أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين على إزالة البوابات الإلكترونية واستبدالها بكاميرات ذكية، وآخر إعلانات المقدسيين ما أعلنه الشيخ عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا في مدينة القدس، أن “المرجعيات الإسلامية” في المدينة قررت عدم دخول المصلين إلى المسجد الأقصى حتى تلقي تقرير من دائرة الأوقاف الإسلامية عن حالة المسجد، وشرعت سلطات الاحتلال بتركيب جسور لنظام الكاميرات الذكية الذي سينتهي العمل به خلال 6 أشهر وبتكلفة تصل إلى 100 مليون شيكل.
في حين أشارت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه سيتم إزالة الكاميرات التي تم نصبها قبل أربعة أيام من محيط باب المسجد الأقصى، بعد قرار “الكابينيت” والذي أقر أيضًا إزالة الكاميرات من محيط باب الأسباط المؤدي للمسجد الأقصى، وأشار ناشطون فلسطينيون أنه لا يتم الخلط فإن الاحتلال قام فعلا بإزالة الكاميرات التي ركبت مع البوابات، لكنه أبقى على الجسور المعلقة التي نصبها وتم نصب جسور جديدة، في حين أشارت وسائل إعلام عبرية أن هذه القرارات أقرت حتى يتم تطبيق الخطة الإسرائيلية الجديدة القائمة على تركيب ما يطلق عليه “شبكة التفتيش والفحص الذكية” الذي يشمل كاميرات ذات تقنية عالية.
وكانت المرجعيات الإسلامية قد التقت في القدس صباح اليوم، لتدارس “الموقف” بعد إزالة الشرطة الإسرائيلية البوابات الإلكترونية في مداخل المسجد الأقصى، والمؤكد حتى الآن أن المرجعيات أكدت ضرورة فتح جميع أبواب المسجد الأقصى لجميع المصلين دون استثناء وبحرية تامة، وهو ما يعني رفض مبدأي لفكرة الكاميرات الذكية.
وانتشرت قوات كبيرة من جيش وشرطة الاحتلال في منطقة باب الأسباط، واستقدمت جرافة عسكرية وشاحنات ومعدات حفر، وشرعت بأعمال حفريات في محيطه من الخارج، واقتلعت البلاط، وقطعت أشجار الزيتون المعمرة، وقامت بأعمال تمديدات تحت الأرض.
عكرمة صبري :" سنصلي بالشارع وسنستمر بالاعتصام، ولن ندخل المسجد الأقصى حتى يتم إزالة كل إجراءات الاحتلال"#الكاميرات_لأ #لا_انصاف_حلول
— Helwha Arouri(حلوة ) (@HelwhaK) July 25, 2017
في الأثناء أطلقت قوات الاحتلال على الشبان الموجودين في محيط باب الأسباط قنابل صوتية وقنابل الغاز، حيث اندلعت صباح اليوم الثلاثاء، مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال هناك، وتعالت الأصوات من سماعات المساجد بالقدس لتناشد الشبان بالتوجه إلى باب الأسباط، ولا يزال المقدسيون يرفضون الدخول إلى ساحات الحرم القدسي، بسبب الإجراءات الإسرائيليلة المتخذة مؤخرًا.
الكاميرات بديل عن البوابات
نظم الفلسطينيون الصلوات على مدى الـ9 أيام الماضية في الشوارع القريبة من المسجد الأقصى رفضًا لقرار البوابات الإلكترونية التي وضعتها سلطات الاحتلال على أبواب الأقصى بعد عملية إطلاق النار من 3 شبان فلسطينيين في باحة الأقصى أدت لمقتل جنديين.
وفي آخر التصريحات حول الأقصى أشار الرئيس التركي أردوغان، اليوم في كلمة له أمام الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية بصفته رئيسا للحزب، إن ماتقوم به “اسرائيل” حاليا هو محاولة لأخذ المسجد الأقصى من أيدي المسلمين. وشدد أردوغان على أنه غير مقبول أبدًا التعامل مع المسلمين المتوجهين لأداء عباداتهم في المسجد الأقصى كإرهابيين. وأعرب أردوغان عن إدانته الشديدة لموقف اسرائيل المعيق لدخول المسلمين إلى المسجد الأقصى، في الأيام الأخيرة.
#عاجل | #أردوغان : الإرهاب الحقيقي هو أن نجعل #المسجد_الأقصى يبكي، والقرصنة الحقيقية هي اختطاف القبلة الأولى للمسلمين وانتهاك حرمتها pic.twitter.com/nrNS7sg2Ex
— قناة TRT العربية (@TRTalarabiya) July 25, 2017
الاقتحامات والانتهاكات لا تزال مستمرة ويقابلها مواجهات مع الفلسطينيين، إذ اقتحمت طواقم إسرائيلية مؤلفة من عشرات العمال ترافقهم قوات عسكرية معزّزة وآليات ثقيلة وجرافة، منطقة “باب الأسباط” مع ساعات الفجر الأولى ليوم الثلاثاء، مما أدى لاندلاع مواجهات امتدت حتى حي واد الجوز، وأوردت شبكة القدس الإخبارية بأن المواجهات أسفرت عن إصابة 16 مواطنًا، حيث تم نقل 6 إلى مشفى المقاصد في حي الطور شرقي القدس المحتلة.
