بعد دخول الحرب في سوريا عامها السابع وتدهور الوضع الإنساني والاقتصادي في البلاد، اضطر كثير من الأطفال ولوج سوق العمل إما ليعيلوا أهاليهم أو أنفسهم، مما كان له آثار سلبية عديدة على الطفل.
وحسب تقارير الأمم المتحدة فإن نحو 168 مليون طفل حول العالم أعمارهم بين 10 سنوات حتى 18 سنة يعملون، ويشارك 85 مليون منهم في أعمال خطرة، النسبة الأكبر من هؤلاء الأطفال في مناطق تشهد نزاعات مسلحة أو اضطرابات، وقدرت نسبة الأطفال السوريين العاملين بـ20% من إجمالي نسبة العاملين، مقارنة بـ10% قبل الثورة السورية، مما يعني أن عدد الأطفال الذين دخلوا سوق العمل تضاعف في ظل الحرب الطاحنة التي تدور رحاها بين أطراف متنازعة كثيرة في سوريا.
أما أنواع الأعمال التي يمارسها الأطفال، فهي في الأغلب أعمال متعبة وشاقة ولا تتلاءم مع بنية الطفل الضعيفة، فمنهم من يمارس أعمال نقل البضائع وتحميلها، ومنهم يمارس أعمال صيانة السيارات والميكانيك، ومنهم انضم إلى التشكيلات العسكرية المتنازعة على الأرض في سوريا، مما جعل المنظمات الدولية المهتمة بشؤون الطفل تدق ناقوس الخطر محذرة من عواقب عمالة الأطفال وتأثيرها على صحة الطفل الجسدية والنفسية، وتأثيرها الكبير كذلك على الناحية التعليمية، حيث اضطر كثير من هؤلاء الأطفال لترك دراستهم ليتفرغوا للعمل.
قدرت بعض الإحصائيات عدد الأيتام السوريين بـ800 ألف طفل، 90% منهم غير مكفولين
أما الأسباب التي تدفع الطفل السوري للعمل فهي في الغالب حاجة الأبوين للمال مع ضعف الدخل اليومي مقارنة مع النفقات العالية بسبب غلاء الأسعار الكبير الذي تشهده سوريا، حيث يبلع متوسط إنفاق العائلة اليومي 3000 ليرة سورية وهو ما يعادل 6 دولارات، في حين أن متوسط دخل العامل السوري لا يتجاوز في كثير من الأحيان 1500 ليرة سورية، مما يدفع رب الأسرة الفقيرة لتشغيل أولاده ليساهموا معه في تأمين لقمة العيش.
وبعض الأسر السورية فقدت الأب المعيل بسبب القصف الذي طال عامة المناطق المحررة، فبقيت الأم مع أطفالها اليتامى لتعاني الأمرين، حيث قدرت بعض الإحصائيات عدد الأيتام السوريين بـ800 ألف طفل، 90% منهم غير مكفولين، وهو ما يدفع الأم إلى ممارسة بعض الأعمال التي غالبًا ما تكون في المنزل، في حين يساعدها أطفالها الصغار ويعملون لتأمين شيء من الدخل لتأمين الخبز اليومي للعائلة.
عمالة الأطفال في سوريا أصبحت ضرورة ملحة لاستمرار حياة الطفل
وفريق آخر من الأطفال هم الأطفال الأيتام فاقدي الأب والأم فقسم منهم، تكفلت بعض المنظمات بإيوائهم في دور للأيتام وأمنت لهم جميع مستلزماتهم اليومية والحياتية من مأكل وملبس وتعليم وعناية طبية، في المقابل فإن الكثير من هؤلاء الأيتام لم يحالفهم الحظ واضطروا للنزول عند أقاربهم، الذين بدورهم يدفعون ببعض هؤلاء الأيتام إلى سوق العمل للمساهمة في زيادة دخل العائلة المستضيفة.
الأسباب التي تدفع الطفل السوري للعمل تكون في الغالب حاجة الأبوين للمال
هذه بعض الجوانب المتعلقة بواقع عمالة الأطفال في سوريا والتي أصبحت ضرورة ملحة لاستمرار حياة الطفل ومعيليه الذين يطالبون المنظمات الدولية والمحلية المعنية بشؤون الطفل بالتدخل لتقديم المزيد لمنع تفاقم هذه المشكلة التي تؤثر على الطفل وتمنعه من ممارسة حقوقه وأهمها حقه في التعليم وإبعاده عن التأثيرات المضرة وسوء المعاملة والاستغلال.