ترجمة حفصة جودة
حذر العلماء من أن الاحتباس الحراري وغزو الأنواع الدخيلة يشكلان ثنائيًا قاتلاً، فزحف النمل الأرجنتيني إلى المملكة المتحدة مثال جديد على ذلك، كما طالبوا العامة بالحذر من بعض الدخلاء مثل كلب الراكون والدبور الآسيوي لأن القضاء عليهم بات شبه مستحيل بعد أن استوطنوا الأماكن الجديدة.
ومع انتشار التجارة وسفر البشر عالميًا، عبرت بعض الأنواع المحيطات وسلاسل الجبال وأصبحت مستقرة في المناطق الجديدة مسببة ما يُسمى بـ”الانهيار الغازي”، وكذلك تسببوا في خسارة أكثر من تريليون دولار بسبب الأضرار في العام.
أظهرت الأبحاث الأخيرة أن غزو الحيوانات والنباتات لأراضٍ أجنبية يشكل “تهديدًا رئيسيًا” على الاقتصاد والرفاهية البشرية والحياة البرية، يجتمع العلماء من جميع أنحاء العالم هذا الأسبوع في دور مهم بالمملكة المتحدة لتقييم القضية، ويقول البروفيسور روب كولوتي من جامعة كوينز بكندا: “هذا الغزو له عواقب وخيمة على الاقتصاد والصحة البشرية”.
يشكل هجوم الأنواع الدخيلة وتغير المناخ ثنائيًا قاتلاً
تقول هيلين روي البروفيسور بمركز الإيكولوجي والهيدرولوجي بالمملكة المتحدة: “يشكل هجوم الأنواع الدخيلة وتغير المناخ ثنائيًا قاتلاً، فتغير المناخ جعل من السهل ظهور أنواع جديدة وتوطنها في مكان ما لم تكن تستطيع أن تستوطنه من قبل”.
“على سبيل المثال، يعتبر النمل الأرجنتيني أحد الأنواع التي تظهر داخل المنازل في لندن، لكن في السنوات الأخيرة ظهر النمل الأرجنتيني بكثرة خارج المنازل، ومع مزيد من الاحتباس الحراري في المملكة المتحدة قد نرى النمل الأرجنتيني مستوطنًا جديدًا في لندن”.
“من بين جميع الأنواع غير الأصلية، يشكل النمل أهمية كبيرة، فالنمل الأرجنتيني يُسمى بمهندس النظام الإيكولوجي، لأن له آثار متتابعة وطويلة المدى، استبدال النمل الأصلي من الممكن أن يؤدي إلى إزعاج النظم الإيكولوجية الحساسة للنباتات والحشرات، ولأن النمل الأرجنتيني ينجذب للأماكن الدافئة فيمكنه أن يتداخل مع أسلاك الكهرباء”.
تعاني المملكة المتحدة من أضرار اقتصادية بقيمة مليار جنيه إسترليني كل عام نتيجة استقرار الأنواع الغازية
علاوة على ذلك، تقول روي إن النمل الأرجنتيني يستطيع أن يشكل “مستعمرات عظمى” في المناطق التي غزاها، حيث لا يمكن السيطرة عليه من قِبَل المستعمرات المجاورة في موطنه الأصلى بأمريكا الجنوبية، هذا يعني أنها ليست في نظام العمل في نطاق الغزو ويصبح هناك زيادة كبيرة في أعداد النمل عما هي عليه في أماكن أخرى.
تعتبر المملكة المتحدة كغيرها من الجزر مثل نيوزيلاند واليابان من المناطق الدافئة التي تجذب الأنواع الغازية، يقول البروفيسورمارك فان بجامعة كونستانز في ألمانيا: “بالنسبة للجزر فهي تمتلك أنواعًا محلية أقل من مناطق البر الرئيسية، هذا يعني أن هناك مساحة إيكولوجية يمكن للأنواع الغازية أن تملأها، لكن هناك بعض الأنواع الدخيلة في المملكة المتحدة والموجودة منذ العصور الوسطى، فالأرانب مثلاً جاءت من شبه الجزيرة الأيبيرية”.
تطالب وزارة البيئة الناس بالإبلاغ عن مشاهدة الدبور الآسيوي في المملكة المتحدة
تعاني المملكة المتحدة من أضرار اقتصادية بقيمة مليار جنيه إسترليني كل عام نتيجة استقرار الأنواع الغازية مثل نبات النوتويد الياباني والهرقلية العملاقة وحيوان المنك، أما الدعسوقة الآسيوية فهي أحد الغزاة الجدد وظهرت لأول مرة عام 2004 لكنها تشكل الآن 80-90% من جميع أنواع الدعسوقات الموجودة في المملكة المتحدة، كما اختفت 7 من 8 أنواع محلية منذ وصولها.
تقول روي: “نحن نعلم أن الدعسوقة الآسيوية لها دور رائع في التهام حشرة المنة (حشرة آكلة للورق) ونعتقد أنها ستكون مفيدة للمزارعين في القضاء على الآفات، لكن الدعسوقات المحلية لها أدوارها الخاصة وهذا التنوع له أهمية بالغة لوجود نظام إيكولوجي مرن، فبعض الأنواع المحلية تظهر في بداية الربيع وبعضها يظهر في الصباح الباكر”.
من المستحيل التخلص من الأنواع الغازية بمجرد استقرارها مثل السنجاب الرمادي
أدى وصول بلح البحر كواغا إلى المملكة المتحدة عام 2014 إلى التحذير من حدوث انهيار غازي والذي شوهد في أماكن أخرى، حيث تتحول نظم إيكولوجية بأكملها، تقول روي: “إنها تغير الطبيعية الكيميائية والفيزيائية للجسم المائي”، ففي أمريكا الشمالية أدى انتشار بلح البحر المخطط إلى حدوث أضرار جسيمة.
يشكل بلح البحر كواغا التهديد الأول في القائمة التي أعدتها روي وزملائها، يأتي أيضًا في مقدمة القائمة الخنفساء الآسيوية طويلة القرون وجراد البحر الأمريكي وأبو منجل المحرم الإفريقي وحفار الدردار القرمزي بالإضافة إلى النمل الأرجنتيني، كما تم رصد الدبور الآسيوي لأول مرة في المملكة المتحدة في شهر سبتمبر لكن تم القضاء عليه.
ومع ذلك تقول روي أنه من الضروري انتباه الناس لأي مشاهدة لهذه الأنواع ويبلغون عنها، فهناك أعداد كبيرة في فرنسا وهي ليست بعيدة عن المملكة المتحدة، كما شوهد أيضًا حيوان الراكون في المملكة المتحدة، أما كلب الراكون فهو حيوان آسيوي كان يُباع كحيوان أليف لكنه انتشر بكثرة.
يقول العلماء إنه من المستحيل التخلص من الأنواع الغازية بمجرد استقرارها مثل السنجاب الرمادي، لذا يصبح المنع عن طريق الفحص المستمر وتوفير المعلومات على الحدود أكثر أهمية، تقول روي: “هناك تدابير بسيطة يمكن اتخاذها لتوفير الأمن البيولوجي ومنع وصول الأنواع الأكثر ضررًا، ولا يتعلق الأمر بمنع الناس من الانتقال أو منع التجارة”.
المصدر: الغارديان