وأشارت القدس الإخبارية، إلى اعتقال جنود الاحتلال أحد المصابين (إصابته طفيفة في يده)، بعد نصب حاجز مفاجئ بالقرب من حي الصوانة شرقي القدس، وفي الأثناء استمر الجيش الإسرائيلي في مداهماته المستمرة، إذ اعتقل صباح اليوم الثلاثاء، ابتسام العبد، والدة منفذ عملية “حمليش”، يوم الجمعة الماضي التي أدت لمقتل 3 مستوطنين، وأوردت وكالة الأناضول عن شهود عيان، أن قوة عسكرية إسرائيلية داهمت بلدة كوبر شمال غرب رام الله، بالضفة الغربية، وفتشت عددًا من المنازل، واعتقلت ابتسام العبد.
صلوات المقدسيين في باب الأسباط أمام المسجد الأقصى
ليلة الأمس كانت حافلة بالأعمال والتمهيدات بعد قرار استبدال البوابات بالكاميرات، إذ أوضحت مصادر فلسطينية أن منطقة “باب الأسباط” ومحيط الأبواب الأخرى، شهدت حفريات للاحتلال أعقبها تركيب جسور حديدية جديدة على جميع الأبواب باستثناء “باب حطة”.
وكشفت مصادر إعلامية إسرائيلية أن شرطة الاحتلال أعدت خطة أمنية تشمل كامل البلدة القديمة في القدس كبديل للبوابات الإلكترونية التي تم نصبها أمام بوابات المسجد الأقصى، وذكرت أن الخطة تتضمن نصب كاميرات أمنية متقدمة في مختلف أنحاء البلدة القديمة، وليس فقط على أبواب الأقصى، إضافة إلى تعزيز قوات الشرطة في البلدة، مشيرة إلى أنه سيتم عرض الخطة على مجلس الوزراء الإسرائيلي.
سلطات الاحتلال شرعت بتركيب جسور لنظام الكاميرات الذكية الذي سينتهي العمل به خلال 6 أشهر وبتكلفة تصل إلى 100 مليون شيكل
وحسب القناة العبرية الثانية، فإن الشرطة تجري مفاوضات مع أربع شركات أمنية تعتبر رائدة في هذا المجال، لافتة إلى أن الكاميرات ذات قدرات تكنولوجية متقدمة ومكلفة للغاية وبإمكانها تمييز الأجسام والملابس وغيرها، في المقابل، أثارت هذه الأخبار ضجة كبيرة في الشارع المقدسي، أطلق ناشطون على إثره هاشتاجين في مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر: “الكاميرات لأ”، “لا أنصاف حلول”، ورفضوا أن يكون هناك أي إجراءات تفتيشية أو تحت المراقبة حول المسجد الأقصى.
#لا_أنصاف_حلول ؛ الأقصى بحرية كاملة وسيادة عربية وكل ما دون ذلك مرفوض #قروب_فلسطيني pic.twitter.com/8NM00QUAwF
— Sbeh Kahled (@sbeh9876) July 22, 2017
وحسب ما أفاد أحد الناشطين المقدسيين، فإن النظام الجديد الذي عمل الاحتلال منذ منتصف ليلة أمس على تطبيقه، ليس فقط كاميرات تقليدية كالتي كانت موجودة وإنما نظام مراقبة كامل يتيح التعرف على هويات الداخلين والخارجين، وأضاف لشبكة القدس الإخبارية أن تلك الكاميرات تحمل مخاطر وتعديات صحية وانتهاك لحقوق الإنسان، وهو مرفوض دوليًا في معظم دول العالم، ويجب أن ندرك أن القادم أصعب والنظام المزمع تركيبه أخطر من البوابات والكاميرات التي كانت موجودة.
صفقة إسرائيلية مع الأردن
إزالة البوابات الإلكترونية كان عقب حادث السفارة الإسرائيلية في عمان، إذ أشارت صحف إسرائيليلة أن هناك صفقة عقدت بين الأردن و”إسرائيل” أسفرت عن إفراج السلطات الأردنية عن حارس الأمن الإسرائيلي الذي أطلق النار على مواطنين أردنيين إثر مشادة حول شراء أثاث، مقابل إزالة البوابات الإلكترونية، وقد أسفر الحادث عن مقتل أردنيين هما الفتى محمد الجواودة (16 عامًا)، والطبيب بشار حمارنة مالك العقار الذي يقيم به رجل الأمن الإسرائيلي الذي أطلق النار عليهما.
