ترجمة وتحرير نون بوست
يقدر عدد القرارات التنفيذية بحوالي 41 قرارا، عدد التصريحات: 54، عدد المذكرات الرئاسية: 58، عدد مراسيم العقوبات: 42، أما عدد التغريدات على موقع التويتر، فقد بلغ حوالي 991. إثر استعراض هذه الأرقام، قد يعتقد البعض أن الأشهر الستة الأولى من ولاية ترامب، كانت ناجحة.
في المقابل، لا يمت هذا الاعتقاد للحقيقة بصلة. ففي واقع الأمر، لم يحقق “قطب العقارات” السابق إلا إنجازا وحيدا يستحق الذكر منذ تسلمه منصب الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية. ويتمثل هذا الإنجاز في تعيين القاضي الثامن للمحكمة العليا، نيل غورساتش. أما فيما يتعلق بالوعود الانتخابية الكبرى، التي التزم ترامب بتنفيذها ابتداء من “اليوم الأول”، فلا يوجد أي أثر لها بعد مرور ستة أشهر من استلامه دفة الحكم.
تقييم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب
استند أستاذ العلوم السياسية في جامعة بولينغ غرين، ديفيد جاكسون، على تتبع تحركات الرئيس الأمريكي لتقييم أدائه إبان توليه منصبه الرئاسي. وفي هذا الصدد، قال جاكسون إن “الرئيس الأمريكي لم يتمكن من إقناع الكونغرس الأمريكي حتى يوافق على أي قانون مهم”. ووفقا لوجهة نظر أستاذ العلوم السياسية، فإن “ترامب لا يبدو مهتما للغاية بإنجاز المهام الصعبة، التي تتطلب منه الكثير من الوقت، والتي تعد ضرورية حتى يتم تمرير قوانين جديدة”.
من جانب آخر، يرى رافائيل سونينشين، المدير التنفيذي لمعهد إدموند جي براون للشؤون العامة، أنه إلى جانب تعيين غورساتش، يضاف إلى قائمة إنجازات ترامب، “الحد من اللوائح القانونية”، مع العلم أن هذا الأمر قد لقي نوعا من المعارضة. وفي هذا الإطار، أوضح سونينشين أنه “من وجهة نظر ترامب، تشكل هذه اللوائح القانونية عائقا أمام سير الأعمال والمشاريع”. وفي الأثناء، يمكن الإقرار بأن الإدارة الأمريكية لم ترسي بعد أساسيات، “الفريق الكفء، أو البرنامج التشريعي الذي من الممكن أن يوافق عليه الكونغرس. وعموما، لم يتمكن ترامب من إرساء نموذج “رئيس قيادي” يحتذى به، وقادر على إقناع الشعب”.
وفي سياق متصل، انعكس عجز ترامب عن الفوز بدعم الشعب الأمريكي من خلال استطلاعات الرأي. فخلال السبعين سنة الماضية، لم يحظ أي رئيس أمريكي بشعبية منخفضة وصلت إلى حدود 36 بالمائة فقط. وقد تجلت هذه النتيجة عن طريق استطلاعات الرأي التي أجرتها كل من صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية وقناة “اي بي سي” خلال بداية شهر تموز/ يوليو. وتشير هذه المعطيات إلى أن الرئيس الأمريكي لا يزال يتمتع بدعم أتباعه الأوفياء لا غير.
الانتكاسة الكبرى: إصلاح النظام الصحي
بمجرد إحكام قبضته على دواليب الحكم، عمل ترامب بخطى حثيثة على تفكيك قانون الرعاية الصحية “أوباما كير”. ومباشرة إثر تسلمه لمنصبه الجديد، وتحديدا في 20 من كانون الثاني/ يناير، وقع ترامب على أمر تنفيذي في المكتب البيضاوي يهدف إلى “تخفيف العبء” الذي يمثله مشروع أوباما كير، لينجح في نهاية المطاف من إلغائه وذلك بقرار من قبل الكونغرس.
