لمع اسم محمد طه العبابنة في العالم العربي وفي الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، وخاصة كمدير مشروع في الوكالة الوطنية للملاحة الفضائية ناسا الأمريكية عام 2015، وقد استطاع الأردني العبابنة أن يجذب هذه الوكالة لتتبنى مشروعه، عبر تصميم نظام تبريد متطور للمركبات الفضائية التي يتوقع استخدامها في التجارب على سطحي القمر والمريخ عام 2020. أي تحقيق الجيل الرابع من تاريخ إطلاق وكالة ناسا للمركبات الفضائية منذ عام 1996، لكن بظروف وخصائص أفضل.
وتعبيرا عن الفخر العربي الذي حققه العبابنة، قال الطبيب عمر الجراح، رئيس الجامعة التي تخرج منها العبابنة خلال حفل تكريم الباحث الأردني أن “جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية فخورة بهذا الإنجاز الذي حققه العبابنة، والذي يشير إلى القوة التي تتمتع بها برامج جامعة العلوم والتكنولوجيا، وخصوصا كلية الهندسة التي خرجت كوادر متميزة وقادرة على العمل في أكبر مراكز الأبحاث في العالم.
البدايات
في بداياته درس العبابنة في مدارس الأردن الحكومية، هو أحد خريجي كلية الهندسة في جامعة العلوم والتكنولوجيا، حيث درس فيها البكالوريوس والماجستير، ويقول “كانت هذه المراحل التعليمية هي الأساس في بداية طريق نجاحي، قبل أن انتقل إلى دراسة الدكتوراه في أمريكا”. ويضيف “سأحاول أن أكتسب المعرفة الكاملة والخبرات المختلفة في الخارج، حتى أفيد بها وطني وأبنائه”
طرحت وكالة ناسا على شركات التنمية والتطوير في أمريكا، المشاكل التي تواجهها في الأنظمة الداخلية للمركبات الفضائية والظروف الصعبة بسبب درجات الحرارة، وبعد انضمام العبابنة إلى أحد المراكز البحثية المختصة في هذا المجال، طرح العبابنة في مشروعه حل لمشكلة ارتفاع ارتفاع الحرارة، وهو استخدام انابيب حرارية مهجنة هايبرد هييت بايبس وعندما اختارت وكالة ناسا مشروعه من بين مئات المشاريع، قدمت له دعم علمي ومادي بقيمة 125.000 دولار أمريكي وهي لتنفيذ المرحلة الأولى من المشروع، وكانت نتائج هذه التجربة مرضية، إذ قام نظام التبريد في المركبات الفضائية بتحمل أكثر من 50 واط | سم مربع دون مشاكل.
نتيجة لذلك، استمر الدعم المالي من الوكالة للمشروع ولتنفيذ المرحلة الثانية فيه، التي ستساعد على استكشاف سطحي القمر والمريخ بشكل أعمق وأدق. كما يسمح هذا الطرح العلمي بزيادة قدرة تحمل المركبات الفضائية للظروف القاسية التي تمر بها بسبب الفيض الحراري المسلط على الأجهزة الالكترونية. بحيث يعمل هذا النظام على تبريد الأجهزة التي تعمل بالليزر.
هذا الإنجاز مهم يتسع به نطاق الحلول الهندسية التي نستطيع تقديمها لأقمارنا الصناعية والمركبات الفضائية بصورة عامة
وقد تم التعاون بين مركز جونسون للفضاء في تكساس، ومركز مارشال لبعثات الفضاء في ألاباما، وجامعة في تكساس لمشاركة البحث في هذا المشروع، ويذكر أن العبابنة هو الباحث الرئيسي في هذا المشروع، إضافة إلى آنجيل الباحثين ألفاريس هيرنانديز وجيف فارمر.