خطة الاحتلال تتضمن نصب كاميرات أمنية متقدمة في مختلف أنحاء البلدة القديمة، وليس فقط على أبواب الأقصى، إضافة إلى تعزيز قوات الشرطة في البلدة القديمة
حيث تم إزالة البوابات الإلكترونية بعدما سمحت السلطات الأردنية للدبلوماسيين العاملين بسفارة “إسرائيل” في عمّان بالعودة لتل أبيب، وبينهم قاتل الأردنيين، وكانت السلطات الأردنية قد طالبت بالتحقيق مع القاتل ومنعت مغادرة طاقم السفارة أراضيها، إلا أن موقفها تغير فجأة وسمحت للطاقم ومعهم القاتل بمغادرت الأراضي الأردنية أمس، وهو ما فهمه مراقبون بأنه جرى في إطار صفقة بين الأردن و”إسرائيل” تقضي بإنهاء أزمة البوابات الإلكترونية مقابل السماح للقاتل بالمغادرة.
ويًذكر أيضًا بالتزامن مع هذا أن نتنياهو تحدث مع ملك الأردن عبد الله الثاني، مساء أمس، في أعقاب الاتفاق الذي توصل إليه رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) نداف أرغمان، مع مسؤولين أردنيين، خلال زيارة خاطفة إلى الأردن، تم خلال الاتفاق على الإفراج عن القاتل وعودته لإسرائيل مقابل إزالة البوابات الإلكترونية من مداخل الحرم القدسي والمسجد الأقصى. وأعلن الأمن العام الأردني انتهاء التحقيقات في حادث مبنى السفارة الإسرئيلية في عمان ليتم إغلاق الملف كليًا.
الله أكبر ولله الحمد
أعداد المرابطين عند باب الأسباط قرب #المسجد_الأقصى تتزايد وتتضاعف يوميًا، بحمد الله وهذه صور الحشود وقت صلاة العشاء. pic.twitter.com/o0k5vZdVmL— رضوان الأخرس (@rdooan) July 24, 2017
وكبديل عن البوابات أقر المجلس الوزاري “الإسرائيلي” المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) توصيات جميع الأجهزة الأمنية بتبديل البوابات الإلكترونية بكاميرات ذكية تقوم بفحوصات أمنية مبنية على تكنولوجيا متقدمة، أي فحوصات ذكية، وبإجراءات أخرى من شأنها ضمان سلامة الزوار والمصلين في البلدة القديمة وفي جبل الهيكل، بحسب بيان صادر عن مكتب نتنياهو.
الجسور الحديدية التي نصبها الاحتلال لتركيب الكاميرات الذكية
وأضاف بيان مكتب نتنياهو أنه حتى تنفيذ هذا المخطط، ستعزز الشرطة الإسرائيلية قواتها وستتخذ إجراءات أخرى وفق الحاجة من شأنها ضمان سلامة وأمن الزوار في جبل الهيكل، كما تقرر تعزيز وجود قوات شرطة الاحتلال في البلدة القديمة في القدس.
عاجل| الشخصيات الدينية بالقدس: الصلوات مستمرة على أبواب الأقصى وشوارع القدس ونرفض كل إجراءات الاحتلال#لا_انصاف_حلول
— أيمن الهسي_ #فلسطين (@aymanps1993) July 25, 2017
وأوردت صحيفة “هآرتس” خبرًا آخر، مفاده أن الحكومة الإسرائيلية تدرس مشروع قانون قدمه الوزير المتطرف نفتالي بينيت، وهو قانون لتقسيم “مدينة القدس المحتلة” بحيث يتيح فصل بعض مخيمات اللاجئين والقرى عن بلدية القدس (على أن تبقى تحت السيادة الإسرائيلية)، وهو قانون يهدف إلى الشروع بحملة التغيير الديمغرافي في المدينة (تقليص عدد العرب) لصالح اليهود.
سواء كان الانتهاك يتعلق بوضع بوابات إلكترونية أو كاميرات أو حتى أجهزة ذكية، فإن هذا يصب في إطار انتهاك حركة المسجد الأقصى ولا يغير من حقيقته شيء وأنه لا فرق بين بوابات إلكترونية وكاميرات ذكية مادامت تؤدي تفس الغرض بالنسبة للاحتلال وتعيق المصلين في المسجد الأقصى، وتعد الخطة الجديدة التي يخطط الإحتلال القيام بها عبر وضع شبكة أجهزة ذكية، ليست إلا عودة إلى الاتفاقات والتفاهمات الأردنية الإسرائيلية قبل ثلاثة أعوام بشأن تركيب كاميرات مراقبة متطورة، كان الفلسطينيون قد رفضوها كليًا في الماضي. وربما يصر الاحتلال على زرع هذه الشبكة حتى لا يرضخ للمطالب الفلسطينية ويظهر أمامهم أنه فشل وأذعن لمطالبهم.