في شأن ذي صلة، أراد ترامب تسريع إجراءات إلغاء قانون الرعاية الصحية الذي وقعه سلفه أوباما، إلا أنه وبعد مرور ستة أشهر، لم يتمكن من تحقيق أي تقدم يذكر في هذا الشأن. من جانب آخر، حال عدم وجود اتفاق بين الجمهوريين دون التوصل إلى مناقشة مسودة مشروع “ترامب كير” أمام مجلس الشيوخ. وفي خضم هذا الخلاف، يرى جزء من المحافظين أنه يجب إلغاء قانون الرئيس السابق أولا، ليتم تعويضه بقانون آخر في وقت لاحق. في المقابل، لا يحظى هذا المقترح بالدعم الكافي.
على الرغم من إصابته بخيبة أمل على خلفية هذه الانتكاسة، إلا أن ترامب لم يستسلم، حيث عمد إلى التقليل من حجم الفشل الذي مني به. وفي حوار له مع صحيفة نيويورك تايمز، صرح ترامب قائلا: “عادة ما أخاطب نفسي قائلا: انتظري قليلا، فلم يمضي على وجودي في هذا المنصب إلا بعض الوقت”. من جانبه، أورد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بولينغ غرين، ديفيد جاكسون، أن “فشل إدارة ترامب في إلغاء واستبدال قانون الرعاية الصحية “أوباما كير”، يعد بمثابة ضربة مؤذية للغاية بالنسبة لرئاسة ترامب، فضلا عن سمعة الجمهوريين”.
قانون الهجرة
بعد مرور أسبوع واحد على استلامه لمهامه في صلب البيت الأبيض، وقع ترامب الأمر التنفيذي الأول الخاص بالهجرة. ويحظر هذا القانون، بشكل مؤقت، دخول مواطني سبع دول ذات غالبية مسلمة كما يمنع دخول عدد كبير من المهاجرين إلى التراب الأمريكي. عموما، لاقى هذا الأمر التنفيذي دعما واستجابة كبيرة من قبل الشعب الأمريكي.
في المقابل، وبعد أن أقدم قاض اتحادي على حظر هذا الأمر التنفيذي، بادر ترامب بتوقيع قانون ثان في هذا الصدد ولكن في نسخة محدثة. وقد شمل القانون الجديد ستة بلدان فقط، مع العلم أنه، وفي الوقت الراهن، يتم العمل بقانون الهجرة ولكن في نطاق محدود.
من جهتها، أوضحت المحكمة العليا أنه لا يمكن تطبيق قانون الهجرة على المواطنين واللاجئين الذين تجمعهم علاقة “طيبة” مع أشخاص أو جهات معينة في الولايات المتحدة الأمريكية”. وفي هذا الإطار، أفاد رافائيل سونينشين، أنه “فيما يتعلق بملاحقة المهاجرين واللاجئين وتحدي حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية الدوليين، فقد أوفى ترامب بوعده على المدى الطويل”.
جدار المكسيك
خلال حملته الانتخابية، شدد دونالد ترامب على أنه سيقوم ببناء جدار على الحدود الفاصلة بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك، مؤكدا أن المكسيكيين سيتكفلون شخصيا بدفع تكلفة هذا الجدار. وإبان قدومه إلى البيت الأبيض، طلب ترامب من الكونغرس تخصيص ميزانية مالية لبناء هذا الجدار. وقد قدرت تكلفة الجدار بحوالي 3600 مليون دولار. وفي هذا السياق، صادقت لجنة مجلس النواب على المشروع الذي خصص له حوالي 1600 مليون دولار، سيتم صرفها خلال السنة القادمة.
خلافا لذلك، لم تباشر إدارة ترامب بعد بناء متر واحد من أصل 1126 كيلومترا يرى ترامب أنها ضرورية للغاية على الحدود مع المكسيك، وذلك بهدف حماية حدود بلاده الجنوبية. أما بالنسبة لوزارة الأمن الداخلي، فلا تزال تتابع تطورات المشروع وتدرس العديد من النماذج لبنائه.