وفقًا للدكتور وليام أندرسون، كبير مهندسي الشركة “إن هذا الإنجاز مهم يتسع به نطاق الحلول الهندسية التي نستطيع تقديمها لأقمارنا الصناعية والمركبات الفضائية بصورة عامة، ونحن نملك فعليًا 18 مليون ساعة من الرحلات الجوية بفضل أنابيب الألمنيوم/الأمونيا الحرارية ذات القدرة على توصيل التيار الكهربائي، أما الآن فإنه يمكننا تقديم أنظمة حلول حرارية كاملة، كحلول التبريد الهوائي المحمول للأجهزة الإلكترونية بفضل الأنابيب النحاسية/الحرارية المائية، وحلول انتشار الحرارة الفعال للألواح الإلكترونية وحاوياتها بفضل الصفائح فائقة الموصلية، وحلول انتقال الحرارة خارج صناديق التحكم الإلكترونية بكفاءة لتشتيتها بفضل أنابيب. ولم تتمكن شركات أخرى من توفير جميع هذه الخيارات حتى الآن”
تواجد محمد طه في مجال البحث العلمي
في البيئة العلمية عمل العبابنة كمهندس في شركة البحث والتطوير، في مجال تقنيات التبريد المتقدمة في الفضاء، في بنسلفانيا في الولايات المتحدة الامريكية. كما يذكر أنه صمم نظام تبريد متطور للمركبات الفضائية باستخدام hyprid heat pipes، بجانب كونه أحد أعضاء الفرق التابعة لوكالة ناسا والتي تهدف إلى انتاج الطاقة النووية للمركبات الفضائية ومحرر في المجلة العلمية للالكترونيات الدقيقة. إضافة إلى عمله كأستاذ مساعد في جامعة سينيناتي.
هجرة الأدمغة
في مقابلة تلفزيونية يقول عبابنة “في أمريكا حصلت على فرصة طرح منظومة تبريد الالكترونيات في المركبات الفضائية، أما في الأردن من الصعب طرح هذه الأفكار لعدم وجود وكالة مثل وكالة ناسا”ـ، ويضيف “في حال أن قرر الأردن أن يدعم البحث العلمي لاقتراح حلول للمشاكل التي يعاني منها البلد مثل مشاكل المياه والطاقة وغيرها، يمكن أن أقدم المساعدة والمعرفة اللازمة”.
يوجود جهات إعلامية في أمريكا مثل الصحف أو المجلات مختصة في نشر الأخبار والاكتشافات العلمية في جميع المجالات البيئية والتكنولوجية والطبية
وفي نهاية حديثه يقول الباحث الأردني “المشكلة الأكبر هي في ضعف البحث العلمي، أين سنقوم بإجراء البحوث العلمية في الأردن في حال إن عدت للعيش في وطني الأم؟”.
ويضيف إلى ميزة وجود جهات إعلامية في أمريكا مثل الصحف أو المجلات مختصة في نشر الأخبار والاكتشافات العلمية في جميع المجالات البيئية والتكنولوجية والطبية، كما أنها تتحدث عن الأكاديميين والباحثين والعلماء وتسلط الضوء على أدوارهم في هذه المجالات، وبهذا يكون هناك جسر رابط بين العلماء والاكتشافات الجديدة وبين الجمهور القارئ والمهتم في هذا الشأن. بجانب أن هذه الجهات تساعد على طرح وشرح المشاكل والحلول التي يعيشها كل من يوجد في المحيط العلمي.
وختاما، تمنى العبابنة أن يكون هذا الإنجاز هو خطو أولى للكثيرين من الفئات الشبابية التي تصبو إلى إحراز نجاحات فريدة في مجال العلم، وأشار إلى ضرورة حصول هذه المجموعات الشبابية على الدعم والتحفيز والاهتمام، كما أنه دعا إلى ضرورة إنشار مراكز علمية بحثية حتى يكون هناك انتاج واسع من التميز والابداع ويكون الشباب العربي سفراء للعلم في دول العالم وبأسامي عربية مزدهرة.