صوت التنبيه مألوف: “المرجو الإصغاء لتعليمات السلامة التالية…” لكن، خصوصًا بالنسبة للركاب المعتادين، تجاهل هذا الكلام المنمق الذي يسبق كل رحلة تركبها قد يكون مغريًا.
الطيران آمن، فحسب سلطة الطيران المدني هناك معدل وفاة بين كل 287 مليون راكب من أو إلى مطار بريطاني، خلال الأربعين سنة الماضية ارتفع معدل النجاة في حالة التحطم، بين سنة 1971 و1980، 48% من الركاب نجوا من حوادث مهولة، وبين 2001 و2010، ارتفعت هذه النسبة إلى 67%، في حين أن السنة الماضية كانت ثاني أأمن سنة في تاريخ الطيران الجوي، مسبوقة فقط بسنة 2013.
لكن ما دام أن حالات الطوارئ في الطائرات تحدث فعلاً، كما اكتشف ركاب طائرة “توماس كووك” في “هوركادا” هذا الأسبوع، فإن طاقم الطائرة يتوجب عليه معرفة كيف يتعامل معها.
حضرت يومًا لتدريب طاقم الطائرات في الخطوط الجوية البريطانية، واكتشفت بضعة أشياء عن حالات الطوارئ على متن الطائرات، كيف يقوم العاملون بالإخلاء بأقصى ما يمكن؟ هل يجب عليهم أصلاً إخلاء الطائرة؟ وماذا لو كان هناك حريقًا؟
هل يجب عليك الإصغاء للتوجيهات خلال الرحلة؟
لا يوجد أي إلزام قانوني للطاقم لجعل الركاب يصغون إلى تعليمات السلامة التي تذاع في بداية كل رحلة، إن لم تتتبّع التعليمات فأنت مسؤول عن مصيرك وحدك، ومع ذلك، يمكن لطاقم الطائرة أن يتدخل إن كان الركاب المشاكسون يمنعون الآخرين من الاستماع.
أفعلاً سترة الأمان في مكانها؟
في حالة الطوارئ، يعرف العاملون الإجراءات التي يجب اتخاذها خطوة بخطوة وبدقة، لكن أنت كراكب، أمتيقن أن سترة نجاتك في مكانها؟ رغم أن تلك السترة متوفرة داخل الطائرة، فإن التحقق من أن كل مقعد له عدته ليس من روتين طاقم الطائرة.
إذا أردت أن تكون قادرًا على ارتدائها فور حدوث طارئ فتأكد بنفسك أنها مخبأة في المكان المخصص لها، وربما من الواجب عليك أن تفعل، جورج هوبيكا خبير في الخطوط الجوية ومؤسس airfarewatchdog.com أخبر “هافنتغون بوست” يومًا أن “الناس يأخذون تلك السترات المدسوسة تحت أو بين المقاعد كتذكارات، وهو فعل حقير وإيذاء يوجب العقاب، وبينما تقوم بعض الخطوط بفحص كل مقعد في بداية كل يوم، فإن طائرة قد تقوم بعدة رحلات في اليوم الواحد، خلال أي واحدة منها قد يسرق راكب سترة حياة، من هذا تعلمت أن التحقق من أن سترة الحياة توجد فعلاً في مكانها فكرة جيدة”.
وطبعًا لا، ليس لركاب الدرجة الأولى مناطيد خاصة.
مفارقة الطوارئ “المخططة”
من المصطلحات التي قد تبدو كمفارقة، النزول الاضطراري “المخطط” و”غير المخطط”، الأول عندما يعرف طاقم المقصورة أن شيئًا سيئًا سيحدث، سيتوجب عليكم القيام بنزول اضطراري بسبب حريق أو فشل في المحرك، على سبيل المثال، والأخير عندما يحدث وفقط، بلا إنذار، كما في الهجمات الإرهابية مثلاً.
مزلقة الإخلاء قد تقتل
حسب جيمس أوستن، مدير تدريب الخطوط البريطانية، مزلقة الإخلاء التي ترجو ألا تضطر أبدًا لاستعمالها قد تكون “سلاحًا فتاكًا”.
عند فتح الباب، إذا لم يتأكد عاملو الطاقم أنه في الوضعية اليدوية، فإن المزلقة ستنتفخ في أقل من 10 ثوان، والعمال على الأرض من الجهة الأخرى من الباب “لن يمكثوا هناك أكثر من ذلك”، كما أضاف.
