغربي عام 2016، لتسجيل اسمه بأحرفٍ عريضةٍ في تاريخ البطولة، في مشاركته الأولى فيها، والتي لا يُتوقع أن يكون ضيف شرفٍ فيها، حاله حال نادي العهد المجتهد، بطل الدوري اللبناني للموسم الحالي، والذي استطاع إزاحة ثلاثة فرقٍ خلال الأدوار التمهيدية للبطولة، في طريقه لبلوغ نهائياتها التي يخوض غمارها للمرة الثانية تاريخيًا، بعد عام 2005.
الترجي التونسي حامل لقب البطولة لعام 2009
أما المجموعة الثالثة التي تقام فعالياتها في استاد الإسكندرية الذي يتسع لنحو 14 ألف متفرج، فيُتوقع أن تكون المنافسة فيها هي الأشد، بوجود بطلي الدوريين التونسي والسعودي للموسم الحالي، ناديي الترجي والهلال العريقين، الذين سبق لكلٍ منهما إحراز لقب البطولة العربية مرتين، حيث فاز بها عميد الأندية التونسية عامي 1993 و2009 من خلال خمس مشاركات، فيما حققها زعيم الأندية السعودية والآسيوية عامي 1994 و1995 من خلال تسع مشاركاتٍ سابقة، علمًا بأن الفريقين التقيا في نهائي البطولة عام 1995، حيث آل الفوز للهلال.
تضم المجموعة الثالثة أندية: الترجي التونسي، نفط الوسط العراقي، المريخ السوداني، الهلال السعودي
ورغم مشاركته في ثماني نسخٍ سابقة، ستكون مهمة تجاوز دور المجموعات معقدة لدى فريق المريخ السوداني، الذي صعد من التصفيات التأهيلية، وواجه شبح الإبعاد عن البطولة بسبب إيقاف نشاط الكرة السودانية، قبل أن يتم حل الأزمة مؤخرًا.
وسيكون الأمر معقدًا كذلك على ممثل الكرة العراقية نفط الوسط، الذي تأهل إلى البطولة للمرة الأولى في تاريخه، بعد تجاوزه التصفيات التمهيدية على حساب فريق الجيش السوري، ليجد نفسه ضمن مجموعةٍ حديديةٍ يصعب عليه تجاوزها، بالنظر إلى فارق الخبرات والإمكانيات، التي ترجح كفة عملاقي الكرة التونسية والسعودية.
استاد برج العرب بالإسكندرية
وتقام منافسات دور المجموعات على مدى تسعة أيامٍ متواصلة، بمعدل مباراتين يوميًا، تنطلق الأولى عند الساعة السابعة مساءً، والثانية عند الساعة العاشرة مساءً، وفق توقيت مكة المكرمة، ويختتم دور المجموعات في الثلاثين من شهر يوليو الحالي، بتأهل أبطال المجموعات الثلاثة، إضافةً إلى أفضل صاحب مركزٍ ثانٍ في المجموعات، إلى الدور نصف النهائي، الذي تقام منافساته في الثاني من شهر أغسطس القادم على ملعب برج العرب بالإسكندرية، على أن يتأهل الفائزان فيه إلى المباراة النهائية للبطولة، التي تنطلق عند الساعة العاشرة من مساء يوم السبت، الواقع في الخامس من شهر أغسطس القادم، على ملعب برج العرب في الإسكندرية.
يحصل الفائز بلقب البطولة على جائزةٍ ماليةٍ مقدارها 2.5 مليون دولار أمريكي
وسيحصل الفائز بلقب البطولة على مبلغٍ مقداره 2.5 مليون دولار أمريكي، وصاحب المركز الثاني على 600 ألف دولار، وكل من الفريقين اللذين يودعان البطولة من الدور نصف النهائي على 200 ألف دولار، فيما تحصل الفرق الثمانية التي تخرج من دور المجموعات على مبلغٍ قدره 100 ألف دولار، وتُضاف تلك الجوائز التي يُقدمها الاتحاد العربي، إلى منحة الـ25 ألف دولار، التي قدمها لجميع فرق البطولة كتعويضات سفرٍ وإقامة.
كأس البطولة العربية
والواضح من خلال جميع المعطيات السابقة، أن الاتحاد العربي حرص على ظهور البطولة بأفضل حلةٍ ممكنة، فقوض معظم العراقيل التي ظهرت في النسخ السابقة، من خلال إقامتها في مدةٍ قصيرةٍ نسبيًا، وتوقيتٍ مدروسٍ لا يتعارض مع أي استحقاقاتٍ محلية أو قارية، ووفق نظامٍ يضمن حضور المتعة والإثارة، دون إرهاق اللاعبين قبيل انطلاق الموسم الجديد، مع تخصيص جوائز مالية غير مسبوقةٍ في تاريخ المسابقات العربية، تفوق حتى معظم الجوائز المقدمة في المسابقات القارية.
لتشكل هذه البطولة بالفعل، عودةً محمودةً للملتقيات العربية الكروية، تضمن احتكاكًا مفيدًا وتنافسًا شريفًا، من شأنه النهوض بالكرة العربية، وإعادة أواصر الأخوة والمحبة، التي كادت السياسة تفصم عراها.