وداعا للاتفاقيات الدولية
في حقيقة الأمر، أوفى الرئيس الأمريكي الجديد بوعده الذي يقضي بإلغاء العديد من الاتفاقيات الدولية التي وقعتها البلاد في عهد أوباما. وفي هذا الصدد، سارع ترامب، في 23 من كانون الثاني/ يناير، بتوقيع مذكرة تقضي بانسحاب بلاده من اتفاق الشراكة الاقتصادية الإستراتيجية عبر المحيط الهادئ. وفي الأثناء، أقر ترامب، مؤيدا شعاره “لنجعل أمريكا عظمى مرة أخرى”، بأن “هذه الخطوة تعتبر جيدة للغاية بالنسبة للعمال الأمريكيين”.
فضلا عن ذلك، أعلن ترامب في غرة تموز/ يوليو عن انسحاب بلاده من “اتفاق باريس للمناخ”، الذي وقع عليه 194 بلدا. أما فيما يتعلق بعلاقة الإدارة الأمريكية بكوبا، التي وضعت تحت المجهر، فقد عمد ترامب إلى التدخل في هذه المسألة أيضا والتأثير على مجريات الأمور. وفي تموز/ يونيو الماضي، وقع ترامب مذكرة رئاسية أعلن من خلالها عن اتباع سياسة جديدة مع كوبا، في الوقت الذي بادر فيه بإعادة النظر في قرارات أوباما تجاه الجزيرة.
مرحبا روسيا
خلال الأشهر الأولى من ولاية ترامب، سلطت الأضواء بشكل مكثف على البحث في حقيقة التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية التي انتهت بفوز ترامب. وفي هذا الشأن، أوضح الخبير، ديفيد جاكسون، أن “هذه الأبحاث ستضر لا محالة بالإدارة الأمريكية الحالية. وفي الأثناء، يمكن القول إن كل نتيجة جديدة للأبحاث في هذا الصدد من شأنها أن تؤدي إلى “تآكل” ثقة الشعب الأمريكي في ترامب وإضعاف قدرته على إقناع أولئك الذين لم يقدموا له دعمهم إلى حد الآن”.
من جانب آخر، تكاد تكون نتائج البحث في خفايا العلاقة الروسية بترامب بمثابة اكتشاف يومي في الآونة الأخيرة. وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” يوم الجمعة الماضي أنه تم مناقشة العديد من المسائل السياسية البحتة خلال الحملة الانتخابية والفترة الانتقالية، خلال محادثات النائب العام ووزير العدل الأمريكي، جيف سيسيونس، مع سفير روسيا لدى الولايات المتحدة، سيرغي كيسلياك.
من جهته، نفى سيسيونس وجود “أي اتصال بينه وبين الروس”. لكن في وقت لاحق، اضطر المسؤول الأمريكي إلى الانسحاب من عملية الإشراف على التحقيقات من أجل الكشف عن حقيقة تواطؤ فريق حملة ترامب الانتخابية مع روسيا، بعد أن خرج لقاؤه مع كيسلياك إلى النور.
وفي سياق متصل، أشار رافائيل سونينشين إلى أن “القضية الروسية، وعلاقة ترامب بنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، إلى جانب اللقاءات غير الرسمية بين الطرفين خلال قمة العشرين، فضلا عن الأبحاث الجارية في الغرض، تلعب دورا بالغ الأهمية في حياة ترامب”. وأضاف سونينشين أنه “من الواضح أن هذه القضية تتطلب أن يكرس ترامب الكثير من الجهود، كما تعتبر هذه المسألة مصدر استياء بالنسبة للرئيس الأمريكي، الأمر الذي دفعه لتخصيص مساحة خاصة لها ووقت كبير”.
المصدر: الموندو الإسبانية