توقع الركل إن رفضت القفز
يحتاج الطاقم أن يكون على استعداد لفعل أي شيء إذا رفض الركاب الخروج في حالة الطوارئ، حتى لو تطلب جعلهم على المزلقة الصراخ أو الركل أو الدفع، فمن مسؤوليتهم إخراج الجميع، وليس هناك وقتًا لتطييب خاطر من يعاني من الدوار، يمكن نزول 150 شخصًا كأقصى حد في ظرف 60 ثانية.
يمكن كذلك لطاقم الرحلة أن يلقي نظرة داخل مقصورة القيادة قبل أن يقفزوا بدورهم، يشرح أوستن: “إذا كان الربان قد قام بإنزالنا، فمن اللطيف أن نتأكد أنهم ما زالوا أحياءً”، لأسباب أمنية، لا يسمح بكشف ظروف أخرى يمكن للطاقم فيها أن يدخل مقصورة القيادة.
الهبوط على الماء وتكوين طوف
“ditchings”، كما يعرف الهبوط على الماء أحيانًا، لا يجب محاولة النزول على الماء إلا إذا لم يتوفر أي خيار آخر، كنفاد الوقود على سبيل المثال أو فساده.
لإعداد الطائرة لهذا النوع من الإخلاء، سيتوجب على الطاقم أن يعطي تعليمات بارتداء أي ملابس متوفرة لتحسين فرص النجاة في الماء، وتثبيت أي أشياء طليقة، فبمجرد أن يدخل الماء جسم الطائرة، أي أشياء عائمة قد تعيق عملية الإخلاء، نستحضر خطوة غالبًا ما نسمع: “في حال طارئ، لا تنفخ سترة نجاتك حتى تخرج من الطائرة”.
تصبح مزلقة النجاة طوفًا حينئذ، ويحاول طاقم الطائرة ربط الأجزاء المطاطية معًا، لتكوين جسم أكبر ما يكون، ليبدو مرئيًا أكثر ما يمكن لفرق الإنقاذ.
سنة 2009، Airways Airbus A320 الأمريكية اضطرت للهبوط على الماء في نهر “هودسن” بعد أن أعاق سرب من الطيور كلا محركيها، طاقم الطائرة وكل 155 راكبًا نجوا، فحصلت الحادثة على اسم “معجزة على هودسن”
هبوط الرحلة 421 لـGaruda Indonesia الاضطراري على الماء في نهر Bengawan Solo في جزيرة Java كان هبوطًا بخسائر حتمية، البوينغ 737-300 واجهت فشلاً مزدوجًا في كلا المحركين يوم 16 من يناير 2002، وبحسب تقرير من مجلس سلامة النقل الوطني الأمريكي، من أصل 60 شخصًا الذين كانوا على متن الرحلة، لقيت مضيفة طيران حتفها، وتعرض 12 راكبًا لجروح خطيرة، و10 لجروح خفيفة.
أقرب من ذلك، سنة 2009، Airways Airbus A320 الأمريكية اضطرت للهبوط على الماء في نهر “هودسن” بعد أن أعاق سرب من الطيور كلا محركيها، طاقم الطائرة وكل 155 راكبًا نجوا، فحصلت الحادثة على اسم “معجزة على هودسن”.
لكن ماذا لو لم تُرد أن تنزل الركاب من الطائرة؟ أوستن يتابع: “إذا قمت بالإخلاء عاجلاً واندفع شخص ما داخل المحرك، لن يكون ذلك يومًا جيدًا، أليس كذلك؟” إذا كانت البيئة المحيطة خطيرة جدًا (لنَقُل حريق أو بحر عاصف أو أراض معادية)، سيكون البقاء داخل الطائرة أكثر آمانًا.
طائرة US Airways في حادثة “معجزة على هودسن”
حرائق على متن الرحلة لا تعرف عنها شيئًا
التالي: الحرائق، المتدربون في الخطوط الجوية البريطانية لهم يوم كامل بخصوص هذا الموضوع، لأنه يجب أن يكونوا مستعدين لمواجهة كل شيء، من ذُؤابة دخان صادر من شاشة الترفيه، إلى انفجار محتمل.
الخطوط الجوية البريطانية تعترف أنه بسبب الأجهزة الكهربائية المرتبطة، مقاعد الطائرة لها القدرة على إشعال النار، وفعلاً تشعلها، رغم أنها متحفظة بخصوص كم مرة يحدث هذا.
إذا كان هناك حريق جدي على متن الطائرة، فإن الدخان قد يكون جد سام، لدرجة أن استنشاقه لمرتين أو ثلاث أو أربع قد يقتل، إذا اشتعلت كل المواد القابلة للالتهاب، قد تصل درجة الحرارة لـ1000 درجة مئوية، وستكون نجاة الركاب غير محتملة.
فهل يجب على الطاقم أن يخبر الركاب بوجود حالة حريق على متن الرحلة؟ هذا يتعلق بحجم ومكان الحريق، إذا كانت النار بالقرب منهم، في لوحة الباب أو في مقاعدهم، فمن الواضح أنهم سيُخبرون، لكن إن كانت في المطبخ فلن يحتاجوا لمعرفة أي شيء.
ينصح الركاب بحساب عدد الصفوف من مقعدهم إلى أقرب مخرج
متدربو طاقم الطيران في الخطوط البريطانية يتمرنون في غرفة مليئة بالدخان، ويعلَّمون كيفية وضع أقنعة الغاز المجهزين بها من أجل طوارئ متعلقة بالنيران.
في “دليل النجاة من تحطم طائرة” لسفر التلغراف، ينصح الركاب بحساب عدد الصفوف من مقعدهم إلى أقرب مخرج، بعد مخالطة المتدربين في قاعة الدخان، كان سهلاً معرفة السبب وراء هذا، كنت تائهًا كليًا، لم يكن الدخان سامًا، لكن عيناي ظلتا تلسعانني ونحن نتسلق المقاعد للخروج.
لماذا ليس للركاب أقنعة الغاز؟
واضعًا قناع الغاز الخاص بالطاقم، أحسست كأني “ضارث فيدر”، لماذا لا يحصل الركاب عليهم؟ سألت، يبدو أنها مخصصة لمن يصارع بالفعل النار.
من الصعب الحصول على إحصاءات عن حالات الحريق الجدية التي تحدث في الطائرات، لكن تقريرًا من CAA في سنة 2002، أشار إلى أن الطاقم لديه معدل 17 دقيقة احتسابًا من وقت أول إشارة على وجود حريق على متن الطائرة ليقوم بالهبوط للأرض، سواء كانت النار في المحرك أو القمرة أو كانت مخبأة (أخطر نوع من الحرائق، حيث إن مهلة التأكد من وجوده قد تسمح بانتشاره)، ينصح الربان بالنزول بالطائرة بأسرع ما يمكن
هل يزيد قناع الغاز من سلامة الركاب؟
الحكاية العجيبة لآلة القهوة المتفجرة
قد لا يكون للمسافرين أقنعة غاز عند حدوث حريق، لكن طاقم الطائرة يواجه تحديات أشرس إذا لم يكن جد مستعد، آلات القهوة المتفجرة من ضمنها.
لجنة السلامة الجوية في المملكة المتحدة – محترفون يسعون لتجويد سلامة الطيران التجاري – روَت عن نظام الإبلاغ عن سلامة الطيران (هيئة تابعة لناسا مختصة في تقرير حالات السلامة) تفاصيل حادثة مع آلة قهوة متفجرة في يناير 2014، توجب تحويل الرحلة وتعرض عضو من الطاقم لحروق من الدرجة الثانية في الوجه والصدر عندما رفعوا مقبض آلة القهوة فانفجرت حبوب القهوة الساخنة في صدرهم ووجههم.
هذا السيناريو غير محتمل
ماذا عن مرض الربان؟
أخيرًا، ماذا سيحدث لو ساءت حالة الربان خلال الطيران، ولم يستطع الهبوط الطائرة؟ في أواخر 2013، “مايك كونكول” طيار القوات الجوية الأمريكية خارج الخدمة استجاب لإعلان البوق “هل هناك أي ربان على متن الطائرة”؟ وهبط برحلة 1637 للخطوط الجوية المتحدة من وجهتها من “ديس موينيس” في آيووَا، في اتجاه “دينفر” في كولورادو، الربان كان قد عانى من حادث قلبي وتوجب على السيد “كونكول” الهبوط بالطائرة.
الخطوط الجوية البريطانية قالت إنها تجعل على متن الرحلات الطويلة أربعة أشخاص قادرين على قيادة الطائرة، فحتى لو حدث طارئ مماثل، فلن يجب على المسافرين أن يكترثوا لأمر قمرة القيادة.
فحتى لو كان كل الطيارين في حالة لا تسمح بالقيادة – لا قدر الله – فلن يغيب الأمل منهم، حسب “برونو كيلسن”، طيار ومساهم في موقع Quora، فإن الهبوط بطائرة ليس مستحيلاً حقًا.
المصدر: التلغراف